أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - فلسطين التي سلبها الزَّمنُ... ذكرياتٌ لا تمُوتُ














المزيد.....

فلسطين التي سلبها الزَّمنُ... ذكرياتٌ لا تمُوتُ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8256 - 2025 / 2 / 17 - 20:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


يا ليت الزمانَ يعودُ، والدهرَ يُعيدُ ما كان، فننعمَ بليالٍ خلت، وأيامٍ ولَّت، لكنّها في القلبِ لا تزالُ ساكنةً، وفي الرّوحِ تمرُّ كالنّسيمِ، فتبعثُ الحنينَ في العروقِ، وتسكبُ الدّمعَ في العيون.



أين ذاكَ الحيُّ العتيقُ في القدس والخليل ونابلس، حيثُ كانت الأسواقُ تنبضُ بالحياةِ، وأصواتُ الباعةِ تمتزجُ بعبقِ الزعترِ والكعكِ المقدسيّ؟ أين البيوتُ التي كانت مفتوحةً للجيرانِ كما لو أنّها بيتٌ واحدٌ؟ أينَ خبزُ الجدّةِ الساخنُ الممزوجُ بحبّ الأرضِ، ورائحةُ القهوةِ التي كانت تفوحُ في الأزقّةِ القديمةِ، قبل أن يسرقَ الاحتلالُ نبضَ الحياةِ من تفاصيلها؟



كنّا نغفو على صوتِ الحكايا عن أجدادٍ لم يتركوا أرضهم، وعن زيتونٍ صامدٍ منذُ مئاتِ السنين لا تهزُّه العواصفُ ولا تقتلعُه الجرافاتُ. كنّا نسمعُ عن البحرِ الذي كان لنا، عن يافا وحيفا وعكّا، عن المدنِ التي ما زالت تنادي أبناءَها في المنافي.

كان الحنينُ وقتها مجهولاً، لأنّنا لم نكن ندري أنّ السنينَ ستسلبُ منّا كلَّ شيء، وتُبقي لنا فقط ذاكرةً مهترئةً، ومفتاحَ بيتٍ قديمٍ، وحنيناً يوجعُ القلب.



أين جالين؟ أينَ أرضُ عشيرةِ عرب السّمنيّة، التي كانت تعجّ بالطمأنينة وعبق التاريخ؟ أين جبلُ الجرمق الذي كان يشهدُ على قوةِ الصمودِ وعنفوان الأرض؟ أين مرتفعاتُ الصوانة التي كانت تراقبُ بحر غزة، وتتنفسُ هواءَ الماضي؟ أين مياهُ وادي القرن التي كانت تسقي الأرض وتروي الذاكرة؟ وأين وادي كركرة، حيث كنا نستمعُ إلى غناءَ الطيور، وكانت ترددُ أحلامنا؟



اليوم صار كلُّ شيءٍ مختلفاً، حتّى شوارعُنا تغيّرت، والجدرانُ التي كانت تحملُ أسماء أحبتنا صارت شاهدةً على الرّحيلِ والتهجير.

كنّا نكتبُ أسماءَنا على الجدرانِ لنُخلّدَ ذكرياتِ الطفولة، واليومَ تُكتبُ أسماءُ الشهداءِ على نفسِ الجدرانِ لتُخلّدَ حكاياتِ البطولةِ والفداء.

تغيّرتِ الضّحكاتُ، فصارت باهتةً، كأنّها تُقالُ عن وَهَنٍ، أو تُرسمُ على الشّفاهِ كذباً لتخفي الحزن العميق.



ساقَ الله على أيّامٍ كان فيها القمرُ صاحباً، والنّجومُ روّاد الليلِ، والمساءُ قصيدةً نثريّةً تُكتَبُ بحبرِ العُمر.



ليتَ الزّمانَ يعودُ، أو أنّ القلبَ يكفُّ عن الحنينِ، لكنّه كطائرٍ مُهاجر في سماءِ الذّكرى، يُرفرفُ بجناحينِ من شوقٍ، يُحلّقُ في فضاءِ الماضي، ولا يجدُ له مأوىً في الحاضر.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين... الأَرضُ التي لا تقبلُ المُساومةَ ولا تنحني للغُزاة ...
- سليمان الشيخ: غريبٌ في المنافي، مُقيمٌ في ظلالِ الوطن
- محمود... أرهقهُ الانتظارُ وخذلهُ القدرُ
- حين لا يُمهلُ القدرُ الطُّيُورَ الأَصيلة.. وداعاً سليم فرحات
- الفنَّان شربل فارس: مِثالُ الإبداعِ وعِمَادُ الوطن
- حِينَ يَبكِي المَساءُ... على أَجنِحةِ الطُّيُورِ
- المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ
- علي عبدالله علي، أَبو عاطف: رجلٌ من ذهبٍ تاهت به الأَزمنةُ
- غزَّة: بين أَنقاضِ الصَّمتِ وخيباتِ الأَملِ
- غوَّار الطُّوشة: أَيقُونةُ الخداعِ والتّلوّن
- صُلحُ الحُديبيةِ: اتفاقيَّةُ الهدنةِ التي مهَّدت لفتحِ مكَّة
- أَطفالُ غزَّة: شهادةُ حُزنٍ على خيانةِ العالمِ!
- الفلسطينيُّون: أُسطُورةُ الصُّمُود وأَيقُونةُ التَّحرير!
- أطفالُ غزّةَ: بينَ الألمِ والصَّمتِ العالميِّ!
- رحلةٌ في عتمةِ اللَّيل
- في عتمةِ الانتظارِ: حكايةُ ليلٍ لا ينتهي!
- الإعصارُ الناريُّ في لوس أنجلوس: كارثةٌ بيئيةٌ ودعوةٌ للتفكّ ...
- الأرقامُ الهنديَّةُ والعربيَّةُ في تاريخِ الرِّيَاضِيَّاتِ
- الرِّياضيات في الحضارة الإِسلامِيَّة: من الجبر إلى الفلك!
- سليمان فرنجية: زعيمُ الوفاءِ ورمزُ الشجاعةِ والثباتِ!


المزيد.....




- البرلمان المصري يصادق على قرض أوروبي بـ4.6 مليارات دولار.. و ...
- ألمانيا ـ جدل سياسي يتجدد حول إلغاء قانون ازدواجية الجنسية
- المدعي العام لمكافحة الإرهاب يحذر من أن التهديد الإرهابي -ما ...
- رئيس الوزراء العراقي: التحالف بقيادة الولايات المتحدة سيغادر ...
- تفاعل واسع بعد تسليم القسام جثة أرفع ضابط إسرائيلي
- نزع السلاح أم حماية الوطن؟.. جدل لبناني على المنصات بعد الغا ...
- بدء محاكمة غير مسبوقة للنائب العام في إسبانيا
- من العلاقات إلى العمل.. لماذا يُتهم جيل زد بالتهرب من الالتز ...
- نتنياهو يريد زيادة عدد قوات الجيش ومدة الخدمة الإلزامية وتعز ...
- ماذا وراء تحذير وزير الدفاع الأميركي للفصائل العراقية؟


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - فلسطين التي سلبها الزَّمنُ... ذكرياتٌ لا تمُوتُ