أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!














المزيد.....

-المسألة اليهودية- .. لم تُحل!


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 18:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


لطالما شكّلت ما يُعرف تاريخيًا بـ"المسألة اليهودية" مصدر توترٍ عميق في التاريخ الأوروبي، وتحوّلت من أزمة داخلية تعكس فشل أوروبا في استيعاب مواطنيها من أتباع الديانة اليهودية، إلى كارثة عالمية حين تم تصديرها إلى أرض فلسطين.
بهذا، تحوّل العالم من مشكلة واحدة تتعلق بالاندماج وحقوق الإنسان في أوروبا، إلى مأساة مركّبة تُعرف اليوم على نحو مُضللِّ بالقضيتين: اليهودية والفلسطينية! لكن الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون، هي أن ما يعاني منه العالم اليوم، وخاصة أوروبا والدول العربية، ليس "قضية فلسطينية" بالمعنى الجوهري، بل استمرار لأزمة يهودية أوروبية لم تُحل في موطنها الأصلي، فالقضية الفلسطينية ليست إلا انعكاساً للمشكلة الأصلية: فشل أوروبا في التعامل مع اليهود كمواطنين، ومحاولة تصدير هذا الفشل إلى أرض ليست لها!
منذ العصور الوسطى وحتى بدايات القرن المنصرم، واجه اليهود في أوروبا، حصراً، اضطهاداً دينياً وتهميشاً اجتماعيا وعزلاً اقتصاديا، لم تكن هذه المسألة دينية بحتة، بل ارتبطت أيضاً بالبُنى القومية الناشئة في أوروبا والتي لم تكن قادرة على استيعاب الأقليات كجزء من نسيجها القومي، وقد بلغ الاضطهاد ذروته، فيما يدّعيه اليهود والغرب، بجريمة المحرقة (الهولوكوست)، التي ارتكبتها ألمانيا النازية، وأودت بحياة ملايين اليهود.
وفي محاولة للهروب من هذه المأساة، ظهرت الحركة الصهيونية كدعوة لإقامة وطن قومي لليهود، ليس في أوروبا، بل في أرض فلسطين، مستندة إلى وعود استعمارية أوروبية أبرزها وعد بلفور عام 1917.
وبدلًا من معالجة المشكلة داخل حدودها الجغرافية والثقافية، اختارت أوروبا ومعها الولايات المتحدة تصدير المسألة اليهودية إلى الشرق العربي، وهكذا تحوّلت فلسطين، التي كانت تحت الانتداب البريطاني، إلى مختبر لحل أزمة أوروبية عبر خلق أزمة جديدة لشعب آخر.
عام 1948، وهو عام النكبة العربي، أُعلن عن قيام دولة الاحتلال "إسرائيل" على أنقاض مدن وقرى فلسطينية دمّرتها العصابات الصهيونية، في واحدة من أفظع عمليات التطهير العرقي في العصر الحديث، لم يُحل بذلك الهاجس الأمني والوجودي لليهود، بل وُلدت مأساة جديدة اسمها "القضية الفلسطينية"، والتي في جوهرها ليست سوى نتيجة مباشرة لفشل الغرب في حل المسألة اليهودية على أرضه.
فالفلسطينيون لم يطالبوا بأكثر من حقهم في العيش في وطنهم، وهم ليسوا أصحاب أزمة وجودية أو دينية أو قومية، على العكس، الأزمة الأصلية كانت وستبقى أزمة يهودية أوروبية تم تفريغها قسراً في فلسطين.
والحل الفلسطيني واضح ومباشر: الاعتراف بالحقوق الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني، ووقف الاحتلال والاستيطان، وقيام دولة فلسطينية مستقلة، ما يُعقّد الأمر ليس "تعقيد القضية الفلسطينية"، بل عدم استعداد الغرب للاعتراف بأن مشكلته الأصلية ما زالت قائمة ولم تُحل جذرياً.
أوروبا والولايات المتحدة مسؤولتان عن النكبتين: الأولى حين فشلتا في استيعاب اليهود كمواطنين، والثانية حين قررتا أن علاج هذا الفشل يكون على حساب شعب أعزل في أرضٍ لا علاقة له بأخطاء الغرب، ولا يمكن تبرئة الضمير الغربي من خلق مأساة مزدوجة تستمر فصولها حتى اليوم.
لقد خلقت أوروبا والولايات المتحدة مأساة مركبة حين حاولتا "حل" مسألة عبر خلق أخرى، وتفكيك التشابك بينهما، ومعالجة هذا الإرث المركّب، بحاجة لحل عادل، يتضمن الاعتراف الأوروبي الكامل بمسؤوليته عن نقل الأزمة إلى فلسطين، وإعادة طرح المسألة اليهودية كقضية أوروبية داخلية لم تُحل بعد، يجب معالجتها في السياق الأوروبي والغربي.
وكذلك الضغط الغربي الفعلي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء نظام الفصل العنصري، وفصل الدعم لإسرائيل عن عقدة الذنب الأوروبي، وربطه بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم التاريخية المستقلة وعاصمتها القدس.
العالم اليوم لا يعاني من "قضية فلسطينية" بقدر ما يعاني من أزمة يهودية تم إسقاطها على أرضٍ ليست طرفاً فيها، ولن تنعم البشرية بسلام حقيقي دون معالجة الجذر التاريخي لهذه الأزمة، بشكل يُعيد الحقوق لأصحابها، ويضع حداً للاستيطاني الحديث باسم الأمن والتاريخ.
بكلمات أوضح: لن تُحل المسألة اليهودية إلا حين يُعترف بأنها لم تُحل أصلاً، وأن محاولات تفريغها في فلسطين خلقت كارثة أخلاقية وإنسانية وحضارية ممتدة، وحلُّ هذه الأزمة لا يبدأ في غزة أو رام الله، بل في بروكسل ولندن وباريس وواشنطن.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجيا الإنهاك والإنهاء: عندما تتحول السياسة إلى فيلم
- قوس السقوط الحضاري: -القوّة العمياء- في مواجهة حتميّة مع مرآ ...
- -نُخب القيادة- وجدليّة التغيير في الوعي العربي
- -قرن الإهانة العربي-: لماذا نهضت الصين ولم ينهض العرب؟!
- -العرب- بين فكرة القومية ومأزق الحريّة!
- حين دمّرت بريطانيا الشرق: الوجه الآخر لحضارة العنصريّة!
- -التديّن الإمبريالي-: حين تُصبح الحروب مقدّسة!
- حين تحدث الفلاسفة بالعربية: أثر الإسلام في الفلسفة الغربية
- الصين والولايات المتحدة: إدارة النفوذ بين الاحتواءِ والصراعِ
- بين -عبقرية المكان وانتقام الجغرافيا- نظرة -كابلان وحمدان- ل ...
- الأردن وهواجس -ترامبسفير- غزة الخيارات الوطنية لمواجهة المخط ...
- الأردن وريادة دعم حقوق ذوي الإعاقة إنجازات مشرّفة.. ونماذج إ ...
- مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومستقبل البحث العلمي الرقمي: ا ...
- طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار
- -المجمع الصناعي العسكري- الأمريكي وتجارة الحروب
- ما بعد -الطوفان- .. مصير الكيان والمنطقة!
- انحياز النظام الغربي ضد الإنسانية !
- -هولوكوست- غزة وجريمة الصمت العربي والدولي !
- -طوفان الأقصى- والعدوان على غزّة: سياقات الصراع وسيناريوهات ...


المزيد.....




- رئاسة سوريا تصدر بيانا حول السويداء والدرزية وقبائل البدو
- تعويض ب10 مليارات.. ترامب يصعّد ضد صحيفة وول ستريت جورنال لز ...
- بريطانيا تنضم إلى أحدث حزمة عقوبات أوروبية ضد روسيا
- لماذا تهدد روسيا بحظر تطبيق واتساب؟
- القضاء البرازيلي يفرض قيودا مشددة على بولسونارو وواشنطن تهدد ...
- ترامب يقاضي قطب الإعلام روبرت مردوخ وصحيفة وول ستريت جورنال ...
- ما دلالات تحذيرات أنقرة لقوات قسد؟ وكيف تترجمها تركيا عمليا؟ ...
- هل نحتاج إلى مساحيق البروتين لبناء عضلات أقوى وجسم سليم؟
- ألمانيا ـ نسبة تلاميذ المدارس بخلفيات مهاجرة تثير زوبعة سياس ...
- إسرائيل وسوريا يتفقان على وقف إطلاق النار والاشتباكات مستمرة ...


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسر قطيشات - -المسألة اليهودية- .. لم تُحل!