أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حميد كشكولي - كيف يحتفل القوميون بانتصار الحقبة السوفيتية التي يمقتونها؟














المزيد.....

كيف يحتفل القوميون بانتصار الحقبة السوفيتية التي يمقتونها؟


حميد كشكولي
(Hamid Koorachi)


الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 13:59
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


قد يبدو احتفال روسيا بانتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، بينما يمقت القوميون الروس الاتحاد السوفيتي السابق، تناقضًا غريبًا. لكن هذا التناقض ليس إلا انعكاسًا لتعقيدات الهوية الروسية وتطورها، خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية. لقد غيرت هذه الحرب الاتحاد السوفيتي من كيان أممي إلى دولة قومية، ما سمح للقوميين الروس بالاندماج في هذه الهوية الجديدة.

قبل الحرب العالمية الثانية، كان **القوميون الروس** غالبًا جزءًا من "الجيش الأبيض" الذي قاوم الثورة البلشفية، أو مهاجرين هربوا من النظام السوفيتي، أو معتقلين في معسكرات العمل (الغولاغ). كانت هويتهم القومية مرتبطة بشكل وثيق بالتاريخ القيصري والأرثوذكسية، وتعارض الأيديولوجية الأممية للبلاشفة.

لكن بعد الحرب، شهدت هويتهم تحولًا جذريًا. فبدلًا من أن يكونوا خارج النظام، أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج المجتمعي السوفيتي. اندمج الكثير منهم في هياكل الدولة والحزب، حيث عملوا كرواد شيوعيين أو أعضاء في الحزب. هذا الاندماج يثير تساؤلًا مهمًا: كيف يمكن لأفراد عادوا النظام السوفيتي أن يصبحوا جزءًا منه ويتبنوا جوانب من هويته الجديدة؟

"الحرب الوطنية العظمى" وتأثيرها الأيديولوجي

شكلت الحرب العالمية الثانية، التي تعرف في روسيا بـ "الحرب الوطنية العظمى"، نقطة تحول محورية غيرت الأيديولوجية السوفيتية نفسها. قبل الحرب، كان يُنظر إلى الاتحاد السوفيتي ليس كدولة قومية، بل كقاعدة انطلاق للثورة العالمية. كانت "الأيديولوجية الأممية" تتعارض صراحة مع القومية الروسية القديمة ورموزها (على سبيل المثال، لم يكن للضباط في الجيش الأحمر رتب عسكرية تقليدية).

مع انتهاء الحرب، تحول الاتحاد السوفيتي إلى دولة ذات طابع قومي واضح. أصبح الانتصار في الحرب مصدرًا لفخر وطني هائل، ما سمح بإعادة ربط التاريخ الروسي. أصبح من المقبول الفخر بالانتصارات السابقة على القوى الأجنبية (مثل نابليون والسويد)، بل واعتُبر الاتحاد السوفيتي الوريث الشرعي للإمبراطورية الروسية. هذا التحول لم يقتصر على الداخل السوفيتي فحسب، بل امتد تأثيره ليشمل المهاجرين الروس البيض، الذين بدأوا في تقبل الاتحاد السوفيتي كـ "روسيا الجديدة" بعد هذا الانتصار، خصوصًا بعد إعلان العفو العام عن المهاجرين بعد الحرب.

بعد الحرب، أصبح القومي الروسي على الأغلب "وطنيًا مؤيدًا للاتحاد السوفيتي". ومع ذلك، كانت هناك استثناءات بارزة، مثل ألكسندر سولجينيتسين، الذي استمر في معارضته للإلحاد السوفيتي وتمسكه بالأرثوذكسية. هذه الاستثناءات تؤكد على تعقيد الهوية القومية في تلك الفترة.

لقد تغيرت الأيديولوجيات بشكل جذري مع الحفاظ على مظاهرها الخارجية. هذا ما حدث مع "الشيوعية في الاتحاد السوفيتي". فقد تحولت من أيديولوجية يسارية أممية راديكالية تدعو إلى المساواة إلى أيديولوجية يسارية قومية محافظة تتسم بالبيروقراطية، وكل ذلك تحت "الراية الحمراء نفسها".

كما شهد الكومنترن (الأممية الشيوعية) تحولًا كبيرًا من التمسك الصارم بالثورة البروليتارية العالمية إلى نهج أكثر براغماتية يركز على المصالح الوطنية والتحالفات، حتى مع أنظمة متناقضة. فبعد خطه المتطرف في (1928-1934) الذي ساهم في صعود النازية، تحول الكومنترن إلى سياسة "الجبهة الشعبية" في عام 1935، داعيًا إلى تحالفات واسعة لمحاربة الفاشية.

وقد أدى غزو ألمانيا للاتحاد السوفيتي عام 1941 إلى ترسيخ هذا التحول. وأصبحت الحرب "حربًا وطنية عظمى"، تركز على البقاء والوحدة الوطنية. تم حل الكومنترن رسميًا عام 1943، جزئيًا كبادرة تجاه الحلفاء الغربيين وجزئيًا لأن المصالح الوطنية السوفيتية أصبحت هي الأولوية.
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت السياسة الخارجية السوفيتية وتأثيرها على الأحزاب الشيوعية أكثر اندفاعًا بالبراغماتية والصراع البارد ضد الإمبريالية الغربية. كان الهدف إضعاف النفوذ الغربي وتوسيع القوة السوفيتية عبر دعم الحركات المناهضة للاستعمار والقومية في دول العالم الثالث، بغض النظر عن أيديولوجياتها الداخلية أو معاملتها للشيوعيين المحليين.

من الأمثلة المثيرة للاهتمام الدعم السوفيتي لزعماء مثل جمال عبد الناصر في مصر، وبعض الأنظمة الجمهورية، ومصطفى كمال أتاتورك في تركيا، وحتى الشاه في إيران (في فترات معينة)، رغم اضطهاد هذه الأنظمة للشيوعيين المحليين. هذه الاستراتيجية كانت مدفوعة بعدة عوامل رئيسية، منها مناهضة الغرب إذ كانت العديد من الزعامات القومية مناهضة للغرب وتسعى لتقليل نفوذ القوى الاستعمارية السابقة، ما جعلها حلفاء طبيعيين وإن كانوا إشكاليين أيديولوجيًا في الصراع العالمي. كما سعى الإتحاد السوفيتي عبر دعم هذه الأنظمة القومية إلى زعزعة الكتل الغربية وخلق مناطق نفوذ جديدة.
وقد رأى الاتحاد السوفيتي أن الدول الخارجة من الاستعمار يمكنها تجاوز المرحلة الرأسمالية والتوجه مباشرة نحو "الاشتراكية" والتي هي في الواقع "رأسمالية الدولة" ، حتى لو كانت تقودها قوى غير شيوعية.
فرضت الحرب العالمية الثانية واقعًا جديدًا على الحركة الشيوعية العالمية. لقد اضطر الاتحاد السوفيتي والأحزاب الشيوعية الأخرى للتكيف مع ضرورة الدفاع عن الوطن، وبناء الدول، وإدارة المجتمعات، مما أدى إلى تراجع تدريجي للمبادئ الأممية والطبقية لصالح التركيز على المصلحة الوطنية والهوية القومية. هذا التحول هو ما يفسر التناقض الظاهر بين احتفال روسيا بانتصار الحقبة السوفيتية، رغم العداء الذي يكنه القوميون الروس للاتحاد السوفيتي السابق.



#حميد_كوره_جي (هاشتاغ)       Hamid_Koorachi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المترجم إنسان؟
- لماذا لم تحقق الولايات المتحدة أهدافها في أوكرانيا؟
- الاتحاد الأوروبي على مفترق طرق: تحديات الرأسمالية العالمية و ...
- ثأثير ألف ليلة وليلة على الأدب والفن العالمي
- دمية أحمد: قصة أمل وحب متجدد
- فارس الروح
- الخليج الفارسي أم العربي، ليست تلك هي المسألة
- التنين الصيني قد يغمض لكن لا ينام
- عبقرية تشيخوف في قدرته الفذة على استكشاف أبعاد النفس البشرية
- الرأسمالية وتطبيع الاستغلال والكوارث الإنسانية
- علاقة الفكر والعمل
- الاستبداد الناعم
- العواقب الوخيمة لمقولة -كيفما تكونوا، يولّى عليكم-
- الساموراي الأخير عربيّا
- التسريبات لا تصدم أحدا قرأ التاريخ
- لم تكن لدى ماركس وصفات الطبخ للمستقبل
- قراءة رواية -الأمّ- في العصر الرقمي
- الحاكم الإله والقانون الإلهي في الشرق
- أسباب التوهم بقوة جيوش الأنظمة الديكتاتورية
- صناعة الاستشهاد


المزيد.....




- ضجة يشعلها المستشار الألماني بكشف -وثيقة- عن جد ترامب بلقاء ...
- بعد تصريحات ماسك الصادمة.. شاهد كيف رد ترامب مع استمرار السج ...
- ذكّر بهروبه من سوريا.. أول رد من محمود خليل أمام القضاء الأم ...
- فيديو يظهر لحظة وقوع غارات إسرائيلية عنيفة في الضاحية الجنوب ...
- المناخ يهدد المواشي، فهل يصبح الأضحى بلا أضحية؟
- لماذا تضاعفت الاعتداءات المعادية للسامية في ألمانيا؟
- -التزاوج القاتل-.. سلاح غير تقليدي يقضي على البعوض ويحارب ال ...
- -هدية العيد- من السلطات السورية الجديدة لعوائل جنود وضباط من ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل تمساحا للاشتباه بكونه ديناصورا! (صور) ...
- فولودين: زيلينسكي شخصيا مسؤول عن الهجمات الإرهابية ضد المدني ...


المزيد.....

- نعوم تشومسكي حول الاتحاد السوفيتي والاشتراكية: صراع الحقيقة ... / أحمد الجوهري
- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حميد كشكولي - كيف يحتفل القوميون بانتصار الحقبة السوفيتية التي يمقتونها؟