أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - غزة ومعضلة الاحتلال..من نصر ١٩٦٧ إلى مأزق طوفان ٢٠٢٣














المزيد.....

غزة ومعضلة الاحتلال..من نصر ١٩٦٧ إلى مأزق طوفان ٢٠٢٣


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غزة ومعضلة الاحتلال..من نصر ١٩٦٧ إلى مأزق طوفان ٢٠٢٣

جاء في كتاب "إسرائيليون يتكلمون" الذي قامت مؤسسة الدراسات الفلسطينية بترجمته عن نسخته الإنجليزية بإذن من وقفية كارنيغي/بيروت-١٩٧٧، وصف على لسان أحد المشاركين في المحادثات لحرب عام ١٩٦٧ بأنها "أكبر كارثة في تاريخ دولة إسرائيل". لا بد بأن هذا المشارك باعترافه الآنف الذكر كان يشير إلى زلزال ساحق وعميق ضرب دولة الاحتلال من الداخل. وذلك لأن هذه الحرب، رغم ما بدت عليه من نصر عسكري خاطف وساحق، إلا أنها أطلقت دون قصد، شرارة وعي قومي جديد لدى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وأزاحت الغطاء عن وهم ما يسمى ب "الدمج الإسرائيلي" للعرب داخل الدولة المزعومة.
لقد تسببت حرب ١٩٦٧ في كشف التصدعات البنيوية في المشروع الصهيوني، وأعادت تعريف العلاقة بين اليهود والعرب، ليس فقط في الأراضي المحتلة، بل داخل حدود ما تسمى ب "إسرائيل" ذاتها.

واليوم وبعد بعد مرور أكثر من خمسة عقود، تخوض الدولة البائدة حربا مدمرة على قطاع غزة، تجاوزت في قسوتها وعدد شهدائها ودمارها، كل ما شهدته الأراضي الفلسطينية منذ نكبة ٤٨.
ورغم وحشية القوة المستخدمة، ورغم دعم الولايات المتحدة الأمريكية والدعم الغربي غير المحدود، إلا أن الاحتلال يواجه في غزة مأزقا أخطر من ذلك الذي واجهه بعد ١٩٦٧. لأن غزة الضيقة بمساحتها، المكتظة بسكانها،المحاصرة والدمرة اقتصاديا ولكن، المسكونة بعقيدة المقاومة كشفت العجز الاستراتيجي الصهيوني.

في غزة اليوم، وتحديدا بعد السابع من أكتوبر تكثفت كل التناقضات التي لم تستطع دولة الاحتلال منذ تأسيسها أن تحسمها، وهي، هل هي دولة احتلال أم ديمقراطية؟ هل يمكن إخضاع الفلسطينيين للأبد دون ثمن؟ وهل يمكن تصفية الذاكرة الوطنية بالقوة المجردة؟ على كل هذا، غزة تجيب، بالرفض.

واللافت أن غزة لم تكتف برفض الاحتلال وحسب، بل فرضت عليه بصمود أهلها وشراسة وبأس مقاومتها، معادلاتها الخاصة التي لا تقوم على التوازن العسكري، بل على كسر هيبته السياسية والمعنوية. فعصابات جنود الاحتلال، الذين دخلوا أرضا يعتقد قادتهم أنها بلا عمق استراتيجي، وجدوا أنفسهم في متاهة من الكمائن والأنفاق والأشباح، في حرب بالإضافة إلى أنها استنزفت واستهلكت الطاقات العسكرية، مزقت أيضا صورة دولة الشتات كجيش لا يُقهر.

وبعد فإذا كانت حرب ١٩٦٧ كارثة لأنها عمّقت وعي الفلسطينيين في الداخل، فإن حرب غزة اليوم كارثة أعمق لأنها وحدت الفلسطينيين أينما وجدوا. فالهوية الوطنية التي نشأت على أنقاض نكسة ٦٧، تجسدت اليوم في مقاومة غزة الشرسة، التي أثرت في الشارع الفلسطيني في الضفة، وفي الشتات، بل حتى في داخل أراضي ٤٨.

هذا التماسك الهوياتي، المتولد عن الألم الجماعي، لا يشكل تهديد لدولة الاحتلال من الخارج فحسب، بل يربك بنيتها الداخلية، ويعيد إشعال الخوف المزمن من الفلسطيني "القريب"، "المندمج ظاهريا"، الذي قد يتحول إلى خصم سياسي وثقافي.

والأهم أن دولة الشتات، في حربها على غزة،بالإضافة إلى مواجهتها لشعب صامد ومقاوم، هي تواجه فشلا أخلاقيا جديدا، فكل جريمة ارتُكبت ولا زالت ترتكب تضاف إلى أرشيف من تاريخ طويل يفضح طبيعة المشروع الصهيوني أمام العالم.

دولة الاحتلال اليوم لم تعد قادرة على تصدير صورتها كضحية، ولا ترويج السردية المستهلكة "الدفاع عن النفس" دون أن تقابلها صور لأطفال فقدوا أطرافهم أو صور لعائلات مسحت بالكامل من السجل المدني، لقد خسرت المعركة الرمزية، حتى قبل أن تُحسم المعركة الميدانية.

وإذا كان البعض في هذه الدولة الزائلة رأى في احتلال الضفة الغربية بعد ١٩٦٧ بداية "ورطة ديمغرافية" تهدد الطابع اليهودي للدولة، فإن احتلال غزة لو حصل، وهو أمر لن يحصل، سيكون أكثر من ورطة، لأنه سيكون انتحارا سياسيا وعسكريا.
إن دخول غزة، بكل تعقيداتها الديمغرافية والجغرافية والعقائدية، لن ينتج عنه إلا مستنقع استنزاف طويل الأمد، وعودة مباشرة إلى سيناريو لبنان والانتفاضات الفلسطينية، ولكن في نسخة أكثر حدة وكلفة. فالاحتلال، الذي فشل في فرض سيطرته على غزة حتى وهو يحاصرها جوا وبرا وبحرا، لا يستطيع أن يحكمها وهو بداخلها.

وغزة، كما قال أحد جنود عصابات الاحتلال الهاربين من خطوط الاشتباك، "تبتلعنا دون أن نراها". هي ليست فقط أرضا، بل فكرة لا يمكن قصفها. وفي هذا المعنى، فإن كارثة ١٩٦٧ التي أذكت وعي فلسطينيي الداخل، لم تكن إلا تمهيدا لحرب غزة، حيث أصبح الفلسطينيون أكثر وعيا، وأشد تمسكا، أما الدولة الظالمة فإنها كلما غاصت في رمال غزة ، اكتشفت أنها تقاتل خصما لا يموت، وأن كل نصر عسكري مؤقت، لا يخفي هزيمة استراتيجية عميقة.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المدينة الإنسانية-.. سجن جماعي بمباركة دولية
- وحدة -الاستجابة الأولى-..شرعنة الاستيطان وإرهاب الفلسطينيين
- كمين بيت حانون..المقاومة الفلسطينية تكتب معادلة الاشتباك الج ...
- جنود العدو ..ما بين الكوابيس والوصايا
- عرب المليحات بين فكي التهجير والاستيطان وصمود في وجه الاقتلا ...
- مجزرة بالتقسيط..برعاية الاحتلال وتواطؤ الأنظمة..
- المخدرات في الطحين.. مؤامرة خبيثة لكسر صمود غزة
- من ذريعة الأمن إلى الإقصاء.. الهدم الممنهج كأداة لتصفية القض ...
- الدم الفلسطيني بين مشروع الإبادة وصفقات الاستقرار الزائف..مج ...
- من النكبة إلى قرية مالك..سياسة ثابتة بوجه متغير
- بين وهم النصر وحقيقة الهزيمة..بن غفير يلوح بفتح أبواب الجحيم
- ما بعد التصعيد..هل يلتزم الجميع أم يشعل الاحتلال الجولة القا ...
- حرب بقرار فردي...هل يجر -ترامب- العالم نحو الهاوية؟
- الشجرة..ذاكرة لا تمحى وجذور لا تموت..
- صناع الموت تحت النار..إيران تستهدف مركز الإبادة الرقمية في ب ...
- -سوروكا- يتصدع...ومستشفيات غزة تُمحى
- مصائد الموت في غزة..طوابير الجوع... طوابير الشهادة
- -الأسد الصاعد اليهودي- ينهار أمام صواريخ إيرانية استنزافية ل ...
- صواريخ الحاج قاسم تغير معادلة الحرب داخل حدود الاحتلال..الوع ...
- إيران تكسر وهم الحصانة الصهيونية....الوعد الصادق٣...


المزيد.....




- زفاف سيليو صعب وزين قطامي وفضيحة عناق في حفل -كولدبلاي-.. ال ...
- منصة إكس المملوكة لإيلون ماسك تصف تحقيقا قضائيا فرنسيا بـ-أج ...
- سوريا توقف ترخيص شركة طلال أبو غزالة بعد تصريحات عن نظام الأ ...
- ممثلان عن حكومة كابل بألمانيا لتنسيق عمليات ترحيل الأفغان
- الشرطة السودانية تؤكد تراجع النهب المسلح في الخرطوم
- روسيا تعلن امتلاك أكبر مصنع للمسيّرات في العالم
- ما رسائل زيارة لاريجاني لبوتين على المستوى العالمي؟
- تضارب حول موعد جولة التفاوض الثالثة بين روسيا وأوكرانيا
- مسؤول حوثي: نخوض حربا مفتوحة مع إسرائيل
- أميركا وإسرائيل تريدان إضعاف سوريا لكنهما مختلفتان على الطري ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - غزة ومعضلة الاحتلال..من نصر ١٩٦٧ إلى مأزق طوفان ٢٠٢٣