أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!














المزيد.....

جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 16:26
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وصار الكذب وساماً، والخيانة حنكة، والقتل "إجراءً قانونيّاً"، نكتشف كلَّ يوم أن الموت أرحم من العيش في كذبةٍ بحجم وطن.
من قبري، أتابع نشرات الأخبار، لا بحثاً عن العدالة، بل لأتأكد أنني لم أمت عبثاً...

الحكومة اللبنانية تكرِّم محمود عباس بجائزة "صُنّاع السلام"...

ضحكتُ حتى سال دمي من جديد.
هكذا تُدار المقابر في هذا الوطن الكبير: يُدفن فيها الأحرار، ويُحتفى بالجلادين.

هل تسمحون لي أن أقول كلمتي؟
أنا نزار بنات... الشهيد بالوثائق الرسمية، والساخر حتى من جثتي.

أصحو من سباتي الأبدي على ضجيجٍ يخرق سكون البرزخ. ظننتها النفخة الأولى، وظننت أن العدل قد قرَّر أخيراً أن ينهض... فإذا بها مجرد نشرة أخبار: الحكومة اللبنانية تسلّم محمود عباس جائزة "صُنّاع السلام".

أضحك... لا، بل أبكي... لا، لا أدري.

محمود عباس؟ صانع سلام؟
أيُّ سلامٍ هذا؟
سلام المكاتب المكيّفة؟ سلام التصريحات الخشبية؟ سلام التنسيق الأمني المقدَّس الذي حصدني على يد "إخوتي"؟
لقد كنتُ أظن أن السلام يُصنع حين تتوقف البنادق عن حصد الأحرار، لا حين تُوجَّه إلى صدورهم.

حين كانوا يُهشمون أضلعي، هل كان عباس يكتب خطاباً عن السلام؟
حين كانوا يُلقون بجسدي على أرض الزنزانة، هل كان يُحضّر كلمةً عن التعايش؟
حين انتُزعت أنفاسي، تحت علم فلسطين، وعلى يد "سلطة" فلسطين، هل كان يُهاتف سفيراً ليُخبره أن الديمقراطية بخير؟

وصفُ محمود عباس بأنه "صانع للسلام" من قِبل الحكومة اللبنانية، وتكريمه بهذا اللقب، ليس مجرد نفاقٍ سياسي، بل هو إهانة صريحة للشعب الفلسطيني، ولتضحياته التي لم تتوقف منذ النكبة. إنها سُبّة في وجه كلِّ أمٍّ دفنت ابنها، وكلِّ أبٍ ودَّع ابنه مكفَّناً بالكوفية. هي خيانة موثقة للحقيقة، واحتفال صاخب بقتل الضمير.

أيها اللبنانيون،
يا أبناء الثورة والمقاومة والكبرياء،
كيف سمحتم لأنفسكم أن تُعلّقوا نيشان "السلام" على صدر من صادق القاتل، وخاصم الشهيد؟
أتُكرّمون قاتليّ؟
أتضعون في يده جائزة، ولم تضعوا على قبري قطرة عدالة؟

أنا نزار بنات، لم أُقتل في الخفاء. قُتلت أمامكم، بالصوت والصورة، بالكلمة والرأي.
والآن، في عالمكم الذي فقد البوصلة، صارت جثثُنا سلّماً لأوسمة الخداع.

صحيح أنني ميت...
لكنني الآن أرى أوضح منكم:
العدو لم يعُد هناك،
إنه في الزيّ الرسمي، يحمل جائزة، ويبتسم للكاميرا.

قل لي يا عباس،
لماذا لم تطأ قدمك مخيّماً في حياتك؟
هل ضاقت بك الأزقّة، أم ضاق بك ضميرك؟
هل خفت أن تشمّ رائحة الوطن الحقيقي؟
أم أنك لا تملك تصريحاً من الاحتلال لزيارة المخيمات في لبنان؟

لماذا لا تزور مخيم برج البراجنة، أو عين الحلوة، أو شاتيلا؟
هل تعرف أسماءها أصلاً؟
هل تعرف كم طفلاً هناك يُسمّى "ياسر"... ويحلم ألّا يصير مثلك؟

لماذا لا تسمع أنين المخيمات، إلّا عندما يُطلب منك توقيع مشروع تصفية؟
لماذا لا تخرج من قصرك لترى كيف يعيش من يرفع صورتك على الجدران؟
أم أنك تخشى أن تُقابل أحداً يشبه نزار بنات؟

هل تُصدّق فعلاً أنك تمثلنا؟
أم أنك صدّقت التصفيق، ونسيت صوت المكلومين؟

وآخر سؤال، يا "رئيسنا"...
هل تنوي، بعد هذه الجائزة، أن تصنع مزيداً من السلام؟
أم أن الكفن لا يحتاج نسخاً جديدة من البيان رقم واحد؟

لا تقلق يا عباس،
الجائزة في مكانها الصحيح...
فأنت حقّاً "صانع السلام"—
فقد صنعت سلاماً أبديّاً بين أفواهنا وألسنتنا،
سلاماً بين الحناجر والحقيقة،
وسلاماً عظيماً بيني وبين الحياة.

أما أنا، فلا تحزنوا لأجلي،
فالميت لا يُستدعى للتحقيق، ولا يُراقب على فيسبوك، ولا يُكسر له ضلعٌ في الليل.
الميت لا يحتاج واسطة، ولا تصريح خروج.
الميت... مرتاح.

أما أنتم، فعيشوا في سلامكم المصنوع،
وارفعوا الكؤوس لهذا "الإنجاز التاريخي"...
وإذا بقي في صدوركم ضمير،
فأعطوه هو الآخر جائزة، قبل أن يُصفّى مثلي.

تنويه:
هذا النص تخييلي وساخر، كُتب بلسان الشهيد نزار بنات كعمل أدبي يُعبّر عن وجهة نظر الكاتب، ويستحضر روح الشهيد في مواجهة العبث السياسي والخذلان العام.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنزو مايوركا أنقذ دلفيناً... فمن يُنقذ غزّة؟
- لا تصالح... أمل دنقل والقصيدة التي تنزف من غزة!
- خلف الحمير… إلى الهاوية!
- غزة وحدها... تقاتل كما قاتل الحسين في كربلاء!
- لاهاي تتنحى وكريم خان يأخذ إجازة... وغزّة تغرق في أنقاض الصم ...
- معين بسيسو... الشاعر الذي مات في المنفى وظلّ صوته في فلسطين
- خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَا ...
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ
- الخُذلانُ يتكرّر... من جبل أُحد إلى رُكام غزّة!
- حين تُصبحُ النّكبةُ في غزّة خبراً بلا ذاكرة


المزيد.....




- فرانز فانون.. المناهض للاستعمار
- أيام الرعب في السويداء: شهادات عن القتل والسلب والانتهاكات
- فضل عبد الغني: الأسوأ من دوامات العنف في السويداء هو الخطاب ...
- دراسة: الذكاء الاصطناعي قادر على كشف مشكلات هيكلية في قلوب ا ...
- صحف عالمية: خطوط إسرائيل الحمراء في سوريا تغرقها أكثر في الص ...
- سرايا القدس تنشر فيديو لتدمير -ميركافا- شرقي حي التفاح
- لعنصريته ضد الفلسطينيين.. دعوات ماليزية لرفض اعتماد سفير أمي ...
- وزير الخارجية الرواندي يسلّم الرئيس التشادي رسالة من كاغامي ...
- إدارة ترامب ترحّل 95 هاييتيّا وسط تشديد سياسات الهجرة
- أتيكو أبو بكر يغادر حزبه الديمقراطي الشعبي ويؤسس جبهة نيجيري ...


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - جائزة لصانع السلام... ورصاصةٌ لنزار بنات الذي نادى بالحق!