عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 14:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ـ الموضوعات العشر اللاارضوية الاساس:
تفترق الثورة التشرينيه، عن العشرينيه في القرن الماضي، في كون الاولى مؤجله النطقية، الامر الممكن والمفروض في حينه، عندما كانت الارضوية بصيغتها الالية، وحداثتها النموذجية في قمتها وبداية تاريخها التفكري والنموذجي الغالب على مستوى المعمورة، بينما هي مواضبه على "صناعة الامم"، ماقد استوجب وقتها اشتغال حالة الاستبدال اللاارضوي، عن طريق مصادرة التعبيرية الايديلوجيه المنتمية للتوهمية الغربية، والحاقها بالاليات وديناميات الاصطراعية اللاارضوية المستجده،من باب استعمال وسائل المحتل ضد المحتل، وقد تنامت على وقع الطاريء الافنائي الاستعماري الغربي، وقوة مسعاه الالغائي للنمطية والنوع المجتمعي الازدواجي اللاارضوي، الارضوي الرافديني، لصالح الكيانوية المسقطه من خارج المكان، وبما يخالف كليا طبيعته الكونية المتعدية للكيانيه المحلوية.
حال كهذا مضاف له اجمالي وضع العراق الانقطاعي الانحطاطي المستمر من 1258 مع سقوط عاصمة الدورة الثانيه الامبراطورية، وكونه مازال محكوما ـ برغم انبعاثته الحديثة المبتدئة من القرن السادس عشر جنوبا، كما هو قانون تشكله التاريخي ـ لاشتراطات اليدوية كطور تاريخي، ماتزال مفاعيل الانقلاب الالي لم تصله بعد، الابصيغة الاحتلال المباشر، ماكان يمنع في حينه على النطقية الذاتيه ان تحضر، ماقد كرس الميل الى التشبهية بالطرف الغازي الغالب نموذجا وتفكرا ك"وطنية زائفة"، وهو ماكان غالبا كتيار في المنطقة الشرق متوسطية عموما وقتها باسم "النهضة"، مااسهم في تحديد نوع التفكر الممكن والمقبول، واخضع كنتيجه الظواهر الذاتيه مثل ثورة العشرين اللاارضوية، لاحكام "الثورة الوطنيه العامة" التي صار الايديلوجيون وممثلو الوطنيه النقلية يسبغونها عليها، كما سيعودون ويفعلون ابان الثورة اللاارضوية غير الناطقة الثانية في 14 تموز 1958، الامر الذي كان من شانه ان ايقظ اسباب التصادم بين الواقع وحركته المرهونة لاشتراطاته غير المزاح عنها النقاب، وبين منظومة الوطنيه الايديلوجية المستعارة ومحفوظاتها المنقولة المكررة، ليبدا انفتاح الافق من حينه على احتمالية النطقية الذاتيه التاريخيه، المؤجله على طول تاريخ هذا الموضع من المعمورة.
لقد عرف العراق من يومها متغيرات غير عادية، دخلت فيها عناصر غير معروفه من قبل، عالم الاصطراع والتشكل التاريخي الذاتي، في مقدمها "الريع النفطي" ومكانته الحاسمه الفاصله في منح الدولة من اعلى، امكانيه الاستمرار باشتراطات عززتها الايديلوجية الحزبيه والنواة القرابيه، ماقدانتهى لادخال العراق سياقات اصطراعية تحولت الى احترابيه مستمرة بلا توقف، بدات من عام 1980 ولم تنته الى الساعة، انقلبت خلالها صيغة واشكال الحضور الغربية الاستعمارية، بعدما تراجعت واندحرت النموذجية الاوربية الكيانوية التي تجد مصلحتها في "بناء الامم"، حتى غير المنصهرة منها، لصالح نموذجية العولمه والمجتمع الامريكي المفقس خارج الرحم التاريخي، وسياسة التفتيت بدل الاكراه السابق على الانخراط في الكيانيه المركزية الموحدة، وهو ماقد تحول اليوم في حالة العراق، الى سحق للكيانية بقوة الاحتراب الاقصى التدميري في حربين كونيتين، تخللها حصار امتد ل 12 عاما، هو الاقسى المفروض على دولة في التاريخ، وماقد تولد عن ذلك ونتج من اشكال عنف وفوضى، وشكل حكم بلا دولة، موزع الى سلطات متناحرة عائدة الى التكوينات الفرعية البائدة.
بالمقابل ومع الاحتداميه الاصطراعية القصوى التدميرية، ومايكاد يعز وصفه من مسار العيش على حافة الفناء الاحترابي على مدى نصف قرن، لم يكن متوقعا للاليات الذاتيه ان لاتكون حاضرة، فتتجلى بنمطيتها الخاصة الاستثنائية اللاارضوية، ثورة كبرى تفجرت بعد سته عشر سنه على الاحتلال التدميري الماحق الامريكي، وهو ماقد عرفته شوارع وساحات العراق في الاول من تشرين 2019، لنشهد صيغة انتفاض اخرى مكررة متلائمه مع المتغير الحاصل ذاتيا وعالميا، بعد قرن بالتمام والكمال على ثورة العشرين اللاارضوية، بصيغة المفتتح، والبوابه المطله على التحولية العظمى، خارج مايعرف بالثورات النمطية، ثورة تبدا بصيغة الفعل بلا رؤية لاارضوية، برداء ارضوي صار باليا لدرجه الاهتراء، لتنبثق بالتوازي معها الرؤية المؤجله التي ظلت خارج الادراكية العقلية، بانتظار ان تلتقي النظرية بالحركة، ويلتحمان لتكتمل من حينه سيرورة الانقلابيه الكبرى المنتظرة على مر التاريخ البشري، من الارضوية اليدوية، الى اللاارضوية التكنولوجية العليا العقلية.
لم تبدا ثورة تشرين بعد، وماقد شهدناه هو الاعلان الاخير النهائي بانتظار التحققية المشروطة بالنطقية المؤجلة، حيث لا مكان ساعتها للاللحثالات، ولا لاسلحة القتله من نفايات التاريخ، ولا الحضور الامريكي الايل للانتهاء والزوال، لصالح الانقلابيه مابعد اليدوية التحولية اللاارضوية العظمى بصيغتها الاكمل، الامر الذي لابد ابتداء من التعرف على مرتكزاته كرؤية اخرى انقلابيه تحولية، بها ينتضى الثوب الارضوي المهترء، ليبدا عالم آخر ومنظور يقول:
1 ـ تنشا المجتمعات البشرية مزدوجة على صنفين في الشرق المتوسطي النهري، يدوية ارضوية نتاج التوافق البيئي الانتاجي البشري، وآخر لا ارضوي خاضع لقانون الطرد البيئي، لدرجة العيش على حافة الفناء، حيث النهرين المخالفين كليا للدورة الزراعية، المدمرين للجهد البشري، مايتولد عنه صنف مجتمعية لاارضوية، مقابل مجتمعية الدولة الاحادية الارضوية المتوافقة مع طور الانتاجية الاولى اليدوية النيلية.
ولاتتوقف المعاكسه البيئية عند حدود الجهد الحاجاتي الانتاجي المباشر وحسب، فارض مابين النهرين مكتوب عليها ان تكون مفتوحه للانصبابات البشرية الارضوية الاحترابية النازلة نحو ارض الخصب، من الشرق والغرب والشمال، حيث الجبال الجرداء والصحاري، مقابل الحماية التي يتمتع بها وادي النيل صحراويا من الشرق والغرب، وبحضور البحر شمالا.
2 ـ هذا والمجتمعات البشرية توجد ككل ذاهبة الى اللاارضوية، بعد طور من التاريخ الارضوي، مرتهن للانتاجية اليدوية الحاجاتية، بؤرة الانتقالية النهائية، والدال التاريخي عليها ارض مابين النهرين، وجنوبها تحديدا، حيث ارض السواد.
3 ـ هذا يعني ان الظاهرة المجتمعية هي "ازدواج" من صنفين ونمطيتين، اللاارضوية منها خارج الطاقة العقلية ومامتاح للعقل البشري من قدرة على الادراك، تظل كذلك على مر التاريخ اليدوي، مقابل الغلبة الارضوية المفهومية والنموذجية، والازدواج المشار اليه مجسد واقعا ونموذجا، غير مدرك في النموذج العراقي مابين النهريني، ف "الكيانيه" في هذا الجزء من المعمورة هي نمطية اصطراعية فوق كيانية، نتاج الاصطراع بين صنفين مجتمعين، تتأسس الاولى ابتداء وتكون سابقة في التشكل محكومة لاشتراطات العيش على حافة الفناء، تلك التي تمنحها بنيتها المغادرة غير المتوافقه مع محيطها، الباحثة عن مخرج من حالتها الوجودية الارضية، تجدها وتتجسد لها سماويا،متتشكلة خارج التمايزات المجتمعية، خالية من وطاة الفوارق في الملكية والسلطة والنفوذ، تشاركية، هي مزيج عبقري للمساواتيه والحرية، وهي اول موضع في التاريخ المجتمعي عرف كلمه "حرية/امارجي" على يد كوراجينا، مع كل حقوق الانسان التي يتغنى بها الغرب اليوم، مضافا لها حقوق المضطهدين المستضعفين من كل نوع.
يتبع ملحق 2: بقية نقاط الملحق.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟