عبدالباقي عبدالجبار الحيدري
الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 02:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في خضم الأزمة المالية والسياسية التي يشهدها العراق، تبرز وزارة المالية – وعلى رأسها الوزيرة طيف سامي محمد – كلاعبٍ رئيسي في إدارة ملف الرواتب وتمويل المؤسسات الحكومية. غير أن ما يحدث في الواقع يعكس ازدواجية واضحة في المعايير، حيث يتم غض الطرف عن هدر واسع النطاق في مفاصل الدولة، مقابل تشدد غير مبرر تجاه حكومة إقليم كردستان.
تُصرّ وزارة المالية على تأخير أو إيقاف صرف رواتب موظفي إقليم كردستان بحجج قانونية وفنية واهية، في وقتٍ يتم فيه صرف مئات ملايين الدولارات دون رقابة واضحة للميليشيات المسلحة، والتي تضم عناصر أجنبية – إيرانية تحديدًا – تعمل تحت مظلة "الحشد الشعبي". هذه الانتقائية ليست فقط خرقًا للعدالة الدستورية، بل تشكل عقابًا جماعيًا لمئات آلاف الموظفين الكرد الذين لا ذنب لهم في التجاذبات السياسية.
يطرح الشارع الكردي والعراقي على حد سواء تساؤلات مشروعة:
من الذي وافق على صرف رواتب لأفراد أجانب في صفوف ميليشيات مسلحة لا تخضع لرقابة البرلمان؟
من الذي وافق على صرف أكثر من نصف مليار دولار فقط لمؤتمر القمة العربية في بغداد، دون أن يرف جفن للمسؤولين عن العجز المالي؟
لماذا تصر الوزيرة على التذرع بالقوانين حين يتعلق الأمر بحقوق مواطني الإقليم، بينما تتجاهل تلك القوانين عند تمويل الصفقات والمصالح السياسية؟
ليست هذه مجرد أخطاء في السياسات العامة، بل هي سياسات موجهة بعنصرية مكشوفة، هدفها الإضرار بإقليم كردستان وابتزازه مالياً وسياسياً. لقد أصبح واضحاً أن الوزيرة طيف سامي محمد، رغم معرفتها الدقيقة ببواطن الفساد داخل الوزارات والمؤسسات العراقية، تصر على التستر على مافيات الفساد داخل بغداد، وتوجيه سيف المحاسبة فقط باتجاه الإقليم.
ليس غريبًا أن تُمنح أموال ضخمة للميليشيات التي تُهدد السلم الأهلي وتُضعف هيبة الدولة، بينما يُترك موظفو الإقليم بلا رواتب لأشهر طويلة. إنها سياسة إذلال ممنهجة تهدف إلى تهميش مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي، بدلاً من العمل على ترسيخ العدالة والمساواة بين المواطنين.
إن استمرار هذا النهج يهدد وحدة العراق، ويزيد من الشروخ في جسد الدولة الهش. المطلوب ليس فقط وقف هذه السياسات العنصرية، بل محاسبة كل من يستخدم المال العام كسلاح سياسي وطائفي.
حين تتحول وزارة المالية إلى أداة للتجويع والتهميش، فإن ذلك ينذر بانفجار اجتماعي خطير. يجب إعادة النظر فورًا في هذه السياسات، ووضع حد لاستخدام المال العام كأداة للابتزاز السياسي والتمييز القومي. فالعدالة المالية هي الأساس لأي دولة عادلة، وأي خرق لها هو خيانة لقَسَم الوظيفة والمسؤولية الوطنية.
#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟