سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 17:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عنوان مشروع إيديولوجي جغرافي خدمت عليه الساسة الإيديولوجيون الامريكان وبالتنسيق مع الخبراء الإسرائيليين ، قبل مجيئ الرئيس الأمريكي جورج بوش الاب ، الذي توسع في خدمة المشروع ، بإدارة إيديولوجية خطيرة اعتمدت العرقية والاثنية في تنزيل المشروع , أي عداء كل ما هو عربي أولا , وعربي إسلامي ثانيا , واسلامي ثالثا .. وطبعا ان ما غدى الدراسات الامريكية التي اشرف عليها كبار أساتذة الجامعات والمعاهد العليا , الصراع العربي الإسرائيلي أولا , والصراع المسيحي اليهودي الإسلامي ثانيا ..
وعندما جاء الى البيت الأبيض الرئيس جرج بوش الابن , وفي خضم حرب الخليج في نسختها النهائية , كون الرئيس بوش الابن فريقا من السياسيين الإيديولوجيين أوكلت له مهمة الاجتهاد في خدمة مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا , أي التحضير لتغيير الأنظمة السياسية العربية المناهضة للدولة العبرية اليهودية , واحتلالها وتقسيمها , وطبعا باستعمال أنظمة سياسية عربية وظيفية واستعمال الجامعة العربية الناطقة باسم ( العرب ) في عملية التغيير وفي عملية التقسيم , أي خلق دويلات جديدة كارتونيات بعد القضاء على الدولة الواحدية البوليسية والعسكرية والفاشية .. وقد لعب المرتزق عمرو موسى كما لعب من سبقه من الأمناء العامين دور خدمة المشروع الأمريكي البريطاني الإسرائيلي , ولو بمسميات شتى . وفي خضم حرب الخليج في نسختها النهائية , طرح الخبراء الامريكان إمكانية غزو سورية وقلب نظامها , وتقسيمها الى اعراق وقوميات مختلفة , والدخول الى المشروع كان اشعال حرب إسرائيلية سورية اثناء الحرب على العراق , لتبرير التدخل وتبرير حقوق القوميات والشعوب في بناء أنظمتها الوطنية والقومية , لكن إدارة البيت الأبيض قررت في النهاية التخلي عن غزو سورية , الى وقت لاحق لا يتعدى عشرين سنة . وهو ما تراء اليوم بتوظيف الإسلام الداعيشي الفاشي ( الشرع الجولاني ) .
طبعا سيتم تجديد وليس احياء مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا , لان المشروع لم يمت , وانه في الحفظ يتم تحريكه حسب الأولويات والمعطيات السياسية المستجدة , وهو مشروع من المشاريع العامة التي فاقت مشروع Sayks et Picot الذي فصل أراضي الرجل المريض وخلق كيانات عربية هزيلة مرتبطة بالاستعمار وليست مرتبطة بقيم اوطانها , لان خطورة مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا اخطر , لانه سيسقط الدولة العربية الواحدية , وسيخلق دويلات / كانتونات جد صغيرة تعيش تحت الرعاية الامريكية البريطانية الإسرائيلية , وحتى الغربية , فتصبح خريطة الدول العربية الواحدية , عبارة عن خارطة Jaguar لكل خريطة جنسية وحدودا جديدة يصبح معها حق العودة الى الوضع الذي ساد قبل الغزو من ضروب المستحيل ..
وبالرجوع الى الخريطة الحالية للدول العربية , سنكتشف ان بكل دولة عربية وره خبيث ينتظر التفجير لخلط الأوضاع بما يغدي النزعة الاثنية والعرقية ونزعة الحدود , ونزعة النزاع على الأراضي المتنازع عليها .. والغرب خاصة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا لا يفرق بين نظام عربي واخر طالما انهم جميعا عربا يدينون بالإسلام ولو نفاقا , ولكن يختار من بين الدول العربية الدولة والنظام الأنسب لإحداث التغيير المطلوب .. ففرق بين أنظمة عربية تكون مطواعة للغرب , وبين أخرى تكون معارضة له سياسيا وإيديولوجيا كالناصرية وأحزاب البعث سابقا في العراق وسورية , لانها فقط ترفع شعار الوحدة العربية ولو ديماغوجية , في حين ان كل خرجاتها كانت ضد وحدة الشعوب العربية التي لا علاقة لها بوحدة النظام السياسي العربي .. فالتخلص من الناصرية ركع مصر امام حذاء إسرائيل , والتخلص من البعثية في العراق وسورية , وليبيا القدافي ... الخ محا ولم يعطل شعارات الوحدة العربية ومنها اللغة العربية والإسلام العربي وليس الإسلام السائد في الدول الغير عربية .. فمعظم المنظمات الإرهابية كانت ولا تزال عربية / عربية اكثر منها افريقية (بوكو حرام) او اسيوية (جماعة ابوسياف) في الفلبين مثلا .. فالعرب المسلمون هم وحدهم من يرفع في المساجد دعوات هلاك النصارى واليهود , دون غيرهم من المسلمين الاخرين .. فرغم ان المسألة لا تتعدى الدعاء , فالخطر يبقى قائما لتحريك الاتباع خاصة من الاميين الجاهلين ..
اذن . ان مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا , هو مشروع حضاري إيديولوجي طقوسي مسيحي يهودي , لانه يواجه مشروعا باسم الحضارة المفتري عليها , الحضارة ( الاسلاموية ) , رغم ان المشروع لم يكن قط , وكان فقط تجارا للدين واوصياء على الدين يخرجون الإرهابيين باسم الدفاع عن الدين وعن الشريعة , في حين ان لا علاقة تجمع بين تجار الدين وأوصياء الدين الذين يعيشون في الأبراج العاجية ( القرضاوي ) مثلا .. وطبيعي ان يكون أساتذة العلوم السياسية وعلم السياسية وعلم الاجتماع السياسي والعلوم الاجتماعية والانطربولوجيون بالجامعات الامريكية والإسرائيلية والبريطانية الكبرى على بينة من هذا المفارقة التي تجتهد في التحريض وفي الدعوة الى الإرهاب .. ضد الغرب اليهودي المسيحي والملحد واللاديني , باسم الدفاع عن الإسلام المهدد , وباسم التعرض للمؤامرة الغربية التي ترى في البلاد العربية بقرة حلوب ..
اذن حين تتحرك أمريكا وبريطانيا وإسرائيل , وحتى فرنسا , فهي تستغل وجود الهفوات والفوارق , وتستغل الفروق والاختلافات العرقية والاثنية داخل كل دولة عربية , لإحداث الانفجار المطلوب لتنزيل المشروع الكبير " مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا " . والمدخل للمشروع الكبير هذا يبقى الورم الخطير في جسم كل بلد عربي , عن ورم الاثنية والعرقية والقوميات والشعوب باسم حقها في بناء أنظمتها باسم القانون الدولي الذي يعكسه ميثاق الأمم المتحدة .. فحين ينص الميثاق على حق الشعوب في تقرير مصيرها , ويستعمل هذا الحق كحق يراد به باطل في بعض الملفات كالصحراء الغربية , ويستعمل هذا الحق الاممي بدفع الاستعمار في تغدية نزعة الانفصال كما يلاحظ في قضية جمهورية القبايل الجزائرية , وفي قضية الريف والصحراء المغربية , يكون الداعي الى اذكاء النعرة مجرد قصاص من ارث باسم حضارة معطوبة غير موجودة , وينتهي به الامر الى التقسيم فالتجزئة , وخلق كيانات جديدة وتقزيم كيانات قائمة ..
وبالرجوع الى خريطة الدول العربية , سنصل الى حقيقة , وهي ان من البلاد العربية الان من هي في مسلسل التقسيم , وهذا ملاحظ في سورية وفي العراق وفي اليمن وليبيا لانها مؤهلة للتقسيم , وهناك بلاد أخرى معرضة للتقسيم الذي تحتضنه دولا اوربية كفرنسا وبتأييد الغرب كسويسرة وألمانيا وكندا .. وهنا نستعرض حالة جمهورية القبايل الجزائرية التي تأويها وتحتضنها فرنسا , وتحتضن دراعها الشبه العسكري ( الماك ) , وفي خضم سوء الفهم الجاري بين القيادة الجزائرية والقيادة الفرنسية , وعند اشتداد سوء الفهم ليصبح اختلافا فصراعا , وعند سقوط النظام الجزائري في إرهاب العشرية السوداء , ففرنسا التي ساندت الجيش الجزائري في الانقلاب على جبهة الإنقاذ الإسلامية وشجعتها في خوض الحرب الاهلية , هذه المرة سترفع علانية شعار دعمها لجمهورية القبايل الجزائرية .. والجمهورية البربرية في حال اضعاف الدولة المركزية , ستلقى الاعتراف من قبل الاتحاد الأوربي ومن قبل الولايات المتحدة الامريكية وكندا , وسيكون دور روسيا شبيها بدورها عندما سقطت سورية وسقط حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم .. فالغرب لن ينسى موقف النظام الجزائري من مساندته لحماس الاخوانية , ولاحداث غزة , والتشهير بإسرائيل بمجلس الامن وبالاتحاد الافريقي .. فالنظام الجزائري غير مرغوب فيه من قبل الغرب خاص وانه النظام اليتيم عن تجربة " جبهة الصمود والتصدي " لا يزال لوحده يردد شعاراتها الجوفاء التي ما صمدت امام فلان ولا تصدت لعلان ..
والنظام المخزني المزاجي والتائه يحمل في ثناياه ورما خبيثا يمثله نزاع الصحراء الغربية , وتمثله الجمهورية الريفية .. ومثل نزاع الصحراء الغربية , فالدول الاوربية كهولندا وألمانيا وحتى فرنسا .. لا تتردد في احتضان الجمهورية الريفية , وان كان ذلك بأشكال مختلفة . فباسم حق الشعوب في اختيار قادتها ودولها ونظمها , من حق ( الشعب ) الريفي اعلان الانفصال عن دولة المغرب , ومن حق الشعب الصحراوي كذلك ان يقرر مصيره وان أدى الاستفتاء الى الاستقلال عن المغرب ..
لكن لا يجب الخلط من حيث الأولوية والتسبيق في التعامل والمعالجة . فبالنسبة للقضية الريفية لم يسبق ان تمت معالجتها من قبل مجلس الامن ولا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة , ولم يسبق ان صدرت بشأنها قرارات اممية , كما لم يسبق للقضاء الاوربية ان بت في نزاعاتها , ولم يسبق لمحكمة العدل الدولية ان بتت فيها كما بتها في نزاع الصحراء الغربية في 16 يوليوز 1975 .. وليس لها رئيس كابراهيم غالي اعترف الملك محمد السادس بالجمهورية الصحراوية التي يرأسها .. كما لم يسبق ان حضرت لقاء قاريا كحضور رئيس الدولة الصحراوية الى جانب ملك المغرب والرئيس الفرنسي , وحضور الرئيس الصحراوي والمغرب بعاصمة الاتحاد الأوربي ببروكسيل ببلجيكا .. لكن رغم ذلك فتحركات الريفيين الانفصاليين , ستبقى تشكل خطرا في حالة اضعاف الدولة المركزية كنجاح الدولة الصحراوية في الانفصال عن المغرب .. أي ستبقى الان للضغط وللمساومة , ويتوقف هذا على دينامية الريفيين اذا وحدوا صفوفهم ونجحوا في خلق الحراك الذي قاد الى الجمهورية الريفية , التي رغم انها عاشت لست سنوات , فلا دولة واحدة اعترفت بها , ولا الأمم المتحدة اعترفت بها , كما انها ظلت مجهولة من قبل الغربيين الاوربيين والامريكان ..
اما ورم الصحراء الغربية , فبدوره ولا دولة من دول الاتحاد الأوربي تعترف بمغربية الصحراء , ولا أمريكا تعترف بدورها بمغربية الصحراء , ولكن فرنسا وواشنطن تطبطبان فقط على اكتاف النظام المغربي الذي يؤرقه مشكل الصحراء الغربية , لان مصيره مرتبط ببقاء الصحراء تحت نفوده وسيطرته , فان اضاعها أضاع عرشه وأضاع دولته .. فشروط الاعتراف بمغربية الصحراء غير موجودة , لان قضية الصحراء الغربية هي من اختصاص الأمم المتحدة , مجلس الامن الذي تعد أمريكا اكبر دوله وهي و فرنسا تتمتعان بالفيتو , ويلتزمان بالقرارات التي يصدرها مجلس الامن أعضائه الدائمين التي تنص على حل الاستفتاء , وتساوي القرارات بين المغرب كدولة وبين جبهة البوليساريو التي يعتبرونها بحركة تحرير تنازع النظام المغربي احقية الصحراء الغربية ..
وبما ان دول الاتحاد الأوربي تلتزم بقرارات قضائها التي ابطلت الاتفاقيات الموقعة مع النظام المغربي بخصوص الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين , فان الاتحاد الأوربي لا يعترف اطلاقا بمغربية الصحراء , وهو نفس موقف الولايات المتحدة الامريكية التي تشرف على تحرير وتنقية وإصدار تقرير مجلس الامن الذي يتحول الى قرار اممي يصدر تحت البند السادس وليس البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة . فيجب فتح الاعين جيدا حتى لا تكون المفاجأة الصادمة التي ستزعق بالصحراء وستزعق بوحدة المغرب .. والدليل . لماذا لم تعترف إسرائيل بمغربية الصحراء ؟ , والاعتراف لكي يكون قانونيا يجب ان يحصل في مجلس الوزراء ويدلى بتصريح يهودي إسرائيلي , ولا يكتفي بتصريح وزير زار المغرب ليؤكد اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء , وهي نفس الملاحظة نطرحها من موقف Pedro Sanchez الأحادية الجانب , وليس بموقف الحكومة الاسبانية , ولا بموقف الدولة الاسبانية العميقة التي تحكم اسبانية ..
ففي كل بلد من بلدان العالم العربي وبلدان شمال افريقيا يوجد ورم خبيث يتعامل معه حسب الحاجيات والمعطيات والوضعية العامة للدولة .. والاستعمار الذي يزاوج بين تأييد أنظمة ولو شكلا , وبين التشبث ب " مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا " , تبقى استراتيجيته الأساسية اقبح من تركة Sayks et Picot الذي خلق دولا على المقاص , في حين ان المشروع سيفتت دولا ويعيد تقسيمها , ويخلق بدل الدول الكانتونات Les cantons. وهذا لا يعني ان هذه الدول هي وحدها المستهدفة , بل ان خطر التقسيم سيلحق مصر والسودان والسعودية وكل بلد عربي الاثنية ويدين بالإسلام , وهما الشرطان الكريهان من قبل التحالف اليهودي المسيحي ..
لقد انتصر " مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا " , حين انتهى حزب الله بعد احدى وارعين سنة من التواجد , وانتهت حماس التي عوضت منظمات التحرير الفلسطينية والتي انشأتها الدولة الإسرائيلية لمجابهة منظمات التحرير بما فيها منظمة فتح الاخوانية المنشأ , وانتهى حزب البعث العربي في سورية , وانتهى في العراق ... ومازال العقل العربي منبهرا بصاروخ يمني فرط صوتي أصاب ضواحي مطار اللذ بنغر يون ..واحدث ثقبا في الأرض , ولم يقتل أحدا , ولم يسوي عمارة بالأرض كما فعلت الطائرات الإسرائيلية والأمريكية بغزة وباليمن وبلبنان الذي اغتيل فيه نصر الله الى جانب 240 كادر من الخزب دفعة واحدة .
انه " مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا " الذي خطط له الرئيس الأمريكي جورج بوش الاب , وجورج بوش الابن , ونفده وينفده الرئيس الماكارتي Donald Trump .
ان مشكلة الأنظمة العربية انها أنظمة وظيفية , مفصولة عن شعوبها , وما دام ان الشعوب محرومة من كرامتها وحقوقها وتعيش عند الحاكم العربي كعبيد , فان السلاح لمواجهة كل هذا المؤامرات , لن يبلغ الفعالية والقوة في غياب الديمقراطية وحقوق الانسان , من أسباب تغلب الغرب على البلاد العربية والعربية الإسلامية ..
إضافة : ان من يراهن على الصاروخ فرط صوتي اليمني , وهو بالمناسبة صاروخ روسي هو من يقف وراء تقنيات الصواريخ الإيرانية سيكون مغفلا .. سيجدون للحوثيين نفس حل حماس وحل حزب الله اللبناني .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟