أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - خطر الأدوات التركية في سوريا الإيغور نموذجًا بين الخطة الأردوغانية والترخيص الأمريكي















المزيد.....

خطر الأدوات التركية في سوريا الإيغور نموذجًا بين الخطة الأردوغانية والترخيص الأمريكي


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 22:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطر الأدوات التركية في سوريا
الإيغور نموذجًا
بين الخطة الأردوغانية والترخيص الأمريكي

إبراهيم اليوسف
تتسلل وتغوص تركيا في الجسد السوري عبر جملة أدوات معقدة، تتنوع بين المرتزقة المتأسلمين، والمتحمسين العابرين للحدود، وتجار الشعارات. من بين هذه الأدوات يبرز الحضور الإيغوري كأخطر عنصر مزروع في الأرض السورية، ليس بسبب عدده الكبير فقط، بل بسبب خلفيته العقائدية، وشبكة ارتباطاته الممتدة بين الاستخبارات التركية والحركيات العالمية المتطرفة. هؤلاء الإيغور ليسوا لاجئين ولا ضيوفًا، بل جنود مشروع، جاؤوا ليقيموا إمارة عابرة للهويات، ويتخذوا من التراب السوري ساحة تدريب واندماج في خطة تهديد أبعد من سوريا ذاتها.
وكلنا نعلم أنه في محافظة إدلب، وبالأخص في محيط جبل التركمان وريف جسر الشغور، استوطنت عائلات" الإيغور" ضمن مشروع هندسة ديمغرافية واضح، لم يكن هدفه محاربة النظام السوري فحسب، بل تأسيس نواة لامتداد تركي ـ إسلاموي، يخدم أجندة أنقرة طويلة الأمد. كان لهذا التوطن بعد أمني بالغ الخطورة، إذ تحوّلت تلك البقع الجغرافية إلى بيئة مغلقة غير قابلة للاختراق، خارج سلطة الدولة، وخارج حتى سلطة الفصائل السورية المتحالفة مع تركيا نفسها.
إن ظهور جماعة "الحزب الإسلامي التركستاني" كذراع مسلحة رئيسية للإيغور في سوريا، يشي بالهدف الذي يتجاوز الجغرافيا السورية. فالجماعة تحمل مشروعًا يستدعي الماضي العثماني، ويعيد إنتاجه بلبوس عقائدي تكفيري، يغري تركيا الأردوغانية بتوظيفه سياسيًا، ويدفع الاستخبارات التركية إلى تقديم التسهيلات اللوجستية والحدودية، بل وفتح المعابر الرسمية وغير الرسمية أمام آلاف المقاتلين من آسيا الوسطى، تحديدًا من" شينجيانغ"، تحت غطاء إنساني تارة، و"جهادي" طورًا.
لكن ما يفاقم الخطر لا يكمن في الدعم التركي وحده، بل في الترخيص الأمريكي الضمني لهذا الحضور. إذ إن واشنطن، المنغمسة في توازنات معقدة مع أنقرة، تغض الطرف عن خطورة هؤلاء، بل تبدو أحيانًا كأنها تغازل وجودهم، ضمن لعبة الابتزاز المتبادل بينها وبين أردوغان، وتراهم معادلاً لديمومة التوتر في المنطقة. فطالما بقي هؤلاء يشكلون صداعًا لبكين، يمكن تحويلهم إلى ورقة ضغط في المفاوضات التجارية أو الاستراتيجية مع الصين. وسوريا، وفق هذا المنظور، لم تعد أكثر من رقعة شطرنج لإدارة توازنات خارجية، بلا اعتبار لحقيقة أن هؤلاء المسلحين يهددون النسيج السوري، ويقوضون أي مشروع سيادة.
ولا يغيب في هذه المتاهة اسم المبشر أو المبعوث اللبناني ـ الأميركي: توماس باراك، الذي ظهر في واجهة المشهد بصفته وسيطًا ناعمًا بين المشروع الأردوغاني والعقل الاستراتيجي الأميركي. هذا الرجل، الذي تتقاطع سيرته مع المخطط التركي ومراكز القرار المشبوهة، تحوّل إلى أداة تفسير مزدوجة: يترجم الخطاب التركي للغرب عبر فلاتر ترامب، ويعيد إنتاجه في الدوائر المحافظة الأميركية بوصفه بديلًا عن النفوذ الإيراني، وخصمًا إيديولوجيًا للنظام السوري الساقط. والأدهى أنه لم يكن مجرد مترجم، بل المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، وسفير الولايات المتحدة في تركيا، والذي بدا يؤدي دور الوسيط التنفيذي لبرنامج تذويب سوريا في المخطط التركي الأردوغاني، بترخيص من العقل العميق الأميركي.
اللقاء الذي تم بينه وبين الرئيس المؤقت أحمد الشرع، الذي قدم لمرحلة "ما بعد الأسد"، ضمن صفقة تبقي تركيا شريكًا مركزيًا في رسم مستقبل سوريا، ولو على حساب وحدة أراضيها أو طابعها العلماني.
وفي هذه المنظومة نفسها، يُطلب من قوات سوريا الديمقراطية، التي تتكوّن من عرب وكرد وسريان وآشوريين وسنة وعلويين وسنة معتدلين، القبول بالذوبان الكامل في مشروع تركي، كارثي، هالك، مدمر- بحسب ما يبدو حتى الآن- والانحلال التدريجي، وتسليم السلاح، والتخلي عن دورهم السياسي والعسكري، تحت غطاء "التسوية". أما" الإيغور" المرتزقة، الغرباء عن الأرض واللغة والانتماء، فيُراد لهم أن يبقوا كتلة موحدة، منظمة، مسلحة، ومحمية. بل وأكثر من ذلك: أن يُمنحوا الجنسية السورية، وحقوق الاستيطان، وكأنهم جزء من نسيج الوطن، بينما يُمنع الكرد، السوريون الأصلاء، من نيل جنسيتهم التي حُرموا منها بفعل السياسات القومية العنصرية، الناصرية ـ العفلقيّة. ويُلوّح في بعض الكواليس إلى ضرورة طرد هؤلاء الكرد "المواطنين/ الأجانب/ مكتومي القيد" من أرضهم التاريخية، وتهجيرهم لصالح هؤلاء الوافدين الغرباء، خدمة لمخطط التطهير الديمغرافي الذي لم يعد سرًا.
وإذا ما تم هذا السيناريو كما يُخطّط له، فإننا لا نكون أمام تسوية، بل أمام عملية تفكيك مع سبق الإصرار، تُكافئ فيها المجاميع المتطرفة بالشرعية، وتُعاقب القوى الوطنية والمجتمعية بالمحو والإقصاء. إن منح الجنسية السورية لعناصر دخيلة قاتلت الشعب السوري، يحمل استهانة فاضحة بكل ما تعنيه المواطنة من حقوق ومسؤوليات. فهؤلاء لا ينبغي أن يُكافَؤوا، بل إن مكانهم الحقيقي هو أروقة العدالة الانتقالية، حيث تتم محاسبة كل من تورط في الانتهاكات، بلا تمييز بين نظام ومعارضة، مرتزقة أو فصائل. وأي طرف مسلح واجه المدنيين، أو اشترك في تهجيرهم، أو مارس العنف بحقهم، يجب أن يُحال إلى محاكم عادلة، محلية أو دولية، ليحاسَب وفق القانون، لا أن يُمنح شرف حمل الهوية السورية.
ما هو جد خطير في كل ذلك، أن الحكومة السورية تبدو في موقف الانكشاف الكامل. فالإيغور لا يهددون وجودها العسكري وحسب، بل يؤسسون لكانتون غير سوري، ديني ـ قومي، لا يعترف بالحدود، ولا بالدولة، ولا بالوطن. وجودهم لا يختلف من حيث الخطورة عن مشروع الخلافة الداعشية، مع فارق أن الدعم التركي لهم مفتوح ومستمر، والتغطية الأميركية، وإن كانت مخفية، لكنها واضحة في معناها السياسي.
ومن هنا فإنه، لم يعد ممكنًا تجاهل هذا الخطر المركب. فوجود الإيغور في سوريا ليس شأنًا أمنيًا فقط، بل هو إعلان عداء للهوية الوطنية السورية، وتهديد صريح لسيادتها، ومقدمة لتقسيم جديد، يحمل هذه المرة توقيعًا ـ تبشيريًا مخابراتياً ممهداً أو فاتحاً الأبواب لمرحلة عنف مضاعف، تباركه قوى كبرى، وتسوّقه دوائر عربية وغربية، إما بغفلة، أو عن سابق قصد، كمن هيمنوا على الثورة السورية، بغرض الانتقام من السوريين، ونيل حصتهم في قيادة سوريا، كما هو شأن كل من: تركيا وقطر، وغيرهما، بكل تأكيد!

المصادر والمراجع:
يراجع مقال الدكتور محمود عباس "الوجود الإيغوري في سوريا: صراع المحاور وخطورة التجاهل الدولي" (2024)،



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طمأنات زائفة بين نقد الواقع ومكيجته
- إعادة تدوير التطرّف: كذبة تُهدد الدستور
- إضاءة في الذكرى العشرين لاغتيال الشيخ الشهيد د. محمد معشوق ا ...
- بعد عشرين سنة على اختطافه واغتياله: لماذا لا تزال ملفات اغتي ...
- إمبراطورية بلا ذاكرة... وعدالة بلا خريطة! لماذا يعتذر الأمري ...
- أنيس حنا مديواية: حارس الثقافة وذاكرة المدينة1
- كرد سوريا ووصاية الجزء الآخر: ازدواجية الخطاب والاستلاب المف ...
- أنيس حنا مديواية: حارس الثقافة وذاكرة المدينة
- إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون
- إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون بقلم الناقد ا ...
- تلويحة النار و دمعة الجبل: سفير عفرين جوان حسن في أغنيته الأ ...
- في حضرة المفارقة من -نبوءة التخوين- إلى السقوط في شراكه
- خدعة مرتد الهوية: خيانة الذات وأقنعة النموذج المأزوم-1-
- خدعة مرتد الهوية: خيانة الذات وأقنعة المأزوم-2-
- من الاستعمار الخارجي إلى استعمار الذات: اللغة الكردية بين من ...
- بين الإبراهيميّة والإخوانيّة: الكرد في مرمى المشاريع العابرة ...
- رحيل أحمد حسين الشيخ سعيد: عد إلى مسقط رأسك هناك، وارقد قرب ...
- من أجل ولادة حزب كردستاني جديد في تركيا نحو أفقٍ ديمقراطي بل ...
- الشاعر الذي يشبه قصيدته حسان عزت الهادىء العاصف بين منافيه!
- الرؤية بين الغياب والامتلاك من غواية اللحظة إلى عقلانية المص ...


المزيد.....




- إطلالة لا تُنسى.. حين أدارت أنجلينا جولي الرؤوس بفستان جلدي ...
- الرسم مع إنسان الغاب.. تجربة فريدة بانتظار زوّار حديقة حيوان ...
- رئيس الوزراء الهندي يفتتح أعلى جسر للسكك الحديدية بالعالم في ...
- من دنفر إلى مكة: منتج في CNN يروي تجربة أدائه فريضة الحج في ...
- مصر.. فيديو لـ4 أجانب يتاجرون في المخدرات ووزارة الداخلية تك ...
- الاستخبارات الإيرانية تعلن الحصول على آلاف من الوثائق الإسرا ...
- عيد الأضحى في غزة.. غلاء وحصارٌ وجوعٌ ودماءٌ فبأي حال عدت يا ...
- دوبرينت يحذر من منح حزب -البديل- دور الضحية عبر حظره
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة شمال مدينة غزة
- فرنسا.. التحقيق مع فرنسيين إسرائيليين بتهمة الإبادة الجماعية ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - خطر الأدوات التركية في سوريا الإيغور نموذجًا بين الخطة الأردوغانية والترخيص الأمريكي