أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - الخَلَّاطُ














المزيد.....

الخَلَّاطُ


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 09:25
المحور: الادب والفن
    


خاص بالمسلمين : لمناسبة شهر رمضان المبارك..
قالَ خليلي وهو يُحَدِّثُني بتَرَنُّمٍ وباغتِباط:
لستُ فقيهاً، وإن أنا إلّا مسلمٌ عَلِمَ قليلاً من مناسكِ دينهِ وبها ما أحاط. وأراني مُذَبذباً في إدائِها، في حرِّ شهرِ تموزَ وفي قّرِّ شَهرِ شباط. بيدَ أنّي لن أكونَ يَـُٔوساً قَنُوطاً جلّاداً لظهري بالسِّياط، بل أظُنُّني من ثلَّةٍ "ءَاخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا" ولا تقلْ عنّي بأنِّيَ امرؤٌ متَهَوِّرٌ شَطَّاط. بل قلْ يا صاحُ، امرؤٌ مُتَكَوِّرِ خَلَّاط.
وإذ رَجَعتُ من مسجدِ الحيِّ ذاتَ فجرٍ ربيعيٍّ بشغفٍ واغتباط، وإذ شَخيرُ الأنامِ ينطَلقُ مِن أسرَّةِ في الغُرُفاتِ، أو لرُبَما يتحَلَّقُ من نُوَّمٍ في الحُجُراتِ على بلاط. وإذ الشَّخيرُ كانَ مسموعاً في الطُّرقاتِ بشتَّى الأنماط، وكأنَّهُ زفافُ قبيلةٍ من قبائلِ الوُطواط. ولسوفَ يستيقظُ أولاءِ الأنامُ بعدَ هُنيهَةٍ وكأنَّ أحدَهم عليمٌ مُستنيرٌ بألفِ قِراط، وفهيمٌ مستثيرٌ، يُجادلُ في اللهِ الكبيرِ المتعالِ ولا يَحتاط، ويُماطِلُ في "البخاري ومسلم"بإنخراط، ويُشَرِّحُ الصَّحيحينِ بأجرب مالديهِ مِن مِشراط، مُتناسياً أنَّ شخيرهُ قبيلَ لحظاتٍ كانَ يُغَلِّفُهُ فُساءٌ وضراط.
وبينما كنتُ أرمي الخطى هوناً ببهجةٍ وارتباط، مع دندَنَةٍ لتلاوةِ آياتِ سورةِ "براءة" برقَّةٍ وبدِقَّةِ خشيةَ الأغلاط. إذ رأيتُني أقفُ عندَ آيةِ؛ "وَءَاخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا"، بخُشوعٍ وانضِبَاط. وإذ نُسِّيتُ خِتامُ هذي الآيةِ عن جَهلٍ منّي أو غُمَّ عليَّ ختامُها بإقماط، أو لعلَّ ختامَها قدِ التبسَ عليَّ بإسقاط، رُغمَ ما كانَ في خَافقي من نَشوةٍ ونَشاط. فَضَربَت صدريَ حَوبةٌ منَ ضِيقِ بِخَجل، بل نوبةٌ من زعلٍ بل إحباط.
وإذاً، فقد ضاعَ الأمرُ عليَّ ما بينَ ختامٍ؛ "واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" لكلِّ متهوِّرٍ خَلَّاط، وبينَ ختامٍ؛ "إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" مَهما كانتِ الأَغْلاَط. لذلكَ رأيتُنيَ أتَوقفُ عن التلاوةِ لأتَلَقفَ دَندنةً كأنَّي بها كانَت تأزُّني تحتَ النِّياط. كانَتِ الدَّندنةُ الأخرى تلهجُ بدعاءٍ مُتَضَرِّعٍ في أن يكونَ الختامُ مؤَكداً؛ "إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"، مَهما كانتِ الأَغْلاَط.
ولمَّا أن وَصَلتُ الدَّارَ تصفَّحتُ المُصحفَ بلهفٍ كلهفَةِ صَحابيٍّ مُبَشَّرٍ بعُبورِ الصِّراط. ورُغمَ أنَّ قلبي يَعرفُ ربَّهُ وكانَ مُتَيقِناً بأنَّ الختمةَ ستكونُ مُوَكدَةً ب"إنَّ" مَهما كانتِ الأوزارُ والأَغْلاَط، لكنَّ لسانَ حالِ القلبِ ساعتئذٍ كانَ يقولُ بانضِغَاط: " بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" بإحتِيَاط. ثُمَّ إنَّ القلبَ يُريدُ حِفظاً دقيقَ المباني ويضعُ الحروفَ على النِّقاط، لئلَّا يَحيدَ عن رقيقِ المعانيَ وما احتوَت من بُشرَياتٍ وأنواط. فلمَّا قرأتُ الآيةَ المباركةَ كانَ ختامُها؛ "وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"، مَهما كانتِ آثامُهمُ وأوزارُهمُ وذنوبُهمُ ومعاصيهمُ والأغلاط.
ثمَّ قالَ لي خليلي وهو يُحَدِّثُني بتَرَنُّمٍ وباغتِباط:
ألا فأبشِرْ أيُّها الخَلّاط؛ "إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أأميرةٌ هيَ أم هيَ أسيرة !
- رقصاتُ الشَّمسِ بتَنهيد
- خُطْبَةُ الهِرِّ لزَعَاماتِ الفِئرَان
- قَدَاسَةُ التَّعدَاد
- بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر
- المُتْحَفُ
- أعيَيْتُ وعَيَيْتُ
- عَوْدٌ بَعدَ طُولِ غِيَاب
- أصْلُ الحِكَايَةِ
- تَأمُّلٌ مُسْتَقصٍ في مُشكِلٍ مُسْتَعص
- بينَ تِلالِ الأدرياتِيك
- (الأكشِنُ) المُذهِلُ المَاهِرُ
- لَعَلّي صائِرٌ إلى بَصَائر برَجاء
- تَأمُّلاتٌ خَارِجُ أَسوَارِ البَصَر
- مئةُ عامٍ منَ الدُّخانِ
- هَكَذا كَانَ أبي يَتَكَلَّمُ
- عَنِ د. مُصطَفَى مَحمُود
- طَيْشُ الكَلَامِ
- أَيْنَ اخْتَفَتِ الكَلبَةُ الهَارِبَة؟!
- تَحريفُ الحَياةِ بِتَخريف


المزيد.....




- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - الخَلَّاطُ