أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - في محبة القصة القصيرة














المزيد.....

في محبة القصة القصيرة


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 20:15
المحور: الادب والفن
    


بقلم: إدريس الواغيش
..........
وصل إلى علمي أن جمعية "أصدقاء المعتمد" بشفشاون قررت تأجيل مهرجانها الشعري هذه السنة، (وقيل كذلك) أن السبب يعود إلى عدم حصولها على الدعم المالي "الكافي". هذا القرار في حد ذاته أزعجني، وهو يعطي الانطباع بأن الدعم المالي و"الكافي" كان أكثر أهمية للجهة المنظمة من الشعر والمهرجان، وإن كان الأمر في حد ذاته مؤسفا ومدانا من حيث المبدأ. وبصفتي شاعرا مغربيا، لن أتردد في إدانة الجهات المانحة والداعمة، لعدم التزامها بدعم مهرجان شعري مغربي أصيل، كان من مؤسسيه شاعران مغربيان ورائدان، هما: عبد الكريم الطبال والراحل محمد الميموني.
وليس غريبا أيضا، في هذه المرحلة بالذات، أن تنحاز ميزانيات الجهات الداعمة في ربوع المملكة إلى تمويل ودعم مهرجانات التفاهة. ولا عجب في ذلك، لأن الهم الأكبر لهذه الجهات "المانحة" من أموال الشعب والأطراف "الداعمة" من أموال الدولة في الوقت الراهن هو الانتخابات وأصواتها، والاستوزار في الحكومة المقبلة، ولا شيء غيرها..!!
وما دام الشيء بالشيء يذكر، دعونا نرى الأشياء من زاوية أخرى إيجابية ومختلفة، وأنا أستحضر ما رأته عيني في مهرجان بلقصيري الأخير للقصة القصيرة من عزيمة وصبر بالغين لدى أعضاء وعضوات الجمعية المنظمة، وإصرار كبير على إنجاح أشهر وأقدم مهرجان قصصي بالمغرب، رغم غياب "الدعم المالي"، حتى لا أقول داء "الكافي".
القصة القصيرة في أولها وآخرها عمر، والعمر مجرد رقم، ليس بالضرورة أن يكون دعما ماليا، و"كافيا" وربما"سمينا"، تتقلص أو تتمدد أرقامه. ولأن فعل السرد ربما عكس كلام الشعر، يتوق إلى نهايات قصص خيالية أو واقعية، واضحة أو ملتبسة، تطول أو تقصر. كما أعمارنا بدورها التي لا تختلف في شيء عن قصصنا، تركض لاهثة وراءها في نوع من العبث بصفته نظرية فلسفية، تحتار بين حسن النية وحتمية النتيجة.
أذكر أنه ذات سنة بعد الأربعين بقليل، كنت هناك في بلقصيري من بين أصغر القصاصين، وها أنا اليوم أحضره، وقد تجاوزت الستين سنة من عمري، ولولا أنقذني حضور صديقي الجميل القاص الفيلسوف عبد السلام الجباري، لكنت هناك أكبر من اعتلى منصة مهرجان هذه السنة، لكي يقرأ قصته القصيرة. وبين أول مهرجان وطني حضرته في بلقصيري، وآخر مهرجان ودعته فيها، رحلة عمر ليست بالقصيرة. حضرت فيها أسماء وغابت عنا أخرى، لم يعد لها وجود في عالمنا.
بعد الانتهاء من فعاليات مهرجان بلقصيري القصصي، يبدأ على الطرف الآخر، تفكير في تصريف ما تبقى عالقا من فائض شعوري أو لا شعوري، وترتيب كتلة من الأحاسيس المبعثرة، بقيت عالقة في الذهن. أحاسيس فوضوية الملامح تنبجس عادة في مكان مختلف، بعيدا عن ضوضاء القصة أو صمتها في بلقصيري، وهو ما حدث معي في خلوة رفيعة، وأنا جالس خلف فنجان قهوة، أرتب المنفلت من تلك اللحظات الهاربة أو الغير مرغوب فيها في أحد المقاهي.
"القصة نبتة الظل"، كما وصفها القاص الزاهد في عشق القصة أحمد بوزفور، يسطحها الغرور ويزعزعها الانصياع لليقينيات، ولولا واقعيتها وتواضع أهلها والمنتسبين إليها، لما استطاعت أن تزهر في حرارة قاربت الخمسين درجة هذه السنة. القصة فعل عابر لتاريخية الأزمنة ورمزية الأمكنة بغرض التأثير في مجريات التاريخ، ولولا وجود هذه القصص القرآنية والإنسانية، لما كنا عرفنا شيئا عن التاريخ الإنساني.
القصة عمر محاصر بالجبهات، والعمر مجرد رقم يوقعك في شراكه المنصوبة، وفعل انفلت من الماضي يتوق إلى نهايات قصص ملتبسة المعاني في المستقبل، بين واقعية سحرية وخيال يتماوج بين الاستعارة والمجاز.
أعمارنا هي الأخرى، لا تختلف في شيء عن قصصنا في طولها وقصرها، تهرول بنوع من العبث إلى ما بعد الأربعين. أذكر أنني كنت يوما هناك يوما أصغر القصاصين، وها أنا أحضر في يوم مختلف، وقد تجاوزت الستين، لولا أنقذتني فلسفة صديقي القاص الجباري، وأنا أستمع إلى واحدة من أجمل قصصه.
قال لي الدكتور علي القاسمي الأستاذ الجامعي والكاتب والمتجم العراقي المقيم بالمغرب، ونحن جلوس يوما في أحد أماسي فاس الصيفية الجميلة، نستمع إلى حكمه ونستمتع بظرافته على رصيف الشارع ذات سنة: "حضرت مرة صالون أدبي مغربي، دأبت على تنظيمه الأديبة والفنانة التشكيلية الزهرة الزيراوي في منزلها بالدار البيضاء، وإذا بي أرى شبانا وشابات يخدموننا بخفة النحل ودقة حركية النمل. وحين سألت، قيل لي أنهم مهندسون وأطباء أبناء الزهرة.."، وأضاف في فخر واعتزاز وذهول، قال لي أحد هؤلاء البررة:" لنا كل الفخر سيدي الفاضل أن نكون في خدمة الأدباء والأديبات، أنتم ضيوف وضيفات أمنا الزهرة..".
استحضرت بدوري كلام القاسمي، وأنا أرى بعيني عبد الجليل الشافعي، جمال الفقير، بنعيسى الشايب، عبد الهادي حسني، محمد الشايب، محمد الحاضي، وغيرهم ممن لا تحضرني الآن أسماؤهم، وأنا أستسمح منهم، يخدمون القصاصين والقصاصات بكل تفان وتواضع، وهم طلاب وأساتذة جامعيون وقصاصون مبدعون ونقاد أدب، وأكثر من ذلك، البعض منهم يحمل معه درجة دكتوراه من إحدى الجامعات المغربية. وكم أخجلتني الصديقة المبدعة والأستاذة الجامعية ثريا بدوي، رئيسة جمعية النجم الأحمر منظمة المهرجان، وهي تتفانى في خدمة ضيوف المهرجان بنفسها، وتقول لضيوف المهرجان بصدق: نحن هنا في خدمتكم، ماذا يلزمنا فعله من أجلكم..؟
هذه الأسباب وغيرها، جعلت من مهرجان مشرع بلقصيري للقصة القصيرة كعبة ومحجا للقصاصين والقصاصات المغاربة والعرب، بالرغم من غياب "الإمكانيات" وتلك"الكافية". وتحولت القصة القصيرة فيه من "نبتة الظل"، كما وصفها القاص السي أحمد بوزفور، إلى عشبة القبار أو الكبار ( Copparis Spinosa) التي تنمو عادة في البيئة الرطبة، ولكنها "شعشعت" وأينعت هذه السنة، وأصبحت" حرشة" في درجة حرارة فاقت ال47 درجة..!!



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان بلقصيري للقصة يحتفي بتجربة أبو يوسف طه
- أورَاقُ الرّومي المَنسِيّة
- إسرائيل وإيران.. الموت من أجل الحياة
- فاس تحتفي بمؤسس جائزتها للثقافة والإعلام عبد السلام الزروالي ...
- حُجَا وسُوء تنظيم احتفاليَة فاس الكروية
- ملتقى فكري حول جمالية البيئة بفاس
- مهرجَان السّرد يُنهي أشغاله في أبركان
- مهرجان أبركان للسرد يصل نسخته الثامنة
- الزين، في الثمانين..!!
- الكُرْهُ بالتّرَاضي في عَالم لا يُحتمَل...!!
- مَعهدُ صُروح بفاس يَحتفي بتجربَة السّفير الشّاعر الشّميري
- في حَضْرَة مَولانا الشّاعر عبد الكريم الطّبال
- مَشاهدُ من مَعرض الرّباط للكتاب- 2025
- أَإِلى هذا الحَدّ، بحارُنا تُرهبهُم ومَوانِئُنا تُخيفُهم...! ...
- متى يرفع تلاميذنا الكتاب عوض -الشاقور-..؟
- الطريق إلى الوجه العزيز
- تأشيرة الوداع إلى العزلة
- الأدب المغيب في الأعمال التلفزيونيية
- صوفيا، حفيدتي يا أمي..!!
- مسرحية نكاز تنتهي قبل أن تبدأ في مراكش..!! بقلم: إدريس الواغ ...


المزيد.....




- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - في محبة القصة القصيرة