أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسر قطيشات - في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة القوة














المزيد.....

في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة القوة


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 19:39
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يعيش العالم اليوم واحدة من أكثر مراحله خطورة وعبثاً، حيث تتصدر المشهد قيادات سياسية لا يمكن وصف كثير من قراراتها إلا بالجنون الممنهج، "مجانين" برتبة رؤساء دول يمارسون سلطتهم بعيداً عن أي ضابط أخلاقي أو قانوني؛ إنّهم رموز العصر الجديد لجنون الدولة.
لقد كفرت الشعوب، أو على الأقل، فقدت إيمانها الجماعي، بجملة من المفاهيم التي طالما تغنّى بها الغرب بوصفها إنجازات الحضارة الحديثة: حقوق الإنسان، الديمقراطية، حقوق الطفل والمرأة، العدالة الدولية، ومؤسسات الأمم المتحدة، انكشفت هذه المفاهيم على حقيقتها كمجرد أدوات سياسية انتقائية، يتم تفعيلها في الوقت والمكان المناسبين، وفقاً لمصالح الدول الكبرى، لا وفقاً للقيم التي تدّعي تمثيلها.
لقد كانت حرب الإبادة الجماعية التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة مثالاً فجّاً على غطرسة القوة المجردة من أي عقل أو ضمير، بغطاء أمريكي وغربي كامل، وبتواطؤ إعلامي وسياسي مخجل، ورافق هذه الجريمة عدوان على لبنان وسوريا، وحربٌ (إسرائيلية– أمريكية) ضد إيران، تُسوَّق بحجة منعها من امتلاك السلاح النووي، في حين تتجاهل إسرائيل نفسها ترسانة نووية كاملة، خارج أي رقابة أو مساءلة!
كل ذلك يتم وسط صمت أممي مريب، وغياب تام لأي دور فعّال لمؤسسات القانون الدولي: من مجلس الأمن، إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلى مجلس حقوق الإنسان. كأن العالم اليوم قد سلّم نفسه لنظام دولي تحوّل إلى مجرد أداة في يد الولايات المتحدة، لحماية إسرائيل ومصالحها حصراً!
لقد أصبح مجلس الأمن رهينةً لحق النقض (الفيتو)، وتحديداً حين يتعلق الأمر بانتهاكات إسرائيل، القرارات الصادرة عن الجمعية العامة، رغم أهميتها الرمزية، بقيت بلا أثر عملي. أما المنظمات الإنسانية، مثل المنظمة الصحيّة و"الأونروا"، فقد أصبحت هدفاً للشيطنة لأنها ببساطة تقدم الطعام والدواء للأطفال تحت الحصار.
أما المحكمة الجنائية الدولية وعدالتها الانتقائية، فلم تجرؤ على تقديم مسؤول إسرائيلي أو أمريكي أو أوروبي رفيع للمساءلة الجنائية، رغم توفّر آلاف الأدلة، فالعدالة الدولية باتت تُفعّل ضد أعداء الغرب فقط، كما في حالة الرئيس الروسي "بوتين"، بينما يُمنح حلفاء واشنطن الحصانة الكاملة، حتى من مجرد الإدانة الإعلامية.
كما تم إقصاء مفاهيم "التحرر" و"الاستقلال" و"تقرير المصير" من اللغة الدبلوماسية السائدة، وحلّ مكانها خطاب أمني عنصري يتمحور حول "أمن إسرائيل" و"حقها في الدفاع عن نفسها"، وتهمة "معاداة السامية" لكل من يجرؤ على وصف ما يجري بغزة بالإبادة الجماعية أو انتقاد "إسرائيل"! حتى وهي تمارس القتل الجماعي وتدمير البنية التحتية والحياة المدنية!
إلى أين يمضي المجتمع الدولي تحت عباءة الأمم المتحدة؟
إن مستقبل المؤسسات الأممية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، يبدو قاتماً ما لم يحدث تدخل جذري، وهناك احتمالان رئيسيان: إما أن تتحول هذه المؤسسات إلى هياكل جوفاء تردد خطابات بلا سلطة، أو تستمر كأدوات سياسية تُدار من واشنطن ولندن وتل أبيب، حسب ميزان القوى والهوى.
ومع ذلك، لا تزال هناك فرص تاريخية للإنقاذ، خاصة إذا ما تحركت القوى الدولية غير المنخرطة في المنظومة الغربية التقليدية (الجنوب العالمي) نحو بلورة نظام موازٍ، أو إصلاح مؤسسات النظام الحالي من الداخل.
لا يكفي الغضب أو التنديد من غالبية دول العالم الصامتة، خاصة العربية والإسلامية، بل المطلوب اليوم تفكير استراتيجي، وحلول جذرية تشمل: إصلاح الأمم المتحدة جذرياً، وتوسيع مجلس الأمن ليشمل قوى ناشئة تمثل الجنوب العالمي، تقييد استخدام الفيتو، خاصة في القضايا الإنسانية، فرض آليات مساءلة حقيقية على الدول التي تنتهك القانون الدولي باسم الأمن.
والأهم هو توافق عالمي على نقل مقر الأمم المتحدة من الولايات المتحدة إلى جنيف أو فيينا، مثلاً، أو حتى إحدى دول عدم الانحياز، لضمان حيادية مؤسساتها وتحريرها من الهيمنة الأمريكية، وهي خطوة رمزية ولكن ذات دلالة كبيرة.
وكذلك تأسيس تحالف إنساني دولي بديل، يضم دولاً وشعوباً مستقلة، لإنشاء "محكمة ضمير" تصدر تقارير وتحقيقات مستقلة، تُعيد الاعتبار للحق خارج المؤسسات المخترقة، وإحياء دور المجتمع المدني العالمي: مثل النخب الفكرية، الجامعات، الحركات الطلابية، والناشطين، فجميعهم مدعوون اليوم لبناء جبهة عالمية لفضح خطاب النفاق الدولي وإعادة تعريف معاني التحرّر والعدالة والكرامة.
وبناء سردية حقوق عالمية جديدة، ليست غربية ولا استعمارية، بل إنسانية شاملة، تستمد مشروعيتها من نضالات الشعوب المستعمَرة والمضطهَدة، وتستعيد مفهوم "التحررّ" بوصفه جوهر الحداثة، لا نقيضها.
لا مستقبل للبشرية في ظل الجنون السياسي الدولي، فالعالم اليوم رهينة لقادة يتّخذون قرارات تزرع الموت وتنزع الشرعية عن كل ما هو أخلاقي أو قانوني، لكن الخطر الأكبر لا يكمن في جنونهم وحدهم، بل في صمت العالم!
ما نحتاجه ليس مجرد إصلاحات إدارية، بل ثورة فكرية وقانونية وأخلاقية عالمية، تُعيد تعريف معنى النظام الدولي، وموقع الإنسان فيه، فإما أن تتحرك الإنسانية جمعاء لإنقاذ ما تبقى من الضمير العالمي، أو نترك هذا الكوكب في قبضة مجانين السلطة إلى أن يحترق بالكامل.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة المارقة: -إسرائيل- وإعادة إنتاج النازية بالصهيونية!
- -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ
- بين -عبقرية المكان وانتقام الجغرافيا- نظرة -كابلان وحمدان- ل ...
- الأردن وهواجس -ترامبسفير- غزة الخيارات الوطنية لمواجهة المخط ...
- الأردن وريادة دعم حقوق ذوي الإعاقة إنجازات مشرّفة.. ونماذج إ ...
- مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومستقبل البحث العلمي الرقمي: ا ...
- طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار
- -المجمع الصناعي العسكري- الأمريكي وتجارة الحروب
- ما بعد -الطوفان- .. مصير الكيان والمنطقة!
- انحياز النظام الغربي ضد الإنسانية !


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. العثور على ضعف ما أبُلغ عنه من عدد حيوان ...
- جان نويل بارو يزور كييف بعد وابل من القصف الروسي
- سرعتها تفوق 700 كيلومتر في الساعة..كييف تعثر على حُطام المُس ...
- إيران تكشف عن موعد ومكان محادثاتها مع -الترويكا- الأوروبية.. ...
- ترقب بشأن تطور هجوم برشلونة بعد التحاق النجم الانجليزي راشفو ...
- استئناف المحادثات النووية بين إيران والقوى الأوروبية في إسطن ...
- عشائر بدو سوريا.. جذور عميقة في التاريخ وامتداد في الجغرافيا ...
- السجن ثلاث سنوات لطالب في كوت ديفوار بتهمة الإساءة للرئيس
- المحتوى المضلل يجد طريقه إلى -شات جي بي تي- بفضل المحتالين
- ما المواد -المتطرفة- التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسر قطيشات - في قبضة المجانين: العالم بين انهيار القيم والشرعية وغطرسة القوة