أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء السّابق-














المزيد.....

من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء السّابق-


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 13:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


من حيثُ لا صوت يُسمع، ولا جسدٌ يتحرّك، يعلو صوتُ الشهيد.

ليس صدى ذِكرى، بل صرخةُ حساب، من روحٍ لم تهدأ، ولن تهدأ.

في ظُلمة القبر لا يسكُنُ الصّمت، بل تبدأ محاكمةٌ لا قُضاة فيها... إلا الحقيقة.

ها هو الشهيد نزار بنات، شهيدُ الكلمة والموقف، يبعثُ برسالته من عُمق التّراب، إلى من ظنَّ أن القبر نهاية.



يا محمد اشتية،

حين كنت تُعدُّ أوراق الموازنة،

كنتُ أنا أعدُّ أنفاسي الأخيرة.



وحين دخلت مكتبك الخشبيَّ،

دخلتُ أنا نعشي الخشبيَّ.



كنت تنامُ على وسائد "القرارات السيادية"،

ونحنُ كنا ننامُ على رصيف الأسئلة.



لم أركَ في جنازتي،

لكنني شعرتُ بك...

كنت تمرُّ فوق دمي

كما يمرُّ التكييفُ في مكاتب "المقاطعة":

باردٌ، غيرُ مُبالٍ، عديمُ الرائحة.



يا محمد،

لا تتجمَّل الآن بالصّمت،

فالصّمتُ لا يصلحُ نعياً بعد الفضائح.



كنت تعرف.

كنت تقرأ التقارير.

كنت تسمع أنيني في الزنازين،

ثم تمضي لتنسِّق "التقارير الدولية".



يا محمد،

هل أخبروك أني كنتُ أخافُ على الوطن،

وأنت كنت تخافُ على الميزانية؟



هل كتب لك أحد،

أن المقصلة كانت "إدارية"،

والمشانق "بروتوكولية"،

وأن القاتل يملأ أوراق اعتماده من وزاراتكم "السيادية"؟



قُل لي،

أيها الأستاذ في "الاقتصاد السياسي"،

كم تُقدِّرُ قيمة الإنسان

الذي يقولُ كلمة؟

هل يُخصمُ من مخصّصاته؟

هل يُشطبُ من جدول الرواتب؟

هل يُصنَّف "غير منسجمٍ مع الرؤية العامة"؟



نحنُ تحت التراب،

لا نطلبُ سوى أن تكتبوا على قبورنا:

"هنا دُفنت الحقيقةُ...حيّة."



أمّا أنتم،

فعيشوا فوق الأرض كما تشاؤون:

وزراء، وكلاء، مستشارين...

لكن لا تنظروا في أعين أطفالنا،

ففيها بقايا خجلٍ لا تعرفه مناصبُكم.



يا محمد،

حين تسقطُ ورقةُ التين،

ينكشفُ كلُّ شيء:

الراتب، الكرسي، الابتسامة،

وحتى القصائد التي كتبتها عن فلسطين،

بين اجتماعين.



أنا لا أعاتبك،

فالمناصبُ تفعلُ أكثر من هذا.

أنا فقط أضحك،

ضحكة ميّت،

على حكومةٍ لا تستطيع حماية حنجرة.



وأضحكُ أيضاً،

على "حماة الوطن"

الذين لا يستطيعون حماية جُرن تاريخي في بيت لحم،

فكيف سيحمون ذاكرة وطن؟



يا محمد،

في القبر،

لا حاجة لنا بخطط تنمية.

يكفينا أن نحيا في ذاكرة الناس،

وأن نموت واقفين.



أمّا أنتم،

فأحياءٌ تسيرون في مواكب رسمية،

إلى موتٍ بلا اسم.



هل تُشاهدني في منامك، يا محمد؟

أتعرفُ هذا الوجه المجبول بالحقيقة؟



أنا هناك...

بين جفونك المتعبة من تلميع الأكاذيب.



لا تقلق،

لستُ مستعجلاً،

فأنا... أنتظرُك،

عند الحاكم العادل،

الذي لا تُغلقُ عنده الملفات،

ولا تُنسى عنده الأصوات.



وصدق أبو العتاهية

حين كتب على جدار السجن:



"إلى ديّان يوم الدين نمضي...

وعند الله تجتمعُ الخصومُ."



هذا النص، وإن كُتب بلغة الأحياء، فلا يعدو كونه صوتاً تخييلياً لصديقٍ موجوع، اسمه محمود كلّم، كتب بجرح القلب عن رفيقٍ اسمه نزار بنات، رحل صامتاً تحت التراب، فحاول أن يُعيد إليه الصوت؛ لا ليُواسي موته، بل ليُدين صمت الأحياء.



[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تحت التراب... الشهيد نزار بنات يكتب لمحمد اشتية
- غزَّة... حين يُكتَبُ التَّاريخُ بدم الشُّهداءِ
- من تحت التراب... رسالة الشهيد نزار بنات إلى حسين الشيخ!
- غزَّة وحدها... والأُمَّةُ في صمتِ الغِيابِ
- رئيس -زعَلَطي-… في حضرةِ الدمِ والخذلانِ
- ياسر عرفات(أَبو عمَّار)… آخرُ الرِّجالِ في زمنِ الانكسارِ
- طارق الدوخي… الذي نجا من المجزرة ولم يَنجُ من الغيابِ
- معين عبدالغني الجشي… حين يُصابُ الأَرشيفُ بالصَّمتِ
- خليل الوزير (أبو جهاد)… رَجُلٌ مِن زمنٍ لم يَبلُغ رام الله.
- ياسر عرفات(أبو عمار): حين خانتهُ البنادقُ التي ربّاها
- عبد القادر الحسيني: بطلُ القسطل ورمزُ الفداءِ في تاريخِ فلسط ...
- الذين خذلونا… هُناك، حيث يُدفَنُ الوطنُ في حضرةِ الفسادِ
- خان يونس: زُهورُ الطفولةِ التي احترقت نائمةً
- ذاكرةُ الدم: حينَ يكونُ الصمتُ شريكاً في القتل
- الأَسدُ لا يُفاوِضُ على قُوتهِ
- لا تَنسَ يا أَحمد... فذاكرتُكَ تفضحُهُم
- وداعاً أَبا أَحمد: حين تغادرُنا الطُّيُورُ الأَصيلةُ بلا ودا ...
- هذه ليلتُها... وغزَّة تَصحو على خُذلانٍ بلا فجرٍ
- حينَ تفرَّقَ الأَصحابُ وضاعَتِ الخُطى: حِكايةٌ من مُخيَّمٍ ف ...
- عيسى أَحوش ودار بيسان: صوتُ فلسطين الذي لا يمُوتُ


المزيد.....




- مباشر: دونالد ترامب يعلن موافقة إيران وإسرائيل على -وقف تام ...
- مسؤول إيراني لـCNN: طهران لم تتلق أي مقترح لوقف إطلاق النار. ...
- ترامب يعلن عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.. ما التفاص ...
- سوريا: تفجير انتحاري يودي بحياة 23 شخصًا على الأقل في كنيسة ...
- ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على -وقف تام لإطلاق النار-
- لماذا يعارض مهندس -أميركا أولا- الحرب على إيران؟
- ترامب يعلن وقفا تاما وشاملا للحرب بين إسرائيل وإيران
- ترامب يشيد بأمير قطر ويعلق على الهجوم الإيراني
- الدوحة تؤكد استقرار الأوضاع وواشنطن تعلن إعادة فتح سفارتها ف ...
- ماذا نعرف عن قاعدة -العديد- الأميركية في قطر؟


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء السّابق-