علي الجنابي
كاتب
(Ali . El-ganabi)
الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 18:02
المحور:
الادب والفن
(تمهيد : لو أنَّا عَلمنا ما يُحشى في أفئدةِ أطفالنا من غثٍّ مَحشود ، لفَهمنا لمَ لا يَغشى بلدَنا مستقبلٌ باهرٌ معمود - عن أدبِ الطفل أحدِّثُكم ياسادة)...
لكَم تَمَنَيتُ يا ذا عزّ على لسانِ بَني قومي انْ يَنتَفضَ ليَنبضَ بحرفِ بالضّادِ فَيَعودَ، مُتَألِّقَاً بلسانِ القرآنِ الكريمِ وبهِ يجود، ومُتَأَنِّقَاً بينَ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ وَوُرود ثمَّ يَجود، متفلِّقاً برياضِ جِنانِهِ وهيَ تفيضُ ومِنها يقطِفُ وعنها يذود، وتراهُ مُتألِّقاً ببيانِهِ وبهِ ينعطِفَ وعليهِ يَقبضُ ليَسود، متحلِّقاً في سِنانِ عَنانهِ فيَتقدَّمَ أممَ الأرضِ بلّ لها يَقود.
أم كانَ لزاماً عليَّ يا ذا حِجْر، أن أنتظرَ مُتَرَقِّباً مُرتَقِباً إنتِفاضَةً لأهلِ الضَّادِ على واقعٍ لهم كأنهُ واقعُ شِعبٍ لقرود، فيعودوا سادةً لأهلِها وأشبالاً للأسُود؟ كي أقُصَّ من بعدِ ذلكَ على صغيري قصصاً بذاتِ الحرفِ الرصينِ لآبائي والجدود، وبذات الذرفِ الحصين من تراثٍ ثابتٍ نابتٍ في الخلود،
ثمَّ هل سيأتي يا ذا حَسَب ذاك اليومُ المُنتَفِضُ المَوعُود؟ وكيف سيأتي ذلك اليومُ المَوعُود، بينَما أنا أستَهلُّ حكايتي لطفليَ ب(هاي گاي) وبها أتبتَّلُ وبها يبتهلُ إعلامُ بني قومي من أقلامٍ ومن شاشاتٍ بحشود!
أنا لا ناقةَ ليَ أن أقُصَّ لصغيري قَصَصَاً مَورودَةً من خارجِ الحُدود، كمثلِ قَصصِ (كلايندايزر) وقد باتَ لأطفالنا هو البطلُ المعشوقُ المَعمُود المَعهُود، وكذا الفتى (نيلز) الصَّغيرِ المَفقود، وثَمَّ (تشرتشبيلَ) ذاك العجُوز بالخُبْثِ مَعقود. ثمَّ إني لاطاقةَ ليَ أن أخصَّ فكرَهَ بعجاجَةِ رعاةِ البقرِ {لجارلس برونسن وكلينت إيستوود}، أو أن أرصُّ ذِكرَهُ بسذاجةِ (شخبط شخابيط، لخبط لخابيط) مسطورةٍ على باب جدارٍ مَسدود، فيظلَّ فكرُ وذكرٌ الولد تابعاً إلى غُبٍّ مُتَوَغِّلٍ بشرود، وقابعاً في جُبٍّ مُتَعَطِّلٍ غَيرِ مَورود، ورابعاً في خُبٍّ ببلادةٍ وركود. كلّا..
أنا لن أفعلَها ولن أشاءَ، ولمثلِها لن أعود. لا لن أقولَ بسَفاسفِ حرفٍ وسفهِ صرفٍ مذمومٍ مهدود. كلّا ، ولن أمتثلَ للحشوِ واللغوِ واليهِما وبهما أنود، بل أرانيَ قد إِبْتَدَعتُ فحَبكتُ فَحَكيتُ لصغيري حِكاياتٍ بأهدى وأندى ما يَحتَبِسُ حرفيَ مِن إرثِ لسانٍ من آباءٍ وجدودٍ، وبأصفى وأوفى ما يَقتَبِسُ ذرفي من حَرثِ بيانٍ من إرثٍ رحيبٍ مَسرود، وذلكَ إرثٌ رئيسٌ نفيسٌ ونيسٌ لكنّا نَسيناهُ عن جهالةٍ، أو أنسيناهُ عن عمدٍ مقصودٍ بِصدُود، كيلا يرتقيَ فِكرُ الصغير لعُرى خَدِّ شمسٍ بلا بُرود، ولا يَنتقيَ ذِكرُهُ مِن ذُرى هَمسٍ عَزيزٍ ومَشهُود. ثُمَّ..
إنِّي قد دَرَيتُ لما رَأَيتُ إذ قَصصتُ على وَلَدي حكايةً بِحَرفٍ وَجيزٍ مَعدود، وإذ نحنُ على بلاطِ دارِنا المَيمونةِ حَذوَ وتحتَ السُّلَّمِ قُعُود، أنَّ عَنان الوَلَد كانَ بعنوانِها متنسِّكاً وحنانَهُ كانَ بجِنانِها مُستمسكاً بحبلٍ مَشدُود، وكانَ خدُّ الولدِ سَاعتئذٍ خَدّاً مُتَوَرِّداً مُبتَهجاً من غرفٍ مَورُود. ثُمَّ إنِّي قد سَألتُهُ؛
"ألَقِيتَ في فُؤادِكَ يابُنَيَّ مِن علمِ مَعاني حكايتي نَصَباً، ومِن فهمِ مَبانيها مَشَقَّةً أو جُمود، أو لعلَّ تقعُّرَاتِ مُفرداتها كانَتِ هي القُيود، أو رُبَما أصَابك مِنها مَلَلٌ وخُمُود؟". فقالَ؛
" بل إنَّ حنانِيَ أبَتَاهُ، كان معكَ يتحَلَّقُ ويَثني بجَزيلِ شُكرٍ ونَبيلِ بِرِّ مَحمُود، ونُكري لذاكَ الفَتى بطلِ الحكايةِ ممدود، فما مِن إلهٍ في الوُجودِ إلا اللهُ رَبُّنا، فَلَنِعمَ الخَلّاقُ وَلَنعمَ المَعبُود.
فلمَّا إرتَحتُ لقيلِ فتايَ، فُحْتُ ورُحْتُ أبَوحُ لهُ ببَوْحٍ حَنونٍ وَدُود؛
"وإذاً يا وَلَدي، قَد صَدَّقتَ ما كانَ في بالِي يَدُورُ من حدسٍ بِكُنود، وبهِ كانَ حَالي يَتَأرجَحُ تَارَةً وَتَارَةً يَنُود، ولِزاماً عَليَّ إذاً، أنْ أرتَقيَ أنَا لفِكرٍكَ المُتوَقِّدِ المَأفُود، وأن أقُصَّ لكَ حِكاياتِ رَجُلٍ لرَجُلٍ بِصُعود، وأن أنتقيَ رزينَ الحرفِ لأفُقٍ فيكَ راقٍ ألقٍ عَبقٍ مَمدُود، وكُلُّ أفقٍ لفتيانِ وفتياتِ الضَّادِ هوَ أفقٌ راقٍ ألقٍ عبقٍ ومَمدود، رُغمَ أنَّ عُمُرَكَ قدِ أستَفتحَ ثالثَ حَوْلٍ بعدَ عقدٍ مِن سِنين عُمُرٍ نَعُدُّهُ بالعُقُود.
أنا لن أرويَ لفتايَ بعدَ اليومِ دَفَقاً مِن نَفَقٍ مُظلمٍ بِحُيُود، تحتَ زَعمِ أنَّ فؤادَهُ فؤادُ فتىً نراهُ ليناً تارةً، وتارةً هو مَفؤُود. ونَظُنُ أنُّهُ فؤادٌ يَتَقَبَّلُ حرفاً بسيطاً، ويَتَكَبَّلُ بصَرفٍ ثقيلٍ مَطرُود، ولا يَؤُودُهُ إلّا لَغوٍ وسَهوٍ وتَحصيلٍ للَهوٍ ولعبٍ ونُقود.
ولو أنَّ كلَّ والدٍ قصَّ على ولدِهِ على مَهلٍ وبتؤدةٍ وأناةٍ من قصصِ قرآنِ المَعبود، أو مِن حكاياتِ آبائنا النبلاءِ والجدود، ونطقَ لهُ بنُطقٍ فصيحٍ مَرفُود، لعلِمَ أنَّ لَدَيهِ وبينَ يديهِ وَلَدٌ ذو فَهمٍ راقٍ ألقٍ عَبقٍ مَمدُودٍ وغيرِ محدود.
ولو أنَّا نحنُ أربابُ الدورِ في وطن العرب المنشود، غادرنا قصَّ قَصَصٍ بسردٍ مَجٍّ سمجٍ منبوذٍ مردود، وإنَّها لقصصُ وحكاياتٌ خُطَّتْ عن عَمْدٍ بمدادِ غَزوٍ فِكريٍّ مِن (يَهود)، أو مِن أذنابٍ ليَهود في إعلامٍ مُستَهدِفٍ لِفلذاتِ أكبادِنا ومقصود.
ولو أننا بادرنا نَصَّ قَصَصٍ بسردٍ رَصينٍ حَصينٍ بحصنِ آبائِنا والجُدود، لارتقى فِكرُ أولادِنا لذُرى مَجدٍ عزيزٍ معقودٍ ومَنشود لكنَّهُ اليومَ مفقود.
ولئن لمْ نَتَشافَهْ نَحنُ الآباءُ في ذي حَياةٍ معَ الطِّفل على أنَّهُ "رَجُلٌ كَبير"وبحَرفٍ مَنضُود، فَلسوفَ يَتَسافَهُ هوَ عندَ الكِبَرِ معَ أطفالهِ بذاتِ إسلوبِ "الطِفلِ الكَبيرِ" الواهنِ السَّفيهٌ غيرِ المَسنُود. ولبئسَ التَّشافُهُ بتسافهٍ، ولبئسَ الوردِ المورود.
وبعدُ..
أتمنَّى ألّا يكونَ حرفيَ هذا عسيراً بل يسيرٌ فهمهٌ على أفئدتكمُ أنتمُ أربابُ الأسرِ الكبارُ، وألا تُقابلُوهُ بامتعاضٍ أو بجحود، لأنّيَ قد تيقنتُ أنه ليسَ عسيراً بل يسيرُ الفهمِ على فتايَ وكذا أولادِنا الصِّغار إذ هم من حَولنا قعود.
وعجبي!
كيفَ لأمةٍ تتمنَّى وتترنَّى لغدٍ زاهرٍ باهرٍ منشود، بينما نراها تتهنَّى وتتغنَّى وأطفالُها (بلخبط لخابيط شخبط شخابيط ) على بابِ جدارٍِ موصود!
#علي_الجنابي (هاشتاغ)
Ali_._El-ganabi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟