أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - حِينَ يَبكِي المَساءُ... على أَجنِحةِ الطُّيُورِ














المزيد.....

حِينَ يَبكِي المَساءُ... على أَجنِحةِ الطُّيُورِ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


في لحظاتِ غروبِ الشمس، تتّجهُ الطيورُ إلى أوكارِها، كأنّها أرواحٌ تبحثُ عن مأوىً من تعبِ اليوم. تذوبُ أشعّةُ الشمسِ بين طيّاتِ الأفق، فينطلقُ الظلامُ ليأخذَ مكانَه، وكأنَّ كلَّ شيءٍ يسيرُ نحوَ الهدوءِ الأبديّ. والطّيورُ، التي كانت طوالَ النهارِ تغنّي لآمالِ الحياة، تختفي الآن في عُشِّها، كما يختبئُ العاشقُ في قلبِه حُزنُه العميق.

يلتفُّ اللّيلُ حولَ العالم، والطّيورُ كأشباحٍ ميّتةٍ، في خفاءٍ مُطبق، تعودُ إلى مأوىً عجزت عن تحمُّلِ مشقّةِ الحياةِ خارجه.

يعودُ كلُّ طائرِ سنونو إلى عُشِّه، وكأنَّ عينَيه تدمعانِ مع غروبِ الشمس، والسّماءُ تبدو كغارٍ مفتوحٍ يبتلعُ الحُلمَ وينشرُ الذكرياتِ الثقيلة.
إنّه تشبيهٌ يصفُ الطّيورَ بالحكاياتِ التي تُروى على لسانِ الرّياح، فهي لا تملكُ إلّا العودةَ إلى ماضيها، إلى ذلك العُشِّ الذي يحملُ في داخله ألمَ الفقد.

وفي تلك اللحظات، يصبحُ اللّيلُ الصّديقَ الذي يحتضنُ كلَّ الهموم.
وكأنَّ السّماءَ قد تلونت بلونِ الدّماءِ، تعبيراً عن معاناتِها المستمرّة، وما زالت الطّيورُ تذكرُ طائرَ السنونو الذي ضاعَ في رحلةِ العمر.
كان غروبُ الشمسِ، ذلك الطّباقُ بين النّورِ والظّلام، هو اللّحظةَ الفاصلةَ بين يومٍ كان يزخرُ بالأملِ وآخرَ يبتلعُ الغموضَ في صمتٍ رهيب.

تطيرُ الطيورُ كما لو أنّها أرواحٌ تتسلّلُ بين عوالمِ الأرض، تحملُ معها لحظاتِ الفرحِ التي كانت، لتتلاشى مع اللّيلِ البارد. الجِناسُ يتردّدُ بين همساتِ الرّياحِ التي تتشابكُ مع أجنحةِ الطيور: "غروبُ المساءِ" و"غروبُ الحُلم".
كلُّ جناحٍ يحملُ في طيّاتِه ذكرياتٍ كانت تستعدُّ للتناثرِ، والآن تذوبُ في عتمةِ اللّيل.

طائرُ السنونو، الذي كان يرقصُ في سماءِ الأملِ مع شروقِ النهار، يختفي الآن في العُشِّ المظلم، متسائلاً: هل سيعودُ غداً ليرى ضوءَ الأملِ مرّةً أخرى؟ أم أنّ اليومَ قد أخذَ معه كلَّ الحُلمِ وكلَّ فرحةٍ للرحيل؟

في النهاية، يبقى المساءُ شاهداً صامتاً على قلوبٍ مثقلةٍ بالذكريات وآمالٍ غابت في الأفق.
كما يغيبُ طائرُ السنونو في عشه، تختفي الأحلامُ في ظلامِ الليل، تاركةً وراءها ألماً لا يُنسى وحزناً لا ينتهي.
ربما يكون الغدُ محملاً بالأمل، ولكن هل يستطيعُ ذلك الأملُ أن يُعيدَ للقلوبِ ما فقدته؟ أم أن الأيامَ، مثلَ الطيورِ التي تعودُ إلى أوكارِها، ستظلُّ تُعيدُ لنا ذاتَ الحزنِ في كلِّ مرة؟ في غيابِ الشمسِ، تسكنُ الظُّلمة، وتستمرُّ الطيورُ في رحلتِها، عائدةً إلى الأعشاشِ التي لا تضمنُ لها راحةً أبدية.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ
- علي عبدالله علي، أَبو عاطف: رجلٌ من ذهبٍ تاهت به الأَزمنةُ
- غزَّة: بين أَنقاضِ الصَّمتِ وخيباتِ الأَملِ
- غوَّار الطُّوشة: أَيقُونةُ الخداعِ والتّلوّن
- صُلحُ الحُديبيةِ: اتفاقيَّةُ الهدنةِ التي مهَّدت لفتحِ مكَّة
- أَطفالُ غزَّة: شهادةُ حُزنٍ على خيانةِ العالمِ!
- الفلسطينيُّون: أُسطُورةُ الصُّمُود وأَيقُونةُ التَّحرير!
- أطفالُ غزّةَ: بينَ الألمِ والصَّمتِ العالميِّ!
- رحلةٌ في عتمةِ اللَّيل
- في عتمةِ الانتظارِ: حكايةُ ليلٍ لا ينتهي!
- الإعصارُ الناريُّ في لوس أنجلوس: كارثةٌ بيئيةٌ ودعوةٌ للتفكّ ...
- الأرقامُ الهنديَّةُ والعربيَّةُ في تاريخِ الرِّيَاضِيَّاتِ
- الرِّياضيات في الحضارة الإِسلامِيَّة: من الجبر إلى الفلك!
- سليمان فرنجية: زعيمُ الوفاءِ ورمزُ الشجاعةِ والثباتِ!
- أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!
- ناقةُ صالح: معجزةٌ ربانيةٌ وعبرةٌ أبديةٌ
- تاريخُ اكتشافِ الرَّقمِ صفرٍ: من الحضاراتِ القديمةِ إلى الثّ ...
- الريَّاضياتُ والاكتشافاتُ العلميَّةُ: السَّرِقاتُ الفِكرِيَّ ...
- كيف تجدُ الطُّيُورُ طريقها أَثناء الهجرةِ: أَسرارُ الملاحةِ ...
- غزّة: صمودٌ في وجهِ ظلمٍ عالميٍّ وخذلانٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ


المزيد.....




- -حياتي في خطر-.. فنانة تركية من أصول إسرائيلية تستنجد بأردوغ ...
- مسابقة -يوروفيجن- - النمسا تتربع على عرش الموسيقى الأوروبية ...
- الشاعر ريزنيك: -إنترفيجن- ستتفوق على -يوروفيجن- من حيث التنظ ...
- افتتاح الدورة 28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة
- حين تصفق السينما للنجم.. -فرسان ألتو- تكريم لروبرت دي نيرو ...
- وفاة مغني الراب الفرنسي من أصل كاميروني ويرنوا عن 31 عاما
- مصر تحقق إنجازا غير مسبوق وتتفوق على 150 دولة في مهرجان كان ...
- ذكرى -السترونية-.. كيف يطارد شبح ديكتاتور وحشي باراغواي ومزا ...
- بعد وثائقي الجزيرة.. كوثر بن هنية تحوّل مأساة هند رجب إلى في ...
- «هتتذاع امتى؟» رسميًا موعد عرض الحلقة 192 من مسلسل المؤسس عث ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - حِينَ يَبكِي المَساءُ... على أَجنِحةِ الطُّيُورِ