أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - -قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية دامي عمر...-















المزيد.....



-قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية دامي عمر...-


فاطمة شاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 01:38
المحور: الادب والفن
    


النص : الشاعرة المغربية دامي عمر
القراءة :فاطمة شاوتي
1_
النص :

"هناكَ ما ينقصُ المشهدَ كيْ يكونَ قيامةً حقيقيةً
ما زالتِ الطيورُ تفقصُ بيوضَها
وأنت تسرقُ من البكاءِ لحظاتٍ
تُشذّبُ شجرةَ الخوخِ..
و تبحثُ في صمتِ حبيبتكَ عن بابٍ مواربٍ
كيْ تنثرَ بتلاتِ الجورِي الأحمرِ
..
هناكَ ما ينقصُ الظلالَ كيْ تكونَ جلابيبَ ليلٍ طويلٍ
خيطٌ من شعاعٍ يتمرجحُ بينَ سرْوتينِ
جناحُ نورسةٍ يلوحُ أبيضَ كفكرةٍ منقدةٍ
كمنديلِ حبيبتكَ
تلوحُ لكَ بالتأييدِ
ابتسامةُ صبيٍّ يأكلُ بوظةً بنكهةِ النوجَا
....
هناكَ ما ينقصُ القصيدةَ كيْ تكونَ مرثيةً جماعيةً
الشاعرُ يبحثُ عنْ مرادفِ" أحبكِ"
فيجدُ
"أهيمُ فيك" ،مرادفًا وأكثرَ
خطُّ الإبدالِ مازالَ ممتدًّا بينَ خفقاتِ القلبِ
"أنَا "ما تزالُ تعنِي" نحنُ" حينَ نتحدثُ عنْ بعضنَا
أكتبُ "أعانقكَ" فتسقطُ بيْننَا ا المسافاتُ
أبحثُ عنكَ في الحلمِ فأجدكَ بينَ ذراعيَّ
القصيدةُ حمالةُ اشواقٍ
و الكلماتُ فواكهُ في موسمِ القطافِ
....
هناكَ ما ينقصُ المكانَ كيْ يكونَ هاويةً
المنحدرُ منْ أسفلِ مرتفعٍ
لا زواحفَ في عشبِ غابةٍ شذبتهَا الحروبُ
أسندكَ وتسندنِي ..ولَا نسقطُ في الْجحيمِ
نعرفُ معًا العوْدَ الأليمَ...
فلنْ نعزفَ يومًا علَى قيثارةِ "أُورفيوسْ"
نحنُ الممتنعونَ عنْ إزعاجِ الأحزانِ القديمةِ"

.2_.

قراءة في نص الشاعرة المغربية "دامي عمر"
١
النّقْطةُ الّتِي أفاضَتِ الْكأْسَ؛ هيَ النّقْطةُ الّتِي تنْقصُ الْكأْسَ ؛فلَا يفيضُ
هكذَا يبْداُ النّصُّ صرْختَهُ
هكذَا يبْدأُ النّقْدُ صرْختَهُ...
بيْنَ الصَّرْخَتيْنِ يتهيّأُ الْمتلقِّي لِحدْسِهِ كيْ يميّزَ بيْنَ الصَّرْخَتيْنِ /الصّوْتيْنِ
أنَا مقابلَ أنَا آخرَ ندْخلُ النّصَّ ونخْرجُ دونَ نصٍّ،
لِأنَّ كلْتيْنَا كتبَتَا ومحَتَا
فأنَا وجْهٌ ثانٍ لِ أنَا هَا...
والنّقْدُ ليْسَ مشْرطًا لِجراحةٍ تقْويميّةٍ ،لكنَّهُ جراحةٌ تجْميليّةٌ ،تجْعلُ النّصَّ أكْثرَ روْنقًا ،فيحرّرُ النّقْدَ منْ تهْمةِ الْمحاكمةِ إلَى براءةِ الْإِبْدَاعِ داخلَ الْإبداعِ...
سيكونُ النّصُّ ممثّلًا حقيقيًّا لِلْإخْتيارِ كَنصٍّ يمْلكُ قابليّتَهُ لِلْقراءةِ داخلَ الْقراءةِ...
قراءةٌ تفْصحُ عنْ أبْعادِهِ منْ حيْثُ دلالاتُهُ الْمباشرةُ؛وإيحاءاتُهُ ؛وصياغتُهُ الْمقْطعيّةُ؛واللّغةُ الّتِي تعاطَتْ معَ هذَا النّوْعِ منَ الْكتابةِ الْموازيّةِ لِقلقِ الْواقعِ...
كتابةٍ تقْطعُ إبّسْتمولوجيًّا معَ مرْحلةِ كتابةٍ لَا تقلُّ قيمةً عنْ هذَا النّصِّ ،إلَّا أنَّهَا تشكّلُ تحوّلًا مفْصليًا لِنمطٍ لغوِيٍّ جديدٍفي سياقٍ يَطْرحُ إشكاليّةً جادّةً وهيَ :
هلْ نعيشُ الْحياةَ أمْ أنَّ الْحياةَ تموتُ فينَا داخلَ سياقاتٍ إجْتماعيّةٍ /سيّاسيّةٍ /تحوّلُنَا أصْواتًا جافّةً لوْلَا هذَا الشّعْرُ
جسدُنَا النّاطقُ /الْمتحرّكُ /الْمتغيّرُ فِي معادلةِ الْموتِ والْحياةِ
النّقْصِ والْكمالِ وفْقَ متغيّريِّ الزّمكانِ...

٢
يقولُ "رولانْ بارتْ" :
"أنْ أكْتبَ معْناهُ أنْ أبْلغَ عنْ طريقِ محْوٍ أوّلِيٍّ لِشخْصِي تلْكَ النّقْطةَ الّتِي لَا تعْملُ فيهَا إلَّا اللّغةُ وليْسَ" أنَا "..."
فكيْفَ صاغَتِ اللّغةُ خارجَ ذاتِ الشّاعرةِ هذهِ الْمقاطعَ بِازْدواجيّةِ
اللّفْظِ والْمعْنَى... ؟
إنّهُ النّقْدُ الّذِي يبْنِي تصوّرًا جديدًا علَى ضوْءِ تصوّرٍ مغايرٍ لِلْكتابةِ ،حينَ لامسَ معْطياتِ تيمةٍ تبْدُو واحدةً ،ثمَّ تتشكّلُ لِتغْدوَ تيمتيْنِ ،ثمَّ فجْأةً تتناسخُ تيماتٍ
متقابلةً /متنافرةً/متجانسةً/
تؤدِّي إلَى نتيجةٍ :
أنَّ لِلشّعْرِ ضوْءَهُ الذّاتِيَ الّذِي يسْطعُ أكْثرَ حينَ يسْطعُ ضوْءُ النّقْدِ ،معانقًا لحْظةً فارقةً خاطفةً منْ لحظاتِ الْحدْسِ الْمنْفلتِ منْ رقابةِ الْوعْيِ الْمباشرِ...

٣
إنّهُ النّصُّ الّذِي اخْترْتُ تتبّعَ انْزياحاتِهِ عنْدمَا شدّتْنِي لازمتُهُ:
"هناكَ مَا ينْقصُ"
تساءلْتُ :
ماذَا ينْقصُ كيْ تكْتملَ الْفكْرةُ... ؟
وإذَا مَااكْتملَتْ فرَضًا
سننْقصُ نحْنُ كمًّا وكيْفًا
وسيعْلنُ :
الْواقعُ/
التّاريخُ /
الشّعْرُ /
نهايتَنَا...
أسْئلةٌ ستقودُنِي إلَى إشْكاليّةِ هذَا النّصِّ والْمفارقاتِ الّتِي دفعتْنِي إلَى مقاربتِهِ وتفكيكِ مكوّناتِهِ الْمُهيْكلةِ لِتيمتِهِ الْأساسيّةِ،وخلْفياتِهِ الظّاهرةِ الْخفيّةِ...

٤
الشّاعرُ و الشّاعرةُ همَا تلْكَ الْحساسيّةُ الْمفْرطةُ
الّتِي تدْركُ الْعالمَ
بيْنَ الشّعْرِ والنّقْدِ توتّرٌ يمْحُو أكْثرَ ممَّا يكْتبُ
حينَ أقْرأُ نصًّا أخونُهُ
وحينَ أخونُهُ يلْتزمُ الصّمْتَ
بيْنَ الْمطْرقةِ والسّنْدانِ
الْكتابةُ والْقراءةُ
أيّهُمَا الْمطْرقةُ... ؟
أيُّهُمَا السّنْدانُ...؟
أعْتقدُ أنَّ النقْدَ مطْرقةٌ،
والْكتابةَ سنْدانٌ
بيْنَهُمَا يصْمتُ النّصُّ
حتَّى يكْتملَ النّصابُ...

لكنَّهُ النّصُّ الّذِي صارَ هوَ الْمطْرقةُ
هوَ السّنْدانُ
وأنَا الْواقفةُ بيْنَهُمَا أمارسُ لعْبةَ الدّورانِ، كيْ أنْجوَ منَ الْإلْتفافِ علَى جسدِ الْكلامِ، فلَا أكونَ الْقميصَ الْأطْولَ منِّي
ولَا الْأقْصرَ منْهُ...
مقدّمةٌ لابدَّ منْهَا كيْ يتمكّنَ منْطوقُ النّصِّ منَ السّراحِ الْمؤقّتِ منْ عيْنٍ ثالثةٍ، تتحدَّى الرّؤْيةَ الْميتَا نصِّ /الْميتَا شعْرٍ...
حينَ قرأَتْ النّصَّ سجّلَتْ تعْليقًا يتضمّنُ:
"أنَّ الْأحْزانَ موْعدُهَا معنَا فِي كلِّ مكانٍ وزمانٍ ،لِدرجةِ أنَّهَا تعبَتْ منْ تقادمِنَا كَهياكلَ تسْكنُهَا الْأطْلالُ ...
نصُّ محاكاةِ الذّاتِ وهيَ تلْفظُ واقعَهَا الرّثَّ خارجًا،لِتحوّلَهُ نشيجًا شجيًّا ،يواسِي الْقصيدةَ الّتِي ذابَتْ فِي عسلِ الْمناجاةِ،مُتخلِّيةً عنْ قميصِ "زليْخةَ" الّذِي قدّدَهُ دودُ النّميمةِ التّاريخيّةِ إلَى أنْ تعرَّتْ منْ فوْضَى إنْتظارِ
كذْبةِ:
التّاريخُ لنَا ونحْنُ مَنْ سيُروّضُ الذّئابَ ؛لِتأْكلَ الْعشْبَ بدلَ اللّحْمِ...

٥
هوُ نصُّ الْحمَّى الْمشْتعلةِ فِي الذّواتِ الْمكسّرَةِ نتيجةَ الرّاهنِ الْمسْلوخِ! والذّواتِ الْمذْبوحةِ، يعْكسُ صدْقَ التّعاطِي معَ الشّارعِ الْعالمِيِّ،
وفِي ردٍّ ثانٍ
قلْتُ :
إنَّ شاعريّةَ الْحرْفِ وشعْريّةَ الْمعْنَى تفْرضُ علَى أيّةِ ذائقةٍ قِرائيّةٍ ،الْإلْتزامَ بِإحْراقِ الصّفِّ ،الّذِي لَا يسيرُ فيهِ سوَى عمْيانِ أنْصافِ الْكلامِ...
إنَّهَا بِهذَا النّصِّ تسجّلُ قطيعةً إبّسْتيمولوجيّةً معَ لحْظةٍ الْجذْبِ السّابقةِ...
تلْكَ نتيجةُ حدْسِ الذّاتِ الْمتمرّسةِ بِالْفرْزِ دونَ انْحيازٍ ،خاصّةً معَ دخولِ الذّكاءِ الْإصْطناعِيِّ علَى خطِّ الْكتابةِ والنّقْدِ...

َ٦
النّصُّ يطْرحُ إشْكاليّةَ السّوْداويّةِ الّتِي اجْتاحَتِ الْعالمَ ،انْعكسَ بِشكْلٍ واضحٍ علَى الذّائقةِ الشّعْرِيّةِ ،لِأنَّهَا الْمرْآةُ الْعاكسةُ فيصْبحُ النّصُّ بّانورامَا شاملةً تتدرّجُ منْهَا صورُهَا الْفوتوغْرافيّةُ،الّتِي تمْنحُ الْقارئَ إرْسالًا مفصّلًا عنِ الْحالةِ الْعامّةِ منْ خلالِ الْحالاتِ الْفرْعيّةِ،نظّمتْهَا الشّاعرةُ تنْظيمًا رباعيًا لهُ دلالتُهُ الرّمْزيّةُ،ستفْصحُ عنْ مضامينِهَا عمليّةُ التّحْليلِ...

أ_ الْعنْونةُ:
الْعتبةُ /
إشْكاليّةُ الْحضورِ والْغيابِ :

أوّلُ مَا يقابلُنِي وأنَا أنْفتحُ علَى النّصِّ هوَ الْعنْونةُ...
لماذَا غابَتِ الْعنْونةُ فِي النّصِّ... ؟
أهيَ عمليّةٌ وعَتْ بهَا الشّاعرةُ أمْ كانَتْ صدْفةً... ؟
لماذَا غيّبَ النّصِّ عنْوانَهُ كَعتبةٍ مرْكزيّةٍ دالّةٍ... ؟
أهيَ بهدفِ جرِّ الْقارئِ لِلسؤالِ أمْ لإشْراكِهِ فِي وضْعِ العنْوانِ الْمتعدّدِ بِتعدّدِ الْقرّاءِ... ؟

بعيدًا عنْ وعْيِ أوْ لَا وعْيِ الْكتابةِ،
فإنَّ إغْفالَ أو غيابَ الْعتبةِ/الْمفْتاحِ
لهُ دلالةٌ تُسْتمَدُّ منَ السّياقِ...

غيابٌ أوْ تغْييبُ الْعنْونةِ هوَ إعْلانٌ عنْ إشْكاليّةِ التّعْقيدِ فِي رسْمِ مفْتاحِ النّصِّ، وهوَ آليّةٌ خفيّةٌ نسْتدْعيهَا منْ لازمةِ النّصِّ...
إنَّ طرْحَ الْإشْكاليّةِ يجْعلُ الْعنْوانَ هوَ اللّازمةُ
(هناكَ مَا ينْقصُ)
بِمعْنَى أنَّ هذَا اللّبْسَ جزْءٌ منَ الْكتابةِ ،فإهْمالُ الْعنْوانِ هوَ ذاتُهُ عنْوانٌ يكْتسبُ دلالةً سيمْيائيّةً وسيّاقيّةً بِلغةٍ خفيّةٍ، يمْكنُ اسْتنْباطُهَا منْ مقاطعِ النّصِّ الرّباعيّةِ بِوصفِهِ نصًّا مقْطعيًّا..
أيْ أنَّ هذَا الْوضْعَ هوَ الْعنْوانُ نفْسُهُ، وأنَّهُ يحيلُ إلَى :
"عَلَى عَتَبَةِ الْقِيَّامَةِ..." ينْشطرُ الْعنْوانُ بِ"لَوْلَا"الْمُضْمرةِ...

٧

ب_ هنْدسةُ النّصِّ :
مسْتوَى التّقْطيعِ الرّباعيِّ،والصّياغةِ الشّذْريّةِ:

التّقْطيعُ الْمتعمّدُ هوَ أيْضًا يعْنِي تداخلَ الْمقاطعِ منْ أوّلِهَا إلَى آخرِهَا ،وكأنَّ الشّاعرةَ "دامي عمر" وعَتْ بِضرورةِ التّداخلِ ،فكلُّ مقْطعٍ يتوالدُ داخلَهُ مقْطعٌ موازٍ وليْسَ منْشقًّا عنْهُ...
إنَّهَا طريقةُ الْكتابةِ الْمناسبةُ لِعسْرِ الْعنْونةِ ،ولِتناسبِهَا معَ التّشْذيرِ الْمقْطعِيِّ ،كَ كتابةٍ ليْسَتْ خطّيّةً ،بلْ انْجرافٌ لغوِيٌّ تحْتَ ضغْطِ اللّاعنْوانِ/الْعنْوانِ
كتابةٌ متكسّرةٌ تتْبعُ تكْسيرَ الْإيقاعِ الْموسيقيِّ لِلنّصِّ،كَوحْدةٍمنْفلتةٍ منَ التّتبّعِ الْخطِّيِّ والْوحْدةِ الْمتشابهةِ والْمتكرّرةِ وإنِ احْتوَى أحدُهَا الْآخرَ...

بيْنَ الْعتبةِ المثيرةِ للسّؤالِ حوْلَ الْحضورِ والْغيابِ تعْتمدُ الْكتابةُ صياغةً لغويّةً ترْتكزُ علَى الْمُقايسةِ ،مقايسةِ مقْطعٍ علَى مقْطعٍ ،مقايسةٌ تقومُ علَى تقابلاتٍ ثنائيّةٍ اعْتُمِدَتْ لِلرّبْطِ بيْنَ مطْلعِ النّصِّ "الْقيّامةَ الْحقيقيّةَ"
وبيْنَ قفْلتِهِ
"الْأحْزانِ الْقديمةِ"

٨
ج_ هنْدسةُ الصّياغةِ
علَى مسْتوَى اللّغةِ الْمعْتمدةِ:

فِي الْعنْوانِ كانَ حضورًا فِي الْغيابِ
و الْعكْسُ صحيحٌ...
التّقْطيعُ رباعيٌّ ضدَّ الْخطّيّةِ الْمتداولةِ
هوَ تقْطيعٌ تداخلِيٌّ يحيلُ إلَى بعْضِهِ وينْجرفُ خارجَهُ ،لِينْتهيَ كلُّ تقْطيعٍ إلَى نفْسِ النّتيجةِ انْطلاقًا منْ فرضيّةٍ أُولَى ...
أمَّا اللّغةُ فتحدّدُهَا تجاذباتٌ تضادّيّةٌ،
لَا تماثليّةٌ...
بيْنَ التّنافرِ الْمقْطعيِّ والتّجانسِ ،
اعْتمدَتِ الْكتابةُ لغةَ التّكرارِ كَصيغةٍ إشاريّةٍ تعْلنُ الْحذرَ منَ الْإنْزلاقِ فِي التّأْويلِ إلَى عكْسِ مَا تحْملُهُ الْمقاطعُ...
تكْرارٌ أحْدثَ موْسقةً إيقاعيّةً و حسبَ
"henri
meschonic" :
"الْإيقاعُ هوَ الْوجْهُ الرّنّانُ لِلتّرْكيبِ..."
"إنّهُ الْقانونُ الّذِي يرخّصُ لِلْكلامِ بِأنْ يصْبحَ شعْرًا..."
وترَى
:" Julia kristeva"
" التّكْرارُ وَ إعادةُ توْزيعِ الْعناصرِ الْمسْموعةِ والْعناصرِ اللّغويّةِ الدّالّةِ منْ شأْنِهَا أنْ تولّدَ بنْياتٍ جديدةً لِلدّلالةِ..."
ذلكَ:
" أنَّ الْوعْيَ بِالشّعْرِ هوَ وعْيٌ بِالْإيقاعِ " بِلغةِ
(هنرِي ميشونيكْ)
إنّهُ:
"مكوّنٌ فاعلٌ فِي كيمْياءِ الْقصيدةِ..."
حسبَ( أدونيسْ)
فكيْفَ تمثّلَتِ الشّاعرةُ آليتَيِ التّكرارِ
و الْإيقاعِ... ؟
تجلّتْ هذهِ الْآليّةُ فِي اللّازمةِ حيْثُ تكْرارُهَا كانَ أرْبعَ مرّاتٍ ،تُظْهرُ وتُخْفِي لِتكونَ اللّغةُ لعْبةَ الْأقْنعةِ...
مثلَا:
فمَا ينْقصُ ليْسَ مطْلوبًا إضافتُهُ بلْ هوَ جرسُ إنْذارٍ بِأنَّهُ لوْلَا هذَا النّقْصُ مَا اسْتطاعَ (الْمشْهدُ والظّلالُ والْقصيدةُ والْمكانُ) أنْ تحْتَفظَ بِمكوّناتِهَا وحمولاتِهَا الّتِي نظّمَتْ نسقيّةَ هذهِ الْعناصرِالْمقْطعيّةِبِهنْدسةٍ،
تراعِي لازمةً لهَا وجْهانِ
ظاهرُهُ /النّقْصُ الْمفْتعلُ
باطنُهُ/ وجوبُ النّقْصِ كيْ لَا تكْتملَ الْقيّامةُ الْحقيقيّةُ...

٩
د_ مسْتوَى الْفضاءاتِ:

تلْعبُ الشّاعرةُ الْمغْربيّةُ بِذكاءٍ مدْهشٍ لعْبةَ ملْءِ الْفضاءاتِ بِطموحاتٍ ترْفضُهَا اللّازمةُ الّتِي شكّلَتْ عناوينَ فرْعيّةً مرْتبطةً بِالْعتبةِ الْمتخيَّلةِ، أوِ الْمقْترَحةِ أوِ الْمتضَمّنةِ فِي الْفضاءِ الْعامِّ:
(مَا ينْقصُ الْمشْهدَ)
(مَا ينْقصُ الظّلالَ)
(مَا ينْقصُ الْقصيدةَ)
(مَا ينْقصُ الْمكانَ)
فسيْفساءُ لغويّةٌ تراتبيّةٌ تبْدأُ منَ الْعامِّ ثمَّ تنْتهِي إلَى الْخاصِّ...
لكنَّهَا ليْسَتْ متعاكسةً أوْ متناقضةً ،
أرْبعةُ مقاطعَ ؛لكلٍّ منْهَا فضاءٌ لهُ خصوصيّةٌ وتيمةٌ، تبْدُو لَا علاقةَ لهَا بتيماتِ باقِي الْمقاطعِ،لكنَّهَا ذاتُ حمولاتٍ تقولُ مَا تُحيلُ إليْهِ اللّازمةُ،وتحيلُ إلَى مَا لَا تريدُ أنْ يتحدّدَ ، فتقولُهُ ضمْنيًا
لعْبةُ الظّاهرِ /الْباطنِ
مَا ينْقصُ /مَا لَا ينْقصُ
لعْبةُ الْمتناقضاتِ الْغيْرِ مباشرةٍ فِي السّياقِ الرّباعِيِّ...
الْمشْهدُ يعْتمدُ اللّعْبةُ الشّعْرِيّةُ كَ خدْعةٍ إبْداعيّةٍ علَى أواليّةِ (النّقْصِ) كَضرورةٍ كيْ لَا نصلَ (الْكمالَ) وهوَ ليْسَ ضرورةً، لِأنَّهُ سيؤدِّي إلَى نهايةٍ مأْساويّةٍ...
النّصُّ يتبادلُ اللّعبَ
بيْنَ الْألمِ والْأملِ
بيْنَ الظلامِ والشّعاعِ
بيْنَ الرّثاءِ والْحبَّ
بيْنَ الْإنْسانِيِ واللّاإنْسانيِّ
تخْتفِي فِي الْمقاطعِ لكنَّهَا تتسلّلُ حاضرةً دونَ لفْظِهَا...
(إنَّهَا لَوْلَا) الْكامنةُ فِي السّياقاتِ الشّذْريّةِ...
لوْلَا( فقْصُ الطّيورِ) إثْباتُ حضورِ الْحياةِ ضدَّ الْقيّامةِ...
لوْلَا الضّوْءُ الّذِي يتسلّلُ فِي عمْقِ الظلالِ لعمَّ السّوادُ...
لوْلَا الْحبُّ فِي الشّعْرِ لكانَتِ الْحياةُ مرْثيّةً طويلةً أوْ دْرامَا وجوديّةً
لوْلَا التّضامنُ الْإنْسانيُّ لسادَتِ الْموتُ...
دعْوةٌ مفْتوحةٌ لِحلِّ إشْكالِ الْقيّامةِ الْحقيقيّةِ،و تجاوزِ
مَا ينْقصُنَا...
صوْتُ التّنْديدِ بِواقعٍ متشظٍّ وممزّقٍ علَى مسْتوَى عالمِيٍّ ،كَتجْسيدٍ لِعالمٍ يسيرُ إلَى الْجحيمِ...
لِتنْتهِيَ بِكاتبٍ وموسيقيٍّ أسْطوريٍّ
منَ الْميثولوجْيَا الْإغْريقيّةِ...
تقْصدُ(أُورْفِيُوسْ) بِدعْوةٍ مناقضةٍ:
ألَّا نعْزفَ علَى قيثارةِ الْحزْنِ
و الْموْتِ...
نحْنُ الْمعْتنقينَ الْحزْنَ
والْعوْدةُ إلَى التّاريخِ تحيلُ إلَى مَاعرفَهُ منْ تمزّقاتٍ ،ومَايزالُ ينْزفُ
فألَا يتوقّفُ النّزْفُ... ؟

١٠
تفْكيكُ حمولةِ الْفضاءاتِ حسبَ كلِّ مقْطعٍ :

_الْفضاءُ الْأوّلُ فضاءٌ عامٌّ :
النّقْصُ الْمشْهدِيُّ:

يبْدأُ بِمقولةِ الْمشْهدِكَقضيّةٍ كلّيّةٍ تسْتوْعبُ باقِي الْمقولاتِ الْمتتاليّةِ، الّتِي تأرْجحَتْ بيْنَ ثنائيّةٍ تُزاوجُ الْألمَ بِالْأملِ؛وتراوحُ بيْنَهُمَا..
بيْنَ اللّيْلِ و الضّوْءِ
مراوحةُ الرّثاءِ الْجنائزِيِّ بِأنْشودةِ الْحبِّ الشّعْرِيِّ
أنْسنةُ الْمكانِ دلالةً علَى الْعالمِ...
وهوَ فضاءٌ يتميّزُ بِالصّمْتِ والْبكاءِ ،لوْلَا الْأملُ الّذِي خيّبَ أملَ الْألمِ ، مشْهدٌ ساخنٌ يؤرّخُ لًاسْتمْرارِ الْحياةِ منْ خلالِ عمليّةِ الْفقْصِ أوِ الْفقْسِ كَمواجهةٍ لِلْموْتِ منْ أجْلِ الْحياةِ،ومَاحضورُ شجرةِ"الْخوخِ"
و"بتْلاتِ الْجورِي الْأحْمرِ"
و"تسْرقُ منَ الْبكاءِ لحظاتٍ"
سوَى تثْبيتٍ لِرفْضِ الْقيّامةِ..
وصفٌ لِواقعٍ يشْبهُ الْقيّامةَ ،لكنَّهَا بِمقاومةٍ ذاتيّةٍ تمْنعُ قيامَهَا ،
فتجْعلُ تحْقيقَهَا ناقصًا بِوجودِ ظواهرَ تؤكّدُ الْبقاءَ ضدَّ الْفناءِ...
صورةٌ لِوضْعٍ عامٍّ نعيشُهُ بِكلِّ تفاصيلِهِ بِنقْذِهِ مَا ينْقصُ لئلَّا تتحقّقَ الْقيّامةُ...
هذَا الْحضورُ الْقويُّ لِإرادةِ الْحياةِ تجسّدُهُ
ظواهرُ طبيعيّةٌ كَالتّشْجيرِ رغْمَ صمْتٍ الْحبيبةِ...
الْمشْهدُ ناقصٌ لِأنَّ هناكَ حياةً تتمظْهرُ بِعمليّةِ الْفقْصِ لِبيوضٍ ،لهَا دلالةُ الْإسْتمْراريّةِ ،ومحاربةُ الْقيّامةِ إشارةٌ رمْزيّةٌ لِمتفجّراتِ الْحروبِ فِي كلِّ جغْرافيَا الْعالمِ ،خصوصًا الشّرْقُ الْأوْسطُ بِمجابهةِ أكْبرِ أخْطبوطٍ أمْبرْيالِيٍّ أمْريكِيٍّ صهْيونِيٍّ بِأيادٍ سرّيّةٍ أكْثرُهَا عربيٌّ...
جبهاتٌ مشْتعلةٌ فِي الْعالمِ ليْسَ الشّرْقَ الْأوْسطَ وحْدَهُ يكْتوِي بِنارِهَا ،بلْ أفْريقْيَا وآسْيَا وأمْريكَا اللّاتينيّةَ...
لكنَّ التّرْكيزَ الْآنَ علَى أبْشعِ جبْهةٍ مشْتعلةٍ بِهدفِ إبادةِ الشّعْبِ الْفلسْطينيِّ وتقْليصِ أذْرعِ الْمقاومةِ الْمتضامنةِ معَ هذَا الشّعْبِ، وهيَ أذْرعٌ رغْمَ طابعِهَا الدّينِيِّ،ساندَتْهُ فِي أوْضاعٍ لَا إنْسانيّةِ خطيرةٍ منْ تجْويعٍ وتهْجيرٍوطرْدٍ ممنْهجٍ وتقْتيلٍ...
إبادةٌ جماعيّةٌ مسْتهْدفةٌ فيهَا الْمنْطقةُ، خاصّةً قطاعُ غزّةَ ،رغْمَ محاولاتٍ تطوّعيّةٍ لِفكِّ الْحصارِ اتّخذَ أشْكالًا متنوّعةَ مثْلَ سفينةِ (مرْمَرةَ) الّتِي اسْتشْهدَ منْ متطوّعِيهَا 10 قبْلَ سفينةِ (مادْلينْ) الْحاملةً إسْمَ الطّفْلةِ الْبحّارةِ كأوّلِ نموذجٍ نسائيٍّ مقاومٍ فِي مجالٍ محْتكَرٍ منْ طرفِ الرّجالِ ،ممْنوعٍ علَى النّساءِ ممارستُهُ..
ونموذجٌ آخرُ لِمساندةِ الشّعْبِ الْمحْتلّةِ أرْضَهُ كَقافلةِ الصّمودِ والْمسيرةِ الْعالميّةِ والْإحْتجاجاتِ الدّوْليّةِ، بلْ وداخلَ الْكيّانِ الصّهْيونِيِّ والْولاياتِ الْمتّحدةِ نفْسيْهِمَا...

الْفضاءُ الثّانِي :
النّقْصُ الظّلِّي:

فضاءٌ منْفصلٌ وناتجٌ عنْ فضاءٍ سابقٍ مشْهدِيٌّ بّانورامِيٌّ، مسؤولٌ عنْ متوالياتِهِ فِي الْهنْدسةِ الشّعْرِيّةِ، كأنَّهَا شاشةٌ سينمائيّةٌ والْفضاءاتُ الْفرْعيّةُ لقطاتُ مشاهدَ تلخّصُ جذورَ الشّجرةِ الْأمِّ...
دونَ أنْ نفْهمَ أنَّهَا متطابقةٌ ،هيَ توائمُ سيّامِيّةٌ ،أوْ توْأمٌ بِرؤوسٍ متلاصقةٍ ،
لكنَّهَا تتميّزُ بِحمولتِهَا ومشهدِهَا ورؤْيتِهَا ولغتِهَا ،ونوْعيّةِ ملْءِ النّقْصِ دونَ أيِّ انْفصالٍ...
إنَّهَا الْكلُّ فِي الْبعْضِ؛والْبعْضُ فِي الْكلِّ...
الظّلالُ ناقصةٌ
اللّيْلُ والْجلْبابُ
تلْويحةُ الْيدِ منْ امْرأةٍ
مفارقةٌ :
اللّيْلُ /الْجلْبابُ
ضدَّ اللّيْلِ / خيْطٌ منْ شعاعٍ /بسْمةٌ لِطفْلٍ يأْكلُ الْبوظةَ
تأْييدُ الْحبيبةِ /الْمنْديلُ
يكْفِي وجودُ شعاعٍ لِنعِيَ فرْصةَ الْأملِ...
تجْدرُ الْإشارةُ أنَّ هذَا الْمقْطعَ يحْتوِي تداعياتٍ سابقةً تمثّلُهَا :
سرْوتانِ/ أصْلُهُمَا النّباتُ
نوْرسةُ/جنْسُهَا الطّيورُ
تنْتهِي الْحكايةُ الْبصريّةُ بِتعْويضِ :
(صمْتٍ الْحبيبةِ)
بِ
(منْديلِ الْحبيبةِ)
َتكْتملُ الصّورَةُ الْمشْهديّةُ بِثلاثيّةِ :
ابْتسامةُ صبيٍّ
الْبوظةُ
نكْهةُ النّوغَا
إنّ مَا ينْقصُ الظّلالَ كَتمثّلٍ مشْهدِيٍّ كيْ لَا تكْتملَ الْقيّامةُ الْحقيقيّةُ،
هوَ هذَا التّكْرارُ الْإيقاعِيُّ لِلازمةٍ مهيْكلةٍ لِكلِّ فضاءٍ،تكْرارٌ يهْدفُ إلَى التّرْكيزِ وشَدِّ الْإنْتباهِ منْ خلالِ السّؤالِ :
ماذَا ينْقصُ كيْ لَا تقومَ الْقيّامةُ... ؟
الْمشْهدُ الإفْتتاحِيُّ تتولّدُ عنْهُ الظّلالُ ينْقصُهَا أيْضًا وجودُ مَا
مسْتحْضرةً اللّيْلَ والشّعاعَ
اللّيْلُ علامةُ الظّلامُ
والشّعاعُ علامةُ الضّوْءِ
كأنَّمَا اللّيْلُ سوادٌ
والشّعاعُ بياضٌ
ثنائيّةٌ ذاتُ دوْرٍ مرْكزيٍّ فِي هنْدسةِ الْمشاهدِ الْأرْبعةِ...
هنْدسةٌ لهَا ظاهرٌ وباطنٌ
تبْرزُ فِي قاعدةِ:
" النّفْيُ إثْباتٌ"
فمَا ينْقصُ هوَ حالةٌ إيجابيّةٌ لِتحْقيقِ مَا لَا ينْقصُ...
مَا ينْقصُ الْقيّامةَ غيابُ اللّيْلِ والظّلامِ بِوجودِ ضوْءٍ ينْفِي مبرّراتِ الْقيّامةِ الْحقيقيّةِ...
هناكَ السّرْوتانِ كَشجرتيْنِ مرْتبطتيْنِ بِالبيْئةِ
(شجرةُ الْخوخِ)
(زهْرةُ الْجورِي)
كَمحْموليْنِ لِلْمشْهدِ الْأوّلِ
يضافُ إليْهَا طائرُ (النّوْرسةُ) تكْرارٌ لكنَّهُ تخْصيصٌ لِلْمشْهدِ الْعامِّ،
(الطّيورُ) تفْقسُ /تفْقصُ
بيْنَ الطّيورِ والنّوْرسةِ صمْتُ امْرأةٍ ومنْديلُهَا مرْفقًا بِتحيّةٍ ،تتحرّرُ منْ مشْهدِ الصّمْتِ إلَى مشْهدِ الضّوْءِ والتّحيّةُ خرْقٌ لِلصّمْتِ وإعلانُ الْكلامِ... تُتوِّجُهُ بسْمةٌ طفوليّةٌ لِصبيٍّ يسْتلذُّ بِطعْمِ الْمثلّجاتِ متذوّقًا نكْهةَ النّوغَا ،إشارةٌ ذكيّةٌ لِإسْتمْرارِ الْحياةِ ،وكأنَّهَا تسْتحْضرُ الْقوْلةَ الشّهيرةَ لِلشّاعرِ الْفلسْطينيِّ
"محمود درويش" :
"علَى هذهِ الْأرْضِ مَا يسْتحقُّ الْحياةَ"
اسْتحْقاقُ الْحياةِ والْبقاءِ يسْتلْزمُ منْعَ عوائقِهَا بِمواجهةِ
الْقبْحِ بِالْجمالِ،
والشّرِّ بِالْخيْرِ...
مواجهةٌ /
تنْتصرُ لِلْأملِ
هزيمةً/
لِلْألمِ و الْيأْسِ...
هذهِ الصّورَةُ الْمشْرقةُ تعيقُ فوْرةَ الْقيّامةِ...
قيّامةٌ تمنّعَتِ الشّاعرةُ عنْ وضْعِهَا عنْوانًا لِلنّصِّ، متنصّلةً منْ تبعيّةِ التّنبّؤِ الْمتشائمِ الّذِي لَا تعْترفُ بهِ...
إنَّ وعْيَ الشّاعرةِ اسْتدْرجَنَا بِلَا وعْيٍ مسْبقٍ إلَى اعْتناقِ الْعنْوانِ منَ السّيّاقِ...
الْقيّامةُ تحولُ بيْنَنَا وبيْنَهَا هذهِ الْكائناتُ، ترْكيزًا علَى الْأشجارِ والطّيورِ رمْزَيِ الْبقاءِ...
دونَ نسْيانِهَا حضورَ الْمرْأةِ فِي الْمشْهدِ والظّلالِ دلالةً علَى الْخصوبةِ والْعطاءِ...
ينْتهِي الْمقْطعُ إلَى نتيجةٍ بيْنَ الصّمْتِ والْمنْديلِ هناكَ تحيّةُ تأْييدٍ لِقيّامةٍ لمْ تقمْ...
هوَ اسْتيهامٌ ذاتِي يعْكسُ تطلّعَاتِ الْإنْسانِ إلَى خلوِّ الْعالمِ منَ الْحروبِ والْعنفِ والْكراهيّةِ...

الْفضاءُ الثّالثُ:
ضدَّ الْمراثِي /
توْأمةُ الشّعْرِ بِالْحبِّ
ضدَّ الْحزنِ :

بعْدَ الْفضاءِ الْعامِّ الّذِي احْتلَّ حيّزًا مكانيًا فِي الْهنْدسةِ الشّعْرِيةِ يمثّلَهُ الْمقْطعانِ الأوّلُ والثّانِي ،يقدّمُ الْمقْطعُ الثّالثُ فضاءً مخْتلفًا، يقفُ عائقًا أمامَ الْجحيمِ الّذِي يرْمزُ إلَى الْحروبِ الرّاهنةِ...
فالْقصيدةُ ناقصةٌ إذَا ركّزَتْ علَى التّشاؤمِ ،
يتضمّنُ رفْضًا تامًّا لِأيِّ انْحرافٍ يقودُ الشّعْرَ إلَى ميلودْرامَا سوْداءَ ،تتحوّلُ فيهِ الْقصيدةُ إلَى بكاءٍ طويلٍ ،ومرْثيّةٍ لَا نهايةَ لهَا دونَ أيِّ فعْلٍ ثقافيٍّ يقفُ ضدَّ هُولُوكُسْتِ الْكلامِ بِحجّةِ تقاسمِ الْحزنِ ،لنْ يكونَ الشّعْرُ مجرّدَ مرْآةٍ عاكسةٍ لَا مقاوِمةٍ...
الشّعْرُ يحاولُ اخْتلاسَ اللّغةِ لِتحْرقَ الْبؤْسَ والْمعاناةَ...
فلفْطتَا:
(أحبُّكَ /أهيمُ
أنَا /نحْنُ)
دلالتانِ تجْعلانِ الشّعْرَ بوّابةً تدْخلُ منْهَا الشّمْسُ ويتمُّ فيهَا التّآزرُ الْإنْسانيُّ ...
الشّعْرُ كيْ لَا يسْقطْ فِي فخِّ الْحزْنِ الْممْتدِّ والْمتمدّدِ بيْنَ الذّواتِ ، علَيْهِ أنْ يلْجأَ إلَى اللّغةِ لِتنْقذَهُ منْ هذَا الْجحيمِ، الّذِي صنعَهُ الْإنْسانُ نفْسُهُ...
فَ الْ"قصيدة" حسبَ هذَا الْفضاءِ :
"حمّالةُ أشْواقٍ"
"الْكلماتُ فواكهُ فِي موْسمِ الْقطافِ..."
صورةٌ انْزيّاحيّةٌ مشْرقةٌ، تشبّهُ الْكلماتِ الْمكْتملةَ بِفاكهةٍ ناضجةٍ لذيدةٍ
حانَ وقْتُ جنْيِهَا...
تقابلٌ جميلٌ بيْنَ اللّغةِ والْفاكهةِ، يؤشّرُ بِأنَّ دوْرَ الشّعْرِ هوَ تجاوزُ الْمرْثيّةِ الْجماعيّةِ ،تجاوزُ الْموتِ فِي زمنِ الْحروبِ، رسالةٌ موجّهةٌ إلَى" الْخنْساءِ" الْمقيمةِ داخلَنَا، لَا تبارحُ الذّواتِ الْمنْكسرةِ الْعاجزةِ...
إنَّ الشّعْرَ عوضَ أنْ يحْملَ وجْهُهُ الْبكاءَ، عليْهِ أنْ يتحرّرَ منْ دفّةِ الْحزْنِ إلَى دفّةِ الْفرحِ /الْحبِّ
إنّهُ التْعْويضُ والتّصْعيدُ لِرغْبةٍ مكْبوتةٍ ،فتقاومُ رداءةَ وبشاعةَ الْعالمِ...
الشّاعرةُ تتبنَّى حسبَ مقولِ الْفضاءِ الثّالثِ ريادةَ الشّعْرِ لِهزيمةِ الْقبْحِ والشّرُّ قبْحٌ...
لهذَا جعلتْهُ الْمنْقذَ منْ جحيمِ الْبكاءِ والرّثاءِ واسْتعْراضِ الْجثثِ ،هدفُهَا تقْليصُ مساحةِ الْأوْجاعِ ،وهوَ مَا يجسّدُهُ هذَا الْفضاءُ كَفضاءٍ لِلْحياةِ
لَا الْموْتِ...
الْحبُّ هنَا فاعلٌ جوْهريٌّ قدْ تعْنِي بهِ حبًّا بيْنَ شخْصيْنِ كَحقٍّ منْ حقوقِ الْإنْسانِ دونَ شروطٍ ...
وقدْ تتحوّلُ الْحبيبةُ إلَى معْنًى أسْمَى حينَ يعْنِي الْأرْضَ /الْعالمَ/الْوطنَ/ الْبشريّةَ/
دونَ تمْييزٍ إثْنِيٍّ أوْ طائفيٍّ أوْطبقيٍّ أوْ جنْسيٍّ أوْ فئوِيٍّ أوْ دينيٍّ...
إنَّ الْخريطةَ الْعربيّةَ الْمنْشطرةَ علَى نفْسِهَا بِفعْلِ الْإسْتيطانِ الْإسْرائلِيِّ ،ومَاترتّبَ عنْهُ منْ انْقساماتٍ حالَتْ دونَ وحْدةِ الْتّشرْذمِ الداخلِيِّ،ومنْ نتائجَ مأْساويّةٍ منْذُ 1948 إلَى الآنِ ،مارسَ مخْتلفَ أشْكالِ الْموْتِ بِالتّجْويعِ والتّهْجيرِ والْإبادةِ ،والطّرْدِ الْممنْهجِ
منْ أرْضِ فلسْطينَ...
يقدّمُ صورةً فعّالةً ضدَّ الْيأْسِ والصّمْتِ علَى مجازرَ بالْجملةِ والتّقْسيطِ ،قادَ الْخوْفُ منَ الطّغْمةِ المحْتلّةِ إلَى الْإسراعِ بِتطْبيعٍ مهينٍ لِكرامةِ الشّعوبِ...
إنَّهَا تدْعُو إلَى تعْزيزِ الْعلاقاتِ الْإنْسانيّةِ وزرْعِ التّفاؤلِ والْأملِ، والْفرحِ فِي أرْضِ الْأحْزانِ الْقديمةِ...
إنّهُ الشّعْرُ تجاوزٌ لِواقعِ الْمرْثيّةِ الْجماعيّةِ كَعنْفٍ ضدَّ سمْفونيّةِ الْفرحِ منْ أجْلِ الْحياةِ ضدَّ الْموْتِ...

الْفضاءُ الرّابعُ:
النّقْصُ الْمكانِيُّ:
أنْسنةُ الْعالمِ :

الْمقْطعُ /الْقفْلةُ
ضدَّ
المقْطعِ/الْعتَبةِ:

ينْطلقُ منْ مشْكلةِ النّقْصِ الّتِي لَا تجْعلُ الْمكانَ منْحدرًا لِلْهاويّةِ...
إنَّهُ مقْطعُ التّجاوزِ لَا التّجاورِ
هوَ الْحلُّ ضدَّ قيّامةٍ لوْلَاهُ لاشْتعلَ الْمكانُ /أيُّ مكانٍ
والْإنْسانُ هوَ مَنْ يمْكنُهُ تجاوزَ معْزوفةِ الْحزْنِ...
دوْرُهُ مواجهةُ الْهاويّةِ وكأنَّ الْمقْطعَ لسانَ كاتبتِهِ يدْعُو إلَى أنْسنةِ الْأرْضِ ضدَّ لَا أنْسنةٍ فوْضويّةٍ بِسببِ الدّمارِ بِالتّضامنِ الْإنْسانِيِّ...
إنّهُ فضاءُ الْمكانِ بعْدَ فضاءِ الشّعْرِ والْحبَّ والْأملِ
فضاءاتٌ تحاربُ
الْموْتَ /
الْنّزاعاتِ الْمسلّحةَ /
الْحروبَ الْأهْليْةَ/
ناهيكِ عنْ حروبٍ لَا ننْتبهُ لهَا مثْلِ حروبِ الْبيْئةِ والطّبيعةِ...
اسْتنْزافِ الثّرواتِ /الْمياهِ
الْغاباتِ الّتِي تضرّرَتْ بِسببِ الْحروبِ الغيرِ مباشرةٍ /إقْتلاعُهَا
الثّرْوةِ الْخشبيّةِ/الْقنْصِ غيْرِ الْقانونيِّ خاصّةً لِأنْواعٍ بدأَتْ تنْقرضُ
الصّيْدِ الْبحْرِيِّ الْجائرِ/ ثرواتٍ سمكيّةٍ تكادُ تنْقرضُ بعْضُ الْأنْواعِ منْهَا...
إنَّهَا الْهاويّةُ الّتِي ينْبغِي الْخروجُ منْهَا وهوَ خروجٌ منْ جحيمِ(أُورْفِيُوسْ)
والْعزْفِ الْمجْنونِ حزْنًا علَى وفاةِ زوْجتهِ(بْريديسْ) كَرمْزٍ لِلْموْتِ الّذِي حوّلَهُ عازفًا لِلْحزْنِ ضدَّ الْحياةِ ،إنَّهَا مطاردةُ الْعالمِ الْأعْلَى (الْحياةُ) لِلْعالمِ السّفْلِيِّ(الْموتُ)،
تعْكسُ الصّراعَ الْمزْمنَ بيْنَ الْحياةِ
و الْموْتِ...
توْظيفُ الشّاعرةِ لِلشّاعرِ والْعازفِ الْاسْطوريِّ فِي الْميثولوجْيَا الْإغْريقيّةِ
(أورْفيوسْ) توْضيحٌ لِلثّنائيّةِ الّتِي اشْتغلَتْ بهَا "دامي عمر "،فليْسَ عبثًا اسْتحْضارُهُ،بلْ لِتأْكيدِ رؤيتِهَا لِقيّامةٍ تتمنَّى ألَّا تحْدثَ...
النّصُّ صرْخةٌ عميقةٌ ضدَّ هُولُوكُسْتْ الْكوْنِ،
و دعْوةٌ إلَى الْحلِّ الْإنْسانِيِّ الّذِي يؤكّدُ علَى مقولةِ:
الْإنْسانُ وحْدَهُ قادرٌ علَى صَنْعِ الدّمارِ والْحياةِ أيْضَا
وحْدَهُ منْ يسْتطيعُ الْخروجَ منَ الْجحيمِ...
دعْوةٌ إلَى فتْحِ الْبابِ أمامَ الْحياةِ بِمواجهةِ اللّاأنْسنةِبِأنْسنةِ الْعلاقاتِ بيْنَ الشّعوبِ...
إنَّهَا اللّغةُ /الشّعْرُ
إنَّهُ الْعالمُ الّذِي يحْتاجُ هذَا النّمطَ منَ الْكلامِ /الْفاكهةِ
إنَّهُ الْإنْسانُ الّذِي يهْزمُ الْمشاهدَ المأْساويّةَ والظّلامَ واللّيْلَ ،لِيشيّدَ عالمًا خاليًا منَ الْعنْفِ ،عالمًا جديدًا يعمّهُ الْحبُّ والْحياةُ...
فهلْ يسْتطيعُ الشّعْرُ أنْ يكونَ فِي مسْتوَى التّحدِّي....؟



#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - الْحَرْبُ كَبْشُ الْعِيدِ...-
- - اِشْرَبِيهِ وَحْدَكِ...!-
- -أيُّهَا الشَّامُ سَلَامًا...!-
- -جَزِيرَةُ الْأَلَمِ...-
- -صَرْخَةُ مَادْلِينْ...-
- - اللَّعْنَةُ الْإِبْدَاعِيَّةُ...-
- وِشَايَةُ مِرْآةٍ...
- -حِينَ تَنْسَى الذَّاكِرَةُ وُجُوهَهَا...-
- -مُعْتَقَلٌ سِرِّيٌّ لِلْقَلَقِ / رَأْسِي ...-
- -فِي رَأْسِي مَدِينَةٌ...-
- -تَقُولُ الْعَرَّافَةُ...-
- زِيَّارَةٌ خَاطِفَةٌ...
- -مِنْ جُغْرَافِيَّةِ اللَّامَكَانِ...-
- إِلَى أُمِّ الشَّهِيدِ...تَحِيَّةً...
- -٠الْأُمُومَةُ الثَّقَافِيَّةُ رَحِمُ لَيْسَ عَقِيمًا. ...
- الذِّئْبُ الْمَنْسِيُّ...
- -أَكْتُبُكَ حِبْرًا صِينِيًّا...-
- لَوْ صَمَتَ الشِّعْرُ...!
- سِرٌّ لَايُسْرَقُ...
- حَارِسَةُ الْوَجَعِ...


المزيد.....




- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟
- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - -قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية دامي عمر...-