أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - فاطمة فاعور.. أُمُّ الشهداء التي ودَّعتهُم ثُمَّ لحِقَت بِهِم














المزيد.....

فاطمة فاعور.. أُمُّ الشهداء التي ودَّعتهُم ثُمَّ لحِقَت بِهِم


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8281 - 2025 / 3 / 14 - 16:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


في منزلٍ متواضعٍ في مخيم كفربدا، عاشت فاطمة محمد فاعور، المرأة التي لم تكن مجرد أمٍّ، بل كانت مدرسةً في الصبر والجهاد، وحاضنةً لأبطالٍ نقشوا أسماءهم على صفحات المقاومة بدمائهم الطاهرة. لم يكن المَصِيرُ رحيماً بها، لكنه وهبها ما لا يُمنحُ إلا للقليلين: أمومةَ الشهداء، وشرفَ الفقدِ في سبيل الأرض، ووسامَ الصبرِ الذي لا يقدر عليه إلا العظماء.



بدأت حكايتُها مع الفقدِ حين وقف محمود ليكون أولَ المقاومين في جنوب لبنان عام 1982، حيث افتتح صفحةً جديدةً من التاريخ، لم يكتبها الحبرُ، بل الدمُ والنار. كان يدرك أن دربَه محفوفٌ بالمخاطر، لكنها لم تثنِهِ، بل ربَّتهُ ليكون شعلةً تُضيءُ عتمةَ الاحتلال. وعندما جاءها خبرُ استشهاده يوم 1-9-1982، رفعت رأسها، وأخفت دمعَها عن صغارها، وقالت: "محمود ما مات... بل بدأ الحياةَ الحقيقية هناك، حيث لا ظلمَ ولا احتلال."



ثم جاء دور إبراهيم، الشابِّ الذي حمل على كتفيه أمانةَ المقاومة، لكنَّ يدَ الغدرِ لم ترحمه، فسقط شهيداً في مخيم شاتيلا يوم 5-1-1988، ليس برصاص العدوِّ، بل على يد رفاقِ الخندق. لم تزدها الفاجعةُ إلا ثباتاً، ولم يقلّ في قلبها اليقينُ لحظةً واحدة.



أما الضربةُ الأقسى، فكانت عندما جاءها خبرُ استشهادِ آخرِ أبنائها، محمود (أبي)، يوم 25-3-2010، الذي لم يكن يحمل سلاحاً، بل كان يؤدي واجبَه الإنسانيَّ والأخلاقيَّ. قُتل ظلماً، لتكتمل مأساةُ أمٍّ لم تعرف إلا الفقد، لكنها أيضاً لم تعرف إلا الصبر.



في جنازتهم جميعاً، كانت تسير شامخةً، تحبس دموعها، لكنها ترفع صوتها بالدعاء: "اللهمَّ تقبَّلهم عندك شهداء، وارزقني الصبرَ كما رزقتني العزَّة."



لم تكن فاطمة محمد فاعور مجردَ أمٍّ، بل كانت أيقونةً للصمود، امرأةً تحدَّت الألم، وربَّت أبطالاً، ومضت في طريقها شامخةً، كأنها جبالُ الجنوبِ التي لا تهزُّها الرياح.



بعد سنواتٍ من الصبرِ والفقد، رحلت أمُّ الشهداء يوم 20-9-2011.

لم يعد جسدُها قادراً على حمل أوجاعها، ولم يعد قلبُها يحتمل الفراغَ الذي خلَّفه غيابُهم. كأن روحها ظلَّت معلَّقةً بينهم، تنتظر اللِّحاقَ بهم، حتى جاء يومُ الرحيل، وكأنها كانت على موعدٍ طال انتظاره.



لم تُودِّع أحداً، ولم تَشكُ ألمَها، بل أغمضت عينيها للمرة الأخيرة، بنفس الصبرِ الذي رافقها طوال حياتها، ورحلت بهدوءٍ كما يرحل الأبطالُ بعد انتهاء معركتهم، لكنها لم تمت... بل لحقت بأبنائها، حيث لا وداعَ ولا دموع، حيث يلتئم الجرحُ الذي أثقل قلبها طويلاً.



اليوم، لم تعد وحدَها، ولم يعد بيتُها موحشاً، بل امتلأ بضحكاتِ محمود وإبراهيم وأبي، وعادت أُمُّهم إليهم، كما كانت تتمنَّى. رحلت، لكنَّ ذكراها بقيت منقوشةً في قلوبِ من عرفوها، تروي حكايةَ امرأةٍ لم تهزمها الحياةُ، بل هزمتها بشموخ، ورحلت وهي تحمل وسامَ الصبرِ والشجاعةِ والشهامةِ إلى الأبد.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمر المحمود (أبو مروان): طائرُ الحُزنِ والحنينِ للوطنِ
- نمر كلّم وحَمَر.. قصَّةُ شهيدٍ لم يُخذِّلهُ كلبُهُ!
- وصيّةُ ندى لافي كلّم: حينَ تكتُبُ الأرضُ رسالتَها الأخيرةَ
- ندى لافي كلَّم (أم علي)... وصيَّةُ الأَرض التي لا تموتُ
- قمة العرب 7353: فلسطين على الرَّفِّ والتَّطبيع على الطَّاولة
- شربل فارس.. حين يُزهر البؤس كبرياءً
- أبو عرب: صوتُ الأرضِ وحارسُ الذاكرة الفلسطينية
- طائرُ السُّنُونُو.. صوتُ الشَّرفِ الفلسطينيِّ في زمنِ العارِ ...
- ثورةٌ بدأَت بالبنادقِ... وانتهت بالتَّنسيقِ الأَمنيِّ المُقد ...
- أمنٌ يَحرُسُ الكُرسيَّ... لا الوطنَ!
- صلاح الدين الكردي: سيفُ المجدِ في وجهِ خيانةِ العرب
- فلسطين.. أرضُ التينِ والزيتونِ وصمودِ الجبالِ
- قناةُ -كتب فلسطين-... حصنُ الثَّقافةِ والمُقاومةِ الفِكريَّة ...
- نمر فيّاض نمر (أبو فيّاض): رجلٌ من زمن الأمجاد!
- عبد الله كلَّم: الحنين الذي لم يُعانقه الوطن!
- فلسطين التي سلبها الزَّمنُ... ذكرياتٌ لا تمُوتُ
- فلسطين... الأَرضُ التي لا تقبلُ المُساومةَ ولا تنحني للغُزاة ...
- سليمان الشيخ: غريبٌ في المنافي، مُقيمٌ في ظلالِ الوطن
- محمود... أرهقهُ الانتظارُ وخذلهُ القدرُ
- حين لا يُمهلُ القدرُ الطُّيُورَ الأَصيلة.. وداعاً سليم فرحات


المزيد.....




- اتجاه رائج على -تيك توك- لتحسين المظهر لدى الرجال.. ما هو Lo ...
- روسيا تشن أعنف هجوم على الطاقة في أوكرانيا: قتلى بينهم طفلتا ...
- واشنطن تمنح حماس مهلة لإخلاء مقاتليها شرق -الخط الأصفر- في غ ...
- قرع من مكعبات ليغو يجلب سحر الهالوين إلى ليغولاند ويندسور
- استعدادات -غير مسبوقة-.. ماذا ينتظر المصريون من -المتحف الكب ...
- سياح مغاربة يشكون من -معاملة مهينة- في مطار قرطاج بتونس
- مسلسل -ذو لاست فرونتيير-: ما علاقة الرجل المقنع بالطائرة الم ...
- معهد رويترز: صانعو الأخبار يتفوقون على الإعلام التقليدي في ه ...
- إعصار ميليسا يضرب جزر الكاريبي ويحصد 50 قتيلا
- الدوم في القدس.. عشيرة تواجه التهميش وتسعى للاندماج


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - فاطمة فاعور.. أُمُّ الشهداء التي ودَّعتهُم ثُمَّ لحِقَت بِهِم