أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي فضيل العربي - تفكيك مركزية فكرة تفوّق الثقافة الأوروبية














المزيد.....

تفكيك مركزية فكرة تفوّق الثقافة الأوروبية


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


في الثامن و العشرين مايو ( أيار ) 2025 م انطفأت شمعة أدبيّة من شموع النضال الإفريقي بعيدا عن وطنه ( كينيا ) و مسقط رأسه . فقدت الساحة الإفريقيّة و فُجعت الإنسانيّة بغياب قلم مناضل إفريقيّ و إنسانيّ ، لم يرتدّ له طرف يوما من أجل رفع راية الثقافة الإفريقيّة . إنّه الأديب العالمي و الروائي الكبير و المناضل الإفريقي ، نغوغي واثيونغو ( من مواليد 5 يناير1938 م ) بعد عقود زاخرة بالنضال و الكفاح و المقاومة ، خاضها الكاتب الكيني في بلده ، ضدّ الاحتلال البريطاني ، و ضدّ الاستبداد ، بحثا عن حريّة الرأي و الكلمة الحرّة . لقد خلّف وراءه فراغا نعته ابنته قبل أيام بعبارات عبّرت فيها عن فخرها و اعتزازها بأبيها ، قائلة : ( عاش حياة زاخرة بالعطاء ، و خاض معركته بشجاعة و إباء ، و كما كانت رغبته الأخيرة ، فلنحتفل بحياته و أعماله التي تركها إرثا خالدا ، بفرح و حزن ، نحن فخورون ) .
لقد استطاع ، و كان له الشرف ، أن يسخّر قلمه الحرّ من أجل تحرير العقل الإفريقي من هيمنة الثقافة الغربية و المركزيّة الأوروبيّة ، و مواجهة العولمة الثقافيّة و فضح النخب الحاكمة ، رغم فصول حياته المتأرجحة بين السجن في وطنه ، و الغربة في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة الأمريكية .
لم يكن الأديب نغوغي واثيونغو ، مجرّد كاتب يبحث عن موضع قدم بين الأدباء المرموقين في إفريقيا و العالم لنيل حظا من الشهرة ، بل كان يحمل عقلا حرّا ومفكّرا ونيّرا و ساعيا إلى التغيير و الانعتاق من الجهل والتخلّف اللذين خلّفهما المستدمر البريطاني في بلده كينيا و قارته إفريقيا ، بدءا من الدؤوب إلى استرجاع لغته الأم " الكيكويونية " التي حلّت محلها اللغة الانجليزية – من أجل المحافظة على الذاكرة القومية والهويّة الثقافية . و رأى أنّ الاستعمار اللغوي ، لا يقلّ خطورة و بشاعة عن استعمار الأرض ، حيث قال : ( إنّ استعمار إفريقيا بدأ بسرقة الأرض ، ثم سرقة الذاكرة عبر اللغة ) .
لقد سخّرالكاتب الكبير نغومي واثيونغو قلمه و فكره و نضاله من أجل تحرير العقل الإفريقي و تصفية استعمار العقل ، بإبراز دور المثقف الإفريقي و وضعه أمام مسؤولياته التاريخية و الثقافيّة . كما وقف بحزم في وجه النخب الإفريقيّة التي قلّدت النموذج الغربي ، و دعا ، دون هوادة طوال مسيرته الإبداعيّة إلى وجوب إزاحة الهيمنة الفكرية الغربيّة من مركزيّة التاريخ و الثقافة ، و وجوب تفكيك فكرة تفوّق الثقافة الأوروبية عبر نقد نظريات كانط و هيغل . و رغم معاناته من غياهب السجن و آلام الغربة و البعد عن عشيرته و وطنه و بني جلدته بعد هجرته إلى أمريكا ، فقد بقيّ وفيّا لمبادئه و قيّمه الوطنيّة ، راسخا و محافظا على مباديء الانتماء من أجل نهضة ثقافيّة تعيد ربط الأفارقة بجذورهم الأصيلة . كما سعى ، من خلال رواياته و قصصه و مقالاته و حواراته ، إلى ترسيخ فكرة ، كتابة التاريخ الإفريقي من منظور إفريقي ، و جعل الأدب وسيلة فعّالة لمواجهة العولمة الثقافيّة .
و عاد نغوغي واثيونغو إلى الكتابة بلغته القومية "الكيكويونية " بعدما كتب رواياته و مسرحياته و قصصه القصيرة و مقالاته بالإنجليزية ، لغة المستعمر التي منحته العالمية - وأعطاها بعدا مركزيا في إبداعاته ، و رأى أنّ اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل ، بل هي حاملة الثقافة و التاريخ و الذاكرة و أوجه التفكير و عنوان الهويّة . عاد من منفاه اللغوي إلى أحضان لغته الأم ، لوضع حدّ لشتات الذاكرة ، و ترميم الهويّة الإفريقيّة ، و الدعوة إلى نهضة ثقافيّة تعيد ربط الأفارقة بجذورهم الأصيلة . و قد سعى الاستعمار الأوروبي إلى تشتيت الهويّة الإفريقية ، من خلال القضاء على اللغات الإفريقيّة و لهجاتها أو تهميشها و تشويه التاريخ الإفريقي من منبر المدرسة الاستعمارية الكولونيالية ، القائمة على فكرة التفوّق الأروربي المستمدّة من نظريات هيغل و كانط . و قد حارب المستعمر الأوروبي اللغات الأم لصالح لغته بالحديد و النار لمحو الذاكرة الإفريقيّة ، و هو سلوك مشين و قاهر لرفض إنسانيّة الفرد الإفريقي . إنّ مرافعة بعض النخب الإفريقيّة المستلبة ، السياسية منها و الثقافية ، لصالح لغة المستعمر ، بعد نجاح الحركات التحرريّة في تحقيق الاستقلال خيانة للضمير الوطني الإفريقي و لشهداء الحريّة و الإنسانيّة .


هامش :
هاجر واثيونغو إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تعرضه للسجن في بلاده ما يربو على العام ، حيث عمل بالتدريس في جامعة بيل بضع سنين ، ثم عمل أستاذا للأدب المقارن و أستاذا لدراسة الأداء في جامعة نيويورك و أستاذا بجامعة كاليفورنيا في إرفاين و مديرا للمركز الدولي للكتابة و الترجمة بالجامعة . عضو اللأكاديمية الأمريكية للفنون و العلوم .
من أهم أعماله :
لا تبك أيّها الطفل ( رواية 1964 )
النهر الفاصل ( رواية 1965 )
حبة حنطة ( رواية 1967 )
بتلات الدم ( رواية 1977 )
شيطان على الصليب ( رواية 1982 )
التكريمات :
الجائزة الذولية لكاتالونيا 2020
الدكتوراه الفخرية من جامعة أوكلاند 2005
الدكتوراه الفحرية من جامعة بايرويت .
جائزة نونينو الدولية 2001
جائزة لوتس للأدب 1973
جائزة بارك كيونغ ـ ني 2016
وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر الدولية 2009
ظهر اسم نغوني واثيونغو عدة مرات في قوائم المرشحين لجائزة نوبل في الآداب .



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال غزّة بين النار و الصمت
- قراءة نقدية لقصة ( المجنونة ) للقاصة البحرينية فاطمة النهام ...
- الحسّ المأساوي في المجموعة القصصية - متنزّه الغائبين - للقاص ...
- ثقافة البؤس و بؤس الثقافة
- 19 مارس عيد النصر في الجزائر
- أدب التوقيعات ، ذلك الفنّ المنسي
- ترحيل تمثال الحريّة إلى غزّة
- جدليّة الثقافة و السياسة في المجتمع الشرقي المعاصر . قراءة ...
- المقامة الغزّاوية ( 2 )
- المقامة الغزّاوية ( 1 )
- أمريكا و أخواتها والمسلمون و مأساة غزة
- مكانة المرأة الريفيّة و دورها في ثورة التحرير الجزائريّة
- تحية إلى أبناء نيلسون مانديلا
- انقلاب النيجر : إصرار في نيامي و هلع في باريس .
- إفريقيا للأفارقة
- ما زلت تلميذا
- سلام على هيروشيما و نكازاكي
- مليونا ين يابانيّ من أجل التحوّل إلى كلب
- أقدام على منصّات التتويج
- المنظور الصوفي في رواية بياض اليقين . قراءة نقديّة في رواية ...


المزيد.....




- إيران: المحكمة العليا تؤيد حكم الإعدام ضد مغني الراب تاتالو ...
- كراسي ماري أنطوانيت.. كنوز ملكية تبيّن أنها مزيفة!
- قراءة شاملة لجذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من منظور المؤر ...
- فنان عالمي شهير يواجه اتهامات بسلوك غير لائق ومغازلة فتيات ق ...
- فنانة أمريكية مثيرة تطلق صابونا من ماء الاستحمام الخاص بها.. ...
- مقدم كوميدي أمريكي شهير يعلّق على خلاف ترامب وماسك ويثير ضحك ...
- فنانة أمريكية مثيرة تطلق صابونا من ماء الاستحمام الخاص بها.. ...
- فيلم -فلو- يتجاوز 57 مليون دولار في إنجاز غير مسبوق للرسوم ا ...
- -سوذبيز- تطرح سترة سينمائية شهيرة من الثمانينيات بمزاد علني. ...
- رحيل الفنانة العراقية غزوة الخالدي بعد مسيرة حافلة على خشبة ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي فضيل العربي - تفكيك مركزية فكرة تفوّق الثقافة الأوروبية