سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8364 - 2025 / 6 / 5 - 18:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل جاء قرار مجلس الامن السنوي بجديد لنزاع الصحراء الغربية ؟
الأطراف المتصارعة هللت للقرار واعتبرته في صالحها , مع العلم ان القرار لم يأت بجديد , وكان قرارا منسوخا عن القرارات السابقة .
فبعد الاستماع لإحاطة رئيس المينورسو , واحاطة المبعوث الشخصي للأمين العام بملف الصحراء , سيتبنى المجلس مسودة التقرير الأمريكي , الدي اصبح قرارا بعد التصويت عليه من الأعضاء الدائمين ومن الأعضاء الغير الدائمين .
فهل جاء القرار الأخير بجديد لملف نزاع الصحراء الغربية ؟
ان القرار هو نسخة عن القرارات السابقة , وان القول بنسخة عن القرارات السابقة , يعني ان القرار الأخير مثل القرارات السابقة يحمل في طياته أسباب فشل القرار في إيجاد تسوية طبقا للمشروعية الدولية . فماذا حين ينص القرار " حل سياسي / وليس بالحل القانوني / يحظى بموافقة اطراف النزاع , لتمكين شعب الصحراء الغربية من تقرير مصيره ..
والسؤال هنا : هل ستواقف اطراف النزاع على الحل الذي تراه طبيعيا وعادلا ويتماشى مع مصالحها الاستراتيجية .. أي هل سيوافق النظام المخزني على الحل الذي تنشده جبهة البوليساريو , والذي هو الاستفتاء وتقرير المصير .. وهل سيوافق النظام المخزني المزاجي والتائه على الحل الذي تتقدم به جبهة البوليساريو , والذي يعني تنزيل المشروعية الدولية التي تتمسك فقط بحل الاستفتاء ؟
واذا نحن اخذنا بعين الاعتبار تباعد مواقف اطراف النزاع , لان في أي حل يتقدم به احد الأطراف سيرفضه الطرف الاخر , امكننا الوصول الى نتيجة منطقية , وهي ان قرار مجلس الامن الأخير المنسوخ عن القرارات السابقة , هو قرار لا علاقة له بالحل الذي يفصل في النزاع الذي لا تزال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار تبحثه كل سنة , رغم ان قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة .. ومن ثم نعتبر قرار مجلس الامن بالقرار الرضائي الذي يرضي اطراف النزاع اجمعين , بحيث سنجد هذا الغموض في نص القرار نفسه الذي يرضي الطرف الصحراوي ب " الاستفتاء وتقرير المصير " , ويرضي النظام المخزني المزاجي , بربط أي حل مقترح بموافقة اطراف النزاع . وهنا هل سيوافق النظام المخزني على قبول الاستفتاء , وهل ستوافق الجبهة الشعبية على حل الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المخزني في ابريل 2007 ؟
فلكي يتم الوصول الى حل الاستفتاء وتقرير المصير , يجب اذن حصوله على موافقة وأكرر موافقة النظام المخزني . وهنا هل النظام المخزني سيوافق على حل الاستفتاء وتقرير المصير ؟
وبالمقابل هل يمكن تصور الوصول الى حل الاستفتاء وتقرير المصير دون موافقة النظام المخزني ؟
وكما قلت فان قرار مجلس الامن الأخير ومثل القرارات السابقة , هو قرار ارضائي لأطراف النزاع , خاصة حين يعتبر الجميع ان القرار في صالحهم , في الحين القرار ضد مصالهم .. فهو قرار غامض بخصوص الوصول الى مرحلة الاستفتاء وتقرير المصير ، وغامض من حيث تحديد الوضع القانوني للصحراء المتنازع عليها .. فاطراف النزاع عندما تعتبر القرار في صفها , والقرار ليس في صف احد , فهذا الاعتبار والسبق في تبني القرار , انّ اطراف النزاع شعرت بحقيقة القرار الذي يصب في مصلحة الجميع ظاهريا , ولا يحسم الحسم البتار لنزاع عمر لأكثر من خمسين سنة .. فما دام ان الدول العظمى بمجلس الامن تستنزف اطراف النزاع , فحل نزاع الصحراء الغربية يبقى بعيد المنال عن أي حل قد يستفاد منه تنزيل المشروعية الدولية التي تحمل في طياتها أسباب فشل أي حل ، الا عندما تريد أمريكا وفرنسا تنزيل الحل الجذري الذي هو استعمال البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة . أي حين يتصرف مجلس الامن كسلطة آمرة وضبطية وملزمة .. وامّا و ان قرارات مجلس الامن التي تحمل في طياتها أسباب فشلها تصدر تحت البند السادس من الميثاق الاممي , فاصل الحل الجذري يبق بيد واشنطن التي تتصرف من خلال سهرها على تحرير المسودة , ومن خلال ضغطها ليصبح التقرير قرارا يصدره مجلس الامن , لكنه قرار غامض .. ومرة أخرى . هل سيوافق النظام المخزني المزاجي والتائه على حل الاستفتاء " شرط الموافقة " , وهل ستوافق الجبهة على حل الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المزاجي في ابريل 2007 ؟
النظام المخزني المزاجي التائه , لن يوافق ابدا على الاستفتاء وتقرير المصير .. وجبهة البوليساريو لن توافق كذلك على خيار الحكم الذاتي الذي يلوح به النظام المغربي .. ورغم ان المجتمع الدولي تجاهل اقتراح النظام المزاجي التائه عندما تقدم بحل الحكم الذاتي , فهو كذلك يتعامل مع الاستفتاء بما يهدد وجود النظام المغربي الذي ذهب بعيدا في معارضة خرجة الرئيس Donald Trump تأييده الشكلي لحل الحكم الذاتي ..
ورغم التزام واشنطن بالحل الاممي عندما ينتهي من تكرار شرطي " الموافقة والقبول " , فالحل يبقى حلا أمريكيا ما دام ان نزاع الصحراء الغربية هو من اختصاص الأمم المتحدة لا من اختصاص غيرها حتى لو كانت الولايات المتحدة الامريكية ..
النظام العالمي لا ولن يعترف بمغربية الصحراء . والنظام العالمي غير متسرع باعتماد حل الاستفتاء وتقرير المصير الذي سيطيح بالنظام المخزني المزاجي والتائه ..
ان حل نزاع الصحراء الغربية لن يكون من قبل الأمم المتحدة , التي تماطل في ايجاد حل طبقا للبند السابع من الميثاق .. ان حل نزاع الصحراء لن يكون الا بواسطة السلاح , أي الحرب بين النظام المزاجي التائه , وبين جبهة البوليساريو , وبين النظام المخزني والنظام الجزائري .. والسؤال : هل ستنجح الحرب التي تدور اليوم في شكلها الثاني , من فرض استقلال الصحراء ؟ . وهل اندلاع الحرب بين النظامين المخزني والعسكري , ستكون السبب في التسريع بتدخل الأمم المتحدة لعلاج قضية الصحراء الغربية المستعصية عن أي حل حتى اليوم ..
ان الخطأ الاستراتيجي الخطير الذي سقطت فيه الجبهة , قبولها بتوقيع اتفاق 1991 , وانتظارها لأكثر من ثلاثين سنة , ليظهر لها استحالة النظام المغربي القبول بالاستفتاء وتقرير المصير .. فكان على الجبهة وهي دخلت أشواط المفاوضات مع النظام المزاجي , ان تستمر في حربها الأولى التي اثرت في النظام المخزني الذي كان مهددا بسقوط عرشه .. لان نتائج المعركة هي التي تحدد شروط وزخم المفاوضات .. وامّا وان النظام ماضي في بناء الجدار الحجري والرملي .. فهل من يبني الجدار لحمايته من الهجومات , سيقبل التنازل عن الصحراء , سيما وانه ربط وجوده باستمرار سيطرته على الصحراء ..
القرار الأخير لمجلس الامن " حل سياسي متوافق عليه يؤدي الى تقرير مصير ساكنة الصحراء " , هو سبب ديمومة الستاتيكو في الصحراء , وسيستمر الستاتيكو , الى ان يظهر لأمريكا ان حل الاستفتاء اصبح بالأمر الواقع , خاصة اذا حصلت تحولات تهدد المصالح الامريكية والغربية على العموم ..
ستستمر الجمعية العامة في اعتبار الصحراء الغربية بحاجة الى الاستفتاء وتقرير المصير , ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ..
وسيستمر مجلس الامن في اصدار قرارات تنسخ بعضها البعض , قرارات خالية من سلطة الضبط والالزام , لترطيب الخواطر , وكما قلت أعلاه قرارات رضائية لأطراف النزاع , بحيث ان كل واحد منهما يعتبر القرار في صالحه .. وسيستمر الاتحاد الأوربي رافضا أطروحة مغربية الصحراء , وملوحا بتنزيل المشروعية الدولية .. وستستمر الدولة الصحراوية بالاتحاد الافريقي الى جانب كرسي النظام المغربي .. وسيستمر الستاتيكو بالمنطقة حتى ظهور معطيات جديدة تدعو الى التعجيل في إيجاد حل قانوني وليس بالحل السياسي للنزاع الدائر منذ اكثر من خمسين سنة مضت عجافا على جبهة البوليساريو , ومضت رحمة على النظام المغربي الذي يملك شرعية الأرض رغم امتلاك البوليساريو لشرعية القانون .. واذا تقابلت الشرعيتان , فأكيد الانتصار سيكون لشرعية الأرض لا للشرعية القانونية , لان النظام العالمي المسيطر على سلطة القرار الاممي , يتعامل ويحترم الأقوياء وليس الضعفاء ..
نزاع الصحراء لن تحله غير الحرب . فهل تملك البوليساريو الأسلحة النوعية لتغيير المعادلة بالجبهة أي بالمنطقة ؟
وهل الجزائر التي غرقت في المستنقع الصحراوي مؤهلة لتخوض الحرب ضد النظام المخزني المزاجي والتائه من اجل الصحراء , سيما وهي تدعي انها ليست معنية بحرب الصحراء ..
واذا كانت الجزائر تفكر في اشعال فتيل حرب , فهل ادركت نتائجها التي ستعجل بتشتيت المنطقة " جمهورية القبايل البربرية , الجمهورية الريفية , الجمهورية الصحراوية .. " ..
اما التعويل على قرارات مجلس الامن الرضائية لتحرير الصحراء وخضوعها لاحقا للجزائر , سيكون تعويلا على الفراغ وتعويلا على السراب ..
لا قرارات مجلس الامن ولا قرارات الجمعية العامة ولا قرارات الاتحاد الأوربي ولا احكام محكمة العدل الاوربية ,ولا قرارات الاتحاد الافريقي .. ستحرر الصحراء .. الصحراء ستحررها الحرب . فهل تملك البوليساريو الأسلحة النوعية لخلخلة الستاتيكو الجاثم على المنطقة ..
فعندما اعترف النظام المزاجي بالدولة الصحراوية وبالحدود الموروثة عن الاستعمار , واعترف امام العالم , يصبح حل الحكم الذاتي , وحل الاستفتاء متجاوزين .. وكان على الأمم المتحدة ان تتصرف من هذا الاعتراف الصريح والواضح , ما دام النظام قد اعترف بالدولة .. لكن حسابات مجلس الامن , وحسابات الجمعية العامة للأمم المتحدة , وحتى حسابات الاتحاد الافريقي ,... حسابات تعقد ازمة الصحراء بدل حلها ..
التطبيل لقرارات مجلس الامن , ولقرارات القضاء الأوربي والاتحاد الأوربي , وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة .. هو تطبيل ساذج لن يحل نزاع الصحراء الغربية . ان حل نزاع الصحراء يكون بإجرائيين . الحرب او استعمال البند السابع من الميثاق الاممي .. وما عداهما سيكون ساذجا سذاجة أصحابه السذج ..
سعيد الوجاني طالب لجوء سياسي فرنسا
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟