أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - اية ديمقراطية للمغاربة ؟















المزيد.....

اية ديمقراطية للمغاربة ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 19:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دراسات سياسية :
ان هذا التساؤل يحيلنا الى السؤال الأساس الذي هو : أي نظام سياسي يتماشى ويعيشه المغاربة ؟
ان الحديث عن الأنظمة السياسية وعن الديمقراطيات , هو قبل كل شيء حديث عن الشعوب التي تعيش في ظل هذه الأنظمة , ونوع الديمقراطية السائدة في الحكم السياسي ..
واذا كانت هناك من علاقة بين الأنظمة السياسية وبين الشعوب التي تعيش في هذه الأنظمة , حيث ينعم الاوربيون بالديمقراطية وبنوع الأنظمة السياسية التي تتولى تدبير الشأن العام , حيث هناك اجماع عام على ان لا فرق بين الأنظمة السياسية التي تحكم اوربة الغربية , فالفرق يوجد فقط في عنوان الدولة بين الأنظمة الملكية والأنظمة الجمهورية , لان الشعب من يتولى اختيار جماعة الأغلبية التي تتولى الحكم , والشعب نفسه من يختار الأقلية السياسية التي تتولى المعارضة ذات الحقوق المضمونة دستوريا , فان نفس الشعب هو من يتولى اختيار تحول الأقلية الى أكثرية , والأكثرية الى اقلية عندما تفشل في تحقيق مطالب الشعب الذي صوت بالإيجاب كي تصبح الأقلية أكثرية والأكثرية اقلية .. أي ان التصويت عقاب على عدم انجاز المشروعات العامة المتعهد بها في البرامج الانتخابية المتنافسة فيما بينها . لذا فالعنوان ملكية او جمهورية ليس هو من يحدد الديمقراطية الغربية , بل يحددها الشعب بمشاركته في العملية السياسية , والتقدم بالبرامج السياسية للأحزاب كي تحظى بثقة الناخبين ما دام ان هذه البرامج المختلفة هي عين الناخب الأوربي . أي ان الشعب من يقرر العملية السياسية من أولها الى اخرها . لذا جرى اعتبار الديمقراطية الغربية بديمقراطية العالم الحر , حيث لا فرق بين الأنظمة الملكية والأنظمة الجمهورية الا في العنوان , نظام ملكي ونظام جمهوري ..
في البلاد العربية التي تدعي أنظمتها الديمقراطية , وتتغنى بها , وهي نوع من ديمقراطية الأنظمة الجاثمة قهرا على صدر الشعوب , ولا تخجل بالادعاء بانتسابها الى الأنظمة الديمقراطية , تجري العمليات ( الديمقراطية ) بما يخطط له النظام السياسي المغتصب للحقوق الفردية والجماعية , ويرتكز على قوة الجيش والبوليس بمختلف اشكاله وانواعه , لفرض اما ديمقراطيات العسكر او ديمقراطيات البوليس التي تتنافس في اشكال قمع المواطن المطحون المنعدم الحقوق , سواء كان النظام السياسي جمهوري كمصر او كان ملكي كالسعودية والأردن .. فالمواطن العربي المحروم من ابسط حقوق العيش يصبح مادة دسمة لتمرير طغيان الأنظمة وبشاعتها السياسية . ان الانتخابات التي تجري مثلا في مصر , ويوظف المواطن لإعطائها مشروعية سياسية تخدم مصالح الحاكم , لتصبح مشروعية الحاكم الذي يسيطر بالقوة على النظام , تعيدنا الى العصور الخوالي التي كان فيها الزعيم يغتصب الحكم بانقلاب العسكر , وبعدها يصبح الحاكم المغتصب للنظام منتميا وبسرعة قياسية الى عالم الأنظمة الديمقراطية , طبعا ديمقراطية العسكر وديمقراطية البوليس التي تتنافس في مساطر إهانة المواطنين واذلالهم والاعتداء عليهم , وسرقة ثرواتهم بعد تفقيرهم .. فما كان يقوم به حسني مبارك وحافظ الأسد الذي ورت الحكم لبشار الأسد , وما كان يقوم به القدافي الذي عين ابنه خليفته , وصدام حسين وابناءه , وعلي صالح حاكم اليمن الذي هيّء ابنه لخلافته .. الخ , يدل بما لا يدع مجالا للشك على نوع الأنظمة الجاثمة , ويدل على نوع المواطن الذي يتعامل مع هذه الأنظمة باسم ديمقراطية ليس لها من الديمقراطية غير الاسم .. فرغم القهر والبطش , يصفق المواطن للحاكم بشكل مازوشي يرتقي بالحاكم الى مرتبة الالوهية المصطفات من نعم رب العالمين .
فالشعوب يكون لها الدور الأكبر في اختيار والتماهي مع نوع الأنظمة , والعيش في ديمقراطية ليس لها من الديمقراطية غير الاسم .
لكن هل الديمقراطية الغربية منزهة عن العبث ومنزهة عن التلاعب بحقوق الشعوب التي اختارت الحكام بناء على المشروعات الانتخابية , لا على أساس الجيش والبوليس القابض بزمام الأمور ..
في اوربة يمكن للناخب ان يصوت على منتخب لينوب عنه في تصريف الشأن العام , لان التصويت يكون على برنامج لا على العلاقة الشخصية كما يجري به التصويت بالبلاد العربية , وقد يحصل ان ينقلب رئيس الدولة الذي صوت له الشعب الى ضد الشعب , عندما يطرح إصلاحات إضافية بَعْدية بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية كرئيس للجمهورية , او رئيسا للوزراء في الأنظمة الملكية الاوربية . فيعرف الشارع معارك بين جمهور المنتخبين الذين صوتوا للرئيس او لرئيس الوزراء , وبين البوليس وليس الجيش باسم الدفاع عن المصلحة العامة كما يراها الرئيس , وباسم الحفاظ والدفاع على الدستور الذي خرقه الرئيس عندما انقلب على تعهداته الانتخابية , وطرح إصلاحات لم يتقدم بها اثناء خوض غمار انتخابات الرئاسة , وهي إصلاحات مرفوضة من جمهور الناخبين الذين صوتوا لفوز الرئيس , او مرفوضة من جزء فقط من الناخبين التي تضررت مصالحهم من (إصلاحات) الرئيس .. فهل انقلاب الرئيس على البرنامج الانتخابي الرئاسي الذي فاز على أساسه بالجمهورية , يعتبر خيانة للمصوتين الذين منحوا أصواتهم لفوز الرئيس , للبرنامج الانتخابي الذي ترشح به الرئيس .. ؟ . وهذا نفسره بالنسبية وليس الكليانية عند التعامل مع الاستحقاقات السياسية التي تخوضها الطبقة السياسية بالوعود المعسولة , التي تصبح امام الواقع الصادم بالوعود التي تحولت من معسولة الى زقّوم سبب المعاناة لمختلف شرائح المجتمع , الذي لم تكن نخبه السياسية " الأحزاب السياسية " تتوقع حصول الصدمة التي سببت في ازمة الشارع بين المحتجين وبين البوليس وليس الجيش ..
اذن هناك علاقة وطيدة بين الشعب وبين الاختيارات السياسية التي يبصم عليها الشعب في الانتخابات الرئاسية او انتخاب الوزير الأول رئيس الحكومة في الأنظمة الملكية الاوربية , مثل ان هناك علاقة وطيدة بين كيفية اجراء الاستحقاقات السياسية في الأنظمة العسكرية وأنظمة البوليس المتعارضة مع الديمقراطية في العالم العربي ..
فأي شعب من الشعوب يستحق النظام الذي يحكمه , لأنه النظام المجسد لطموحاته وطقوسه واعرافه ونوعية ودرجة فكره ..
لكن ماذا عن الديمقراطية التي يستحق المغاربة , وماذا عن النظام السياسي الذي يتولى امر شؤونهم ؟ .
المغرب البلد , والنظام , والاستحقاقات السياسية المعهودة , والسكان ... الخ , بلد فريد من نوعه في العالم . وهذه الظاهرة الجلية , يحقها كل ممارسي الشأن العام المغربي , وتحقها " نخبته " , والجميع يقبلها ويحرص على تجسيدها في الواقع . أي ان هناك منافسة بين المغاربة في درجة التشبث بالطقوس , وبالتقاليد , وبالدولة النيوبطريركية , والنيوبتريمونيالية , والرعوية , والثيوقراطية , أي الدولة الحضارية صاحبة الامبراطوريات الضاربة في التاريخ . فالنظام السياسي المغربي لا يمكنه العيش والاستمرار من دون وجود سكان يربطون مصيرهم بالنظام النيوبطريركي والنيوبتريمونيالي والرعوي والثيوقراطي . فالمغرب دولة الامارة , امارة امير المؤمنين , امارة مختارة من قبل المغاربة الذين يعتبرون برعايا وليسوا بشعب .. ففي الدولة الرعوية المخزنية السلطانية يعتبر المغاربة رعايا للراعي الأمير الذي على رأس الدولة الرعوية .. والسلطان الحسن الثاني الذي كان يحرص الظهور كسلطان وليس كملك , كان يخاطب المغاربة ب " رعايانا الاوفياء " , وليس بشعبي العزيز الذي لم يكن عزيزا عندما حاول جزء منهم الخروج عن نمط الرعية في هزات اجتماعية عنيفة كهزة الدارالبيضاء في سنة 1981 , وهزت الشمال والجنوب في سنة 1984 , فاضطر لنعتهم ب " الاوباش " ..
النظام السياسي المغربي , وان كان ملكيا , فالملكية كمنهج في الحكم , كان يستعملها عند مخاطبته الاوربيين والغربيين , اما عندما يخاطب الرعايا المغاربة , فهو كان يحرص على مخاطبتهم كسلطان مخزني يستند على الطقوس والتقليدانية في الحكم , ولا يستند على أصول القانون الدستوري والأنظمة السياسية , وعلى الدستور الذي يأتي فوقه واقوى منه الدستور الغير المكتوب " عقد البيعة " L’acte de l’allégeance . فرغم ان للدولة دستور قوته القانونية , ورغم انه دستور يركز الدولة في شخص "الملك" الأمير , ويجعل منه الممثل الاسمى "للامة" , ولكلمة " الامة " La nation مدلول ثيوقراطي اكثر منه مدلول سياسي .. , فان الدستور الغير المكتوب الذي هو " عقد البيعة " , يشغل مرتبة في الهرم السياسي المغربي , اكبر بكثير من الدستور المكتوب المستفتى عليه .. فعقد البيعة يعطي لرئيس الدولة كأمير وسلطان وليس كملك , سلطات استثنائية خارقة تنزهه عن اية مسؤولية جنائية او مدنية .. لأنه في الطقوس السلطانية يعتبر من اهل البيت , أي من سلالة النبي . وهذا الوصف الذي يشغله النظام السلطاني المخزني في العرف وأكرر في العرف الدولتي , يجعل النظام السياسي منذ ان كان , وليس فقط منذ 350 سنة مضت , نظاما ثيوقراطيا سلطانيا ومخزنيا بعد ان انتصرت الدولة المخزنية عند التأسيس على الدولة العصبية المشاعية ( ابن خلدون ) ..
فالنظام السلطاني كان به السلطان الذي يمثل سلطة الحق الإلهي , وكانت به الحاشية التي تتكون من خدام السلطان الاوفياء والأكثر قربا , وهم اقلية بعددهم المحصور , والباقي الأكثرية العريضة كان يكونها الرعايا Les sujets المرتبطين بالراعي الأمير من اهل البيت , بحيث لم تكن هناك أحزاب ولا نقابات ولا جمعيات , ولم تكن هناك قوانين وضعية باستثناء القوانين الفرنسية خاصة في العلاقات الاجتماعية لمسلمي دار الإسلام ولليهود المغاربة الذين كانوا ينظرون الى الأمير كممثل وحيد للجالية اليهودية بالمغرب .. فمظاهر المدنية الحديثة لم تكن موجودة , والموجود كانت السلطنة المخزنولوجية الطقوسية المجسدة بالمطلق للدولة الرعوية الاميرية السلطانية والمخزنية .. وقد ظهر هذا جليا عندما حشرت الرعايا نفسها وراء الراعي في هجوم ( الوحش كوفيد ) , لانها تعتبر انتسابه الى اهل البيت هو مُنجّيها من المصائب والجايْحات ومرض الطاعون والجذري .. وكل العاهات التي تخيف الرعية التي زادت تشبتا بالراعي .. اكثر من تشبتها بالمؤسسات المفروض انها تمثل الدولة العصرية ..
ان العقلية المغربية الهجينة , وأكرر الهجينة , وبالنسبة لمختلف درجات تسلسل المجتمع المغربي التقليدي , هي عقلية سلطانية مخزنية طقوسية , تتماهى مع الحياة البطريركية والبتريمونيالية والرعوية والثيوقراطية .. لا فرق في ذلك بين العامة وهي العريضة , وبين " النخبة " المثقفة السياسية البرجوازية , وبما فيها البرجوازية الصغيرة التي تستهلك النظريات الغربية , ممزوجة بالسلطانية والمخزنية في حدودها القصوى ..
فاذا عدنا الى مؤسس الدولة المخزنية السلطانية الطقوسية والتقليدانية الحسن الثاني , لانه رغم تحديث القطاعات بمساعدة فرنسا بالأساس , فهو ظل يحافظ على مظاهر السلطنة , ويعتبر نفسه بالسلطان الذي يعكس الثقافة السلطانية العريقة , ثقافة الحضارة الإمبراطورية التاريخية , مع ادماج المراسيم والمساطر التحديثية عند تسيير شكل الدولة التي كانت مخزنية سلطانية , اكثر منها دولة مؤسسات دستورية ..
ان جميع الاستحقاقات التي حصلت مع فترة حكم الحسن الثاني كسلطان , كانت تتم كممارسات مخزنية سلطانية , كما كانت تتم ضمن دستور يجعل من رئيس الدولة ممثلا اسمى لل"امة" .. أي انا الدولة / الدولة انا .. وعندما حاول الأمير هشام الذي لقبوه بالأمير الأحمر , وهو لم يكن احمرا ولا اخضرا , معارضة هذا الشكل من الحكم المخزني , المتعارض مع الملكية البرلمانية للحفاظ على الملكية من السقوط , اصطدم بمخزنية " النخبة " التي استغلت مكانته وانقلبت عليه , " الاتحاد الاشتراكي " الذي انقلب عليه بمجرد تعيين الحسن الثاني لعبد الرحمان اليوسفي وزيرا أولا , وليس برئيس الحكومة الذي رئيسها الملك الذي يراس المجالس الوزارية , ودخول الحزب في حكومة مع أحزاب كان يصفها بالأحزاب الإدارية , ولم تبق إدارية عندما دخل معها " الاتحاد الاشتراكي " في حكومة الملك وليس حكومة الأحزاب .. ناهيك عن اشخاص استغلوا الأمير باسم الحداثة والديمقراطية , وكانوا هم اقصى على الحداثة والديمقراطية , واكثر حنين وتمسك بالتقاليد المخزنية والسلطانية , والتعامل مع النظام وراس النظام انه ابن اهل البيت التي تقتضي طاعته جملة من الطقوس المتعارضة مع شعارات الحداثة والعصرنة .. فانزوى الأمير جانبا عندما فاجأته هذه الاخلاقيات الحربائية , التي تعكس اشتداد تمسك " النخبة " بالطقوس التي حاول الأمير معارضتها بإدخال إصلاحات تحديثية على النظام كنظام وليس كإمارة ودولة رعوية ..
اذن كيف نفهم ترديد بعض الأحزاب لشعارات الحداثة والعصرنة وبناء الدولة الديمقراطية , وهم اول من يشتغل ضد الشعارات الكاذبة التي تم الترويج لها .. ؟
ان جميع الاستحقاقات السياسية التي جرت زمن الحسن الثاني وزمن محمد السادس , جرت في دولة سلطانية مخزنية , دولة رعوية وطقوسية , لكن كان الجميع يتسابق للمشاركة فيها , رغم انها كانت تجري ضمن دستور الملك الذي فصل فيه السلطات والاختصاصات على مقاصه ؟ فاين هو الدستور الشعب الديمقراطي الذي تغنى به من قبْل المشاركة في الاستحقاقات السياسية في نظام مخزني سلطاني رعوي ..
اذن الكل ومن دون استثناء يتسابقون للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي هي انتخابات الملك , للدخول الى البرلمان الدي هو برلمان الملك , والكل يتسابق ان يحصل له شرف تنزيل برنامج الملك الذي نزل من فوق ولم يترشح للانتخابات ولم يصوت عليه احد , بان يصبح موظفا ساميا بإدارة امير المؤمنين , بحيث يتم رمي برامج الأحزاب بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات لصالح برنامج القصر ..
والكل يتسابق للحصول على شرف تمثيل الطقوس السلطانية سواء باللباس السلطاني المخزني عند افتتاح الملك كأمير للدورة التشريعية الخريفية , حيث يوجه الأمير خطابا بمثابة الامر اليومي للبرلماني الملك , وعند الانتهاء من القاء خطابه السامي , يحتفظ برلماني الملك بالإنصات , وعند الانتهاء من القاء الخطاب الاميري , يكتفي البرلمانيون بالتصفيق وبالوقوف اجلالا واحتراما وتقديسا لأمير كأمير وليس كملك .. كل أحزاب المعارضة في ذاك الوقت " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " , حزب " التقدم والاشتراكية " , " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " , كانت تشارك في المراسيم الاميرية بالبرلمان , ومن خلال الحكومة كموظفين سامين بإدارة السلطان المستند في أصول الحكم على عقد البيعة
L’acte de l’allégeance الأكثر سموا وقوة من الدستور الذي هو دستور الملك .. وكما قلت الملك يتصرف كملك مسنودا على الدستور عندما يخاطب الاوربيين والغربيين الديمقراطيين , لكنه عند مخاطبته الرعايا فهو يعتمد حكم الامارة وعقد البيعة الذي يعطيه هبة ومهابة ربانية كأحد اهل البيت, بما يعفيه من المسؤوليات المدنية والجنائية والسياسية .. فاختصاصات عقد البيعة واسعة وغير محصورة , وتعطي للسلطان الأمير حرية مفرطة في التصرف دون الرجوع الى القاعدة التي فوضت له التصرف نيابة عنها , ومن دون استئذانها او مشاوراتها ..
ان هذه الحالة في التصرف برع فيها محمد السادس كزمن الحسن الثاني , لانه وظف الامارة والبيعة في عزل الخصوم , وفي الاستفراد بالحكم الثيوقراطي الذي رمز به الخلافة .. أي اعتماد المشروعية الدينية في فض القضايا السياسية المعقدة ..
ففي زمن محمد السادس , الجميع ومن دون استثناء شارك في الاستحقاقات السياسية ضمن الدولة المخزنية والسلطانية , رغم المتاجرة بشعارات الحداثة والعصرنة , ورغم استمرار البعض ترديد شعارات الماركسية والاشتراكية , والخضوع للنواميس والطقوس المخزنية , فكانوا مخزنيين سلطانيين اكثر من المخزن نفسه واكثر من السلطان نفسه ..
اذن الخلاصة , ان المغاربة اجمعين وبما فيهم المتاجرون بالحداثة والعصرنة , ومروجي الشعارات الاشتراكية والقومية .. هم جميعا مخزنيون وسلاطين بمحض ارادتهم , ومن دون ان يفرض عليهم احد ذلك ..
ويبقى الاختلاف في الحركة الإسلامية , أي الإسلام السياسي الذي يشتغل على الدولة الإسلامية المخالفة لاسلامية الدولة التي لا تعترف لها ولأميرها بالإمارة والامامة , ومنها من يدعو الى المبايعة المقيدة مع اولي الامر , حتى اذا زاغ وخرج او نقض العهد جاز لل(امة) عزله واستبداله بإمام جديد , او جاز الانقلاب عليه بثورة شعبية على الطريقة الإيرانية التي قصفتها إسرائيل هذا اليوم ..
ان اكبر مظاهر تمخزن وسلطنة القاعدة , حرصها على اتباع الطقوس المخزنية في الأعياد الوطنية , وعند احياء الحفلات المتنوعة .. فمثلا في حفلات الزواج , يسمى العريس ب " بمولاي السلطان " , ويكون له وزيران على يمينه وشماله , ويأتي العبيد لحمله على " العمارية " لتبدأ في سماع " الله يبارك في مولاي السلطان " " بايع سيدي " , مع الحرص على اللباس التقليدي الذي يرمز به الى دار المخزن ..
فماذا نستفيد من هذا التحليل ؟
ان الرعايا المغاربة كلهم مخزنيون سلطانيون ومن دون استثناء .. مخزنيون وسلطانيون بمحض ارادتهم وباختيارهم , لانه يجسد التمييز الذي يميز الرعايا عن الشعوب الاوربية وشعوب الدول الغربية ..
لهذا وصلنا الى الخلاصة الأساسية , وهي السؤال : هل عرفتم لماذا فشلت جميع محاولات قلب النظام حتى قبل ان تشرع في البدء ؟
وهل فهمتم لماذا فشل الجيش مرتين في قلب نظام الحكم ؟
لان المغرب امبراطورية حضارية .. ولان السكان رعايا .. ولان الدولة رعوية على راسها امير راعي .. ولان ما يجمع بين الرعايا والأمير ليس هو الدستور , بل ان ما يجمع بينهما هو عقد البيعة الدستور العرفي الغير مكتوب ...
في الدولة الرعوية السلطانية المخزنية , لن ينجح انقلاب الجيش لان ثقافته علوية فرنسية , ولن تنجح اية ثورة , لان الرعايا لا يثورون , بل هم حماة الدولة المخزنية , وارجعوا الى التاريخ لتعرفوا ما جرى للثائر الجيلالي الزرهوني المكنى ببوحمارة .. وما جرى للباشا البغدادي الذي بعد ان احرقوه رفعوا شعار " وا البغدادي ما شفتي مانضا Mandat ما شفتي هذي " . هذي أي الحريق ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما اشبه الامس الروسي باليوم المغرب
- ويستمر فرقاء نزاع الصحراء الغربية في رداءتهم يعمهون وغارقون ...
- من يقرر مصير الصحراء الغربية ؟
- أي مخرج ينتظر المغرب
- الجمهورية العربية الصحراوية الى جانب الاتحاد الأوربي بعاصمة ...
- سفير المغرب عمر هلال ينتقد قرار مجلس الامن
- الرئيس الموريتاني يستقبل وفدا هاما عن الجمهورية الصحراوية
- قرار مجلس الامن حول نزاع الصحراء الغربية
- مناورات مشتركة لجيوش الجزائر , تونس , ليبيا , مصر والجمهورية ...
- الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا
- هل ممكن تصور إعادة العلاقات الدبلوماسية بين النظام المغربي و ...
- الصحراء المغربية ام الصحراء الغربية ؟
- الجزائر تجري مناورات عسكرية بالذخيرة الحية ، وتنشأ قاعدة عسك ...
- انتصرت إسرائيل الانتصار الساحق
- الجمعية
- هل حقا جرّم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهمة الإرهاب جبهة ...
- التعبئة العامة بالجزائر
- هل طلق السياسويون مطلب الديمقراطية ؟
- ماذا لو قبلت البوليساريو بحل الحكم الذاتي ؟
- هل يلجأ الكونغريس الامريكي لاتهام جبهة البوليساريو بالارهاب ...


المزيد.....




- مصادر إسرائيلية وأمريكية تكشف لـCNN -المدة التقريبية- للعملي ...
- أول تعليق من عبدالملك الحوثي على الضربة الإسرائيلية بإيران و ...
- إيران تضرب إسرائيل بصواريخ -الحاج قاسم-.. ماذا نعلم عنه؟
- -فارس-: بعض الصواريخ التي قصفت تل أبيب فجر اليوم مزودة برؤوس ...
- محاكاة ثورية تكشف إمكانية -خلق- الضوء من العدم
- تكتيك هجين سلاح واشنطن ضد الصين
- خبير يكشف الأهمية الاستراتيجية لتطوير البحرية الروسية
- الهجوم الروسي الصيفي، بدأ!
- صراع الجبابرة في أمريكا
- -يسرائيل هيوم-: فرق الطوارئ تقيم مركزا لاستيعاب القتلى في من ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - اية ديمقراطية للمغاربة ؟