سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 23:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" الجميع يجمع على عودة اليمين الى الحكم "
الكثير من الأوساط تتوقع ازمة منتظرة في العلاقات المغربية الاسبانية . لكن الجواب عن السؤال يتوقف عن نوع وطبيعة القوة السياسية التي ستفوز بالانتخابات وتشكل الأغلبية " بالكورتيس " البرلمان , وستشكل الحكومة , التي ستكون حكومة الأحزاب .
وبالرجوع الى الخريطة الحزبية الاسبانية , نكاد لا نلمس فرقا جديدا عن الأحزاب التي تتنافس في العملية الانتخابية . فهناك اليمين الذي يشكله " الحزب الشعبي " PP في صورة Mariano Rajoy الوسطي , وقد يشكله الاتجاه الراديكالي لرئيس الوزراء السابق José Maria Aznar الأقرب الى أطروحة الحزب اليميني الوطني Vox , وانا افضل تسمية Vox وخط Aznar بالخط الوطني وليس بالاتجاه المتطرف , لانهما يتحركان وينشطان ضمن الدستور الاسباني لا خارجه .. والى جانب Vox والأحزاب اليمينة التي تتموقع يمين Vox , هناك الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب " قادرون " Podemos الذي يُكوّن يسار الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي .. وهناك الأحزاب الجهوية من أحزاب كطالونية وأحزاب باسكية .. لها أدوارها في تقوية الجبهة اليسارية المنتظرة , او قد تكون مدعاة لاي تفرقة قد تضر باليسار , وتسبب له في صعوبات خاصة عند فرض اعتماد الانفصال في بناء اليسار المفروض انه يستعد لتجديد العهد من جديد مع الحكومة التي ستكون حكومة اليسار . هذا اذا افترضنا ان اليسار قد حسم الانتخابات لصالحه ..
اذن في أي تغيير للقوى السياسية التي ستُكوّن الحكومة بعد الانتخابات , ستطرح اتوماتيكيا مسألة العلاقة بين المغرب وبين اسبانية , وأول زيارة سيقوم بها رئيس الحكومة القادم خارج اسبانيا ستكون المغرب وليس الجزائر , والزيارة لها دلالتها السياسية والاقتصادية الخاصة Pedro Sanchez . كما ان أول زيارة للرئيس Emanuel Macron خارج فرنسا كانت المغرب وليس الجزائر , ونفس الخطوة قام بها الرئيس François Holland , والرئيس Sarkozy صديق الملك محمد السادس الحميم . وطيلة فترة الحكومات التي قادها اليسار , من Phillip Gonzales , الى José Louis Zapatero , الى Pedro Sanchez , كانت العلاقات المغربية الاسبانية ممتازة , بل العلاقات مع القصر الملكي , وخاصة بين رئيس الحكومة الاسبانية والملك شخصيا , والكل يتذكر كيف جاءSanchez مهرولا الى القصر الملكي في رمضان لشرب الحريرة مع الملك كأحد رعاياه , خاصة وقد حمل معه قرار اعتماد ودعم حل الحكم الذاتي الذي يعني الاعتراف بمغربية الصحراء .. وهنا يجب الذكير بان قضية الصحراء الغربية , لم تتمسك الدولة الاسبانية وليس الحكومة الاسبانية , بالمشروعية الدولية التي تبقى مشروعيات بسبب الفهم وبسبب الاستيعاب للمصطلحات القانونية , فإسبانية لم يسبق ان اتخذت قرارا في قضية الصحراء اثر على مصالح الدولة المغربية .. فعلاقة الجوار والامتيازات للشركات الاسبانية كانت تكفي للتغطية على أي تحرك يمكن ان يسيء الى العلاقات بين البلدين الجارين ..
واذا كانت اسبانية وحتى فرنسا وألمانيا ودول الاتحاد الأوربي , قد عارضوا اعتراف الرئيس الأمريكي Donald Trump الغير دستوري بحل الحكم الذاتي بعد توقيع المغرب على اتفاق " ابراها " مع إسرائيل , فان ما قام به Pedro Sanchez عندما اشهر اعترافه بالحكم الذاتي الذي يعني اعترافا بمغربية الصحراء , وتصريحات الرئيس الفرنسي Emanuel Macron المرطبة عندما اعتبر ان مخطط الحكم الذاتي بالجدي , وهو نفسه الموقف الذي قامت به الدولة الألمانية , وانْ حصل تراجع مؤخراعن كل هذه المواقف لصالح ترتيبات لن تعرف طريقها الى التنزيل , وبإشراف فرنسا واسبانيا والولايات المتحدة الامريكية الذين لن يتخذوا موقفا يسهل سقوط النظام المغربي .. , فان العلاقات بين المغرب واسبانية قد تتأثر بمجيء اليمين , اذا كان على راس أحزاب اليمين الخط " الازري " Aznar بالحزب المحافظ , وهو خط قريب من حزب Vox اليميني والأحزاب اليمينية التي على يمينه .. والأحزاب الجهوية التي تنشد الانفصال عن الاتحاد الاسباني ..
هنا ودائما سيكون نزاع الصحراء الغربية ابرز الأسباب المفترض انها ستسبب في تعكير العلاقات المغربية الاسبانية كزمن حكومة اليسار الاشتراكي Phillip Gonzales ..
لكن من جانبنا . هل اذا جاء الى الحكومة الخط " الازري " Aznar , ولنفرض انه سيتحالف مع الحزب الوطني Vox , سيتجاوز الأعراف والأصول والسير بعيدا في عملية تعطيل او تعكير العلاقات المغربية الاسبانية الممتازة , مقارنة مع الاستحقاقات السياسية الراهنة التي قد تلعب دورا سلبيا في غير صالح العلاقات كما هي مرسومة منذ حكم " الكاوديو " Francisco Franco الذي سلم الصحراء الى المغرب ..
ما يغيب عن بال العديد من المشتغلين بالشأن العام , ان الشعارات التي ترفعها الأحزاب السياسية عندما تكون خارج الحكم , ليس هي الشعارات التي تصبح باسم الواقعية وباسم النضج عندما تدخل الحكومة , خاصة اذا قادتها ضمن جبهة او تحالف أحزاب حاكمة , او أغلبية فازت عن جدارة في الاستحقاقات السياسية .. فهل يمكن تصور اذا جاء خليفة José Maria Aznar , الى الحكومة , ولنفرض تحالف معه الحزب الوطني Vox , والأحزاب الصغيرة على يمين Vox .. سترفع شعار الاستفتاء وتقرير المصير , ومعارضة مغربية الصحراء , والشركات الاسبانية والاقتصاد الاسباني مبني في جزء مهم منه بعد الاقتصاد الفرنسي , على الاستثمار بالمغرب .. ؟
ستستمر العلاقة بين المغرب وبين اسبانية , كمثيلاتها الآن مع الحكومة " الاشتراكية " . ولن يصبح لنزاع الصحراء الغربية موضع في رسم حدود العلاقات التي ستزداد رسوخا ومتانة ليس فقط مع اسبانية اليمينية , بل مع فرنسا حامي قلاع الدولة المغربية . ففرنسا لن تسمح بتنظيم الاستفتاء اذا كان سينجم عنه انفصال الصحراء عن المغرب , وخدمة الجزائر الداخلة معها في مشاكل بنيوية تعود الى نهاية ابعاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن قصر المرادية . كما ان إسرائيل لن تسمح بسقوط النظام المغربي باستفتاء الصحراء الغربية لفائدة النظام الجزائري الذي قد وأكرر قد يتعرض لما تعرضت له ايران مؤخرا ..
ان الأوساط التي ذهبت الى التنبؤ بتعطيل العلاقات المغربية الاسبانية بسبب نزاغ الصحراء الغربية , هم مجموعة من المنجمين وليس مجموعة من الدارسين التحليليين . ولو عدنا الى خرجة Pedro Sanchez عندما اعترف بالحكم الذاتي الذي كان اعترافا بمغربية الصحراء , فالسؤال . كيف ل Pedro Sanchez التصرف خارج الدستور .. لان قرار Sanchez لم يكن قرارا حكوميا اتخذه Sanchez باسم الحكومة .. فهل الدستور يسمح لرئيس الحكومة اتخاذ القرارات من دون الرجوع الى الحكومة ؟ .
وكيف ان الحكومة الغائبة التي كانت تجهل قرار Sanchez علمت بالخبر من بلاغ الديوان الملكي المغربي , وليس من Sanchez الذي تصرف داخل الدستور وليس خارجه كما يذهب المنجمون الذين يتوقعون حصول ازمة في العلاقات بين المغرب واسبانية عند مجيئ خليفة Aznar , ولو تحالف مع Vox والأحزاب اليمينية على يمين Vox ؟
هنا .اذا كان الدستور الاسباني " تعديل 2011 " يعطي سلطة الاختصاص في الاعتراف بالدول وبالاتحادات , وبتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات , والسياسية الدبلومسية للحكومة الاسبانية المنتخبة , فهل تصرف Sanchez في قضية الصحراء الغربية , كان قرارا مخالفا للدستور , ومن ثم يكون قرارا غير مشروع ؟
حين تصرف Sanchez واتخذ قراره من دون الحكومة المغيبة , ف Sanchez الداهية تصرف تصرفا دستوريا , لأنه طرق أبواب القصر الذي يعترف له الدستور المعدل في سنة 2011 , بسلطات واسعة في مجال السياسة الدولية , وفي الدبلوماسية , وفي توقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية , وفي ضمان وحدة الاتحاد الاسباني , لان دور الملك Phillip 6 هو من كان وراء الغاء نتائج استفتاء كطالونية رغم ان الشعب الكاطالوني صوت لصالح الانفصال .. فحين طرق Sanchez باب القصر الملك , يكون بمن يتصرف ضمن الدستور . لكن الشيء الغريب . ماذا قال Sanchez للملك حتى اقنعه بفكرته التي تتعارض مع سياسة الدولة الاسبانية . فكيف للملك ان يوافق على اقتراح Sanchez , والاقتراح مرفوض من قبل الدولة التي عصبها الملك ؟ وهنا هل للملك ان يعارض الجيش ويعارض الكنسية الكاثوليكية وليس البروتستانتية , ويعارض المخابرات كما يعارض المحكمة العليا , ويخرج عن الطقوس والأعراف الاسبانية والتاريخ الاسباني , خاصة وان اسبانية الكاثوليكية تجاور امبراطورية حضارية إسلامية تنظر اليها الدولة الاسبانية بعين الحيطة والحذر ..
فالملك عندما وافق على اقتراح Sanchez فلانه كان يعلم بمحدوديته , التي لا تؤثر في شيء في الدولة الاسبانية . وقد فهمت الحكومة الاسبانية التي همشها Sanchez في خرجته , ولم تبالي , فلا حصلت انتقادات , ولا حصلت انسحابات من الحكومة وبما فيهم اليسار Podemos الذي ظل يزاول وكأن لا شيء حصل ..
نفس الشيء سيكون اذا فاز في الانتخابات الحزب الشعبي بخليفة José Maria Aznar , ولو تحالف مع الحزب الوطني Vox .. فموضوع الصحراء الغربية لن يكون موضوع بحث من قبل اليمين الاسباني الذي سيحافظ على اجود العلاقات مع الرباط , مستغلا التناقض بين الرباط والجزائر العاصمة لرسم مجال الحركة والتحرك , دون تفضيل احد عن الاخر . فدائما سيسمر الحديث عن المشروعية الدولية , التي تعني الأمم المتحدة , وكفى الله المؤمنين شر القتال ..
ومرة أخرى يجب التفريق بين المطالب والشعارات التي تروج لها الأحزاب عندما تكون خارج الحكومة , وبين المطالب والشعارات التي تصبح عندما تشكل الحكومة باسم الواقعية والنضج السياسي ..
إضافة : الدستور الاسباني هو دستور ذكوري وليس أنثوي .. وليس كدساتير الملكيات الاسكندنافية وملكية هولندا وبلجيكا الذي ينتصر للمرأة ولحقوقها . فاذا تساوت حقوق امرأة في تولي الملكية , مع حقوق رجل , فان الأسبقية والافضلية تعطى للرجل الذكر وليس للمرأة .. وهذا تمييز اسباني مرده المسيحية الكاثوليكية وليس البروتستانتية والتاريخ الاسباني الذي يختلف عن التاريخ الانكلوسكسوني . كما اذا تساوى ذكران في توفرهما على شروط تولي عرش اسبانية , فان الاسبقية والافضلية تعطى للكبير في السن . ويبقى هذا التمييز لصيقا بالطقوس وبالتقاليد الاسبانية والتاريخ , لكن في الحالتين هناك خلل في حقوق الانسان المراعاة من قبل الدول الاسكندنافية والهولندية والبلجيكية ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟