أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كوره جي - الرسائل المطوية في خطاب -النصر- للمرشد الأعلى خامنئي















المزيد.....

الرسائل المطوية في خطاب -النصر- للمرشد الأعلى خامنئي


حميد كوره جي
(Hamid Koorachi)


الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 23:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يهدف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الايرانية، علي خامنئي، من خلال تركيزه في خطابات النصر على الأمة الإيرانية وتاريخها العريق، بدلاً من التركيز الصريح على "الأمة الإسلامية" أو "الأمة الشيعية"، إلى تحقيق أهداف متعددة، أبرزها تعزيز الوحدة الوطنية وكسب الدعم الداخلي. هذا التحول الخطابي يعكس استراتيجية ذكية تهدف إلى التكيف مع التحديات الداخلية والخارجية. وبلا أدنى أن ايران تعرضت إلى ضربة قاصمة للظهر من قبل إسرائيل، سرعان ما استوعبتها وذلك لعمقها الإستراتيجي وتدابيرها المحنكة ومساحتها الشاسعة ونفوسها الكبير.

الرسائل الخفية في خطاب آية الله خامنئي
تعزيز الوحدة الوطنية والدعم الداخلي
من خلال التركيز على الهوية الإيرانية وإنجازاتها التاريخية، يستطيع خامنئي استقطاب شرائح واسعة من المجتمع الإيراني، بمن فيهم أولئك الذين قد لا يكونون مرتبطين بقوة بهوية مذهبية معينة أو حتى بالدين بشكل عام. هذا النهج يرسخ شعوراً بالفخر الوطني المشترك، متجاوزاً الانقسامات الدينية، ويقدم إيران كدولة تعمل لصالح شعبها بدلاً من كونها مجرد زعيم لطائفة دينية. هذا له أهمية استراتيجية في خلق تماسك داخلي وتحسين الصورة الدولية.

استقطاب القوميين الإيرانيين
لطالما شهدت إيران توترات بين الأيديولوجيا الإسلامية الثورية والقومية الإيرانية التقليدية. باستدعاء "التاريخ المجيد" و"الأمة الإيرانية"، يوسع خامنئي قاعدة دعمه لتشمل شرائح علمانية وقومية قد تشعر بالتهميش من الخطاب الديني البحت. هذا يعزز الوحدة الوطنية، خاصة في أوقات الضغط الداخلي أو الخارجي، ويسمح للنظام بتقديم نفسه كحامي للمصالح الوطنية والتراث التاريخي لإيران، وليس مجرد سلطة دينية.

رسائل موجهة للغرب والولايات المتحدة
تفسير آخر لخطاب خامنئي هو رغبته في طمأنة الغرب والولايات المتحدة. بتأطير "الانتصار" من منظور وطني والتركيز على القوة الداخلية، قد تكون هناك رسائل ضمنية مفادها:
• عدم التوسع (خطابياً على الأقل): تخفيف التركيز على "تصدير الثورة الإسلامية" لصالح التركيز الوطني يمكن أن يُفهم كإشارة إلى أن أولويات إيران تنصب على الاستقرار الداخلي والتنمية الوطنية بدلاً من التوسع الإقليمي العدائي. هذا قد يسهم نظرياً في تقليل التوترات مع القوى الغربية.
• الانشغال الداخلي: يشير التركيز على الشؤون الوطنية إلى أن إيران منشغلة أساساً بتحدياتها الداخلية وتقدمها، مما يمكن اعتباره محاولة لإظهار أن النظام لا يسعى بنشاط لخوض صراعات خارجية أو زعزعة استقرار المنطقة عبر حروب الوكالة، على الرغم من أن تحركاته على الأرض قد تشير إلى خلاف ذلك.
• استعراض القوة الوطنية كرادع: تسليط الضوء على صمود إيران التاريخي وقوتها الوطنية يمكن أن يعمل كرادع ضمني ضد أي تدخل خارجي، عبر إبراز قدرة البلاد على الدفاع عن نفسها ووحدتها.

التركيز على الاستقرار الداخلي
تُعد إشارة خامنئي إلى توقف "تصدير الثورة الإسلامية"، خاصة بعدها المسلح، وانشغاله بالشؤون الداخلية، تفسيراً محورياً. على الرغم من أن دستور الجمهورية الإسلامية ينص على دعم المسلمين المضطهدين عالمياً، إلا أن اعتبارات الواقع العملي غالباً ما تفرض منح الأولوية للداخل. يمكن تفسير التركيز على القضايا المحلية كرد فعل على:
• التحديات الاقتصادية: تواجه إيران ضغوطاً اقتصادية كبيرة نتيجة العقوبات وسوء الإدارة الداخلية، وبالتالي فإن منح الأولوية للتنمية الوطنية والاستقلال الذاتي يعني التركيز على استقرار الداخل.
• الاضطرابات الاجتماعية: شهدت إيران موجات متتالية من الاحتجاجات والسخط الاجتماعي. التأكيد على الوحدة الوطنية والتركيز الداخلي يمكن أن يشكل محاولة لمعالجة هذه الهشاشة الداخلية والدعوة للتكاتف.
• تكلفة الانخراط الإقليمي: يعد الحفاظ على الوكلاء والتدخل في النزاعات الإقليمية مكلفاً. وقد يعكس تغيير لهجة الخطاب باتجاه الأمور المحلية إعادة تقييم لهذه النفقات لصالح الاحتياجات الداخلية.

مقارنة مع تحول ستالين القومي
يشبه التوجه الخطابي الأخير لخامنئي توجه ستالين نحو القومية الروسية خلال الحرب العالمية الثانية. فقبل الحرب، تبنى الاتحاد السوفييتي أيديولوجية شيوعية دولية صارمة. لكن مع اجتياح النازيين عام 1941، لجأ ستالين إلى استدعاء الوطنية الروسية العميقة، مستلهماً رموزاً وأبطالاً تاريخيين مثل "الأم روسيا" لتعبئة الدعم الشعبي، وخفف من اضطهاد الكنيسة الأرثوذكسية لتوحيد الجبهة الداخلية.
كحال ستالين، يواجه خامنئي تحديات داخلية (ضغوط اقتصادية وسخط اجتماعي) وخارجية. باللعب على وتر الهوية الإيرانية المشتركة، التي تسبق الثورة الإسلامية وتشمل طيفاً أوسع من الإيرانيين (بما فيهم العلمانيون ومختلف المجموعات العرقية)، يمكن تعزيز التماسك الوطني وتقليل الانقسامات الداخلية.
التحول نحو القوة الناعمة يعكس توجهًا استراتيجيًا يعيد تشكيل أولويات السياسة الخارجية لإيران، حيث يبدو أن التخلي عن التركيز الأحادي على "تصدير الثورة" أو تعزيز التضامن المذهبي الشيعي، والاستعاضة عنه بإبراز المصالح الوطنية الإيرانية، يشير إلى رغبة واضحة في تحقيق استقرار داخلي أكبر وتعزيز التنمية المستدامة. هذه المقاربة الجديدة على ما يبدو تهدف إلى تخفيف حدة الطابع الأيديولوجي المتشدد الذي ساد لفترة طويلة في السياسة الخارجية الإيرانية، وبدلاً من ذلك، قد تكون تكتيكًا للتهدئة يبتعد تدريجيًا عن الاعتماد المفرط على أساليب القوة الصلبة التقليدية.

من خلال تحويل الانتباه نحو الإرث الثقافي الإيراني الغني والإنجازات الوطنية التي تشكل مصدر فخر داخلي وخارجي، يتم تعزيز الأسس للقوة الناعمة، وهي القوة القائمة على الجذب والإقناع عبر أدوات مثل الثقافة والقيم السياسية والسياسات المنصفة. هذه القوة تسعى لتقديم صورة أكثر جاذبية لإيران، بدلًا من الاعتماد الكلي على حلول عسكرية أو إيديولوجية. تجدر الإشارة إلى أن إيران لطالما استفادت من عناصر القوة الناعمة على مدى تاريخها، إلا أن الإعلان عن تركيز موسع نحو هذا النهج قد يكون إشارة إلى رغبة في إعادة تعريف حضورها وتأثيرها على الساحة الدولية.

في السياق ذاته، التوازن بين قوة السلاح والقوة الناعمة يبدو بمثابة توجه يمزج بين الحفاظ على الهيبة العسكرية والأمنية وبين تعزيز التأثير الإنساني والثقافي. فعلى الرغم من أن قوة الجمهورية الإسلامية ارتبطت تقليديًا بقدراتها الصلبة، كالحرس الثوري وجهازها الأمني وشبكة الوكلاء العسكريين، فإن تغيّر الخطاب نحو التركيز على الفخر الوطني والتنمية الداخلية لا يعني بالضرورة تقليص هذه القدرات أو استبعادها، بل قد يعكس نية في إعادة تقديمها بصورة متوافقة مع دور الأمة الواثقة والقوية والمتعددة الأبعاد.

هذا الخطاب الجديد لا يخفي طابعه البراغماتي؛ فهو يسعى لاستثمار موارد القوة الصلبة لتحقيق أهداف استراتيجية موجهة بعناية بينما يُعزز في الوقت ذاته أدوات القوة الناعمة كرافعة للتأثير الإقليمي والدولي. الهدف هنا هو تسهيل كسر الحواجز الدولية التي تعيق تقدم العلاقات والدبلوماسية، وتهيئة المناخ لتحقيق مصالح طويلة الأمد عبر مزيج متوازن بين الدبلوماسية والقوة الثقافية والاقتصادية. إذا استطاعت إيران تحسين صورتها كدولة مستقرّة وقادرة داخليًا مع تقديم نفسها كقوة إقليمية متفهمة وذات حضارة غنية، فإن هذا قد يعزز شرعيتها ويزيد من جاذبيتها الإقليمية والدولية على حساب سياسات الإكراه.

ولكن ينبغي التوقف عند النقطة المهمة التي تقول إن التحولات الخطابية غالبًا ما تكون ذات أبعاد متعددة وموجهة إلى شرائح جمهورية مختلفة – داخلية، إقليمية ودولية – بحيث يكون لكل طرف تفسير خاص لهذه الإشارات بما يتماشى مع مصالحه ونظرته الخاصة. هنا يبرز سؤال محوري حول قدرة إيران على ترجمة هذه الرسائل إلى سياسات تنفيذية واضحة ومؤثرة، وهو العامل الذي قد يحدد نجاح هذا النهج المخطط له.

إن التركيز الجديد على القوة الناعمة والإرث الثقافي لا يعد بالضرورة تخليًا عن القوة الصلبة بأي شكل بل يبدو وكأنه مسعى لاستكمال الأدوار التقليدية للقوة العسكرية عبر تعزيز عناصر التأثير الناعم لخلق صورة أكثر تكاملًا لإيران كدولة قوية برؤية حضارية وبقدرة على التعاون والانخراط البناء في محيط مضطرب مليء بالتحديات. ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤتي ثمارها يعتمد إلى حد كبير على التنفيذ العملي لها ومدى استقبال الجيران الإقليميين لهذا التحول الجديد وسط تعقيدات السياسة في المنطقة.



#حميد_كوره_جي (هاشتاغ)       Hamid_Koorachi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه الحرب الحقيقي: دعوة إلى الصمت والتأمل
- الاقتصاد السوفيتي: نموذج فريد يتجاوز التصنيفات التقليدية
- مثقفات ايرانيات والصراع بين الكوجيتو والوحدة في زمن الحداثة، ...
- الهولوكوست الجديد لنتنياهو: من الإبادة الجماعية المباشرة في ...
- كيف ينبغي أن يكون موقف الحزب الشيوعي والشيوعيين من الأدب وال ...
- إرث رضا شاه: لوحة معقدة من التناقضات
- عنف لم نألفه في لوس أنجلوس
- هل الإعلام مرآة للواقع أم أداة لتشكيله؟
- أسباب الفظائع وتجريد الإنسان من إنسانيته
- كيف يحتفل القوميون بانتصار الحقبة السوفيتية التي يمقتونها؟
- هل المترجم إنسان؟
- لماذا لم تحقق الولايات المتحدة أهدافها في أوكرانيا؟
- الاتحاد الأوروبي على مفترق طرق: تحديات الرأسمالية العالمية و ...
- ألف ليلة وليلة: نافذة الشرق الساحرة على الخيال الغربي
- دمية أحمد: قصة أمل وحب متجدد
- فارس الروح
- الخليج الفارسي أم العربي، ليست تلك هي المسألة
- التنين الصيني قد يغمض لكن لا ينام
- عبقرية تشيخوف في قدرته الفذة على استكشاف أبعاد النفس البشرية
- الرأسمالية وتطبيع الاستغلال والكوارث الإنسانية


المزيد.....




- مسلسل -Scrubs- يعود بنجومه الأصليين
- بحضور الشرع.. سوريا توقع اتفاقية -امتياز- مع موانئ دبي العال ...
- ماذا قال نتنياهو عن موقف -حماس- من صفقة وقف إطلاق النار والر ...
- -حنظلة- تشق طريقها من صقلية إلى غزة.. محاولة جديدة لكسر الحص ...
- عقيدة بيغن: -حق إسرائيل في أن تملك وحدها السلاح النووي-
- الاتحاد الأوروبي يطالب بـ -حلٍّ عادل- في قضية الرسوم الجمركي ...
- ألمانيا: 300 كيلوغرام من الكبتاغون في محل بيع خضروات
- مارايكه ماير.. اسم نسائي لامع في سباقات الأربعة جياد
- روسيا تعلن السيطرة على بلدتين بدونيتسك وزيلينسكي يدعو الغرب ...
- إعادة فتح الحدود بين أوغندا والكونغو تثير جدلا بشأن تمويل ال ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كوره جي - الرسائل المطوية في خطاب -النصر- للمرشد الأعلى خامنئي