أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - هذه ليلتُها... وغزَّة تَصحو على خُذلانٍ بلا فجرٍ














المزيد.....

هذه ليلتُها... وغزَّة تَصحو على خُذلانٍ بلا فجرٍ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8312 - 2025 / 4 / 14 - 15:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


في هذا الليلِ الذي يدَّعي السكون، تصرخ غزَّة من تحت الرُّكام. لا شيء هنا يُشبه القصائد التي كنَّا نُردِّدها ذات عشق؛ لا كأس يُملأ بالغرام، بل بالدَّم، ولا همس يتبادل بين شفتين، بل أنينٌ يتسلَّل من صدورٍ مُهدَّمة تبحث عن بقايا حياة.

هذا المساء، الذي كان في ذاكرة الشِّعر موطناً للحُب، جاء بلون النار وبرائحة البارود.

في غزَّة، الحُلم يُجهَض قبل أن يُولد، والطُّفولة تُدفن قبل أن تمشِي.

هناك، لا مكان للأماني إلّا في طوابير الخبز، ولا ظِلّ للحياة إلّا في ممرَّات المشافي المُهدَّمة.

العصافير هجرت أغصانها، والبيوت التي كانت دياراً، تحوَّلت إلى مسلخٍ يركُض فيها الموت عارياً، لا يخشى شيئاً.

العالم يلهو، والحياة تسخر، لكن في غزَّة... لا وقت للهَـو.

وحدها تُقاتل، وحدها تصمُد، وحدها تموت وتحيا كلَّ يوم،

بينما اكتفى العربُ والمسلمون بالمشاهدة، وأتقنوا فنَّ الصَّمت، وكأنَّ في صمتهم صلاةً أُخرى، لكنها بلا سُجود، بلا خُشوع، بلا أثر.

هل سمع أحدُهم صرخة غزَّة الأخيرة؟

هل شعر أحدُهم برجفةِ أُمٍّ تحتضِن جثَّة طفلها؟

حين تسأل غزَّة: "أين أنتم؟"، لا تسمعُ سوى أنينَ

الصدى يتهاوى في الفراغ .

وحين تُفَتِّش في دفاتر الحُبّ عن أسماء الذين تعاهدوا ألّا يخذِلوها، تجدها مُمَزَّقة، مطموسة، أو مُوقَّعةً بدماءٍ غيرها.

ليس في المشهدِ سوى الخُذلان.

لا كلماتِ شجبٍ كافية، ولا مؤتمراتٍ طارئة.

كلُّ شيءٍ يبدو مُرتَّباً كفيلمٍ قديمٍ نعرف نهايته:

غزَّة تُقاوم، العالم يتفرَّج، والعربُ يَعُدُّون خسائرهم في كرامتهم.

في قلبِ كلِّ أُمٍّ هناك، وطنٌ يُنتَزَع.

وفي عينِ كلِّ طفلٍ، سؤالٌ لا يجرؤ أحدٌ على الإجابةِ عنه:

"لماذا وحدي؟ لماذا نحن فقط؟"

وكلُّ مساءٍ يُنذر بصباحٍ جديدٍ من الحُزن، لا شُموس فيه، ولا نوافذ تُفتح على الأمل.

هذه ليلتُها، لكنَّ الليل في غزَّة بلا فجر.

وهذا صمتُها، لكن فيه كلَّ العِتابِ الذي لم يُقل.

غزَّة اليوم لا تسأل عن الحُب، بل عن البقاء، عن اليد التي لا تزال تملك شيئاً من ضمير.

أمّا نحن، فنُواصِل اللهوَ في تفاصيل لا تُهم، ونبرع في التبرير، ونتفنَّن في التغاضي.

وفي النهاية، نُغلق النوافذ لننام، بينما غزَّة تصحو على خُذلانٍ جديد، وتُجهِّز نُعوشها القادمة.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينَ تفرَّقَ الأَصحابُ وضاعَتِ الخُطى: حِكايةٌ من مُخيَّمٍ ف ...
- عيسى أَحوش ودار بيسان: صوتُ فلسطين الذي لا يمُوتُ
- من فِيتنام إلى غزّة: أَمريكا في مَسَارِ الهزائمِ والخيباتِ
- الاستسلامُ ليس خياراً: دُروسٌ من بيروت إلى غزَّة
- الدكتور صالح الشيباني... من تُرابِ فلسطين تَكَوَّنَت رُوحُهُ
- أَحمد الشُّقيري... رجُلٌ صَنَعَ الثَّورة فخذلتهُ!
- نوح الفلسطيني: بين طوفانِ الخذلانِ وسفينةِ الصُّمودِ
- فرحان السعدي: الشَّيخ الذي صامَ عن الحياةِ وارتوى بالمجدِ
- اليمن: أَصلُ العروبة وَشُمُوخُ الجبالِ
- نافع محمد: من القامشلي إِلى فلسطين.. حكايةُ عشقٍ لا تنتهِي!
- الشَّهِيدُ مرعي الحسين: نَسرٌ حَلَّقَ في سماءِ المجدِ ولم يه ...
- حينَ يغيبُ الكبارُ... وداعاً أَبا سعيد!
- إبراهيم أبو خليل: عاشقُ الوطنِ الذي رَوَى الأرضَ بِدَمِهِ
- فاطمة فاعور.. أُمُّ الشهداء التي ودَّعتهُم ثُمَّ لحِقَت بِهِ ...
- عمر المحمود (أبو مروان): طائرُ الحُزنِ والحنينِ للوطنِ
- نمر كلّم وحَمَر.. قصَّةُ شهيدٍ لم يُخذِّلهُ كلبُهُ!
- وصيّةُ ندى لافي كلّم: حينَ تكتُبُ الأرضُ رسالتَها الأخيرةَ
- ندى لافي كلَّم (أم علي)... وصيَّةُ الأَرض التي لا تموتُ
- قمة العرب 7353: فلسطين على الرَّفِّ والتَّطبيع على الطَّاولة
- شربل فارس.. حين يُزهر البؤس كبرياءً


المزيد.....




- تنظيم مسلح جديد في خان يونس يطرح نفسه بديلًا لحماس.. من هي ج ...
- نعيم قاسم يدعو السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع حزب الله: لحوا ...
- محكمة العدل الدولية تعلن تلقيها شكوى من مالي ضد الجزائر
- أيام على السابع من أكتوبر
- رئيس ملاوي ومنافسه يتنازعان الفوز بالرئاسة وسط توتر سياسي
- ترامب يمتنع عن المصادقة على مساعدة عسكرية لتايوان
- 5 نساء يتقدمن في العمر بسرعة والعلم يوضح السبب
- -رحاليستا- الليبي يتحدث لترندينغ عن رحلته في صنع المحتوى وزي ...
- إفتهان المشهري .. اغتيال مسؤولة يمنية رميا بالرصاص في وضح ال ...
- محمد قبنض.. اختطاف منتج مسلسل باب الحارة السوري من دمشق والد ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - هذه ليلتُها... وغزَّة تَصحو على خُذلانٍ بلا فجرٍ