سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 18:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المغرب الى اين ؟
تحليل خاص للأوضاع المرتقبة .
التساؤل عن مآل المغرب وعن ما ينتظره عند غياب الملك المريض , هو تساؤل مشروع , لأننا نحن المعنيين به كمغاربة ينشدون الدولة الديمقراطية الحقيقية التي ستقطع مع دابر الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة , وبسبب الفساد هذا طرحنا تساؤلنا المشروع , المغرب الى اين ؟
ان الازمة العامة والبنيوية اصابت كل القطاعات , وكل القطاعات ومن دون استثناء تتشكى , وكلها ترجع سبب الازمة العامة الى الفساد المستشري بشكل فاحش .. فعندما يقتات المغاربة من القمامة , وحين لا يجدون ما يشترون به حتى ربع كيلو دجاج .. وحين يعتقد الجهاز السلطوي L’appareil autoritaire , وزارة الداخلية , والبوليس السياسي الفاشي , انهم قد تمكنوا من اذلال واهانة المغاربة , حين يهدمون الدور فوق رؤوس أصحابها المفقرين , وفي اعز الشتاء ويتركونهم عرضة للبرد ولسوء أحوال الجو .. معتقدين انهم منهزمين لن يستطيعون احياء صهوات المغاربة الاحرار الذين نزلوا الى الشارع محتجين عن زيادة عشر سنتيمات في ثمن الخبز ( هزة الدارالبيضاء في سنة 1981 , وهزة الشمال في يناير 1984 , وهزة دجنبر 1990 .. وحتى ظهور ونزول حركة 20 فبراير التي كانت مخزنية وانتهت اكثر من مخزنية ... ) لن ينزلوا مرة أخرى , فشرعوا ينتقمون من الهزات السابقة , سيكون من ينظّر هذا التنظير العشوائي , بفاقد البوصلة والاتجاه الصحيح الذي يتحكم في الوضع الذي سيخلق , وسيكون مفاجئا للسلطويين وللبوليس الفاشي , عند غياب الملك ندعو له بالشفاء ..
ان ما اخر نزول الشعب المشتت وغير المنظم في تنظيمات سياسية تقدمية ديمقراطية , كونه تعرض لأكبر خيانة من أولئك الذين وظفوه في تحقيق مآربهم , وليس في خدمة مصالح الشعب المفقر .. فإضرابات وهزة الدارالبيضاء في سنة 1981 , وهزة الشمال والجنوب في يناير 1984 , كان وراءها الأحزاب التي وظفت نزول الجماهير للتفاوض مع النظام من اجل مقاعد برلمانية إضافية , وان يحصل لهم شرف الانخراط في تنزيل البرنامج الملكي الذي لم يشارك في الانتخابات , ولم يصوت عليه احد كغيرهم من الأحزاب الإدارية .. فالجماهير لم تنزل الى الشارع رغم الغلاء الفاحش والغير مقبول , لانها فاقدة للدينامو وللمحرك الذي سيدفعها الى النزول .. فالشعب تائه تلفان ومشتت الهمّ والتفكير .. لكن هذا لا يعني ان السكون والسكوت سيستمر رغم الإحباط والميز والتمييز , ورغم سرقة الوطن في النهار وليس في الليل .. بل المراهنة وعند وفاة الملك قد تتخذ اشكالا قد تكون معروفة , وقد تكون غير معروفة حتى تفاجئ النظام على حين غرة ..
ان استرسال الجهاز السلطوي L’appareil autoritaire في جلد وصفع المغاربة في الشارع لإذلالهم واهانتهم والنيل من كرامتهم .. وزارة الداخلية ... وان استرسال الجهاز البوليسي الفاشي في فبركة المحاضر البوليسية لرمي الاحرار الشرفاء في السجون بتهم لا أساس لها من الصحة , كتهم الجنس والتخابر , وكان من ضحيتها النقيب والأستاذ محمد زيان صاحب الأربعة والثمانين سنة المحكوم بأربعة سنوات سجنا , لانه أجاب عن سؤال الملك " اين الثروة " , وبعد ان أشار لمكان تواجد الثروة , دعا الى ارجاع الفوسفاط والذهب والفضة وكل الثروات الوطنية الى المغاربة .. لن يمر مرور الكرام مع غياب الملك محمد السادس ..
ان المغرب مقبل اليوم الى تغيير جذري محكم , لكن عَنْوَة التغيير تبقى صادمة او غير مقنعة , لان الطبيعة لا تقبل الفراغ , والفراغ ولو تم ملئه بالسرعة القصوى , فقد يبقى وفي غياب المعارضة الديمقراطية والتقدمية , معرضا اما للأناركية , وقد ينحو الوضع الى الفتنة الأشد من الاناركية , وقد يستقيم الوضع لصالح الدولة ولصالح الملك الحسن الثالث , سيما وان الرعايا Les sujets تخاف من التغيير , وتتمسك بالطقوس وبالتقليدانية , وتفضل الارتباط بالدولة السلطانية المخزنية , رغم الجوع والمرض والقهر .. لان ما حصل بسورية والعراق واليمن وبليبيا ... يخيفها , لانهم يفضلون العيش فوق رأس ابرة او منجل , على ان يثوروا نحو الخراب الذي يهددهم اكثر من قساوة اعتداءات الجهاز السلطوي واعتداءات البوليس الفاشي مفبرك التقارير والمحاضر البوليسية المفبركة ..
المغرب وكالجزائر وكل بلد عربي -- بربري قوي في حدود , معرض مستقبلا لتغييرات جذرية قد تصيب الأنظمة وليس فقط الجغرافية .. والغرب المتمرس في ترويض هذا النوع من الأنظمة , والمدرك بكل الخطوات المنتظرة المرتبطة بالمعطيات السياسية والاثنية المطروحة , يشتغل ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا .. لكنه غير متسرع في خططه التي قد تتسبب فيها هزات داخلية شعبية او اثنية .. فاذا عادت هزات الدارالبيضاء في سنة 1981 , وهزات الشمال والجنوب في سنة 1984 , او حتى حركة 20 فبراير المخزنية .. واذا حصلت هزات عنيفة على شكل هزات العشرية السوداء في الجزائر .. فالنتائج المنتظرة من الاحداث لن تخرج عن دور الغرب الديمقراطي في طرح الصراع كجغرافيا او اثنية .. وسيكون مدعما بالقانون الدولي باسم حق الشعوب في اختيار نظمها وقادتها .. ان جمهورية القبائل البربرية ودراعها " الماك " , وان جبهة البوليساريو التي تملك مكاتب بجميع العواصم الاوربية , وبالمدن الاوربية , وبالأمم المتحدة , وبكندا وسويسرة .. أي بجميع دول الاتحاد الأوربي ..
وان جمهورية الريف حيث يرفع الريفيون مطلب الجمهورية الريفية الانفصالية .. هي مشاريع تهدد البنية التاريخية والجغرافية , وتهدد الأنظمة التي قد تسقط , وليصبح الخلف مجرد كانتونات Des cantons تعيش تحت الرعاية الغربية لا خارجها .. ورغم ان النظام المغربي اخرج الى العلن العلاقات السياسية التي كانت من تحت الطاولة , فإسرائيل لا تعترف الى الان بمغربية الصحراء , مثل واشنطن , ومثل الاتحاد الأوربي .. ويكون اعتراف الرئيس Donald Trump بحل الحكم الذاتي قد فقد زخمه كما بدا في بدايته , وليصبح موقف Trump مثل موقف Pedro Sanchez والرئيس الفرنسي Emanuel Macron المشروعية الدولية .. المهددة للنظام المغربي . كما ان جمهورية القبائل البربرية مهددة للنظام الجزائري وللجغرافية الجزائرية ..
اذن . ماذا يمكن توقعه وانتظاره عند غياب الملك محمد السادس , وعند إقرار الاعتراف بجمهورية القبايل البربرية الجزائرية ؟
--- الاحتمال الأول , ان يتضامن الشعب المغربي مع الملك الحسن الثالث , الذي يعقد عليه الغرب خاصة فرنسا والولايات المتحدة الامريكية , آمالا لإحداث التغيير المنشود والمطلوب للحفاظ على بقاء النظام الملكي في صورة ديمقراطية مغايرة .. وخاصة ان الأمير الحسن الذي سيصبح بالملك الحسن الثالث , مطالب بإحداث الإصلاح السياسي دون التفريط في الأسس البنيوية المتميزة للنظام السياسي كنظام تاريخي .. أي ان يحصل الحد من الافراط من الدولة النيوبطريركية , والدولة النيوبتريمونيالية , الدولة الرعوية , والدولة الثيوقراطية .. كان يحصل تغيير في اشكال تقديم البيعة , اشكال سيكون مقبولا من قبل المغاربة الديمقراطيين , وسيباركه الجيش لسيرورة الدولة رغم تعلق الجيش بالطقوس وبالتقاليد السلطانية العلوية .. وان حصل هذا التغيير بما يتماشى مع أصول الدولة التقليدانية , سيكون النظام , نظام الحسن الثالث قد انخرط في المشروع الديمقراطي الذي يحث عليه الغرب , ويكون قد فتح بابا ستجعله مصدرا إقليميا في المشورة السياسية والدينية ..
وهنا فان من يراهن على تغيير النظام دون ان يكون مسلحا بمشروع أيديولوجي او عقائدي , خاصة وان دعاة التغيير غير منظمين في صفوف تنظيمية حزبية , ومن هو منخرط في تنظيم وهنا نقصد معارضة الداخل , لن يصلوا الى تحريك الشارع بشعارات فشلت عند ترديدها في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي .. ويبقى هنا دور الاتجاه الثيوقراطي الإسلامي , الإسلام الحركي , كدور قد يكون مشكوكا فيه , وقد يكون مهادنا او محرضا .. سيما وانه رغم مرور اكثر من ثلاثة وعشرين سنة على ترديد وتشبيه النظام ب " الفاكهة المتعفنة التي ستسقط من تلقاء نفسها " , أي سقوط النظام من دون ثورة , لم يسقط ولم يضعف , ولا يزال يسيطر على الوضع السياسي كما لو الحسن الثاني لا يزال حيا ..
فالإسلام السياسي قد يكون له دور اما في تسكين الوضع حفاظا من الانزلاق في مشاريع ستأتي على الأخضر واليابس , خاصة التغيير الجغرافي الذي ينتظر على الأبواب ..
وقد يساهم هذا الإسلام الحركي , في تأجيج الوضع والنفخ فيه , برفع الشعارات الإسلامية المحرضة على الثورة الإسلامية على الطريقة الإيرانية .. ونظرا لان عقلية الرعايا Les sujets هجينة , ونظرا لاشتداد الازمة البنيوية , فقد يساهم اطلاق وترديد شعارات إسلامية من هنا وهناك , في تأجيج وتأزيم الوضع , لكن دون الوصول الى تغيير النظام بنظام إسلامي سيكون كريها عند الغرب , خاصة عند اكبر العواصم الاوربية باريس واشنطن مدريد وتل ابيب ..
وطبعا فالجيش المرتبط بالشعائر العلوية , وبالعلاقات الامريكية الفرنسية الإسرائيلية والاسبانية , لن يترك الوضع للخروج عن السيطرة , وسيتم انهاء أي محاولة لزج الإسلام بالتغيير لفرض نظام إسلامي قهري وفاشي يحكم فيه الفقيه المكبوت , او الامام المرشد , أي ان دور الجيش سيكون معارضة بناء أي نظام باسم الثيوقراطية , او باسم الفاشية .. طبعا سيتم تشتيت أي خرجة في هذا الشأن بكل سهولة , لان الرعايا حطب المشروع الإسلامي هم هجينين واميين , وان انتسابهم للشعارات التي تم ترديدها لم يكن انتسابا منظما وعقائديا , بل ترديد الشعارات لانها ملونة بالقران البريء من هذه الشعارات ومن أصحابها الذين يبحثون عن إقامة دولة ايران شيعية او سنية .. المهم اغتصاب السلطة ..
--- الاحتمال الثاني , ان يحصل تجانس بين الرعايا والنظام , والمشاركة القوية في تأبين الملك الراحل , على الطريقة المغربية في المآثم بحيث يتحول الرعايا الى جنود تلقائيين في الدفاع عن النظام , وفي الدفاع عن الملك الجديد , خاصة اذا وجه خطابا وكلمة مؤثرة الى الشعب .. والشعب عبر التاريخ لا يثور اثناء مراسيم الجنازة على الدولة , بل ان مراسيم الجنازة تحوله الى اكبر مدافع عن النظام وعن الملك , خاصة اذا استعمل الملك في كلمته كلمات تحت على الوحدة والتضامن في أوقات الشدة ..
فالمراهنة على تغيير النظام بالسرعة القصوى عند غياب الملك , تبقى مجرد صورة سيفندها الواقع الذي تطبعه الدولة من اجل الاستمرار , ومن اجل تفادي Kao الذي يخافه الجميع ..
ان معارضة المهجر الجمهورية , غارقة في السب والسب المتبادل , وفي التنابز بالكلمات الرديئة .. معارضة لا يجمعها أي شيء ولا يوحدها أي شيء .. ونحن نتسائل . منذ متى كان شخص واحد او اثنان او ثلاثة اشخاص او حتى عشرة , اهلا لتغيير النظام ولإشعال الثورة التي فشلت حتى زمن انتشار ثورات التنظيمات والأحزاب , فأحرى دعوات الجمهورية التي يرددها اشخاص ولا ترددها تنظيمات ..
الحسن الثالث سيحكم المغرب بكل سهولة ومن دون عناء .. وسيجد البساط الأحمر مفروشا امامه , خاصة من قبل فرنسا وإسرائيل واسبانيا والولايات المتحدة الامريكية ..
سيدخل إصلاحات سياسية الوضع في امس الحاجة اليها , وسيجد الترحيب الكبير من قبل الأمير هشام بن عبد الله العلوي , الذي قد يعين وزير دولة في وزارة الخارجية المغربية , للاستفادة من علاقاته ومن اتصالاته مع النخبة المثقفة الغربية والامريكية .. في خدمة قضية الصحراء الغربية .. وفي بناء نظام سياسي ديمقراطي مقبول من قبل النخبة المثقفة المغربية , ومن مشجعا من قبل فرنسا إسرائيل أمريكا واسبانيا ..
سيستمر المغرب كما كان دولتيا منذ اكثر من 350 سنة , ولن ينحو الى جمهورية ماركسية او شيوعية او دينية إسلامية , او جمهورية باسم الجيش ..
اما العلاقة مع الجزائر , فستبقى مقطوعة ما دام ان بالمغرب نظام ملكي ثيوقراطي , وما دام ان بالجزائر نظام جمهوري .. فهل ممكن تصور تحول الجزائر الى نظام ملكية .. وهل ممكن تصور تحول المغرب الى نظام جمهوري .. ؟ ابدا الجزائر ستبقى جمهورية , والمغرب سيبقى ملكيا .. أي لا رجعة ولا عودة للعلاقات بين النظامين , لان الصراع الذي يدور بين النظامين , هو صراع وجود قبل ان يكون صراع حدود .. ففي وجود احدهما انتفاء ونهاية الطرف الاخر ..
المهم . كل من يدعو ويحرض على الحرب بين المغرب والجزائر , هو مجرم يخدم اجندات خارجية , اكان يعلم بخطورة الجريمة او كان يجهلها ..الحرب ممنوعة ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟