السلف او الاقتراض

للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 11:05
المحور: قضايا ثقافية
    

السلف أو الاقتراض قد يُنظر إليهما من زاوية معينة كذل وقيد بسلاسل الإهانة، فيعتبر البعض أن الاعتماد على الآخرين بشكل مادي يتعارض مع شعور الشخص بالاستقلالية والكرامة. الفكرة السائدة في بعض المجتمعات أن الاستدانة تعني الضعف، وأن الشخص الذي يقترض هو شخص غير قادر على الاعتماد على نفسه، وبالتالي فإنه يقع في ذل لا يتناسب مع مفهوم الاستقلالية والحرية. قد يكون هذا الفهم ناتجًا عن نظرة مجتمعية معينة تجعل من سداد الدين أو الحاجة إلى القروض سببًا للإحراج أو الضعف النفسي، وكأن الشخص الذي يقترض يضع نفسه في موقف محرج أو غير كافٍ.

على المستوى الفردي، يواجه الكثير من الأشخاص الذين يقترضون من هذه الزاوية نفس التحديات. يتولد لديهم شعور بالعجز أو الخجل، وقد يشعرون أن سعيهم للحصول على مساعدة مادية من الآخرين يؤدي إلى فقدان احترامهم لأنفسهم. قد تُعتبر هذه المواقف نوعًا من "القيد" الذي يحول دون تحررهم المالي والنفسي، ويجعلهم يشعرون وكأنهم مربوطون بسلاسل من الديون لا تنفك تلاحقهم. هذه السلاسل النفسية قد تؤدي إلى شعور دائم بالضغط، حيث يظل الشخص في دوامة من المحاولات المستمرة لسداد ديونه، ما يجعله يشعر وكأن حياته تتحكم بها التزامات مادية لا يستطيع الإفلات منها.

لكن، من زاوية أخرى، يمكن النظر إلى الاقتراض كأداة مؤقتة تمكن الإنسان من تخطي صعوبات الحياة. قد يكون الشخص في حالة تتطلب منه اللجوء إلى السلف من أجل تلبية احتياجات ضرورية أو لتحقيق طموح أو مشروع يتطلب استثمارًا ماديًا. في هذه الحالة، يمكن أن يكون الاقتراض خيارًا منطقيًا وليس بالضرورة ذلًا. قد يكون الشخص لا يريد أن يُثقل نفسه بالديون إلا أنه يضطر لذلك بسبب الظروف الاقتصادية أو الشخصية التي يواجهها.

الدين أو السلف لا يعني بالضرورة ذلاً إذا تم فهمه كحل مؤقت، ولكن المشكلة تكمن في العلاقة النفسية التي تنشأ حوله. قد يشعر الشخص بعدم الراحة أثناء التعامل مع المقرضين أو الشعور بالخوف من تكرار الأخطاء في المستقبل. في المجتمعات التي تضع قيمة عالية على الاستقلال المالي، قد يصبح الاقتراض علامة على الفشل أو عدم القدرة على تدبير الأمور، مما يساهم في تعزيز فكرة الذل المرتبطة به.

على الرغم من هذا، يجب أن يُفهم الاقتراض أو السلف كجزء من الحياة المالية اليومية للعديد من الأشخاص. يمكن أن يكون أداة فعّالة لتجاوز الأوقات الصعبة أو لتحقيق أهداف طويلة الأجل. ومع ذلك، ينبغي أن يكون الاقتراض مسؤولًا ومتوازنًا، حيث لا يتحول إلى عبء مستمر. لكي لا يصبح ذلاً، يجب أن يتحلى الشخص بوعي مالي جيد وألا يعتمد بشكل مفرط على القروض من أجل الحفاظ على كرامته واستقلاله.

#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات