أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محسن عزالدين البكري - رأيي الخاص في ترجيح منشأ العائلة الأفروآسيوية في منطقة الهلال الخصيب: قراءة لغوية وجينية وجغرافية















المزيد.....

رأيي الخاص في ترجيح منشأ العائلة الأفروآسيوية في منطقة الهلال الخصيب: قراءة لغوية وجينية وجغرافية


محسن عزالدين البكري

الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 18:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تمهيد:

تُعد العائلة اللغوية الأفروآسيوية واحدة من أقدم وأوسع العائلات اللغوية في العالم، إذ تشمل فروعًا كبيرة مثل: السامية، الكوشية، الأمازيغية، المصرية القديمة، التشادية، والأوموتية. وتمتد هذه العائلة من غرب آسيا حتى أجزاء واسعة من شمال وشرق إفريقيا، ما يجعل أصلها محل جدل علمي طويل.

لقد طرحت العديد من الدراسات اللغوية والأنثروبولوجية فرضيات مختلفة حول منشأ هذه العائلة، بين من يرجح نشأتها في شرق إفريقيا، ومن يرى أنها نشأت في الهلال الخصيب (العراق، الشام، مصر). يهدف هذا المقال إلى ترجيح فرضية منشأ العائلة في الهلال الخصيب، استنادًا إلى عوامل مرتبطة بالهجرة البشرية الأولى، والانتقاء الطبيعي، والتوزيع الجيني، والتحليل الداخلي للتمايز اللغوي بين الفروع، مع نقد الفرضيات المقابلة، وبيان دور اليمن كنقطة مرور في الهجرة العكسية وليس كمركز نشوء.

---

الهجرة البشرية الأولى من إفريقيا

تشير الأدلة الأثرية والوراثية إلى أن أول خروج للإنسان العاقل من شرق إفريقيا حدث قبل نحو 70 ألف سنة. هذه الهجرة حملت معها مجموعة صغيرة جدًا من البشر، لم تكن تتجاوز عدة مئات، نحو شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية وما بعدها. كانت هذه المجاميع متناثرة، بعضها واصل رحلته نحو آسيا وأوروبا، والبعض الآخر استقر مبكرًا في مناطق معينة، منها ما يعرف اليوم بالهلال الخصيب.

ومن المنطقي أن تشكُّل أول لغة أم لعائلة كبيرة مثل الأفروآسيوية، لا بد أن يكون قد نشأ من إحدى هذه المجموعات الصغيرة التي استقرت مبكرًا. لأن تطور لغة معقدة وتمايزها إلى فروع يحتاج إلى زمن واستقرار سكاني طويلين.

لماذا نرجح الهلال الخصيب؟

1. مناطق أول حضارات العالم:

الهلال الخصيب يحتضن أقدم دلائل على الاستقرار البشري والزراعة وبناء القرى والمدن، ومنها:

أريدو(العراق): من أقدم المدن المعروفة.

أريحا (فلسطين): واحدة من أقدم التجمعات الزراعية.

نقادة وميرميد (مصر): بدايات التحضر النيوليتي.

هذا يشير إلى أن المجموعة البشرية التي استقرت هناك أولًا قد تطورت حضاريًا، واحتاجت إلى زمن طويل للوصول إلى تلك المرحلة، في حين أن المناطق التي لم تصل إلى هذا المستوى الحضاري إلا لاحقًا يُرجّح أن استقرار البشر فيها حدث في وقت لاحق.

2. التطور السكاني:

التحول من مجموعة صغيرة إلى قبائل، ثم إلى مجتمع زراعي مستقر، فمدن، ثم حضارة، يحتاج إلى آلاف السنين. لذلك، فإن المناطق التي شهدت كثافة سكانية مبكرة تُعد أكثر ترجيحًا لكونها موطن المجموعة الأم التي شكّلت لغة العائلة الأفروآسيوية.

3. مناطق الإشعاع الشمسي واللون البشري:

المناطق ذات الإشعاع الشمسي العالي –مثل شرق إفريقيا– تنتج عبر الانتقاء الطبيعي بشرة داكنة، لكن هذا الانتقاء يحتاج لعشرات الآلاف من السنين ليؤدي إلى تغير لوني دائم في السلالات البشرية. وإذا كان منشأ العائلة في منطقة ذات إشعاع مرتفع، فسيكون من الصعب بقاء السمات اللغوية المشتركة لفترة طويلة، بسبب الانتقاء الطبيعي الذي سيغير الملامح السكانية واللغوية.

نلاحظ أن معظم فروع العائلة الأفروآسيوية –خاصة السامية، الأمازيغية، والمصرية القديمة– تحمل سمات شعوب فاتحة البشرة نسبيًا، مما يضعف فرضية نشوء العائلة في منطقة إشعاع مرتفع، ويقوي ترجيح نشوئها في منطقة أقل إشعاعًا مثل الهلال الخصيب. الحالات الداكنة في شرق إفريقيا (مثل الكوشية) يُفسرها الهجرة العكسية وتزاوجات عرقية لاحقة.

نقد فرضية الأصل شرق الإفريقي

رغم أن العديد من الدراسات تميل إلى فرضية الأصل شرق الإفريقي للعائلة الأفروآسيوية، فإن هذه الفرضية تعاني من مشكلات مهمة:

زمن التغير البيولوجي عبر الانتقاء الطبيعي لا يسمح ببقاء سمات لغوية مشتركة متماسكة لفترة قصيرة.

الانتشار اللغوي عبر مساحات ضخمة يصعب تفسيره إذا انطلقت الفروع من بيئة إشعاعها مرتفع وتطور البشر فيها ببطء.

أغلب فروع العائلة تتواجد خارج شرق إفريقيا، وبعضها –مثل السامية– أقرب إلى شمال إفريقيا وغرب آسيا.

التفرع والانتشار، والهجرة العكسية عبر اليمن

ما يُرجّح أكثر هو التالي:

مجموعة بشرية صغيرة خرجت من إفريقيا قبل 70 ألف سنة، استقرت مبكرًا في منطقة الهلال الخصيب، وبدأت تتكاثر وتنشئ أول بذور الحضارة.

هذه المجموعة شكّلت لاحقًا اللغة الأم للعائلة الأفروآسيوية.

مع الزمن، تفرعت العائلة إلى فروع متعددة، بعضها اتجه غربًا نحو شمال إفريقيا (أمازيغية، مصرية)، وبعضها جنوبًا وعاد إلى شرق إفريقيا عبر هجرة عكسية مرجح أن تكون عبر اليمن.

الهجرة العكسية عبر اليمن تُفسر التقارب اللغوي الكبير بين اللغات الكوشية والسامية، بالمقارنة مع تقاربها الأقل مع المصرية أو الأمازيغية.

الهجرة العكسية عبر اليمن لم تكن نقطة أصل، بل كانت طريقًا للنقل والتزاوج العرقي، ما يفسر وجود البشرة الداكنة في فروع شرق إفريقيا، دون الحاجة لفرض أن تلك اللغات نشأت أصلًا هناك.

لذلك، إن كان المنشأ في اليمن، لما كان التوزيع اللغوي والجيني بهذه الصورة المتفرعة والتي تتوافق مع مسار التقارب مع لغات غرب اسيا ،، فرضنا انها بدأت باليمن فبالمرور شمالا نجد كلها لغات سامية فكيف قفزت عائلات لغات فروع شمال إفريقيا إلى مصر عبر الطريق، اذن التفرع الأول حدث شمالا وواحد اتجه شرقا وجنوبا مرورا باليمن الى شرق افريقيا ..

إن مجمل التحليل اللغوي، الجيني، الجغرافي، والتاريخي يشير إلى أن العائلة الأفروآسيوية لم تنشأ في بيئة ذات إشعاع شمسي مرتفع، بل في منطقة أكثر اعتدالًا هي الهلال الخصيب، التي وفّرت الظروف الأنسب لاستقرار بشري طويل وتطور حضاري، وهو ما يسمح بوجود لغة أم موحدة تفرعت عبر الزمن.

ومع أن هذا الرأي لا يُقدَّم كحقيقة مطلقة، فإنه يمثل ترجيحًا علميًا مدعومًا بأدلة متقاطعة من مختلف العلوم، ويدعو لإعادة النظر في الفرضيات المنحازة، وبالرغم اني من اليمن إلا أن تلك الإنحيازات التي تضع منشأ العائلة في اليمن لا يتوافق مع البحث العلمي والواقع على الرغم من أن اليمن كانت ممرًا على طريق الهجرة العكسية وليس نقطة الأصل.



#محسن_عزالدين_البكري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العربية عبر التاريخ .. وهيمنتها الممتده من الخليج إلى ...
- لماذا تختلف ألوان البشرة عند الإنسان
- تعريف بمشروع كتاب (بطاقة سفر ) من تأليفي
- لماذا نصدق العلم
- بيان ملكية فكرية لمشروع كتاب ولادة جديدة أول كتاب يؤلف بواسط ...
- سلسلة ملاحظات 13
- سلسلة ملاحظات 12
- سلسلة ملاحظات 11
- سلسلة ملاحظات 9
- سلسلة ملاحظات (10)
- مغيرة المناخ ،،،،
- الشاعر كيان مستقل بذاته
- عمى الجهل
- دستور القبيلة
- القيود
- دعني أخبرك عن فلسطين 2
- الرشيقة
- صباح الورد ياطفلة
- بنية الكون-سلوك عجيب وكون من نوع آخر
- المال


المزيد.....




- حرب أوكرانيا.. لماذا وضعت -مهلة الـ50 يوما- -صقور روسيا- من ...
- ما هي صواريخ “باتريوت” التي تحتاجها أوكرانيا بشدة لصد الهجما ...
- إسرائيل تعد بوقف الهجمات على الجيش السوري جنوبي البلاد
- مهلة -نهائية- لإيران لإبرام اتفاق نووي.. وتلويح بـ-سناب باك- ...
- إسرائيل تنشئ نقاطا جديدة وتُمهّد لبقاء طويل في غزة
- إسرائيل تفتح تحقيقا في عبور عشرات الدروز الحدود إلى سوريا
- ترامب: شحن الأسلحة إلى أوكرانيا -بدأ بالفعل-
- الطيران الإسرائيلي يستهدف مواقع بالسويداء.. وسقوط قتلى وجرحى ...
- رغم فوضى -إكس- و-غروك-.. ماسك يفوز بعقد قيمته 200 مليون
- -رجال الكرامة-: مقتل وإصابة 50 من عناصرنا في أحداث السويداء ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محسن عزالدين البكري - رأيي الخاص في ترجيح منشأ العائلة الأفروآسيوية في منطقة الهلال الخصيب: قراءة لغوية وجينية وجغرافية