أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - هل يمُوتُ نوح في طُوفانه؟! فلسطين وثباتُ الأَنبياء














المزيد.....

هل يمُوتُ نوح في طُوفانه؟! فلسطين وثباتُ الأَنبياء


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 11:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


وَقَالَ اركَبُوا فِيهَا بِسمِ اللَّهِ مَجرَاهَا وَمُرسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجرِي بِهِم فِي مَوجٍ كَالجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الكَافِرِينَ (42)



– القرآن الكريم، سورة هود، الآيتان 41-42.



في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، يُواجهُ أهلُ الحقِّ طوفاناً من الظلم، وتبقى معركةُ البقاء مُحتدمةً بين الطغيان والصُّمود.

هكذا كان حالُ نوح عليه السلام، الرجل الذي حمل رسالة النجاة وسط أمواج الغدر والسخرية، وهكذا هو حالُ فلسطين اليوم، تُصارعُ الاحتلال والحصار، وتحملُ سفينتُها جراح شعبها وأحلام أجيالها.



في قلب العاصفة، حين تلاطمت الأمواجُ كأنّها جبال، وحين جفَّت الأرضُ ماءها، ورفعت السماءُ ظلالها، كان نوح، نبيُّ الصبر والمقاومة، واقفاً على متن سفينته، واثقاً بوعد الله، ثابتاً كالجبل. فهل يُعقلُ أن يغرق في الطوفان الذي جاء ليُنقذه ويُهلك الظالمين؟



تُشبهُ فلسطين نوحاً؛ فهي لا تغرقُ، ولا تموتُ، بل تُصارعُ الطوفان جيلاً بعد جيل، رغم الأعاصير وغدر الطغاة، وتبقى السفينةُ التي تأوي أبناءَها، والأرضُ التي تأبى أن تُقتلع جذورُها.



في أرض الرباط، تنبُتُ الأشجارُ من عروق الشهداء، وتتحوّلُ دموعُ الأمهات إلى ينابيع حياة، ويتحوّلُ الحجرُ إلى صرخةٍ تُزلزلُ أركان الظلم.



وكما وقف نوح ثابتاً رغم تكذيب قومه وسخرية أعدائه، يقفُ الفلسطيني اليوم صامداً رغم الاحتلال والحصار، لم يركع، ولم يُساوم، ولم يبع بيته أو عِرضَه، بل ظلَّ يُجددُ العهد مع الأرض، يُقبِّلُ ترابها، ويزرعُها بالأمل كما يزرعُها بالقمح والزيتون.



وفي هذا المشهد البطولي، يتجلّى الطباق بين الحياةِ والموت، بين الثبات والانهيار، بين النور والظلام.

وكما ينحتُ الجناس بين الكلمات جمال المعاني، فإنّ فلسطين تنحتُ من الألم أملاً، ومن المحنة منحةً، ومن الدمار بناءً جديداً. فالكرامةُ ليست شعاراً يُرفع، بل حياةٌ تُعاش، وشهامةُ الرجال ليست مجرّد كلمات، بل دماءٌ تُسكبُ على أعتاب الأقصى، وأجسادٌ تُفرَشُ تراب المخيّمات.



إنّ فلسطين هي نوح الذي لا يغرق، بل ينجو رغم كثرة الطوفان، وهي الحُلمُ الذي لا يُقتل مهما حاولوا اغتياله، وهي الصوتُ الذي لا يَبُحُّ مهما تعالت أصواتُ الطغاة.

في كلِّ حجرٍ يُرفع، في كلِّ دمعةٍ تسيل، في كلِّ يدٍ تُرفَعُ إلى السماء داعية، يتجدَّدُ الوفاءُ لقضيةٍ لم تمُت، ولن تموت.

فالأرضُ تشهد، والسماءُ تشهد، والتاريخُ لا يُغلقُ صفحاته أمام من كتبوا سطوره بدمائهم وأحلامهم.



لكن، إلى متى؟ إلى متى يظلُّ الطوفان يحصدُ الأرواح، ويغمُرُ الديار، ويُغرِقُ الأحلام؟ إلى متى يظلُّ نوح الفلسطيني يُصارعُ الموج وحده، بينما العالمُ يقفُ متفرِّجاً على السفينة وهي تتهاوى؟ هل ستظلُّ فلسطين تُبحرُ في بحر الظلم بلا شاطئ؟ أم أنّ الطوفان هذه المرّة لن يهدأ حتى يبتلع كلَّ شيء؟

لعلَّ السفينة تغرقُ يوماً، لعلَّ الأمل يتلاشى، ولعلَّ القلوب التي اعتادت الصبر تفقدُ نبضها، ويظلُّ السؤالُ مُعلّقاً بين السماءِ والأرض:



هل يُعقلُ أن يموت نوح أخيراً في طوفانه؟



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة… الشّجرةُ التي لا تنكسرُ
- من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء ال ...
- من تحت التراب... الشهيد نزار بنات يكتب لمحمد اشتية
- غزَّة... حين يُكتَبُ التَّاريخُ بدم الشُّهداءِ
- من تحت التراب... رسالة الشهيد نزار بنات إلى حسين الشيخ!
- غزَّة وحدها... والأُمَّةُ في صمتِ الغِيابِ
- رئيس -زعَلَطي-… في حضرةِ الدمِ والخذلانِ
- ياسر عرفات(أَبو عمَّار)… آخرُ الرِّجالِ في زمنِ الانكسارِ
- طارق الدوخي… الذي نجا من المجزرة ولم يَنجُ من الغيابِ
- معين عبدالغني الجشي… حين يُصابُ الأَرشيفُ بالصَّمتِ
- خليل الوزير (أبو جهاد)… رَجُلٌ مِن زمنٍ لم يَبلُغ رام الله.
- ياسر عرفات(أبو عمار): حين خانتهُ البنادقُ التي ربّاها
- عبد القادر الحسيني: بطلُ القسطل ورمزُ الفداءِ في تاريخِ فلسط ...
- الذين خذلونا… هُناك، حيث يُدفَنُ الوطنُ في حضرةِ الفسادِ
- خان يونس: زُهورُ الطفولةِ التي احترقت نائمةً
- ذاكرةُ الدم: حينَ يكونُ الصمتُ شريكاً في القتل
- الأَسدُ لا يُفاوِضُ على قُوتهِ
- لا تَنسَ يا أَحمد... فذاكرتُكَ تفضحُهُم
- وداعاً أَبا أَحمد: حين تغادرُنا الطُّيُورُ الأَصيلةُ بلا ودا ...
- هذه ليلتُها... وغزَّة تَصحو على خُذلانٍ بلا فجرٍ


المزيد.....




- بعد 26 عامًا على رحيلهما: صور نادرة من -حفل الزفاف السرّي- ل ...
- حراشفه مميزة.. كيف صمد هذا الحيوان في وجه الصيد الجائر؟
- تركي الفيصل بعد صورة نتنياهو التوراتية لإسرائيل: هل سيمضي لا ...
- غزة تسجل 4 وفيات جديدة بسبب الجوع و100 منظمة دولية تتهم إسرا ...
- غضب لا يهدأ في صربيا: اشتباكات وأعمال عنف خلال مظاهرات بين م ...
- العمل أربعة أيام في الأسبوع مفيد للصحة، فلماذا لا يتم اعتماد ...
- سوريا: حصان هارب في شوارع دمشق
- السلطات الأميركية تثبّت أجهزة تتبُّع في شحنات شرائح الذكاء ا ...
- تنديد فلسطيني وعربي بمشروع سموتريتش الاستيطاني وحماس تدعو لل ...
- ترامب وبوتين يلتقيان الجمعة في ألاسكا وزيلينسكي بلندن لبحث إ ...


المزيد.....

- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - هل يمُوتُ نوح في طُوفانه؟! فلسطين وثباتُ الأَنبياء