علي فضيل العربي
الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 00:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لماذا يرفض الغرب الاعتراف ، أنّ ما يقوم به الكيان الصهيوني الغاصب - المسمّى زورا و بهتانا ( إسرائيل ) - إبادة جماعية و جرائم حرب ضدّ الإنسانيّة في حقّ الشعب الفلسطيني ؟
و الجواب بسيط ، كما يقال عندنا في المثل الشعبي ، " إذا عُرِف السبب بَطُل العجب " " و ذنب الكلب لا يستقيم ، مهما طال الزمن "
فالمتصفّح للتاريخ السياسي و العسكري للغرب في القرون الأربعة الماضية على سبيل المثال لا الحصر ؛ سواء الأوروبي منه أو الأمريكي ، تصدمه حقائق مروّعة عن سياسات الغرب الاستعماري في إفريقيا و أسيا و أمريكا اللاتينيّة و جنوب أوربا . فقد تعرّض الهنود الحمر في الأمريكيتين ؛ الشمالية و الجنوبيّة لإبادة جماعيّة فظيعة ، و قامت الولايات المتحدة الأمريكيّة - التي ترفض الاعتراف بالجرائم الإبادية في غزّة خصوصا و فلسطين عموما و إدانتها – على فلسفة الإبادة الجماعية للهنود الحمر ، السكان الأصليين للأمريكيتين ، و هي سياسة خطّط لها و نفّذها مهاجرون من عموم أوربا في فترة المدّ الاستعماري ، أو ما سميّ عصر الاكتشافات الجغرافية ، بل هو عصر الإبادات و الجرائم المروّعة ، في غياب تام للقانون الدولي و الضمير الإنساني و سطو تام لمنطق القوّة و الغاية تبرّر الوسيلة . و لم تشذّ فرنسا ، المنتشيّة بالروح النابليونية عن قاعدة الإبادة الجماعية في الجزائر عند غزوها للجزائر عام 1830 م . فارتكبت جرائم تشيب لها الغربان ضد الإنسانيّة ، و ضدّ كلّ ما هو جزائر ؛ محارق أولاد رياح و أولاد صبيح و تسميم أهل الأغواط بالغازات السامة 1852 م على يد الجنرال تبليسي ( إبليس ) و قذف السكان الآمنين و إحراقهم بقنابل النابالم الحارقة ، و مجزرة الحراش على يد روفيغو ، و مجزرة 8 ماي 1945 م . و ضحايا التجارب النووية في الصحراء الجزائرية و غيرها من الجرائم ، و ما خفي منها أعظم ، و لو كان للحجر و التراب الكواكب ألسنة لنطقوا و حدّثوا بما أغرب من الغرائب و أعجب من العجائب .
و تواصلت جرائم الإبادة الجماعية في إفريقيا على أيدي الغزاة الأوربيين في ليبيا و الجزائر وبلدان الساحل و في جنوب إفريقيا ، في فترة الحكم و التمييز العنصرين . بل إنّ الغرب ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية في سبريتنشا البوسنة و الهرسك ) بالتواطؤ المدعوم و الصمت المريب . و قتل الصرب آلاف المسلمين المدنيين بعد خديعة تسليم السلاح ، دون تمييز بين الأطفال و الكبار و النساء . و ما ارتكبته الولايات المتحدة الأمريكيّة من إبادات جماعيّة مروّعة في هيروشيما و نكازاكي و أفغانستان و العراق . إنّ سلاسل الإبادة الجماعية التي ارتكبها الغرب لا تكاد تحصى ، و صفحات التاريخ الأسود لا يمكن أن تنسى أو تمحى . بدءا من إبادة المسلمين الأندلسيين على أيدي القشتاليين بعد سقوط غرناطة ، آخر معاقل المسلمين في شبه الجزيرة الإيبيرية . إنّه لمن السراب أن ننتظر – نحن العرب و المسلمين ومجتمعات الجنوب - من الغرب أن يطفيء جحيم غزّة و فلسطين ، و هو الذي أضرم ناره و لهيبه .
و ها هو الكيان الصهيوني يواصل مسلسل الإبادة الجماعية في غزّة و فلسطين دون أن يرعوي ، و بدعم مادي و سياسي من الغرب و بقيادة الرباعي ؛ الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و فرنسا و ألمانيا ، في ظلّ صمت عربيّ و إسلامي مريب ، عدا بعض الدول اتي رفعت عقيرة الرفض و الاحتجاج في مجلس الأمن الذي فقد نعمة الأمن ، كالجزائر و قطر و العراق و لبنان و اليمن .
إنّه لمن المؤسف – حقا – أن يرفض الغرب إدانة الحرب الصهيونيّة على غزّة و الضفة الغربيّة و الاعتداءات على سوريا ، و بالمقابل يمنح الضوء الأخضر للكيان الصهيوني ليمارس كلّ ألوان الحرب ؛ من قتل عشوائي و إبادة جماعيّة فظيعة و تجويع مؤلم و تهجير قسري ممنهج .
لقد ارتكب الغرب عبر التاريخ مجازر و جرائم و إبادات فظيعة . و بنت اقتصادها على دماء و جماجم الأبرياء ، و لم تجرؤ على تقديم أدنى اعتذار، لتخليص ضمائرها من تبعات تلك الفظائع التي اقترفتها في حقّ الإنسانيّة ، ناهيك عن التعويضات الماديّة و المعنويّة .
إنّ الغرب المسكون بعقد التكبّر و التجبّر و العنصريّة و روح الغزو و السؤدد و التعالي ، جريا وراء تحقيق المكاسب الاقتصاديّة من جرّاء الاستيلاء على الثروات المعدنيّة الثمينة ، مازال إلى يوم الناس الحاضر ، يسعى بكل السبل و الحيّل و الدسائس للسيطرة على خيرات البلدان الساعية إلى الاعتناق من التخلّف الاقتصادي و الاجتماعي .
فهو يسعى إلى إيقاظ الفتن تحت مسميّات خادعة و مصطلحات كاذبة ؛ تارة باسم الديمقراطيّة ، و تارة باسم الاصلاح ، و تارة باسم الربيع العربي ، و تارة باسم حقوق الإنسان و الأقليّات ، و تارة باسم الإثنيّة ووووو
و كأن الغرب قد أصابه العمى عمّا يرتكبه الكيان الصهيوني من إبادة جماعية و جرائم فظيعة في غزّة الأبيّة و فلسطين المحتلة .
و السؤال الذي لا يريد الغرب الجواب عليه هو : إذا لم يكن ما ترتكبه العصابات الصهيونيّة ، المسمّاة زورا و بهتانا ( إسرائيل ) ، إبادة جماعية و جرائم ضد الإنسانيّة ، فما هو تعريف الإبادة الجماعية و الجرائم الإنسانيّة في فلسفة الغرب و قاموسه السياسي ؟
إنّه لمن العار ، أن تُحرَّف المفاهيم ، و تُزَيّف الحقائق ، و تلتهم المصالح السياسية و الأطماع الإنسانيّة الأخلاق الفاضلة ، و تهوي بالقيّم النبيلة إلى حضيض خيانة الضمير الإنساني نهارا ، جهارا .
لقد أثبتت رعونة الغرب عبر قرون خلت ، و جنون العدو الصهيوني في غزّة و فلسطين أن الروابط الإنسانيّة و القوانين الدوليّة قد تلاشت ، و أمست المجالس الدوليّة ؛ الأمم المتحدة و مجلس الأمن و محكمة الجنايات و منظمات حقوق الإنسان عناوين لدكاكين تبيع الأقوال دون الأفعال ، و تسوّق خردة الكلام و القرارات الجوفاء . إنّه الإفلاس الذي أصاب المنظومة الأخلاقيّة في هذا القرنين الأخيرين العجيبين .
لقد أمست ما " يُسمّى إسرائيل " كيانا شاذا لا يخضع لشرائع السماء و الأرض معا ، كيانا هوايته قتل الأبرياء من أطفال غزّة ونسائها و حرق ترابها و زيتونها ، و تدمير كلّ ما فوق أرضها ؟
و عندما فقد الغرب الرسمي و بعض الشعبي منه الحياء و الضمير ، أصبحت الإبادة الجماعية في غزّة هواية المجانين ، و الجرائم ضد الإنسانيّة دفاعا عن النفس . و هل يُعقل أن يتحوّل قتل الأطفال الرضع و الخدّج ، و قصف المشافي و العيادات و خيّم النازحين إلى دفاع عن النفس ؟ لقد فاقت الأكذوبة الصهيونيّة كلّ حدود العقل . و كأنّ الغرب ( الديمقراطي الليبيرالي ) قد فقد بوصلة التمييز بين المعقول و اللامعقول . و تناسى أن ضحايا الحرب الصهيونيّة على غزّة هم أطفال أبرياء لم يعرفوا أبجديات الحرب ، هم أطفال لهم حقّ الحياة و الحماية و الأمن و السلام والحليب و الخبز و الماء و التعلّم ، مثلهم مثل أطفال روما و لندن و باريس و نيويورك و بون و طوكيو وووو
أقولها إلى ما لا نهاية ، إنّه لمن العار ثم العار ثم العار أن يُباد شعب بريء في غزّة بأسلحة الغرب الأعمى و الأخرص و الأصمّ . أجل ، إنّه لمن العار أنّ تزوّد الغرب كيانا ديدنه الرعونة و الكراهية و الحقد الجنوني بأسلحته الفتّاكة خدمة لغرائزه و شهواته و أطماعه . كيانا صرّح قادته و عرّابوه : أنّ هدفهم إخلاء غزّة من أبنائها ، بالقتل العشوائي و التهجير إلى ما وراء الحدود و البحر .
#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟