أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني
(Ashraf Dabain)
الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 02:49
المحور:
السياحة والرحلات
هناك بعض العوامل حينما تجتمع تهيّئ السبيل والطريق للدليل السياحي كي يحقق أعلى مستويات النجاح والإنجاز في عمله، وبما يفوق القدرات العادية له، ولعل من أهم هذه العوامل هو امتلاك الدليل القدرة على "إدارة المهارات والمواهب"، وإدارة المهارات والمواهب تعني امتلاك الدليل السياحي لقدرات هائلة وامكانيات كبيرة ومواهب نظرية متعددة ومهارات مهنية عالية وفرص لإدارة هذه كلها في المكان المناسب والوقت المناسب بما يعود عليه بالنفع والتميز. ويزيد على ذلك إن كان الدليل يعمل لدى شركةٍ سياحية تُقدّر جهد الدليل مما يدفعه للمزيد من الانجاز، فحب العمل والبيئة المهنية الصالحة تمنح الدليل السياحي الثقة والفرص المتواصلة لاثبات الذات والمزيد من الطاقة والإنتاجية. ولابد للإنجاز في العمل أو المهنة أي مهنة من عامل مهم ألا وهو التركيز، فالتركيز سر النجاح، والدليل السياحي يحتاج لتركيز شديد في العمل الذي يقوم به، والتركيز هو أن يعمل الدليل على وضع هدف أو مجموعة أهداف ويعمل عليها، دون تشتيت أو إلهاء أو انحراف. والتركيز يحتاج الى يغلق الدليل عينيه عما يلهيه عن أداء أقصى جهد يمكنه منحه، ويسير في مسار عمله ونظره إلى الأمام، فلا يلتفت يميناً أو يساراً، ولا يشغله أحد أو موضوع ثانوي، ولا يترك نظرته نحو الأمام في مضمار السباق ويظل يركض فيه دون توقف.
الأمر المهم الآخر للدليل السياحي هو الشغف بما يقوم به، فالشغف هو سر من أسرار النجاح في الحياة لأي شخص ولأي مهنة ولأي عمل ولأي هدف. والشغف هو أن يسيطر عليك العشق والهيام والرغبة والحب للعمل والتفكير في تحسين الذات وتطويرها. فإن أراد الدليل السياحي أن ينجح في عمله ومهنته فلا بد أن يكون شفوفاً بها عاشقاً لها مُحباً مُتيماً مُركزاً فيها، وأن يضع طاقته في هذا العمل حتى يجد المردود الاسمى وهو تقديم بلاده ووطنه في أفضل صورة، وأن يحقق عائدًا مالياً مجزياً، وعلى الدليل السياحي أن يستمر في هذا الشغف لأنه في كثير من الأحيان يصل الدليل السياحي للنجومية من خلال التميز والفرق الإيجابي الذي يحدثه في نطاق عمله.
وما يميز الدليل السياحي الناجح هو اعتماده على المصادر والمراجع في عمله، ولكي يكون مصدر ثقة فلا بد للدليل أن يستند ويرتكز على مصادر ومراجع قوية ومؤكدة، حتى تمده بالمعلومات التي يحتاجها في السرد، بموثوقية كبيرة، وبالتالي يتوفق الدليل في عرض قصة المكان بشكل سليم.
ومما يزيد نجاح الدليل السياحي تميزه في عرض المكان على شكل قصة، فالدلالة السياحية يتفوق فيها من يجيد فن رواية القصص، لأن الدليل لا بد أن يكون قصاصاً وروائيا إن أراد أن يكون متميزًا، بحيث يقدم القصص التاريخية للسياح والزوار مع عناصر التشويق والسرد، لا أن يقوم بتقديم معلومات وكأنه يقوم بالقراءة من نص. أي أن يمنح المكان روحًا بكلامه لا جمودًا يفوق جمود المكان ذاته. فالذين يتحدثون عن المكان كجماد هم أقرب لرجلٍ آلي (ربوت)، وهذا عمل ممل، ويمكن الحصول عليه بسهولة من خلال اللوحات التفسيرية المتواجدة في المكان أو الكتيبات أو النشرات التي تتحدث عن المكان والتي قد تباع أو تمنح بالمجان، ولكن الذي يقدم القصص هو الانسان، وبالتالي فالدلالة السياحية والسردية التاريخية تقوم على الأنسنة، أنسنة المكان والزمان والقصة والتاريخ. والأنسنة تعني أن تأخذ القصة وأن تنظر للمكان، فتفكر في القصة وتتأمل في المكان ثم تخرج بالقصة أو رواية المكان أو السردية للسائح أو الزائر في رواية لا تلامس مسامعه فقط وإنما تنفذ إلى قلبه وعقله وأحاسيسه وخياله، وهنا الدور الذي يتميز فيه الدليل السياحي، ألا وهو أن يستخدم سحر المكان أو بساطته في إجراء تفاعلٍ بصري وسمعي وروحي يؤثر في السائح أو الزائر؛ فيحب المكان والقصة والبلد ويقول في ذاته: هذه تجربة تأسر الألباب. إن أجاد الدليل السياحي رواية قصة المكان للسائح فانه سيكون دليلاً سياحياً ناجحاً ومميزاً.
والمهم حين يروي الدليل قصة المكان للناس فانه من الضروري أن يعرف ويقدم الأشياء بمسمياتها وأن يربطها بالمكان والزمان والأشخاص فيدرك الجميع من دليل سياحي وزائر ومواطن وجهة رسمية وقطاع سياحي...الخ خلفياتها وأبعادها، وكيف ولدت، وظهرت، وصنعت، وكيف ماتت حضارات ودول وممالك وشعوب وقبائل وأمم، ووصلت إلينا آثارها و بقاياها.
معظم من يعمل بالدلالة السياحية هم من الشباب والتالي لابد لهم من أن يعدّوا أنفسهم الإعداد العميق للمستقبل، فالدليل الذي يدخل لهذا العمل ضمن إطار ضيق أو فكر سطحي أو بسيط أو بهدف الحصول على بعض الدخل، أو من يدخل هذا المجال ببعض المعلومات البسيطة التي توجد عند كثيرٍ من الدخلاء على هذه المهنة فلن يلتفت إليه أحد، ولن يحدث في نفس السائح إلا الملل.
على الدليل أيضًا أن يهتم بنفسه ولباسه ومظهره وأخلاقه وسمعته وأن يستند إلى معرفة جيدة بالمكان وتاريخه وحضاراته، وأن يعرف أساليب الحوار والمناقشة، و أن يلم بطُرق التسويق السياحي، وتحسين نفسه وعمله وأن يسعى دوما الى تطوير الذات من خلال التعلم والتدريب المستمر والمتواصل.
الدليل السياحي واجهة مهمة من واجهات الوطن فإن أظهر قدراته وتميزه فإنه يكون قد قدم بلده بالطريقة الصحيحة.
#أشرف_عبدالله_الضباعين (هاشتاغ)
Ashraf_Dabain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟