أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!














المزيد.....

إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 20:06
المحور: الادب والفن
    


من الصعب أن نتخيّل أن الذكاء الاصطناعي، في أقصى تطوره المضطرد، قادر على التوصّل إلى نظام للتذوّق السماعي. صحيح أنه قادر على أن يكون أستاذًا في النظريات الموسيقية في المعاهد، ويُدرِّس بكفاءة “صولفيج”، لكنه سيتعرض للخديعة من أيّ عازف موسيقي، ولا يستطيع، مهما أوتي من خوارزميات معقدة، أن يتذوق الأنغام الموسيقية كما تتذوقها الأذن البشرية.
وعندما يقول عمالقة صناعة التكنولوجيا إن الذكاء الاصطناعي سيُضاهي قريبًا قدرات الدماغ البشري، فهل يقلّلون في هذا القول من شأننا كبشر؟
يعرف دماغ الإنسان كيف يتعامل مع عالم فوضوي ومتغير باستمرار عبر مشاعره أولًا، بينما تكافح التكنولوجيا لإتقان ما هو غير متوقع – التحديات، صغيرة كانت أم كبيرة – التي لا تشبه ما حدث في الماضي. عادةً ما تُكرّر الآلات أو تُحسّن ما رأته سابقًا.
ومع ذلك، وعد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، الرئيسَ الأميركي دونالد ترامب بأن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا على مضاهاة العقل البشري قبل نهاية ولاية ترامب، بينما رجّح إيلون ماسك، مستثمر المليارات في مجال التكنولوجيا، إمكانية حدوث ذلك قبل نهاية عام 2025.
في كل هذه الوعود المثيرة بشأن مستقبل مشاعر الذكاء الاصطناعي، كان عليّ أن أضعه في اختبار سماعي عبر تحليل موسيقي لقصيدة الشاعر بدر شاكر السيّاب “غريب على الخليج”، التي لحّنها طالب غالي لصوت الفنان فؤاد سالم في ثمانينات القرن الماضي، وبعد ذلك بسنوات، أعاد الفنان طالب القره غولي تلحين القصيدة نفسها لصوت سعدون جابر. واختبرتُ الذكاء الاصطناعي في مقارنة نقدية بين لحني القصيدة.
عليّ أن أعترف هنا بأن الذكاء الاصطناعي كسر كل شكوكي، وقدّم لي مقارنة موسيقية باهرة بين اللحنين. لكن، كيف لي أن أعتقد بأن قلب هذا “الذكاء” هام ولهًا بسماع الأغنيتين كالبشر وتذوّقهما قبل أن يكتب تلك المقارنة النقدية؟ ذلك ما لا يمكن التوصّل إليه.
وقد بلغ به الحال أن يقترح عليّ تحليل الجملة الموسيقية بدقة (بالدرجات أو النوتة الموسيقية)، وحتى رسم شكل بياني لحركتها النغمية!
وضع لي المقام الموسيقي للحن طالب غالي، حيث يدور بشكل أساسي في مقام البيات، مع تلوينات وانتقالات إلى الراست والسيكاه في بعض المقاطع، وذكر لي أن اللحن لا يتقدم على القصيدة، بل يسير خلفها ويعززها، كأنه “يخجل” من تجاوزها، وهو أسلوب ذكي جدًا حين تتعامل مع شاعر مثل السيّاب.
هذا كلام مثير، ولا يصدر إلا عن ناقد موسيقي متخصص!
كان الذكاء الاصطناعي فائق الذكاء وهو يحلل أداء فؤاد سالم، الذي منح اللحن بُعدًا شعريًا إضافيًا “خامته العريضة، وصبره في إخراج الجملة، وقدرته على الانتقال بين المقامات دون فقدان التوتر العاطفي، هي من أهم عناصر نجاح هذه الأغنية”.
وفي مقارنة مثيرة، ذكر لي أن لحن طالب القره غولي للقصيدة نفسها بصوت سعدون جابر، استخدم مقام الراست، مع مرور بمقامات مثل النهاوند والكرد، وهو في ذلك أكثر ميلًا إلى بنية لحنية واضحة، في اتساق مع صوت سعدون جابر السلس، الدافئ. وبالتالي، يمكن الاستماع إليها كأغنية عاطفية خارج سياق الشعر.
كما وضع نقاط القوة والاختلاف الجوهري بين اللحنين: فطالب غالي وفؤاد سالم يعاملان النص كـ “حالة وجودية”، لا كأغنية، بينما طالب القره غولي وسعدون جابر يقدّمان القصيدة بلغة الطرب العراقي الرومانسي، ويتعاملان مع النص بتكييف ذكي يُبرز العاطفة لا الفكرة الوجودية.
بعد ذلك، بوسعي القول إن هناك إغراءً للانخراط في نوع من التفكير السحري؟
لكن هذه الأنظمة ليست معجزات، بل هي أدوات مبهرة للغاية. ولا يملك العلماء أدلة قاطعة على قدرة تقنيات اليوم على أداء حتى أبسط المهام التي يقوم بها الدماغ، مثل إدراك المفارقة أو الشعور بالتعاطف. بل إن هناك إجماعًا على تسمية ذلك بـ”التفكير الحالم”، وفق نِك فروست، مؤسس شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي، والذي عمل سابقًا باحثًا في غوغل وتدرّب تحت إشراف أبرز باحثي الذكاء الاصطناعي في الخمسين عامًا الماضية، حيث يقول “التكنولوجيا التي نبنيها اليوم لا تكفي لتحقيق ذلك. ما نبنيه الآن هو تقنيات تستوعب الكلمات وتتنبأ بالكلمة التالية الأكثر احتمالًا، أو تستوعب وحدات البكسل وتتنبأ بالنقطة التالية الأكثر احتمالًا. وهذا يختلف تمامًا عما نفعله أنا وأنت”.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟
- ماذا تبقى من مرونة إيران السياسية
- الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر
- لعنة العراق أم متلازمة صدام!
- لهيثم الزبيدي وجع الدموع في مآقيها
- ترامب لعبة لا تبعث على الملل
- شاعر لم يعرض عن عراقيته
- رعد بركات: لا غناء إلا للعراق
- رصيد ياسمين بلقايد لا ينضب
- إعلام دولة رئيس الببغاء!
- تأنيث ضمير اللغة
- كاظم الساهر يعيد مجد أغنية الأمهات
- تغييب التلاوة البغدادية
- ألا تكفي خمس جوائز أوسكار!
- تدليس مفهوم الدولة عند نوري المالكي
- استحواذ على ملكيتنا الفكرية
- أوروبا الرجل الطيب أم المريض


المزيد.....




- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!