أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - حُجَا وسُوء تنظيم احتفاليَة فاس الكروية















المزيد.....

حُجَا وسُوء تنظيم احتفاليَة فاس الكروية


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 22:55
المحور: الادب والفن
    


بقلم: إدريس الواغيش

من عادتي أن أبدأ بما هو إيجابي، وهنا أقول، أننا استمتعنا حقّا وحقيقة، بأجواء رائعة واستثنائية في مقابلة كرة القدم داخل الملعب الكبير بفاس، وهو يزهو في حلته الجديدة. صحيح أنه لم ترق المباراة إلى ما كان ينتظره الجمهور، وذلك لعدة اعتبارات موضوعية. المنتخب التونسي لم يأتِ إلى فاس ليلعب كرة القدم، كان في كل مرة يبحث عن افتعال أيّ سبب للانسحاب أو التهديد به، وكاد يفعل، لولا أن تدخّل المسؤولين التونسيّين. كما كان من غير المنطقي، أن ننتظر من حكيمي شيئا آخر، غير ما فعل، وقد "حرَث" الملاعب الأوروبية طيلة موسم كروي، لم يتوقف فيه عن الجري وراء المستديرة مع الـ PSG.
وبالعودة إلى ما حدث من سوء تدبير وتنظيم، تقول الحكاية أن جُحَا اشترى كيلوغرامين من اللحم، وقال لزوجته: "اطبُخيه"، فلما فعلت، أكلته مع بعض أقاربها. وحدث أن جاء جُحا جائعًا، وعندما طلب اللحم، قالت له زوجته: أكله القط...!! فما كان من جُحا إلا أن أخذ القط ووَزَنه، وإذا به كيلوغرامين. قال في نفسه: ما أكذب هذه المرأة، وزن القط كيلوغرامين، وهو الآن يزنُ بالكاد كيلوغرامين. إذا كان هذا هو القط، أين اللحم؟ وإن كان هذا هو اللحم؟ أين القط...؟!
قد يكون ما وقع لجُحَا، شبيه لما جرى في ملعب فاس الكبير. إذا كانت الجامعة الملكية لكرة القدم طبعت 45 ألف تذكرة، وهي الطاقة الاستيعابية للملعب، وباعتها في المنصّات الرّقمية، من أين جاء الباقي؟ وهل تمّ تسريب بطائق مُزَوّرة عمدًا، وهي التي دخل بها البعضُ بتواطؤ من المنظمين؟ سؤال يبقى وجيها، واحتمال يبقى قائما إلى أن يثبت العكس أو تصدر الجامعة بيانا توضيحيا حول ما جرى، في ظل الالتباس الذي رافق أجواء المقابلة مع تونس، وما رافقها من احتجاج جمهور ليس بالقليل، لم يتمكن من الدخول، رغم توفره على بطاقات الدخول؟ أم أن بعض الجماهير تتحمل عواقب تلاعبات السوق السوداء، إن لم تقبل الأجهزة الإلكترونية الدقيقة بطاقاتهم.
وما دام الشي بالشيء يذكر، أتذكر أنّ قدميّ لم تطأ ملعب فاس الكبير منذ أكثر من عشر سنوات، إن بصفتي صحفيًّا أو مُّشجعًا، ولكن هذه المرّة فعلت، لأن الأمر في جوهره مختلف تمامًا. والأصل والجوهر بالنسبة لي في هذه الحالة، كان وطنيّا وليس فرجويًّا. وكان لا بد من حضوري إلى الملعب، لأمارس مُواطنتي ووطنيّتي، أولا تشجيعًا للمنتخب المغربي، وإسهامًا منّي ثانيًا في إنجاح تظاهرة كروية بمدينة فاس التي نعشقها. وإن كانت المناسبة، وهي شرط، تعني صورة المغرب برُمته في شموليتها، وأيضا لتدعيم ما تعمل الدولة المغربية على إنجازه من بنية تحية في مدينة عانت من التّهميش لسنوات عجاف، ولم نصدّق أنها بدأت تستيقظ من سُباتها. وهو ما جعلنا نرى فاس تتغيّر، والملعب الكبير أحد أوجه هذا التّغيير. صحيح أن هندسته ومعالمه الكبرى، لم تتغير. ولكن ملامحه الكبرى تغيّرت بشكل كبير، وستزداد حُسنًا وجمالا مع التغييرات المُحتملة بعد كأس إفريقيا، استعدادا لاستحقاقات كأس العالم2030
راودني إحساس مختلف، وأنا أتجاوز بوابة الملعب الحديدية بعد غياب طويل. وكانت أول ملاحظة، غياب الأتربة والأعشاب والأشواك في الجوانب الخلفية للملعب، وبدا بشكل يليق بتاريخ المدينة. ولم يعد الحديث مقبولا ولا مُمكنا عن ظلال الأسوار والدعامات الإسمنتية العالية، بعد تسليط الأضواء الكاشفة عليها، وأصبح بإمكانها الكشف عن عورات العناكب الصغيرة في جُحُورها. ولكنني بالرغم من ذلك، أحسست بنوع من الغُبن والإهانة الصامتة أمام الأبواب الحديدة دون مبرر، خصوصًا وأنّ ورقتي مثبتة على الهاتف بين يدي، وقد مسحتها الأجهزة الدقيقة بنجاح، كما أفرج عنها موقع الجامعة.
سمعت أحد الحراس يقول لصاحبه أن الملعب في الداخل "عامر بزّاف"، ونحن لا زلنا نحمل أوراقنا بين أيدينا صحيحة وشرعية بشهادة التكنولوجيا الألمانية الحديثة. من ملأ الملعب إذن؟ وهل الجامعة أفرجت عن أعداد من بطاقات الدخول فوق طاقة الملعب؟ أم أن الناس دخلت بطريقة أخرى غير التي دخلنا بها نحن، وما صاحب ذلك من عُسر وخوف من الفشل في الدخول إلى مباراة انتظرناها طويلا؟ راودنا شك في البداية، ونحن وقوف أمام بوابة حديدية، ولم نصدق أننا نجحنا إلا ونحن جلوسٌ على الكراسي، بين تموُّجات الأحاسيس واضطرابها بين فرح وخوف، وهو ما حصل لكثير من المتفرجين أمثالي، كانوا إلى جانبي في المدرجات. هل هي قصة حُجا تتكرّر بشكل آخر في ملعب فاس؟ وما جدوى وجود هذه الأجهزة الإلكترونية، إن لم تحم أصحاب الحق في الدخول من المزورين، المتطفلين، المتهافتين، "الشنّاقة" وما أكثرهم في مثل هذه المناسبات؟
مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس:
لم أجد أمامي، خلفي، ورائي وإلى جانبي في مدرجات الملعب، الجمهور الذي اعتدت رؤيته في الملعب الكبير، ولا في محيطه. لم يعد الجمهور هو نفسه، وقد ألفت التعامل معه قبل عشر سنوات. جمهور مغرب اليوم في مقابلة الأمس مع تونس أغلبه أوروبي الملامح، لولا أنه يحمل الأعلام المغربية، ويلبس إناثا وذكورا تيشيرتات لاعبين مغاربة مشهورين، ولن أجازف هنا، إن قلت أن أغلبها يحمل اسم حكيمي- رقم 2، وهو الرقم الذي يلعب به في المنتخب المغربي، ولم يعد الجمهور الذكوري مهيمنا كما كان من قبل، أكثر من ثلث الجمهور كان نسائيا، ومن مختلف الأعمار والفئات.
نظرية المؤامرة:
فاس لها حُسّاد كثر، يكفي أن تذكر تاريخها، حتى يظهر أمامك أكثر من مشاكس في الداخل والخارج. ولذلك، قد يخطر بالبال أن افتعال هذه "الأزمة" كان مفتعلا للإساءة إلى فاس. ونحاج أيّ تظاهر رياضية فيها يغيض بعض الجهات. ولكن بعيدا عن نظرية المؤامرة، والإساءة المقصودة أو المتعمّدة لمدينة فاس وتاريخها من بعض الأطراف والجهات، قد نجد بعض الأعذار للمنظمين، فيما حصل، من ارتباك في التعامل مع أجهزة إلكترونية على أعلى مستوى من الدقة. وقد نسميه سوء تقدير في التنظيم: استعمال أجهزة إلكترونية دقيقة لأول مرة، عدم التنسيق بين الجهات المنظمة في داخل الملعب وخارجه. وهذا ما يفسر إغلاق البوابات الحديدية في وجوهنا أكثر من مرة، لأسباب لا نعرفها، وقد اجتزنا بنجاح معبر البوابة الإلكترونية، وحمدنا الله تعالى على ذلك، وقام بعض الظرفاء وخفيفي الظل بالسُّجود شكرا لله تعالى، من باب البسط والمزاح وخلق الفرجة. وهذا الإغلاق الغير مُبرّر للأبواب، جعل الجمهور يحتج بشدة أمام بعض البوابات، ويرفع شعارات ضد الحكومة والجامعة، قبل الولوج إلى المدرجات.
المسؤولية المشتركة:
الجمهور من جهته، ساهم في شد الحبل وسوء التنظيم. جمهور متعطش، مندفع، غير واعي، يلزمه تغيير في عقليته، وتبديل ثقافة تعود عليها بأخرى جديدة تساير منطق العصر، وما نراه من سلوكيات حضارية في ملاعب أوروبا وأمريكا والعالم المتحضّر أجمع. جمهور لا يهمه رقم مقعد، بقدر ما يهمه الدخول إلى الملعب. ولذلك، ما أن يدخل إلى المدرّجات، حتى تصبح كل المقاعد ملكا له، ويعتبر أن من حقه اختيار ما يحلو له منها حسب مزاجه. وأكثر من ذلك، يبدأ في مهاتفة الأصدقاء والصديقات للالتحاق به، وهذا ما خلق احتقانا في كثير من الجهات، لولا تعامل لبق من قبل المنظمين داخل الملعب.
هل نتناسى كل هذه الظروف، ونلصق التهمة بالأجهزة الإلكترونية؟ ونقول بأن الاستعمال الأول للأجهزة الالكترونية كان سببا في بعض التعطيل الذي حصل عند مداخل الملعب، وهل عدم وجود مقاعد البعض، ومنعهم من الدخول بدعوى الملعب "عامر بزّاف"، كان فرصة لدخول "البعض" من دون بطائق أو ببطائق مزورة. وإن حصل ذلك، من أخذ هؤلاء "البعض" أماكنهم؟ ومن أين دخلوا؟ ومن سمح لهم بذلك؟ ثم ماذا كنا سنقول لهؤلاء لو تعلق الأمر بكأس العالم؟ وما حصل من غش وتدليس وتلاعب كان مع أوروبيين قدموا من شمال أوروبا، كندا، اليابان وأمريكا، وليس مع مغاربة قدموا من وجدة، طنجة، تاونات والرباط؟ وبماذا كنا سنبرّر لهم ما حصل كدولة تواجه مختلف التحديات، لو تقدموا باحتجاجاتهم وشكاواهم إلى أعلى المستويات؟ ماذا كان سيقول المسؤولون والمنظمون المغاربة للإعلام العالمي وأجهزة الفيفا؟
هل يستفيد المسؤولون عن التنظيم ممّا حصل من هذا الارتباك في المستقبل، إن لم نقل سوء تدبير وتنظيم، ونحن المقبلون على تنظيم كأس العالم؟ بالرغم من وجود جيش من الموظفين والأمنيين الموزعين في كل مكان. ماذا أستفيد أنا كمواطن مغربي أخذ تذكرة بمائة درهم أو أكثر من موقع الجامعة، وأجد نفسي في الأخير أمام بوابة حديدية خرساء صمّاء؟ هل كان لا بد من احتجاج الجمهور، ورفع الشعارات ضد الدولة والجامعة، حتى تفتح هذه الأبواب للبعض؟ أو لا تفتح لآخرين؟ ماذا يعني وصول بعض الجماهير إلى ما بعد الشنآن الشفوي والإقدام على استعمال العنف اليدوي؟ هل نستفيد مما حصل؟ الجواب في القريب من الأيام، وإن غدا لناظره قريب...!!



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملتقى فكري حول جمالية البيئة بفاس
- مهرجَان السّرد يُنهي أشغاله في أبركان
- مهرجان أبركان للسرد يصل نسخته الثامنة
- الزين، في الثمانين..!!
- الكُرْهُ بالتّرَاضي في عَالم لا يُحتمَل...!!
- مَعهدُ صُروح بفاس يَحتفي بتجربَة السّفير الشّاعر الشّميري
- في حَضْرَة مَولانا الشّاعر عبد الكريم الطّبال
- مَشاهدُ من مَعرض الرّباط للكتاب- 2025
- أَإِلى هذا الحَدّ، بحارُنا تُرهبهُم ومَوانِئُنا تُخيفُهم...! ...
- متى يرفع تلاميذنا الكتاب عوض -الشاقور-..؟
- الطريق إلى الوجه العزيز
- تأشيرة الوداع إلى العزلة
- الأدب المغيب في الأعمال التلفزيونيية
- صوفيا، حفيدتي يا أمي..!!
- مسرحية نكاز تنتهي قبل أن تبدأ في مراكش..!! بقلم: إدريس الواغ ...
- أوريد يحاضر في التغيّرات الجيوسياسية العالمية
- “يَلزَمُني خطيئَة أخرَى“ جديدُ الشّاعر إدريس الواغيش
- فاس، وأسرار لا تنتهي..!!
- لا أجد حرجا إن فضحتني طفولتي
- توقيع كتاب“قضَايا ونُصوص في الأنثروبولوجيا“ بصفرُو


المزيد.....




- إيران: المحكمة العليا تؤيد حكم الإعدام ضد مغني الراب تاتالو ...
- كراسي ماري أنطوانيت.. كنوز ملكية تبيّن أنها مزيفة!
- قراءة شاملة لجذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من منظور المؤر ...
- فنان عالمي شهير يواجه اتهامات بسلوك غير لائق ومغازلة فتيات ق ...
- فنانة أمريكية مثيرة تطلق صابونا من ماء الاستحمام الخاص بها.. ...
- مقدم كوميدي أمريكي شهير يعلّق على خلاف ترامب وماسك ويثير ضحك ...
- فنانة أمريكية مثيرة تطلق صابونا من ماء الاستحمام الخاص بها.. ...
- فيلم -فلو- يتجاوز 57 مليون دولار في إنجاز غير مسبوق للرسوم ا ...
- -سوذبيز- تطرح سترة سينمائية شهيرة من الثمانينيات بمزاد علني. ...
- رحيل الفنانة العراقية غزوة الخالدي بعد مسيرة حافلة على خشبة ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - حُجَا وسُوء تنظيم احتفاليَة فاس الكروية