أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محسن عزالدين البكري - اللغة العربية عبر التاريخ .. وهيمنتها الممتده من الخليج إلى المحيط















المزيد.....


اللغة العربية عبر التاريخ .. وهيمنتها الممتده من الخليج إلى المحيط


محسن عزالدين البكري

الحوار المتمدن-العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 19:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يتناول هذا المنشور موضوع التطور، ولكن من زاوية مختلفة — الزاوية الثقافية — تطور اللغات، والثقافات، والأعراق، والشعوب... حتى تفهم ما العلم وما الانحيازات العاطفية والمعلومات التقليدية الموروثة، ومن هنا نبدأ بكسر الجدار العائق بيننا

بدأ الأمر بنقاش على فيسبوك أثارته أسئلة مثل: من هم العرب؟ من هم العبرانيون؟ كيف سُمّيت الشعوب عربًا؟ كيف كان العبرانيون والعرب شعبًا واحدًا في الماضي؟ وكيف انفصلوا؟ وكيف أكّدت اختبارات الحمض النووي والدراسات اللغوية الحقائق التاريخية بأدلة علمية وتطورية، ؟ يناقش هذا المقال جذور القصص الدينية أيضا إبراهيم، وموسى، وإسحاق، ونوح، وإسرائيل. وبما أن الشرق الأوسط هو البيئة الأصلية لهذه القصص، يتتبع المقال تطور شعوبه عبر التاريخ.



كيف أصبح مصطلح "العرب" في العصر الحديث يشير إلى شعوب وأعراق متنوعة؟ وما العلاقة بين هذه الشعوب والعرب الأصليين؟

هل اليمنيون عرب؟ وماذا عن بقية الشعوب التي نُطلق عليها اليوم اسم "العرب" — هل هذه تسمية سياسية أم تاريخية؟ كيف أصبحوا يُدعون عربًا؟ ما هو وضع العرب من حيث العرق؟ وما علاقتهم بالشعوب التي تعرّبت لاحقًا؟

اليمن أقرب الشعوب إلى العرب الأصليين كانوا جيرانهم. وحتى الخط المسند (الكتابة العربية الجنوبية القديمة) يُظهر اختلافات لغوية عديدة. ومن منظور علمي ومنهجي، سأشرح .

كانت هناك شعوب لغاتها متقاربة ليس بالضرورة أن تكون متفاهمة فيما بينها لكن هي من أصل مشترك وتجمعها سمات أو بعض سمات مشتركة على درجة القرب— على سبيل المثال، قد تتحدث لغة معينة اليوم، ولكن بعد ستة آلاف عام، قد يتحدث أحفادك لغات مختلفة لكن ستبقى بعض السمات المشتركة من اللغة التي كنت تتحدثها أنت كسلف للجميع — بما أنها جميعها تنحدر من أصل مشترك. تضم عائلة اللغات الأفروآسيوية كل ما يُعرف اليوم بدول "العالم العربي". ومن داخلها، توجد فرع أصغر: اللغات السامية — وتُسمى أحيانًا "العروبية السامية". كلمة "سام" عند بعض الباحثين مصطلح أسطوري لكن تم اعتماده أكاديميًا.

حتى مصطلح "عرب" كان يُشير في الأصل إلى البدو القاطنين بجوار المجتمعات المستقرة — . حضرموت مثلًا، كانت حضرموت منذ القدم — وكذلك عدن، وصنعاء، وبقية اليمن بأسمائها القديمة: سبأ، وحِمْيَر، ومعين، وقتبان... كانت هذه مستوطنات زراعية ولم تكن تُسمى عربًا. أما مصطلح "العرب" فكان يُطلق على البدو المجاورين الممتدين من الصحراء اطراف اليمن شمالا إلى ما يُعرف اليوم بالسعودية والخليج وأجزاء من جنوب العراق والأردن والشام — حيث كانت القرى والمدن الزرعية المستقرة جزءًا يتجاور مع اؤلئك البدو من بلاد الرافدين والهلال الخصيب واليمن. وهذا الكلام يعود إلى أزمنة موغلة في القدم.



حتى العبرانيين كانوا في الأصل بدوًا، وكلمتا "عبري" و"عربي" قريبتان لغويًا. لكن في نقطة معينة، حصل الانفصال. كان بنو إسرائيل مثل أي قبائل بدوية — متناثرين، يتكاثرون، ويبحثون عن أراضٍ تُطعم أعدادهم، إلى أن تشكلوا ككيان مميز. هذا يحدث كثيرًا في التاريخ.

حتى اليوم، يمكنك ملاحظة أنماط مشابهة. الفرق الوحيد اليوم هو البنية التحتية الحديثة: شبكات النقل الواسعة، والقدرة على السفر والعمل في الخارج والعودة بالمؤونة. في الماضي، كانت القبائل تُجبر على الهجرة بالكامل، أو كان الشبان يغيرون على المدن — كما فعل المغول، أو الغزاة الإنجليز من القبائل الجرمانية الذين دخلوا الجزيرة المتمثلة الآن ببريطانيا ، أو العرب في زمن النبي محمد (وسأعود إلى عرب النبي محمد لاحقًا).

القبائل العبرانية، حتى في اختبارات الحمض النووي، يظهرون مع العرب في سلالة Jبمعنى: العلم الحديث أثبت ما كان المؤرخون القدماء يروونه شفهيًا.

من القصص الدينية: إبراهيم وأبناؤه إسماعيل وإسحاق.

بغض النظر أن تكون هذه الأسماء لدى بعض الباحثين اسطورية أم حقيقية اتحدث عن الباحثين الذين لا يعترفون بالقصص الدينية —ولكن حتى الاساطير تقف خلفها جذور حقيقية فقط إضافة الخوارق ومع مرورها عبر أجيال ولآلاف السنين تضاف الأكاذيب وقد يكون تفسير الحدث في وقت لا يستطيع فيه البشر الأقدم تفسير الظواهر التي تجري حولهم ففسروها بطريقة ميتافيزيقة ولكن في كل الأحوال يقف خلفها جذور لقصة حقيقية ،، لذا سواء كنت ممن يقتنع بالقصص الدينية ام لا فقصة ابراهيم وابناءة تشير إلى قبائل كانت تعرف أن لها أصلًا مشتركًا لكنها انقسمت. واكدها الان سلالات البحث عبر الدي ان ايه وعلماء اللغويات بغض النضر عن التسميات وهل كانو هم نفس التسميات ونفس الأخوة لكن هناك شعوب من أصل مشترك هذا أكيد علميا أن كنت ممن لا يقبلون سوى العلم التجريبي ودينيا ان كنت ممن يقتنع أكثر في قصص الأديان وهذا ما أعنيه بالعبرانيين والعرب: كانوا في الأصل قبائل بدوية. ومع الزمن، تغيرت المصطلحات، لكنها ظلت متقاربة بسبب الأصل المشترك. حتى اليوم، اللغات ما زالت متقاربة — خصوصًا في القواعد النحوية.

قد تفكر في اللغة التركية — التي تحوي العديد من الكلمات العربية — لكنها تختلف تمامًا في القواعد، لذا تُعد من عائلة لغوية مختلفة. التركية تأثرت بالعربية لاحقًا. أما العبرية فهي من نفس العائلة الجذرية. العبرانيون استقروا في وقت أبكر من العرب، واتجهوا نحو فلسطين — أي نحو المراكز الحضرية، لا يعني انهم ليسوا من تلك البلاد ولكن آنذاك، لم تكن للخرائط المعاني التي نعرفها الآن. وكان البشر يتنقلون سيرا على الأقدام ، لكن هم البدو الذين كانو يتجاورون مع تلك الشعوب مثل أي تجاور بين الحضر والبادية

كان هؤلاء من ضمن بدو الصحارى المحيطة داخل شبه الجزيرة العربية . ومع تزايد عددهم وتحوّلهم للاستقرار، جاءت معهم ديانتهم وممارساتهم الخاصة، والتي سبّبت لهم مشاكل منذ البداية. لاحقًا أسسوا ممالك لفترة هناك مملكتي يهوذا واسرائيل ولكن في فترات كانوا يدخلون في صراعات مع شعوب مستقرة أخرى — مثل الكنعانيين والعماليق، كما ورد في القصص المحمّلة بالأساطير عن مملكتي يهوذا وإسرائيل.

ورغم كثرة القصص و الأساطير وعدم اعتراف بها في منهج علمي يقدم لمختلف امم الارض وليس لاصحاب دين معين حتى لا تاخذك العصبية توا وتترك اكمال المقال انا اقدم الان مقالا لمختلف الامم والاديان والاعراق والشعوب وليس لك أنت بديانتك هذه أو تلك لكني اترك جميع وجهات النظر هنا وخيوط الأدلة هنا بحيادية مع كل الجمهور القارئ اتمنى أن تفهم هذا وحتى اصدمك قليلا هكذا يقدم العلم ليس بانحيازات ومحاباه هو مثل محقق يبحث في قضية ويتبع خطوط الادلة إلى حيث توصله ، ولهذا حتى ان كانت كما يقول البعض اساطير إلا انها تبقى بعض الجذور التاريخية لقصة حقيقية تختبئ خلف أي اسطورة — مع الأدلة الأثرية، والآن الأدلة الجينية واللغوية والجغرافية أيضًا.



بعد أن نبتعد عن قصة البدو من العرب والعبرانيين، نلتقي بشعوب أخرى: السريان، السومريين، البابليين، الآراميين، والفينيقيين — وكلها شعوب لغاتها كانت مرتبطة بالعربية والعبرية. كلما عدت في التاريخ أكثر، وجدت أن الشعوب المستقرة والبدو كانوا يشتركون في أصول واحدة.

وكانت بعض المجموعات أقرب من غيرها — فمثلًا، يمكن اعتبار العربية والعبرية "أبناء عم"، إلى جانب الآرامية والسريانية، بينما تُشبه البابلية " إبن العم الأبعد". العربية الشمالية والجنوبية (مثل لهجات اليمن) كانت أقرب لبعضها — "أخوات"، وإن لم تكن متطابقة. وإذا قرأت نقشًا بخط المسند، لن يكون عربيًا تمامًا، لكنه قريب جدًا.

لاحقًا، حدثت هجرات بسبب تغيّر المناخ، والحروب، وأحداث مثل انهيار سد مأرب — وهي قصة أُسطرت لاحقًا. لم يكن كل الناس يعيشون خلف السد، لكنه كان حدثًا مهمًا. وأدى ذلك إلى حركة نحو وسط الجزيرة العربية، وايضا كانت تحدث هجرات عكسية عبر الزمن .

تكاثر البدو الصحراويون وشكلوا نواة لمدن مثل مكة والمدينة. ومع مرور الوقت، تطورت طرق التجارة العالمية، وأصبحت تلك المدن ذات أهمية. لم تكن الهجرات من اليمن إلى الشام والعراق فقط — بل كانت ثنائية الاتجاه.

ومع الزمن، ظهرت قبائل يهودية مثل خيبر ويثرب (المدينة). وبدأت واحات مثل يثرب تتحول إلى مناطق حضرية. بعض الهجرات اليهودية كانت عكسية، دُفعت بها تغيّرات كبرى: السبي البابلي، الحروب مع الرومان، الصراعات مع المصريين، وربما تقلبات المناخ أو أي ضروف أخرى إلخ.

وكانت الشعوب متداخلة. لم تكن هناك جوازات سفر أو حدود — لكن كانت هناك حروب أكثر بالطبع،



قد تظن أن العنف البشري أكثر شيوعًا اليوم، لكن ذلك يعود في الغالب إلى الأسلحة الحديثة الفتاكة. في الواقع، العنف أقل مما كان عليه في الماضي، وغالبًا ما يقتصر على حروب محلية. في العصور الماضية، كانت كل قبيلة تنمو، يزداد عدد شبابها، تُكوّن مملكة صغيرة، ثم تبدأ بالتوسع من خلال الهجوم على ممالك أخرى. وكان هذا النمط يتكرر مع ظهور شعوب جديدة تحل محل القديمة. أما اليوم، فمن النادر أن ترى ملكًا أو رئيسًا يسعى للتوسع في أراضي الغير، وذلك بفضل الأمم المتحدة والدبلوماسية حتى إنسان اليوم تطورت ثقافته وحتى إن حدثت كوارث أو حروب تجد منظمات الإنقاذ والمساعدة الإنسانية التي تلعب دورًا في كبح مثل هذه الطموحات وتقليل آثارها ، معظم حروب اليوم محلية ضمن دولة تجمعها حدود سيادية معترف بها او معترف بها جزئيا

أما اليهود، فعندما عادوا من أماكن استيطانهم، رجعوا إلى الواحات والمناطق المستقرة مثل يثرب وخيبر، ولم يعودوا إلى حياة البداوة في الصحراء، إذ إن آلاف السنين قد مضت منذ أن عاشوا حياة الاستقرار ولم يعودوا لحياة البادية من جديد . وفي الوقت نفسه، بدأت مكة بالظهور كمركز تجاري، ونظرًا للتهديدات القادمة من الأحباش والرومان والفرس، الذين لم يكونوا مقربين ثقافيًا، بدأت تتشكل تحالفات مع اليمن ومع تلك الشعوب المتجاورة. وعلى الرغم من تشابه اللغات ووجود هجرات عكسية قرّبت بينهم، ظل مصطلح "العرب" يُطلق فقط على البدو الذين سكنوا الصحارى المجاورة لليمن، والمناطق التي تُعرف اليوم بالسعودية والخليج وجنوب الشام والعراق. وحتى اليوم، لا يُستخدم هذا المصطلح على نطاق شامل.

في شمال أفريقيا، كانت الشعوب تشمل الأقباط والأمازيغ والبربر وغيرهم. كانت هناك تقاطعات لغوية بسيطة، لكنها محدودة. على سبيل المثال، قد يسمع شخص في اليمن كلمة من تعز ويتساءل عن أصلها — مثل كلمة "غَبَان" التي تعني عطشان. ومن المثير للاهتمام أن جذر الكلمة "غَب" يظهر في الهيروغليفية المصرية "غب مو " بنفس المعنى. وبينما كلمة "مو" "ماء" ما تزال مستخدمة في مختلف المناطق، يظل جذر "غَب" شائعًا في مناطق مثل الحديدة وتعز. وهناك كلمات في منطقتي يافع أيضًا تظهر في التوراة أو اللغة الأمازيغية. ومع ذلك، فإن لغات شمال أفريقيا ليست قريبة من العائلة السامية كما هو الحال مع لغات ما يسمى بجزء آسيا من العالم العربي. قد تكون هذه اللغات "أقارب بعيدين"، لكنها جميعًا تنحدر من نفس العائلة الأفروآسيوية. في إثيوبيا، على سبيل المثال، تشترك لغات مثل الأمهرية مع العربية بل هي ضمن العائلة السامية .

ومع ذلك، لا يزال مصطلح "عرب" يشير بشكل أساسي في تلك الفترة إلى البدو من شبه الجزيرة العربية والواحات المركزية في وسط شبه الجزيرة العربية، وليس إلى الأطراف مثل اليمن أو الشام أو العراق. في زمن النبي محمد، بدأت القبائل تتكاثر، وخصوصًا بين الشباب، وكان هناك حاجة لتوحيدهم تحت راية دولة، فكان الدين — في هذه الحالة الإسلام — وسيلة لتحقيق هذا التوحيد. ثم تحول لاحقًا إلى توسع إمبراطوري. هناك عدة لغات عالمية تُصنف كلغات إمبراطورية: الإسبانية، الإنجليزية، العربية، البرتغالية — وكلها انتشرت بين شعوب عديدة بسبب الهيمنة الإمبراطورية .
.في الماضي، كانت الفينيقية، والمصرية، واليونانية أيضًا واسعة الانتشار. لأسباب أيضا متعلقة بالهيمنة السياسية او حتى التجارية

ومع تغيّر الحضارات، تتفتت اللغات. يتحدث الناس بلغة واحدة، ثم يتفرقون إلى مجموعات، ومع مرور الزمن، تتحول لهجاتهم إلى لغات مختلفة. وكلما ابتعد زمن الانفصال، زاد الاختلاف اللغوي. اللغات الهندوأوروبية، التي تُتحدث في أوروبا وآسيا الوسطى والهند، لا تعني أن الشعوب تنحدر من شخص واحد غير مرتبط بالشعوب التي تجمعها عائلة اللغات الأفروآسيوية — ولكن الانفصال حدث منذ زمن بعيد وسحيق جدا ، فأصبح الأحفاد شعوبًا مختلفة.وأمما مختلفة ومع ذلك، تبقى بعض الآثار: كلمة هنا، أو بنية لغوية هناك، أو حتى مؤشرات وراثية، وإن كانت بعيدة. لكنها ليست بنفس القرب ضمن عائلة لغوية مشتركة

عندما تكاثر البدو العرب وشكلوا دولة — أصبحت لاحقًا إمبراطورية دينية — توسعوا شرقًا وغربًا، فأصبحت العربية لغة إمبراطورية تُتحدث في فارس وتركيا وحتى وسط آسيا لكن الشعوب الأقرب ثقافيًا ولغويًا للعرب تم تعريبهم بسهولة أكبر، بمساعدة الروابط الثقافية القديمة، حتى وإن كانت بعيدة. كانت هذه الشعوب أقرب للعرب منها للفرس أو الأتراك. ومع صعود البدو من شمال شبه الجزيرة العربية تحديدا قريش وما يجاورها أصبحت لغة قريش هي اللغة المعيارية لدرجة أن حتى اللهجات المتفاهمة بين القبائل التي بجوارها ضاعت لصالح لهجة قريش والقرآن بما أنه الركيزة الثقافية لكل من يعتنق الإسلام وضلت قريش موقع الهيمنة الدينية والسياسية، بل استمر الخلفاء من قريش لفترة تقارب 800 عام.. وكونهم مصدر الدين السائد الجديد، توسع معنى كلمة "عرب" ليشمل كل من تبنّى اللغة والثقافة. تمامًا مثلما يقول الناس الآن السعودية والسعوديين نسبة إلى العائلة المركزية وهذا أوضح مثال يمكن أن يحدث خلال جيلين أو ثلاثة فقط
وهكذا أصبحت العربية الشمالية اللغة المهيمنة، بدعم من مكانتها الدينية والسياسية. وهذا ما مكّنها من الاستمرار كلغة مرجعية عبر الزمن.

وعندما انهارت الإمبراطورية العربية الإسلامية، عادت شعوب مثل الفرس والأتراك وآسيا الوسطى إلى لغاتهم الأصلية. لكن أولئك الأقرب إلى العربية لغويًا بقوا معرّبين أكثر. فالأمازيغ، على سبيل المثال، لم يكونوا أقل تعريبًا بسبب عرقهم، بل لأن لغتهم تنحدر من أصل أبعد. مع أن تعريب الأمازيق تحديدا حدث في فترات لاحقة بل وفي حالات فرضت اللغة العربية على الأمازيق مع فرض العرب سياستهم حيث كان للهجرة دور في ذلك أيضًا. فجزء كبير من تلك الشعوب ينحدر من مهاجرين من الجزيرة العربية، التي شهدت انفجارًا سكانيًا. وأصبحو مسيطرين في دول شمال أفريقيا بل كانوا يبنون مدن جديدة مثل الفسطاط القاهرة اليوم وغيرها من مدن الإستيطان العربي

وهذا شبيه بكيفية هيمنة الإسبانية والبرتغالية على أمريكا اللاتينية نتيجة الهيمنة الدينية والإمبراطورية بعد أن أصبحت المسيحية ديانة الدولة. وعلى الرغم من أن اللاتينية أو اليونانية كانت لغة الطقوس الدينية، فإن هذه اللغات الجديدة كانت من نفس العائلة، وكانت أوروبا تشهد أيضًا ازدهارًا سكانيًا. تخيل لو عاد جميع سكان أمريكا اللاتينية إلى أوروبا — لأصبحت أكثر كثافة من الصين والهند في عدد السكان.

عامل آخر مهم هو الهيمنة السياسية-الثقافية المصحوبة بالهجرة — وأفضل مثال على ذلك هو الإنجليزية. فقد حكمت بريطانيا شعوبًا كثيرة وجعلتها تتحدث الإنجليزية. وفي عصر الاكتشافات العلمية، كان كثير من العلماء البارزين — مثل نيوتن وداروين وفاراداي — إنجليزًا، مما عزز الهيمنة الثقافية. والدين أيضًا يكون جزء من هذا التوسع الثقافي. كما في الإسلام
أصبح الإسلام والقرآن أساسًا ثقافيًا لكثير من الشعوب. وبما أن القرآن يجب أن يُقرأ بالعربية — لأن النبي محمدًا اعتبر الكتب السابقة تعرضت للتحريف ومعجزته كانت في اللغة — فقد ساعد ذلك في ترسيخ هيمنة اللغة العربية.

وبما أن العرب كانوا القوة السياسية والدينية المهيمنة، فقد أصبح كل من تعرّب بشكل كبير يُعد عربيًا مع مرور الوقت. حتى الأتراك والفرس والإسبان تعرّبوا لكن بدرجة أقل حيث كانت العربية لغة الخواص وتأثر بها العوام لكن بدرجة أقل في فترات ما — ويتجلى ذلك في الشعر الأندلسي والعلماء مثل البخاري والترمذي والخوارزمي وسيبويه، الذين كتبوا بالعربية رغم أنهم من فارس وآسيا الوسطى. وبعد سقوط الخلافة الإسلامية، عادت تلك الشعوب إلى لغاتها الأصلية، لكن بقيت آثار عربية — تظهر في المفردات، أو في استخدام الخط العربي في بعض البلدان، أو في البصمة الثقافية التي امتدت حتى الهند والصين.

أما البلدان التي تُعرف اليوم بالعالم العربي فهي التي تعرّبت بالكامل، بسبب القرب اللغوي من قبل ضمن عائلة لغوية مشتركة أصلا ، وخصوصًا في النطق والنحو، وليس بالضرورة أن تكون لغاتهم متفاهمة لكنها كانت تحمل سمات مشتركة مع العربية التي نشأت في وسط الجزيرة. بالإضافة إلى ذلك، فقد هاجرت أعداد ضخمة من سكان شبه الجزيرة، مما ساعد على التعريب، كما فعل الأوروبيون في الأمريكيتين.

حتى اختبارات الحمض النووي تؤكد هذا القرب — خصوصًا بين العرب والسوريين والعراقيين والإسرائيليين — حيث يشتركون في مجموعة J الوراثية. بفرعيها j1 j2 المصريون وشعوب شمال أفريقيا لديهم هذه المجموعة بنسب أقل، لكنها ما تزال مرتفعة بسبب الهجرات التاريخية والتداخل السكاني. وحتى عندما تسود مجموعة وراثية أخرى، فإنها غالبًا ما تكون قريبة من J مثلما يشترك ابن العم معك في الجد، ويشترك الآخر في الجد الأكبر.

الجزء الآسيوي من العالم العربي متقارب جينيًا أكثر من قربه من شمال أفريقيا. ومع ذلك، تظهر بعض أوجه التداخل في شمال أفريقيا بسبب الهجرة. في السعودية والخليج — خاصة بين سكان الصحراء القدامى — تسود مجموعة J بنسبة تقارب 90%. مع انك في مدن الخليج قد تجد سكانًا من أصول مهاجرة . لكن عند دراسة الأنساب ا، نجد نفس الجذور الوراثية. في المواطنين الذين يتواجدون فيها من قبل عصر النفط والقبائل الخليجية المعروفة ،، مع بعض التداخل وهذا ضروري جدا لان الهجرات كانت تحدث من آلاف السنين ولكن بنسبة أقل تجدها وكذلك اليمن أيضًا يشترك في "J"مع بقية الجزيرة العربية بنسب متوسطة تقارب 90% كلما اتجهت نحو العراق والشام وحتى الاسرائيليين تجد مجموعة j بنسبة اقل لكنها بنفس الوقت لا تزال أغلبية في بعضها ونسبة مرتفعة ايضا في البقية وهذا طبيعي مع قربهم من بقية الشعوب الأخرى بخلاف سكان وسط الجزيرة العربية الذين ضلوا معزولين ....طبعا تتفرع مجموعة J إلى
J1 J2
ولكن كلما تقدمت في شمال افريقيا تجد نسبة مجموعة j تقل بدرجات عن بلدان الشق الاسيوي من الوطن العربي الحالي
لكن مصطلح "العرب" حتى فترة قبل الإسلام كان يُطلق أصلاً على البدو في الصحارى المحيطة، بينما كان اليمن زراعيا ومناطق استقرار. والهلال الخصيب وبلاد الرافدين مع تداخلات البادية هنا وهناك الخرائط لم تكن كما هي اليوم ومع الوقت، ومع تغيرات السلطة المركزية والهجرات، أصبح الجميع "عربًا". وحتى اليوم، قد تجد منطقة في اليمن أو أي بلد عربي تسخر من كلمة أو لهجة منطقة أخرى، دون أن تدرك أن تلك الكلمة قد تكون أقدم وأكثر أصالة — من بقايا لغات منقرضة سبقت هيمنة عربية قريش.

على سبيل المثال، كلمة "غَب" للعطش موجودة في اللغات القديمة. وفي "غَباَن" (بمعنى عطشان جدًا)، يُضاف "-ان" للتكثيف، وهذه صيغة معروفة في العربية، لكن الجذر أقدم ولكن حتى تلك اللغات كانت متقاربة في قواعد النحو وتصريف الافعال والأصوات .التي تختلف مثلا مع قواعد اللغة في عائلات لغوية أخرة. هذه هي قصة من هم العرب، برؤية منهجية علمية وتاريخية، تستند إلى الأدلة، ومحايدة، وبعيدة عن التعصب
...
أ/ محسن عزالدين البكري



#محسن_عزالدين_البكري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تختلف ألوان البشرة عند الإنسان
- تعريف بمشروع كتاب (بطاقة سفر ) من تأليفي
- لماذا نصدق العلم
- بيان ملكية فكرية لمشروع كتاب ولادة جديدة أول كتاب يؤلف بواسط ...
- سلسلة ملاحظات 13
- سلسلة ملاحظات 12
- سلسلة ملاحظات 11
- سلسلة ملاحظات 9
- سلسلة ملاحظات (10)
- مغيرة المناخ ،،،،
- الشاعر كيان مستقل بذاته
- عمى الجهل
- دستور القبيلة
- القيود
- دعني أخبرك عن فلسطين 2
- الرشيقة
- صباح الورد ياطفلة
- بنية الكون-سلوك عجيب وكون من نوع آخر
- المال
- أفزع الفقر غرامي


المزيد.....




- ما هي القاذفة الأمريكية الشبح -بي-2- التي تعول عليها إسرائيل ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي: دمرنا نصف منصات إطلاق الصواريخ الإي ...
- تحمل اسم -باقري-.. العثور على حطام مُسيّرة إيرانية في جنوب ...
- إسرائيل.. حريق هائل وإصابات في استهداف صاروخي إيراني لمدينة ...
- فيديوهات الذكاء الاصطناعي تتنبأ بحرب عالمية ثالثة بطريقة ساخ ...
- إسرائيليون يفرون من القصف إلى الخارج عبر الأراضي المصرية
- الإعلامي السوري موسى العمر يعلن عن استثمارات ضخمة في جبل قاس ...
- حسّون في بلا قيود: إسرائيل من أقوى الدول النووية لكنها دولة ...
- خبير عسكري: إيران تستخدم صواريخ نوعية ومتطورة يصعب اعتراضها ...
- تمارين القوة.. سلاح ذكي لوقف زيادة الوزن المصاحبة لانقطاع ال ...


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محسن عزالدين البكري - اللغة العربية عبر التاريخ .. وهيمنتها الممتده من الخليج إلى المحيط