أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً














المزيد.....

خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 14:07
المحور: القضية الفلسطينية
    


ترجّل خوسيه موخيكا، القائد الثوري والرئيس السابق لأوروغواي، عن صهوة الحياة بعد صراعٍ مرير مع سرطان المريء. غاب الرجل الذي علّم العالم أن السلطة ليست قصوراً ولا حراسة مشددة، بل هي عرقُ المزارعين، ودموعُ الفقراء، وكسرةُ خبزٍ يتقاسمها رئيس مع مشرّد في ليلة شتاءٍ باردة.



رحل موخيكا، الذي لقبوه بـ"أفقر رئيس مادياً في العالم"، لكنه في أعيننا كان أغناهم: بكرامته، ونقاء سريرته، وصدقه مع نفسه وشعبه. لم تُغره مقاعد الحكم، ولم يُبدّل مبادئه حين ارتدى بذلة الرئاسة؛ فبقي يرتدي المعطف ذاته، ويقود سيارته القديمة، ويعيش في كوخٍ بسيطٍ على أطراف العاصمة، حيث يزرع الورود... ويزرع الأمل.



وفي فلسطين... لا نملك رؤساء مثل هذا الرجل. نملك حدوداً مغلقة، ونوافذ مكسورة، ومخيمات مكتظة.

في الضفة... يُقايَض الهواء بتصاريح، وتُسحق الكرامة تحت وقع التنسيق الأمني المقدس.

وفي مخيمات الشتات... أطفال يولدون على الأرصفة، يكبرون بلا عنوان، يحملون مفتاح بيت لم يروه، ويُسألون عن وطنٍ لم يسكنوه... لكنه يسكنهم.



كم نحتاج اليوم إلى موخيكا! لا ليتبرع براتبه، بل ليعلّم من يحكمنا أن الكراسي لا تصنع الكرامة، وأن القصور لا تُشيَّد بها الأمجاد. نحتاجه ليفتح قصورهم المغلقة على آهات الناس، كما فتح قصره للمشرّدين. نحتاجه ليقول لمن يتاجرون بدمنا: "لا تصنعوا من القضية سُلّماً لأرصدة بنكية، بل اصنعوا منها درباً للحرية".



في رحيله، تذكّرنا كم أصبح الموت عادلاً أكثر من الحياة. فهو يأتي للجميع، لكنه حين يخطف العظماء، يتركنا مع الأسى ومرارة المقارنة. كيف لحاكم بسيط في أقصى أمريكا الجنوبية أن يعرّي عورات حكّامنا؟ كيف لرئيسٍ مزارع أن يفضح ترف الملوك، وجمود الساسة، وبلادة العروش؟



خوسيه موخيكا... سلاماً لروحك الثائرة.

سلاماً من أطفال غزة الذين يفتّشون في ركام بيوتهم عن طيفٍ مثلك.

سلاماً من شيوخ الضفة الذين تاهت أعمارهم في الانتظار.

سلاماً من مخيمات اللجوء التي ما عادت تعرف الفرق بين الموت والحياة.

نم قرير العين... فقد كنت لنا حلماً عن رئيس لا يخون.



غزة، التي تنزف كل يوم، لا تبكي شهداءها فقط، بل تبكي أيضاً خذلان القريب قبل بُعد العدو؛ أولئك الذين باعوها على طاولة المصالح، وتركوا أطفالها يكتبون وصاياهم بالدم لا بالحبر.



وفي خضمّ هذا العالم، حيث يموت العظماء بصمت، يبقى واقعنا الفلسطيني يئنّ بلا أذنٍ تسمع، ولا ضميرٍ يصحو.

في غزة تُقصف الأحلام قبل البيوت،

وفي الضفة تُسرق الأرض شبراً شبراً،

وفي مخيمات الشتات يُورَّث الحنين كما تُورَّث مفاتيح البيوت المغتصبة.



نعيش على فتات الكلام، نحلم بقيادةٍ تشبه موخيكا: لا تسكن القصور، بل القلوب؛ لا تنطق بالشعارات، بل تفعل.

لكننا — بكل وجعنا وشتاتنا — ما زلنا هنا، نكتب أسماءنا على الجدران، ونزرع شهداءنا في التراب، علّنا يوماً نحصد وطناً.



[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان الفلسطيني: المعجزة التي هزمت السلاح!
- جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ


المزيد.....




- أمريكا: هبوط اضطراري لطائرة بملعب غولف.. ومصادرة كوكايين بقي ...
- سوريا.. عشائر الجنوب تعلق على بيان الرئيس أحمد الشرع
- سوريا.. أحمد الشرع يعلق على أفعال بعض الدروز في السويداء وال ...
- سوريا: الرئاسة تعلن وقف إطلاق نار -فوري- في السويداء وتدعو ك ...
- الشرع: سوريا ليست ميدانا لمشاريع الانفصال
- فريدريش ميرتس ..لماذا يشكر إسرائيل على قيامها بـ-أعمال قذرة- ...
- الاحتلال يوسع اقتحاماته بالضفة ويجبر فلسطينيين على هدم منازل ...
- لماذا لا تُصنّع هواتف -آيفون- في أميركا؟
- قوات العشائر السورية تدخل عددا من البلدات في محافظة السويداء ...
- القنبلة التي قد تعيد تفجير الصراع بإقليم تيغراي الإثيوبي


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - خوسيه موخيكا يغيب... وغزة تزداد نزفاً