أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ














المزيد.....

المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8240 - 2025 / 2 / 1 - 22:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


في لحظاتِ الحياةِ الفاصلة، عندما يُخيَّر الإنسانُ بين الاستسلامِ والمقاومة، بين الذُّلِّ والكرامة، يسطع نورُ الشجاعةِ كقيمةٍ أبدية، تصنعُ الفرقَ بين مَن يُخلِّدهُ التاريخُ ومَن يمحوهُ النسيان.

إنَّ الموتَ لحظةٌ عابرة، لكنَّ العارَ يبقى يُطارِدُ صاحبَهُ ما دامَ حيّاً، يُثقِلُ كاهلَهُ ويفقدهُ احترامَهُ لنفسهِ قبل الآخرين.

ليس كلُّ مَن يحملُ سلاحاً مقاوِماً، وليس كلُّ مَن يُجرَّدُ منهُ ضعيفاً. فالتاريخُ يُخبرُنا أنَّ أعظمَ الثوراتِ بدأت بالكلمة، وبالحجر، وبالأيدي العارية، لكنها كانت تشتعلُ بقلبٍ نابضٍ بالإيمانِ والعنفوان، وبإرادةٍ لا تُكسَرُ، وعزمٍ لا يلين. فالمقاومُ الحقيقيُّ لا ينتظرُ العُدَّةَ والعَتاد، بل يقفُ ثابتاً، مؤمناً بأنَّ معركةَ الكرامةِ لا تحتملُ التأجيل، وأنَّ الاحتلالَ أو الطغيانَ يسلبُ الإنسانَ كلَّ شيء، لكنه لا يستطيعُ أن يسلبَ منهُ شجاعتَهُ وإيمانَهُ بحقِّه في الحياةِ بحريةٍ وعزَّة.

حينما يجدُ الإنسانُ نفسَهُ في مواجهةِ الظلمِ، فإنَّ الصمتَ ليسَ نجاةً، بل بدايةُ الانهيار.
إنَّ أولَ خطوةٍ نحوَ التحرُّرِ هي رفضُ الاستسلام، ورفضُ الاستسلامِ يعني الاستعدادَ لدفعِ الثمنِ مهما كان. قد يكونُ الثمنُ دماً يُسفَكُ، أو جهداً يُبذَلُ، لكنه يبقى أقلَّ وطأةً من الخضوعِ للذُّلِّ والهوان.

إنَّ الشعوبَ التي انتصرت لم تكن تملكُ أقوى الجيوش، لكنها كانت تملكُ أقوى الإرادات.
فالثوراتُ الكبرى لم تصنعها القوَّةُ العسكريةُ وحدها، بل صنعتها قلوبٌ آمنت بأنَّ العيشَ في ظلِّ الاستعبادِ موتٌ بطيء، وأنَّ الموتَ في سبيلِ الكرامةِ ولادةٌ جديدة.

المقاومةُ الحقيقيةُ ليست مجردَ مواجهةٍ مادية، بل هي حالةٌ من الإيمانِ العميقِ بعدالةِ القضية.
إنَّ مَن يُقاتلُ بسلاحِ الإيمانِ لا يخافُ السقوطَ، لأنَّهُ يعلمُ أنَّ السقوطَ في ميدانِ الشرفِ انتصارٌ على الموتِ نفسه.

أبطالُ التاريخِ لم يكونوا مجرَّدَ جنودٍ يحملونَ السلاح، بل كانوا أرواحاً مشتعلة، لم يخشَوا التهديدَ أو القتلَ، لأنهم أدركوا أنَّ العدوَّ قد يستطيعُ إنهاءَ حياتِهم، لكنهُ لن يستطيعَ قتلَ فكرتِهم. فالفكرةُ أقوى من السيف، والمبدأُ أصلبُ من الرصاص، والإيمانُ لا يمكنُ أن يُهزَمَ، حتى لو سقطَ الجسدُ.

قد يرى البعضُ أنَّ النصرَ هو النجاةُ من الموت، لكنَّ الحقيقةَ أنَّ النصرَ هو العيشُ بكرامةٍ أو الموتُ دونَ انحناء.
مَن يُقاتلُ بشرفٍ لا يخسرُ أبداً، حتى لو سقطَ في المعركة. فكلُّ مقاومٍ يسقطُ، يولَدُ خلفهُ ألفُ مقاوم، وكلُّ صوتٍ يُخمِدُهُ الطغيانُ يردِّدُهُ الزمنُ بصوتٍ أعلى وأقوى.

إنَّ العارَ لا يُلاحِقُ مَن ماتَ مدافعاً عن حقِّه، بل يُلاحِقُ مَن باعَ شرفَه، ومَن خافَ أن يصرخ، ومَن اختارَ الذُّلَّ وارتضاهُ لنفسه. فالموتُ لحظةٌ عابرة، لكنَّ الذُّلَّ حياةٌ كاملةٌ من الخنوعِ والندمِ والخذلان.

عندما تنظرُ إلى الواقعِ حولكَ، ستجدُ أنَّ المقاومةَ ليست حكراً على الميادينِ العسكرية، بل هي موقفٌ يوميٌّ في وجهِ الظلمِ بكلِّ أشكاله.
كُن مناصراً للحقِّ ولو بكلمة، كُن صوتاً لمَن لا صوتَ له، لا تخف أن تكونَ وحدَكَ في البداية، فكلُّ الثوراتِ العظيمةِ بدأت بفردٍ رفضَ الاستسلام.

تذكَّر دوماً: قد يُطوِّقونَ جسدكَ، قد يُجرِّدونكَ من سلاحكَ، لكنهم لن يستطيعوا أبداً أن ينزعوا منك شجاعتكَ، فَقاوِم… حتى لو كنتَ أعزلَ!



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي عبدالله علي، أَبو عاطف: رجلٌ من ذهبٍ تاهت به الأَزمنةُ
- غزَّة: بين أَنقاضِ الصَّمتِ وخيباتِ الأَملِ
- غوَّار الطُّوشة: أَيقُونةُ الخداعِ والتّلوّن
- صُلحُ الحُديبيةِ: اتفاقيَّةُ الهدنةِ التي مهَّدت لفتحِ مكَّة
- أَطفالُ غزَّة: شهادةُ حُزنٍ على خيانةِ العالمِ!
- الفلسطينيُّون: أُسطُورةُ الصُّمُود وأَيقُونةُ التَّحرير!
- أطفالُ غزّةَ: بينَ الألمِ والصَّمتِ العالميِّ!
- رحلةٌ في عتمةِ اللَّيل
- في عتمةِ الانتظارِ: حكايةُ ليلٍ لا ينتهي!
- الإعصارُ الناريُّ في لوس أنجلوس: كارثةٌ بيئيةٌ ودعوةٌ للتفكّ ...
- الأرقامُ الهنديَّةُ والعربيَّةُ في تاريخِ الرِّيَاضِيَّاتِ
- الرِّياضيات في الحضارة الإِسلامِيَّة: من الجبر إلى الفلك!
- سليمان فرنجية: زعيمُ الوفاءِ ورمزُ الشجاعةِ والثباتِ!
- أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!
- ناقةُ صالح: معجزةٌ ربانيةٌ وعبرةٌ أبديةٌ
- تاريخُ اكتشافِ الرَّقمِ صفرٍ: من الحضاراتِ القديمةِ إلى الثّ ...
- الريَّاضياتُ والاكتشافاتُ العلميَّةُ: السَّرِقاتُ الفِكرِيَّ ...
- كيف تجدُ الطُّيُورُ طريقها أَثناء الهجرةِ: أَسرارُ الملاحةِ ...
- غزّة: صمودٌ في وجهِ ظلمٍ عالميٍّ وخذلانٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ
- الوساطةُ المصريةُ القطريةُ: فشلٌ في إنهاءِ معاناةِ غزة!


المزيد.....




- زيلينسكي يعلن عن ترشيحات لـ-أكبر تعديل وزاري- تشهده أوكرانيا ...
- ترامب يوضح آخر التطورات بشأن -مفاوضات غزة-
- بعد معركة طويلة.. والدة الناشط علاء عبد الفتاح تنهي إضرابها ...
- إسبانيا تفكك شبكة دولية لتهريب المخدرات بين مدريد وأنقرة
- نشطاء: الدعم السريع قتل حوالي 300 بشمال كردفان منذ السبت
- جيش لبنان يعلن تفكيك أحد أضخم معامل الكبتاغون قرب حدود سوريا ...
- 9 قتلى وعشرات المصابين بحريق مركز رعاية مسنين في أميركا
- مليشيا -الشفتة- الإثيوبية تهاجم وتنهب 3 قرى سودانية حدودية
- خبير عسكري: المقاومة أجبرت الاحتلال على التحول من الهجوم للد ...
- بين -المهمة المستحيلة- و-فورمولا 1?.. توم كروز وبراد بيت في ...


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ