أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - للاإيمان الشباني - الحلاقة














المزيد.....

الحلاقة


للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 08:00
المحور: قضايا ثقافية
    


الحلاقة لم تعد وسيلة عناية بالشعر، بل تحولت إلى ظاهرة تعكس تحولات ثقافية واجتماعية، بعضها ينسجم مع القيم التقليدية، وبعضها الآخر يبدو وكأنه يسير ضد التيار الطبيعي للفطرة والهوية. في العقود الماضية، كانت الحلاقة رمزًا للهيبة والتميّز، حيث كانت لكل فئة أسلوبها الخاص الذي يعبر عن هويتها. كان الرجل يهتم بمظهره ضمن حدود الرجولة التي تعكس القوة والوقار، وكانت المرأة تحتفظ بشعرها كعنوان لأنوثتها وسحرها الطبيعي. أما اليوم، فقد تغيرت الأمور بشكل لافت، إذ نجد أن بعض الرجال يتجهون نحو أنماط حلاقة تمس بهيبتهم وتجعلهم أقرب إلى صور لا تعكس المروءة، بينما بعض الفتيات يتجهن إلى تقليد الرجال في حلاقة رؤوسهن بطرق تذيب كل مظاهر الأنوثة والجمال.
من الملاحظ أن التقليد الأعمى للموضات الغربية لعب دورًا كبيرًا في هذا التحول، حيث أصبحت الفكرة السائدة أن التحرر يكمن في كسر القوالب الاجتماعية بغض النظر عن العواقب. لم يعد الرجل يشعر بأن هيبته تكمن في بساطته واعتداله، بل أصبح يركض خلف أشكال حلاقة غريبة، بعضها مستوحى من ثقافات أخرى لا تمت إلى مجتمعاتنا بصلة، حتى بات البعض يميل إلى تصفيفات تجعلهم أقرب إلى شخصيات كرتونية أو مشاهد سينمائية خارجة عن المألوف. في المقابل، لم يعد يُنظر إلى الشعر لدى المرأة على أنه زينة ووقار، بل أصبح يُعامل على أنه عائق يجب التخلص منه حتى تتساوى مع الرجل. من هنا، بدأت بعض الفتيات بحلق رؤوسهن أو اعتماد قصات شبيهة بالذكور، في سلوك يعكس تمردًا على الفطرة أكثر مما يعكس وعيا حقيقيا بحقوق المرأة أو فردانيتها.
الأنوثة ليست مجرد شكل أو زي، بل هي هوية متكاملة تعبر عن التكوين الطبيعي للمرأة الذي أراده الله لها. الشعر في ذاته ليس مجرد عنصر جمالي، بل هو رمز للرقة والنعومة، وعندما تتخلى المرأة عنه أو تعمد إلى تشويهه بحلاقة تمس بمظهرها الأنثوي، فإنها تفقد جزءًا من تميّزها الطبيعي. لا يتعلق الأمر بحرية شخصية فحسب، بل يتعلق بمسألة أعمق، وهي كيف يرى المجتمع نفسه وكيف تنعكس هذه الرؤية في مظهر أفراده. حين تصبح الحلاقة أداة للتمرد على الفطرة، فإن الأمر يتجاوز مجرد تقليعة أو موضة، بل يصبح مسخًا للهوية.
إن اختلاط المفاهيم بين المساواة والتشابه هو أحد الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع. المساواة لا تعني التطابق، فالمرأة ليست مطالبة بأن تتشبه بالرجل حتى تثبت ذاتها، كما أن الرجل لا يحتاج إلى محاكاة مظاهر دخيلة حتى يعبّر عن فردانيته. الجمال الطبيعي في أن يكون كل طرف على طبيعته، دون أن يشعر بأي نقص يدفعه إلى التخلي عن مقوماته الأصلية. عندما نرى امرأة تتباهى بحلاقة تجعلها أقرب إلى صورة رجل، وعندما نرى رجلًا بحلاقة تجعله فاقدًا لكل ملامح الرجولة، فإننا أمام مشهد من مشاهد الخلط الثقافي الذي أضعف قيمة الهوية وجعل من التميّز الطبيعي بين الجنسين شيئًا يُنظر إليه وكأنه قيد يجب كسره.
من المؤسف أن بعض وسائل الإعلام ورواد الموضة ساهموا في ترسيخ هذه الفكرة، حتى بات التمرد على الطبيعة وكأنه إنجاز يجب الاحتفاء به، فيما الحقيقة أن الجمال لا يحتاج إلى ثورة عليه، بل يحتاج إلى فهمه وتقديره. الرجل الحقيقي هو من يعرف كيف يكون وقورًا دون تكلف، والمرأة الحقيقية هي من تعتز بأنوثتها دون أن تشعر بأنها بحاجة إلى التخلي عن شيء منها كي تكون قوية. القوة لا تكمن في كسر الهوية، بل في تعزيزها.



#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على الظلال نسير
- قيمة المال
- كيف نتعامل مع الحداثة
- من كتابي (أفئدة من ذهب) عبد الرفيع الجوهري
- جمال الدين الافغاني
- من كتابي (أفئدة من ذهب ) عبد القادر السكراتي
- دلالة الوفاء
- الشعر والأنثى
- خطورة إهمال الأنثى في كل مراحلها
- معنى في رعاية الرحمن
- زرقاء اليمامة : بين الأسطورة والتاريخ
- معنى الحديث
- الفرق بين الحياء والخجل عند الانثى
- الاصطلام
- إيمان خليف (نساء فوق العادة )
- السلف او الاقتراض
- رجال بصموا التاريخ (المهدي المنجرة)
- العلاقة في العالم الأزرق بين الواقع والخيال
- موضة العنف
- أخلاقيات العلاقة السليمة


المزيد.....




- الحكم بالسجن على طبيب باع -الكيتامين- لماثيو بيري قبل وفاته ...
- إلهان عمر ترد على تصريحات ترامب عنها: -يحاول إيجاد كبش فداء- ...
- الجيش الإسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله في جنوب لبنان لمنعه ...
- ماذا نعرف عن فنزويلا التي قد تواجه خطر تصعيد عسكري أمريكي؟
- وسائل إعلام إسرائيلية تعلن مقتل أبو شباب زعيم مجموعة مسلحة م ...
- العراق يصحح قائمة الجماعات التي جمد أموالها ويسحب منها حزب ا ...
- العراق يصحح ويحذف حزب الله والحوثيين من قائمة -تجميد أموال ا ...
- اشتباكات رفح بين المقاومة والجيش الإسرائيلي تثير التساؤلات
- الشرطة التونسية تعتقل رئيس جبهة الخلاص الوطني
- حياة الفهد تتعرض لـ-أزمة صحية حادة- بينما تواصل العلاج بلندن ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - للاإيمان الشباني - الحلاقة