رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 22:09
المحور:
المجتمع المدني
الثروة هدف يسعى إليه كثير من الناس، حيث يطمح الجميع إلى تحقيق الرفاهية وتلبية رغباتهم المادية، فالمال هو وسيلة لتسهيل الحياة وتحقيق الاستقرار. في القرآن الكريم، يذكر الله المال بأنه من "زينة الحياة الدنيا" (سورة الكهف: 46)، مما يؤكد على أن الثروة لها جانب إيجابي وجميل عندما تُستخدم في إطارها الصحيح. لكن، هل يمكن للثراء الفاحش أن يكون نعمة دائمة، أم أنه يحمل في طياته مخاطر ونقمة؟
الثروة قد تأتي بطرق مشروعة مثل الإرث، أو من خلال العمل التجاري، أو الاستثمار. هذه الطرق تعكس جهوداً مشروعة تتماشى مع القيم الأخلاقية والاجتماعية، وتحترم القانون والحقوق. في هذه الحالات، يكون المال أداة لبناء حياة كريمة ولخدمة المجتمع، ويعزز من التكافل الاجتماعي.
لكن في السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة تكوين ثروات هائلة في وقت قياسي، أحياناً بطرق مشبوهة وغير مشروعة. هذه الثروات التي تعجز حتى الحسابات الاقتصادية عن تفسيرها، أثارت تساؤلات حول مصادرها وأخلاقيتها. والواقع أن الثراء الفاحش غير المشروع قد يؤدي إلى الفساد، وانعدام العدالة الاجتماعية، واستغلال الضعفاء، ما يجعل المال في هذه الحالة نقمة لا نعمة.
الكتب السماوية تحذر من حب المال بشكل مفرط والاعتماد عليه كمصدر للسعادة المطلقة. قال الله في سورة التوبة: "وَمَن يَكْنِزْهَا وَيَتَغَافَلْ عَنْهَا فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (التوبة: 34)، مما يدل على أن جمع المال دون مراعاة الحقوق أو الأخلاق يؤدي إلى العقاب الأخروي.
وفي المسيحية، جاء في الكتاب المقدس: "لأنه أبلغ أن محبة المال هي أصل كل شر" (1 تيموثاوس 6:10)، في تحذير من الانزلاق وراء المال على حساب القيم الروحية والأخلاقية.
إذن، الثروة في حد ذاتها ليست نقمة، بل هي أداة يمكن أن تكون نعمة أو نقمة حسب كيفية اكتسابها واستخدامها. الثراء الفاحش إذا تحقق بالطرق المشروعة وبالنية الصالحة، يمكن أن يعزز التنمية ويحقق الخير للفرد والمجتمع. أما إذا ارتبط بالفساد والجشع، فإنه يتحول إلى نقمة تفتك بالقيم وتزرع الفوضى.
الخلاصة أن الثراء الفاحش يحمل في طياته مسؤولية كبيرة. فهو اختبار حقيقي للإنسان بين أن يكون نعمة تُنشر خيراً، أو نقمة تُدمّر مجتمعاً. يبقى الحكم الحقيقي في كيفية استخدام المال والقيم التي تحكم اكتسابه.
هل ترى أن الثراء الفاحش يمكن أن يتحول إلى مصدر خير دائم؟ وكيف يمكن للمجتمعات أن توازن بين تحقيق الثروة والحفاظ على الأخلاق؟
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟