أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي غريب - تداعيات الإفراط في المرونة السياسية مع حركات التمرد














المزيد.....

تداعيات الإفراط في المرونة السياسية مع حركات التمرد


قصي غريب

الحوار المتمدن-العدد: 8400 - 2025 / 7 / 11 - 13:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد ينظر إلى التسامح الرشيد والتساهل المحسوب من جانب السلطة الشرعية مع حركات التمرد باعتباره نهجاً وطنياً يهدف إلى احتواء الصراع وتجنب استخدام العنف، وذلك سعياً لتحقيق مصلحة وطنية عليا.
ومع ذلك، فإن التسامح الزائد والتساهل المفرط، لا سيما في غياب الضوابط الواضحة والمحاسبة العادلة، يؤدي إلى نتائج عكسية وعواقب سياسية وأمنية وخيمة على المديين القصير والطويل.
وفيما يلي، سنسلط الضوء على تداعيات الإفراط في المرونة السياسية مع المتمردين:
1 - تقويض هيبة الدولة وإضعاف سيادة القانون
إفراط السلطة الشرعية في المرونة السياسية مع المتمردين، وتغاضيها عن الخروقات القانونية الجسيمة، غالباً ما يفسر على أنه ضعف، أو تهاون، أو عجز عن الرد. وهذا الفهم يشجع المتمردين على تصعيد أنشطتهم وتوسيع نطاق تمردهم، مما يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات والعنف، وانتشار الفوضى، وزعزعة الاستقرار العام في الدولة. ويقلل هذا النهج من احترام السلطة الشرعية والقانون، ويهز مبدأ العدالة، ويضعف ثقة المواطنين في النظام القانوني. فعندما لا تقابل أعمال التمرد بالحزم المطلوب، تتلاشى هيبة الدولة وتتراجع قدرتها على فرض القانون والنظام. ويبعث هذا الأمر برسالة سلبية للمواطنين مفادها أن الدولة غير قادرة على حمايتهم أو فرض سيادتها، مما قد يدفع بعضهم للتعاون مع المتمردين أو حتى الانضمام إليهم.
2 - تشجيع التمرد وتكراره
إن غياب العواقب الواضحة والرادعة على المتمردين، والذي ينجم عن سياسة الإفراط في المرونة السياسية من جانب السلطة الشرعية، يشكل حافزاً خطيراً يدفع أطرافاً أخرى لتبني مسار التمرد تحقيقاً لمطالبهم أو أجنداتهم. وهذا النهج يرسخ فكرة أن بالإمكان التمرد دون خوف من المحاسبة، مما يؤدي إلى تكرار الحركات المتمردة أو انتشارها. وهذا الوضع يمثل سابقة خطيرة تفتح الباب واسعاً أمام موجات جديدة من الاضطرابات والعنف والفوضى، وبالتالي زعزعة الاستقرار العام في الدولة. فإذا تمت مكافأة المتمردين بمنحهم مناصب أو امتيازات، فقد يرى البعض أن العصيان هو الطريق الأسرع للحصول على النفوذ أو المكاسب، وهذا يلحق ضرراً بالغاً بوحدة المجتمع. فقد ينظر إلى التسامح الزائد والتساهل المفرط مع فئة متمردة على أنه انحياز أو مسايرة غير عادلة، مما يشعر باقي المواطنين بالظلم أو التمييز، ويفضي إلى توترات داخلية تقوض النسيج الاجتماعي وتهدد السلم الأهلي.
3 - انتهاك حقوق المواطنين الأبرياء وإهمال حقوق الضحايا
يدفع المواطنون العاديون غالباً الثمن الأكبر جراء أعمال التمرد، سواء كان ذلك من خلال العنف المباشر، أو تدمير البنية التحتية الحيوية، أو تعطيل الخدمات الأساسية التي لا غنى عنها. فالإفراط في المرونة السياسية مع المتمردين يعني ضمنياً التسامح والتساهل مع الأضرار الجسيمة التي يلحقونها بالمجتمع ككل وبحقوق الأفراد الأبرياء بشكل خاص. وفي حالات التمرد العنيف، حيث يسقط ضحايا أبرياء، يمكن أن ينظر إلى تسامح السلطة الشرعية المفرط وتهاونها على أنه تجاهل مؤلم لمعاناتهم. وهذا التجاهل لا يؤدي فقط إلى شعور عميق بالظلم وعدم الإنصاف بين المتضررين وعائلاتهم، بل يثير أيضاً موجات من الغضب الشعبي تجاه الأطراف المتسببة في الأزمة وتجاه السلطة التي تبدو متساهلة.
4 - تأخير الحلول السياسية
قد ينبع الإفراط في المرونة السياسية من قبل السلطة الشرعية من رغبة مشروعة في إتاحة المجال للحلول السياسية السلمية. ومع ذلك، فإن هذا النهج قد لا يسهم في تسريع تلك الحلول، بل قد يؤخرها بشكل غير مقصود. فالمتمردون، في غياب الضغوط الكافية والعواقب الرادعة، قد لا يرون أي حاجة ملحة للتفاوض أو تقديم التنازلات، مما يعيق التوصل إلى تسوية سياسية دائمة.
5 - التنازل عن المبادئ الوطنية الأساسية
في سياقات معينة حرجة، قد تجد السلطة الشرعية نفسها أمام ضغوط تدفعها لتقديم تنازلات تتعارض جوهرياً مع المبادئ الوطنية الأساسية، وذلك في محاولة لاسترضاء المتمردين. ويتجلى هذا الخطر بشكل خاص في الموافقة على شروط ومطالب مجحفة تتصل بالدستور ومعاييره، والتي لا تهدد فقط وحدة كيان الدولة، بل تسعى لتأسيس كيانات شبيهة بـدولة داخل الدولة. ومثل هذه التنازلات لا تقوض السيادة الوطنية فحسب، بل تمثل سابقة خطيرة ذات تداعيات بعيدة المدى على استقرار الدولة وكيانها المستقبلي.
6 - خلق ملاذات آمنة للإرهابيين والمجرمين
يشكل الإفراط في المرونة السياسية من جانب السلطة الشرعية مع المتمردين عاملاً يحول المناطق التي يسيطرون عليها إلى بيئة خصبة لملاذات آمنة للجماعات المسلحة والإجرامية. وهذا التساهل لا ييسر فحسب عمليات تجنيد الأفراد وجمع الأموال عبر الأنشطة غير القانونية، بل ويمكن هذه الجماعات من تدبير الهجمات الإرهابية والتخطيط لها في غياب الرقابة الفعالة، مما يهدد الأمن والاستقرار ويتجاوز حدود هذه المناطق.
7 - تحول الدولة إلى دولة فاشلة
إن السلطة الشرعية التي تفشل في بسط سيادتها الكاملة على أراضيها أو تعجز عن احتواء التمرد ضمن حدودها، غالباً ما ينظر إلى الدولة على أنها كيان فاشل وهي غير قادرة على الحفاظ على مقوماته كوحدة سياسية واقتصادية قابلة للحياة. هذا الفشل يرسخ صورة لدولة غير مستقرة، وعاجزة عن حماية مصالحها الأساسية أو مصالح شركائها الدوليين. ويترتب على هذا الوضع تداعيات سلبية خطيرة على الصعيد الدولي، إذ يقوض الثقة فيها في الساحة الدولية، ويؤثر سلباً على الاستثمارات الأجنبية، والمساعدات الدولية، والعلاقات الدبلوماسية. وهذا التدهور في العلاقات الخارجية لا يعكس ضعفاً عميقاً في قدرة الدولة على أداء وظائفها السيادية فحسب، بل يهدد مكانتها في النظام الدولي بشكل كبير.
في الختام، بينما يعد الحوار والحلول السلمية مع المتمردين جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات تحقيق المصلحة الوطنية، إلا أن الإفراط في المرونة السياسية معهم يتجاوز هذا الإطار، ليقود إلى نتائج كارثية تهدد استقرار الدولة ووحدة كيانها.



#قصي_غريب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقل وسلوك استعماري
- البحث عن المكانة والشهرة
- التضليل !
- الايديولوجيا ركن من أركان الدولة
- سوريا ليست دولة أقليات وفسيفساء أو موزاييك!
- الهَذَّاء
- هوية الأغلبية في الدستور لا تعني انتهاك حقوق الأقليات
- شعوبية تتغلف باليسار !
- الدساتير لا تكتب بالرغبات
- الحسكة ودير الزور والرقة أهمية اقتصادية وقيمة بشرية !
- صاحب الهوى
- مشروع اعلان دستوري
- ثقافة انعزالية جديدة متجددة
- الفسابكة الجدد
- الدولة المدنية
- كواليس لقاء صلاح البيطار مع حافظ الأسد!
- أدعياء العلمانية !
- الذريعة والأجير في السياسة الأميركية !
- تهافت الحل السياسي في سورية بناء على جنيف 1
- محامي الشيطان


المزيد.....




- تامر حسني يصدر ألبوم -لينا معاد- بعد أيام من التأجيل
- أحدث دويًا عاليًا.. مغامر قفز مظلي يرتطم بخطوط كهرباء قبل سق ...
- حظر التعامل مع -القرض الحسن- لحزب الله.. مبعوث أمريكا يعلق ع ...
- الجيش السوري يدخل السويداء والطيران الإسرائيلي يقصفه
- وفاة المؤثرة المغربية سلمى تيبو بعد عملية جراحية اضطرت لإجرا ...
- عيد ميلاد لامين يامال الـ18 يثير جدلا واسعا بحضور ذوي التقزم ...
- عواصف شديدة تسبب فيضانات عارمة في نيويورك ونيوجيرسي
- ألبانيزي تشيد بمؤتمر بوغوتا حول فلسطين: أهم تطور سياسي خلال ...
- العدل ينتصر.. تأييد إدانة زعيم مافيا هدد الكاتب الإيطالي ساف ...
- في دراسة حديثة.. علماء يتنبؤون بـ-موعد- نهاية الكون!


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي غريب - تداعيات الإفراط في المرونة السياسية مع حركات التمرد