أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد كشكولي - الساموراي الأخير عربيّا















المزيد.....

الساموراي الأخير عربيّا


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 01:06
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


فيلم الساموراي الأخير، الذي صدر عام 2003 من إخراج إدوارد زويك وبطولة توم كروز، يروي قصة نيثن ألغرين، النقيب الأمريكي الذي يجد نفسه متورطًا جسديًا وروحيًا في صراع مع محاربي الساموراي. تدور أحداث الفيلم في أعقاب فترة استعادة الإمبراطور ميجي لليابان خلال القرن التاسع عشر. استوحت القصة من أحداث ثورة ساتسوما عام 1877 التي قادها سايغو تاكاموري، كما استلهمت من تأثير التغريب الذي فرضته القوى الاستعمارية على اليابان، حيث ركّز الفيلم بشكل كبير على الدور الأمريكي في هذا التغريب بغرض جذب الجمهور الأمريكي المستهدف.
استندت أحداث الفيلم أيضًا جزئيًا إلى حياة جولز برونيه، النقيب الفرنسي الذي قاتل طويلاً إلى جانب إنوموتو تاكييكي في حرب البوشين، بالإضافة إلى قصة المرتزق الأمريكي فريدريك تاونسند وارد، الذي ساهم في تغريب الجيش الصيني عبر تشكيل فرقة الجيش المنتصر دائمًا. الفيلم ممتع وغني بالمعاني والمغزى التاريخي، حيث يعكس مرحلة حاسمة في تاريخ اليابان حين انتصرت الحداثة المدعومة بالتقدم التكنولوجي على التقاليد الراسخة.
إنه عمل سينمائي غني ومتميز يمزج بين الحركة والإثارة والتأمل في التحولات الاجتماعية والثقافية التي عاشتها اليابان في القرن التاسع عشر. استُمد الفيلم من أحداث تاريخية واقعية مثل ثورة ساتسوما وتأثير التغريب على الهوية اليابانية. يبرز في العمل شخصية نيثن ألغرين وطريقة تفاعله مع ثقافة الساموراي، مسلطاً الضوء على الصراع المستمر بين التقليد والحداثة، وهو صراع لا يقتصر على اليابان وحدها، بل شمل العديد من المجتمعات في تلك الحقبة.
تجسد شخصية الساموراي في الفيلم رمزاً للقيم التقليدية كالشرف والولاء، التي تتباين بشكل جوهري مع القيم الفردية والمادية التي يمثلها الغرب. يفتح الفيلم مجالاً للتفكير في تأثير التغريب على الطابع الوطني الياباني، وكيف سعت اليابان جاهدة للحفاظ على إرثها الثقافي رغم التحديات القادمة من الخارج. وقدّم توم كروز أداء مميزاً وعميقاً، حيث نجح في تجسيد شخصية نيثن ألغرين بمهارة وصدق، مما أضاف أبعاداً إضافية لتجربته الدرامية.

فيلم الساموراي الأخير يقدم تصورًا معقدًا ومتوازنًا حول مفهوم التقدم والتطور. فهو لا يتبنى التحديث بشكل عشوائي ولا يضفي قدسية مفرطة على التقاليد. بل يقدم دراما إنسانية عميقة تسلط الضوء على الصراع بين الهويات والتحولات الاجتماعية التي لا يمكن تجنبها. يوضح العمل أن التقدم التكنولوجي والعسكري لا يعني دائمًا تحقيق تطور على المستوى الإنساني أو الأخلاقي.
الساموراي، رغم اعتمادهم على أسلحة تقليدية، يجسدون قيمًا نبيلة مثل الشرف، الولاء، والتضحية بالنفس، وهي قيم قد تضيع بسهولة في خضم السعي المحموم للمجتمعات الحديثة نحو التطور السريع. يركز الفيلم أيضًا على حقيقة تاريخية تشير إلى أن التغيير جزء حتمي من مسيرة الحياة. والتشبث بالماضي بكامل تفاصيله يُعد أمرًا غير واقعي وغير ممكن. من خلال شخصية البطل ناثان ألغرين، يُظهر الفيلم كيف يكون الفرد عالقًا بين عالمين متناقضين، مما يعكس الصراع الداخلي الذي يواجه الكثيرون في ظل التحولات الكبرى.

يحترم البطل روح تقاليد الساموراي، مع إدراكه العميق لأهمية التحديث. هذه التركيبة المعقدة تدفع المشاهد للتأمل في إيجاد توازن دقيق بين الحفاظ على الهوية الثقافية ومواكبة متغيرات العصر. يبرز الفيلم الثمن الباهظ الذي يُدفع من أجل تحقيق التقدم، حيث يعرض مشاهد تمتزج فيها العنف والصراعات الملازمة لأي تحول اجتماعي كبير. تتميز نهاية الفيلم بطابعها المفتوح، مما يمنح المشاهد حرية تفسير الأحداث وفق وجهة نظره الخاصة وصياغة تصوراته الشخصية.
كما أن الشخصيات لا تُجسد المثالية المطلقة أو الشر المطلق، بل تظهر كبشر يتصرفون بناءً على مخاوفهم وآمالهم، مما يضفي طابعًا واقعيًا وإنسانيًا على السرد. ورغم التركيز على التحولات والصراعات، يولي الفيلم اهتمامًا خاصًا للقيم الإنسانية الأساسية التي تتجاوز حدود الزمان والمكان. فيلم "الساموراي الأخير" يقدم دعوة للتفكير بعمق حول طبيعة التغيير والتقدم، وكيف يمكننا الموازنة بين الحفاظ على جوهر ثقافتنا وتراثنا وبين التكيف مع ضرورات العالم الحديث.
الأفلام التاريخية، مثل فيلم الساموراي الأخير، تلعب دورًا مهمًا في تشكيل تصوراتنا عن الماضي. لكن يبقى التساؤل: هل تسهم هذه الأفلام في صون التراث الثقافي أم تسهم في تشويهه؟ هذا موضوع معقد يتطلب دراسة متأنية لفهم أبعاده. تُسهم الأفلام التاريخية في إعادة إحياء أحداث وعصور قد تكون غابت عن ذاكرة الناس أو مجهولة بالنسبة للكثيرين، ما يجعلها بمثابة نافذة تطل على حقب زمنية سابقة.

هذا الأمر يزيد من فضول المشاهدين ويدفعهم للبحث والتعمق لتوسيع معرفتهم. كما تلعب هذه النوعية من الأفلام دورًا في تعريف الجماهير بمختلف الثقافات والحضارات، مما يعزز روح التسامح ويقوي روابط التفاهم بين الشعوب. إضافة إلى ذلك، الأفلام التاريخية قد تُلهم الشباب وتحثهم على دراسة التاريخ واكتشاف جذورهم وتعزيز ارتباطهم بماضيهم.

لجذب الجمهور، تميل الأفلام التاريخية في كثير من الأحيان إلى تبسيط الأحداث والشخصيات، وهو ما قد يؤدي إلى تشويه الحقيقة التاريخية. غالبًا ما تُركّز هذه الأفلام على الجوانب الدرامية والمثيرة، متجاهلة الأبعاد المعقدة والمتشابكة للتاريخ. أحيانًا تضفي بعض الأفلام طابعًا رومانسيًا أو بطولةً مبالغًا فيها، مما يخلق تصورًا مثاليًا وغير دقيق عن الماضي.
لقد قدم فيلم "الساموراي الأخير" رؤية قوية حول صدام الثقافات والتحولات الاجتماعية التي شهدتها اليابان خلال القرن التاسع عشر. كما أبرز القيم الأساسية للساموراي مثل الشرف والولاء. ومع ذلك، ربما يكون الفيلم قد بالغ في تقديم بعض الجوانب الدرامية ولم يعكس بعمق كامل تعقيدات تلك الحقبة الزمنية.

الأفلام التاريخية تعد وسيلة فعّالة تجمع بين التثقيف والترفيه، لكنها تتطلب درجة من الحذر في تناولها. من الضروري أن نفهم أن هذه الأفلام هي في الأساس أعمال فنية تخضع لتأثيرات إبداعية وتجارية، مما يجعلها غير متطابقة مع الحقيقة التاريخية بشكل كامل أحيانًا. لتقييم ما تقدمه هذه الأفلام من معلومات، ينبغي التحقق من مدى تطابقها مع الوقائع عبر الرجوع إلى مصادر تاريخية موثوقة. كما يجب فهم الغاية التي يسعى إليها صانع الفيلم، سواء كان يسعى إلى عرض تصور دقيق للأحداث أم تقديم رؤية فنية مبتكرة.

ومن المهم أيضًا مراعاة السياق الثقافي والاجتماعي الذي أُنتج الفيلم فيه، إلى جانب استيعاب القيم والمعتقدات التي انعكست على العمل في تلك الفترة. رغم أن الأفلام التاريخية تمثل بداية مشوقة لاستكشاف الماضي، إلا أنه لا ينبغي الاعتماد عليها كمصدر وحيد للمعلومات. لا بد أن نتعامل معها بعين ناقدة، وأن نبذل جهدًا للتحقق من الحقائق قبل قبولها كمعطيات ثابتة.

إن مقارنة الصراع بين التقليد والحداثة في اليابان خلال القرن التاسع عشر بالصراعات الثقافية المعاصرة تتيح رؤية معمّقة للتحديات التي تواجه المجتمعات في عصر العولمة. ورغم مرور ما يزيد على قرن من الزمن، إلا أن هناك نقاط تشابه جوهرية بين الحقبتين، مع وجود اختلافات لا يمكن تجاهلها. في كلتا الحالتين، يظهر التوتر بين الرغبة في حماية الهوية الثقافية والتراث من جهة، والانفتاح على الأفكار والتقنيات الجديدة من جهة أخرى. سواء كانت القوى الاستعمارية في القرن التاسع عشر أو ضغوط العولمة في الوقت الحالي، فإن العوامل الخارجية تسهم بشكل كبير في صياغة هذه التوترات.
وقد تظل المخاوف من أن يؤدي التحديث إلى فقدان الخصوصية الثقافية أو تآكل القيم التقليدية قائمة. ومع ذلك، يسعى الأفراد والمجتمعات عبر التاريخ إلى إيجاد صيغة توازن تمكّنهم من الحفاظ على تراثهم مع استيعاب الجوانب المفيدة للتجديد والانفتاح على العالم.
في القرن التاسع عشر، كان التحديث يرتكز بشكل أساسي على التطورات الصناعية والتكنولوجية، في حين أن التحديث في عصرنا الراهن أصبح يشمل أيضًا تغييرات اجتماعية وثقافية ورقمية واسعة النطاق. التغيرات في القرن التاسع عشر كانت تتم بوتيرة أبطأ، مما أتاح للمجتمعات وقتًا أطول للتكيف معها. أما في زمننا الحاضر، فإن سرعة التغيرات قد تصاعدت بشكل ملحوظ، ما يجعل عملية التأقلم أكثر تعقيدًا وتحديًا. اليوم، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا جوهريًا في نقل الأفكار وتعزيز النقاشات حول الصراعات الثقافية. كما ازداد الوعي العالمي بالتنوع الثقافي، الأمر الذي ساهم في تعزيز التعاطف ودعم القضايا الثقافية المختلفة على نطاق أوسع.

تعتبر شخصيات يحيى السنوار والساموراي الأخير رمزًا لمقاومة التغريب والغربنة في سياقات مختلفة. يمثل يحيى السنوار، كأحد قادة حركة حماس، المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال والهيمنة الغربية. أما الساموراي الأخير، فيمثل روح المقاومة اليابانية ضد التأثيرات الغربية في فترة التحولات السريعة في القرن التاسع عشر.

وُلِد يحيى السنوار في غزة عام 1967 وأصبح بعد مقتل إسماعيل هنية في طهران قائدًا لحركة حماس حيث يعتبر رمزًا بارزًا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ركز جهوده على مواجهة الاحتلال عبر الجمع بين العمل العسكري والسياسي. وكحال العديد من التيارات القومية العربية، وقف السنوار ضد مظاهر التغريب التي يرى فيها تهديداً للهوية الفلسطينية والعربية. شدد على أهمية الحفاظ على الثقافة والتراث الفلسطيني كنهج أساسي في مواجهة التحديات. عكس ذلك هويته الفلسطينية القوية وسعيه المستمر لتعزيز الحس الوطني لدى الشعب الفلسطيني، مما يجسد نهجاً صلباً في مقاومة الضغوط الغربية.

الساموراي الأخير يعبر عن مرحلة مهمة في تاريخ اليابان، خاصة خلال حقبة ميجي (1868-1912)، التي شهدت تحولات جذرية في المجتمع الياباني بفعل التأثيرات الغربية. يجسد هذا المصطلح مقاومة التحديث الغربي والاندماج الثقافي، حيث سعى الساموراي حينها للمحافظة على التقاليد اليابانية في وجه التغيرات السريعة. كان التغريب يُعتبر تهديدًا للهوية الثقافية اليابانية، مما دفع الساموراي إلى التشبث بقيم الشرف والولاء والحفاظ على العادات الراسخة. تمثل شخصية الساموراي الأخير جوهر الهوية اليابانية الأصيلة، مع التأكيد على دور التقاليد في مواجهة التيارات الخارجية.
على الجانب الآخر، يرى القوميون العرب واليسار القومي في يحيى السنوار رمزًا للمقاومة في سياق الاحتلال والصراع العربي الإسرائيلي، بينما كان الساموراي الأخير يمثل تحديًا للتحولات الثقافية والاجتماعية التي فرضها الغرب على اليابان. أسس السنوار مقاومته على العمل المسلح والنضال السياسي، في حين اعتمد الساموراي على التمسك بالقيم الثقافية والتقاليد كوسيلة للحفاظ على الهوية. كان السنوار ينظر إلى الغرب كتهديد للحقوق الفلسطينية، كما كان الساموراي يعتبر الغرب خطرًا على الثقافة اليابانية.
كلتا الشخصيتين تجسدان هوية ذات عمق وقوة، حيث يعبر يحيى السنوار عن الهوية الفلسطينية، بينما يمثل الساموراي جوهر الهوية اليابانية. يمكن النظر إلى كل من السنوار والساموراي الأخير كرموز للمقاومة الثقافية والسياسية ضد التغريب. كلاهما يسطر أهمية الحفاظ على الهوية والتراث في مواجهة الضغوط الخارجية، مما يوحي بالدور المحوري الذي يلعبه التاريخ والتقاليد في بلورة مسارات الصمود والمقاومة.
تتشابه مقاومة العرب واليابانيين للتغريب في جوانب عدة، رغم الفوارق الثقافية والتاريخية الواضحة بينهما. العرب يسعون جاهدين للحفاظ على هويتهم عبر التمسك باللغة العربية وتعزيز الأدب والفنون والتراث الشعبي، في حين حاول اليابانيون حماية ثقافتهم من التأثيرات الغربية عبر إحياء الفنون القتالية كالكاراتيه والحرف اليدوية التقليدية التي تعكس أصالتهم.
حركات المقاومة مثل حماس وحزب الله وغيرها تمثل شكلاً من أشكال التصدي السياسي والاجتماعي ضد الاحتلال والتأثير الأجنبي، مع التركيز على قضية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والدعوة إلى تعزيز الوحدة العربية. وبالمثل، شهدت اليابان حركات مقاومة كالساموراي، الذين عارضوا التحديث الغربي وسعوا للحفاظ على النظام الإقطاعي وتراثهم الثقافي في وجه التحولات المتسارعة.

يواجه المجتمع العربي تحديات التحديث التي تعكس التوتر بين التقاليد والحداثة، حيث يسعى البعض إلى التمسك بالقيم التقليدية في خضم تداعيات العولمة. خلال القرن التاسع عشر، شهدت اليابان مقاومة للتحديث الغربي، إذ حاول الساموراي الحفاظ على قيم الشرف والولاء في مواجهة التحولات السريعة التي اجتاحت المجتمع الياباني. وعلى الرغم من تلك المقاومة، حدث تفاعل مع الغرب، تضمن استيعاب بعض الجوانب الثقافية والتكنولوجية، مما أسهم في تشكيل هويات جديدة.
بدورهم، لجأ اليابانيون إلى نوع من الاستيعاب الانتقائي لما يناسبهم؛ فاستفادوا من بعض عناصر الثقافة الغربية، مثل التكنولوجيا المتقدمة، مع الحرص على صيانة قيمهم التقليدية. في السياق العربي، يظهر عمق الانتماء للأرض والثقافة من خلال مظاهر المقاومة، ما يعكس ولاءً قويًا للأمة. مفهوم الولاء للوطن وللتقاليد يُعد مكونًا جوهريًا في الهوية اليابانية أيضًا، ويتجلى ذلك من خلال رفضهم الكامل للذوبان في التأثيرات الغربية. تُبرز تجارب كلٍ من العرب واليابانيين نمطًا مشتركًا في مواجهة التغريب والسعي للحفاظ على الهوية الثقافية. إن تفاعلهم مع التحديث واعتمادهم على رموزهم الثقافية يعبر عن إرادة راسخة للتمسك بالإرث والتقاليد أمام تحديات العولمة والضغوط الخارجية.
مقاومة العرب لظاهرة التغريب تنبع من عدة عوامل ثقافية، اجتماعية، سياسية، واقتصادية. فاللغة العربية تعد رمزًا أساسيًا للهوية الثقافية، ويحرص العرب على الحفاظ عليها باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من تراثهم وهويتهم. كما يركزون على حماية القيم والتقاليد الاجتماعية والدينية التي تشكل جزءًا جوهريًا من ثقافتهم، مثل العادات الأسرية والشعائر الدينية.
مرت العديد من الدول العربية بتجارب استعمارية غربية تركت وراءها شعورًا بالرفض تجاه القوى الغربية، ما عزز الرغبة في مقاومة أي محاولات للهيمنة الثقافية. إلى جانب ذلك، ساهم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والصراعات في مناطق أخرى في إشعار العرب بخطر التغريب، الذي قد يؤدي إلى إضعاف السيادة الوطنية وتعزيز التبعية على مختلف المستويات.


حملت العولمة معها تأثيرات ثقافية واجتماعية تُعد غير مألوفة بالنسبة للمجتمعات العربية، مما دفع الكثيرين إلى التصدي لهذه التحولات في سبيل الحفاظ على هويتهم التقليدية.
يسود القلق من أن التغريب قد يترك آثارًا سلبية، مثل تفكك الأسرة وتغير القيم المجتمعية، الأمر الذي يدفع العديد من الأفراد إلى مقاومة هذه التأثيرات. القيم الإسلامية تشكل جزءًا أساسياً من الهوية العربية، ولهذا يرى كثير من العرب أن التغريب يشكل تهديداً مباشراً لهذه القيم، ما يزيد من النزعة لمعارضة المظاهر الغربية التي تتناقض مع التقاليد الإسلامية.
وتُعتبر بعض أشكال التغريب عاملاً يؤدي إلى تبعية اقتصادية، إذ قد تعمل على تعزيز مصالح الدول الغربية على حساب الاقتصادات المحلية، الأمر الذي يفاقم مشاعر الرفض والمقاومة. في السياق السياسي، تظهر العديد من الأحزاب والحركات العربية موقفاً مناهضاً للتغريب، وتسعى جاهدة إلى ترسيخ الهوية الوطنية والثقافية، بما يعزز من نزعة التمسك بالخصوصية الثقافية.

كل هذه العوامل تتشابك لتخلق واقعاً معقداً من المقاومة ضد التغريب في العالم العربي. هذه المقاومة ليست مجرد استجابة للتحديات الخارجية، بل تعبر أيضاً عن رغبة أصيلة في المحافظة على التراث والهوية الثقافية، وتعزيز الشعور بالسيادة والكرامة الوطنية. وتبدو مظاهر مقاومة العرب للتغريب واضحة في مجالات متعددة، إذ يعمل الأفراد والمجتمعات جاهدين لضمان استمرارية ثقافتهم وتراثهم في عصر يشهد تحولات عالمية متسارعة.

2025-05-02



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسريبات لا تصدم أحدا قرأ التاريخ
- لم تكن لدى ماركس وصفات الطبخ للمستقبل
- قراءة رواية -الأمّ- في العصر الرقمي
- الحاكم الإله والقانون الإلهي في الشرق
- أسباب التوهم بقوة جيوش الأنظمة الديكتاتورية
- صناعة الاستشهاد
- ديالكتيك الدين ورأس المال
- ابتسامة منكسرة
- الدور الرجعي للمفكر الإيراني علي شريعتي
- دور الفرد في التاريخ، ترامب وبوتين نموذجاً
- رواية مدام بوفاري نقد لاذع للمجتمع البرجوازي الفرنسي
- الرياضة وتوجيهها المعادي للقيم الإنسانية
- الصين تزيح الولايات المتحدة عن عرشها كقائد عالمي في البحث ال ...
- جريمة القتل -الوحشي- وجريمة القتل -المتحضّر-2
- جريمة القتل -الوحشي- وجريمة القتل -المتحضّر- 1
- كابوس الأنوار
- الديمقراطية البرجوازية ووهم المشاركة
- تساؤلات حول تاريخ منشأ مكة
- لا شرقية ولا غربية، فللإنسان حقوق إنسانية
- الصمت حيال هذه الجرائم تواطؤ ضمني مع مرتكبيها


المزيد.....




- فيديو متداول لـ-تهديدات- جنود من سوريا لإسرائيل.. هذه حقيقته ...
- كيف تصاعدت الغارات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن؟ | بي بي س ...
- صاروخ حوثي في سماء إسرائيل يدخل السكان إلى الملاجئ وإصابة سي ...
- تونس: الحكم على رئيس الوزراء السابق علي العريض بالسجن 34 عام ...
- غارات إسرائيلية في سوريا والمرصد يصفها بـ -الأعنف-
- الداخلية في غزة تتوعد -عملاء الاحتلال العابثين بالأمن-
- تقرير يكشف العدد الهائل لعقوبات الغرب المفروضة على روسيا منذ ...
- الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في ...
- بعد وعكة صحية مفاجئة.. رئيس صربيا يقطع زيارته للولايات المتح ...
- الأمير هاري يفجر مفاجأة بشأن صحة الملك تشارلز


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد كشكولي - الساموراي الأخير عربيّا