أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - دمية أحمد: قصة أمل وحب متجدد














المزيد.....

دمية أحمد: قصة أمل وحب متجدد


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


في زاويةٍ من زوايا الحياة، حيث تتلاشى الأحلام أحيانًا أمام قسوة الواقع، كان أحمد يبذل قصارى جهده، يكدّ ويكدح لسنواتٍ طوالٍ في محلٍ لبيع الملابس. كان يعتقد أن هذا العمل هو ملاذه الآمن، ركيزة حياته التي لا تتزعزع. لكن يد القدر، دون سابق إنذار، أطاحت بكل شيء، ليجد نفسه فجأةً مطرودًا من عمله، مطرودًا من عالمه الذي بناه بجهده وعرقه.

انقلب عالمه رأسًا على عقب. بات يواجه بحرًا متلاطمًا من الصعوبات في إيجاد عملٍ جديد، كل بابٍ يطرقه يوصد في وجهه. غرق أحمد في دوامةٍ من الكآبة واليأس، تلتف حوله كخيوط العنكبوت، تخنق روحه وتُطفئ بريق عينيه. أدرك أن هذه الحالة لا يمكن أن تستمر، وأن عليه أن يمد يده لطلب العون.

بدأ رحلة البحث المضنية على الإنترنت عن طبيبٍ نفسي، بصيص أملٍ في عتمة أيامه. وقعت عينه على عيادة الدكتورة نورا بورج، اسمٌ بدا له وكأنه يحمل وعدًا بالشفاء. خلال جلسات العلاج، وبحسها الإنساني العميق، بدأت الدكتورة نورا تكشف عن شغفٍ دفينٍ في أعماق أحمد، شغفٌ بدُمى معينة كانت معروضةً في متجر الملابس الذي كان يعمل به. لم تكن مجرد دمى، بل كانت مفتاحًا لذكرياتٍ بعيدة، ذكّرته بأيام طفولته السعيدة، حين كان العالم يبدو ورديًا وخاليًا من الهموم، قبل أن تلوثه مرارة الخيبات.

في إحدى الجلسات، وبصوتٍ حنون، سألته الدكتورة نورا إذا ما كانت لديه صورة لدميته المحبوبة. تردد أحمد، وتلعثم، وارتسمت على وجهه علامات الحرج. فهمت الدكتورة نورا إحراجه ولم تُلحّ عليه، تاركةً له المساحة ليتجاوز تردده. لكن في جلسةٍ أخرى، كانت المفاجأة التي أثلجت صدرها: أحضر أحمد صورًا لدميته الحبيبة، وقدمها للدكتورة نورا، قائلاً بصوتٍ خافتٍ، ولكنه يحمل الكثير: "إنها يمكن أن تساعد في العلاج، إن رأيتها."

كان أحمد قد اكتشف في الجلسة الأولى شيئًا غريبًا ومدهشًا، شيئًا تجاوز حدود المنطق: الدكتورة نورا تشبه تمامًا دميته العزيزة. لم يكن مجرد تشابهٍ عابر، بل كان وكأنها تجسيدٌ حيٌ لذكرى جميلة من الماضي. هذا الاكتشاف كان كصاعقةٍ أيقظت مشاعر دفينة، مشاعر لم يكن يعلم بوجودها. وقع أحمد في حب طبيبته، حبًا عميقًا وغامرًا، حبًا نما في أعماق روحه الهشة.

في جلسة العلاج الأخيرة، والتي كانت بمثابة نقطة تحولٍ فارقة في حياة أحمد، ردد بيت شعرٍ فارسي لجلال الدين الرومي، وكأن الكلمات تخرج من أعماق قلبه:
"اگر درمان تویی دردم فزون باد" (إن كنت الدواء فليشتد دائي!)
ابتسمت الدكتورة نورا ابتسامةً رقيقة، وكأنها قرأت ما في قلب أحمد، وأكملت عجز البيت، بصوتٍ يملأه الدفء:
"اگر عشقی تو، سهمم جنون باد" (وإن كنت أنت حُبّا، فليكن نصيبي الجنون)
انشد أحمد بيتاً آخر من شعر مولانا، وكأن قلبه يتكلم، وكأن الروح تتحدث:
"صدایم کن صدای تو ترانه است
کلامت آیه هایی عاشقانه است"
(نادي عليّ، فصوتك أغانِي الروح،
وكلماتك آيات الحب).

من هذا الاكتشاف المدهش، ومن هذا التناغم الروحي الذي جمع بينهما، استلهم أحمد العزيمة والقوة التي لم يكن يعلم بامتلاكهما. قرر بدء مشروعٍ جديدٍ، مشروعٍ يلامس شغفه العميق: بيع دمى مشابهة لتلك التي أحبها. واجه صعوباتٍ وتحدياتٍ جمة في البداية، ففكرة البدء من الصفر كانت مخيفة، والمخاطر كانت كبيرة، لكنه لم يستسلم. تشبث بحلمه، مستمدًا القوة من الحب الذي نما بداخله.

وبفضل مثابرته وعمله الدؤوب، الذي لم يعرف الكلل، نجح أحمد في تأسيس متجرٍ خاصٍ لبيع الدمى. لم يجد فيه مجرد عمل، بل وجد فيه السعادة والرضا، شعورًا بالهدف الذي طالما فقده. تغلب على مشاعر الكآبة التي عانى منها طويلاً، وأشرقت روحه من جديد. خلال هذه الفترة، شعر بامتنانٍ عميقٍ للدكتورة نورا، ليس فقط كطبيبة، بل كمرشدة روحية ودعمٍ لا يقدر بثمن. نمت مشاعر الإعجاب والتقدير بينهما، لتتوج بحبٍ عميقٍ لا مثيل له، حبٌ تجاوز حدود العلاج ليصبح قصة حياة.

بعد قصة حبٍ جميلةٍ تكللت بالرومانسية، تزوج أحمد من نورا. واصل أحمد عمله في متجر الدمى، الذي أصبح جزءًا من روحه، بينما ساعدته نورا في إدارة الشركة وتطويرها، مستفيدةً من خبرتها وقدرتها على التنظيم والتخطيط. عاشا حياةً سعيدةً مليئةً بالحب والدعم المتبادل، ليثبتا للعالم أن الأمل يولد من رحم اليأس، وأن الحب الحقيقي يمكن أن يكون الدواء الشافي لأعمق الجروح، وأن الأحلام، مهما بدت بعيدة، يمكن أن تتحقق بالإصرار والعزيمة.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فارس الروح
- الخليج الفارسي أم العربي، ليست تلك هي المسألة
- التنين الصيني قد يغمض لكن لا ينام
- عبقرية تشيخوف في قدرته الفذة على استكشاف أبعاد النفس البشرية
- الرأسمالية وتطبيع الاستغلال والكوارث الإنسانية
- علاقة الفكر والعمل
- الاستبداد الناعم
- العواقب الوخيمة لمقولة -كيفما تكونوا، يولّى عليكم-
- الساموراي الأخير عربيّا
- التسريبات لا تصدم أحدا قرأ التاريخ
- لم تكن لدى ماركس وصفات الطبخ للمستقبل
- قراءة رواية -الأمّ- في العصر الرقمي
- الحاكم الإله والقانون الإلهي في الشرق
- أسباب التوهم بقوة جيوش الأنظمة الديكتاتورية
- صناعة الاستشهاد
- ديالكتيك الدين ورأس المال
- ابتسامة منكسرة
- الدور الرجعي للمفكر الإيراني علي شريعتي
- دور الفرد في التاريخ، ترامب وبوتين نموذجاً
- رواية مدام بوفاري نقد لاذع للمجتمع البرجوازي الفرنسي


المزيد.....




- راهبتان برازيليتان تحولان برنامجًا دينيًا إلى عرض موسيقي عفو ...
- براد بيت يكسر صمته بشأن إنهاء طلاقه من أنجلينا جولي
- وفاة الفنانة المغربية نعيمة بوحمالة عن 77 عاما بعد صراع مع ا ...
- فيلم -8 أكتوبر- يهاجم الاحتجاج ضد الإبادة دعما لأجندة يمينية ...
- هي ثاني أكثر اللغات انتشارا في فرنسا... ما هو واقع تعليم الل ...
- مصر.. مسؤول يحذر من خطورة -ثقافة التريند- على الأمن القومي
- راغب علامة يعلّق على زيارته للرئيس اللبناني
- من المؤثرة البريطانية نيكي ليلي التي استضافها مهرجان كان الس ...
- أسرار باريس | أشباح كواليس الأوبرا
- -التربية-: مدارسنا تحصد جوائز ومراكز متقدمة بمهرجان أفلام ال ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - دمية أحمد: قصة أمل وحب متجدد