أخلاقيات العلاقة السليمة

للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 15:39
المحور: المجتمع المدني
    

أخلاقيات الجماع ليست تفصيلًا في العلاقات الزوجية بل هي جوهر التفاهم العاطفي والروحي بين الرجل والمرأة إذ أن الجسد ليس آلة ميكانيكية تستجيب متى أراد صاحبها بل هو كيان حي يتأثر بالمشاعر ويتفاعل مع العواطف ولذلك فإن العلاقة الزوجية لا تقتصر على تلبية رغبة جسدية بل هي لغة حب وتواصل عميق تنعكس على الحياة اليومية بكاملها وتؤثر في مدى استقرار الأسرة وسعادتها فالزوجان اللذان يفهمان أهمية هذا البعد في علاقتهما يعيشان تجربة أكثر عمقًا وانسجامًا حيث يتحول الجسد إلى وسيلة تعبير عن الحب وليس مجرد أداة لقضاء الوطر

إن اللقاء الحميمي لا ينفصل عن السياق العام للعلاقة بل هو امتداد لطريقة التعامل بين الزوجين في كل تفاصيل الحياة اليومية فمن الخطأ أن يكون الجماع فعلًا غريزيًا يتم دون مقدمات أو اهتمام بالمشاعر لأن ذلك يحول العلاقة إلى شيء آلي يفتقد للروح ويجعل الطرف الآخر يشعر وكأنه وسيلة لإشباع حاجة جسدية لا أكثر بينما الأصل أن يكون الجماع لحظة تعبير عن الحب والاهتمام والعطاء فالرجل الذي يدرك أن المرأة تحتاج إلى مشاعر تسبق الفعل الجسدي يفهم أن اللذة لا تقتصر على الإشباع الحسي بل تبدأ من الإحساس بالأمان والراحة والاحتواء فالكلمات الحانية واللمسات الرقيقة والمواقف التي تعزز الحب خلال النهار هي المدخل الحقيقي لعلاقة حميمية ناجحة في الليل

المرأة بطبيعتها تستجيب للمشاعر قبل أن تستجيب للجسد فكلما شعرت بأنها محبوبة ومقدرة كلما زاد انجذابها ورغبتها في التقرب من شريكها أما إذا غابت هذه المشاعر فإن اللقاء يصبح واجبًا تؤديه بلا روح ولهذا فإن العلاقة الزوجية الناجحة تقوم على التوازن بين المشاعر والجسد حيث يدرك الرجل أن المداعبة ليست مجرد تمهيد للجماع بل هي جوهر العلاقة الذي يعزز الارتباط العاطفي ويجعل التواصل الجسدي أكثر انسجامًا وعفوية إن اللمسات الرقيقة والهمسات الدافئة والاهتمام المتواصل كلها عوامل تجعل المرأة تشعر بأنها مرغوبة ومحط اهتمام زوجها مما ينعكس على مستوى الرغبة والانسجام بينهما

كما أن الرجل نفسه يجد في هذا التمهيد متعة تفوق الإشباع الجسدي السريع فالحب ليس سرعة الوصول إلى الذروة بل هو رحلة ممتعة من التفاعل والمشاركة والتواصل فاللقاء الذي يسبقه الحنان والاهتمام يكون أكثر جمالًا ويدوم أثره حتى بعد انتهائه أما العلاقة التي تخلو من العاطفة فسرعان ما تفقد رونقها وتصبح عبئًا على الطرفين ولهذا كان من الحكمة أن يكون الجماع مبنيًا على فهم عميق لطبيعة الإنسان وما يحتاجه لكي يشعر بالراحة والطمأنينة والسعادة في حياته الزوجية

الحياة بين الزوجين ليست سلسلة من الأحداث المنفصلة بل هي نسيج متكامل تتداخل فيه المشاعر والسلوكيات والمواقف اليومية ليشكل في النهاية لوحة تعكس عمق العلاقة بينهما فالرجل الذي يدرك أن الحب لا يُختزل في لحظات معينة بل هو أسلوب حياة يمنح شريكته الاهتمام طوال الوقت سواء من خلال الكلمات الطيبة أو الأفعال الصغيرة التي تعبر عن المودة والاحترام وبالتالي فإن العلاقة الحميمية تصبح انعكاسًا لهذا الجو العاطفي المتوازن وليست مجرد استجابة لحاجة جسدية عابرة

وفي المقابل فإن المرأة التي تفهم أن زوجها يحتاج إلى الحب والتقدير كما تحتاج إليه هي تدرك أن العلاقة الحميمية ليست مسؤولية تقع على عاتق أحد الطرفين فقط بل هي تفاعل مشترك يقوم على الرغبة المتبادلة والعطاء المتبادل فلا يصح أن يكون أحدهما متلقيًا فقط دون مشاركة أو أن يتحول اللقاء إلى روتين يخلو من الإحساس بالمتعة والارتياح ولهذا فإن بناء علاقة زوجية ناجحة يقوم على إدراك أن الجسد ليس منفصلًا عن العاطفة وأن الحب يتجلى في التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفارق في الحياة اليومية

الاحترام المتبادل والتواصل الجيد والتعبير عن المشاعر كلها أساسيات تجعل العلاقة الزوجية أكثر قوة وانسجامًا فليس المهم عدد مرات اللقاء أو مدته بقدر ما يهم أن يكون لقاءً مشبعًا بالحب والتفاهم فالأزواج الذين يحرصون على تغذية علاقتهم العاطفية باستمرار يجدون في الجماع لحظة تعبير عن هذا الحب وليس مجرد استجابة لرغبة عابرة فالحياة الزوجية السعيدة تقوم على فهم احتياجات الآخر وتلبيتها بطريقة تضمن السعادة لكلا الطرفين وتجعل العلاقة أكثر عمقًا

#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل