أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - خان يونس: زُهورُ الطفولةِ التي احترقت نائمةً














المزيد.....

خان يونس: زُهورُ الطفولةِ التي احترقت نائمةً


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8317 - 2025 / 4 / 19 - 20:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


هؤلاء الزهور، أحرقتهُم طائراتُ الاحتلالِ وهم غارقون في أحلامِ الطفولةِ، نائمون في خان يونس.
لم يصرخوا، لم يركضوا، لم يحتموا بجدارٍ أو ملجأٍ، فقط ناموا كما ينامُ الأطفالُ حين يثقون بأنّ الليل غطاءٌ، وأنّ الأمهاتِ قادراتٌ على ردِّ كلِّ شرٍّ، لكنّ الليل خان، والغيم خان، وخان يونس أيضاً خانها العالمُ.
 
ناموا كأنهم يختبئون في حضنِ السماء، فأحرَقَتْهُم الطائراتُ قبل أن يستفيق الحُلمُ.
 
كانوا زهوراً صغيرةً، وأحلاماً مُعلَّقةً على وسادةٍ، فامتدّت يدُ الاحتلالِ لتقتلعهم من دفءِ النومِ وتُحيلَ المكان رماداً.
 
أيُّ ليلٍ هذا الذي لا يحمي نائميه؟
وأيُّ أرضٍ هذه التي يُحاكَمُ فيها القتيلُ، ويُبرَّأُ القاتلُ؟
كم من الوقتِ يحتاجُ الضميرُ الإنسانيُّ ليصحو؟
أم أنّ النوم بات خلاصاً من خذلانِ الواقعِ، ونجاةً من سُمِّ الإداناتِ الخجولةِ؟
 
مسلسلٌ يوميٌّ، وعالمٌ كاذبٌ يرى ولا يُحرِّكُ ساكناً. وغداً يومٌ آخر.
 
الطفولةُ في فلسطين لا تُشبهُ طفولة العالمِ.
فهناك، الدُّمى لا تُكملُ يومها، والمدارسُ تُقصَفُ، والضحكةُ مشروطةٌ بالنَّجاةِ.
في خان يونس، لم يُمهَلوا لِيَكبروا، لم يعرفوا طعم العيدِ، ولم يتذوَّقوا حلاوة الأمانِ.
كانوا يكتبون أسماءَهُم على دفاترِ الحصصِ، فإذا بها تُكتَبُ على نعوشٍ بيضاء صغيرةٍ، محمولةٍ على أكتافٍ مكسورةٍ.
 
هنا لا تنتهي الحياةُ بالموتِ، بل تبدأُ الحكايةُ الأشدُّ وجعاً بعده.
الأمُّ التي جمعت بقايا ابنها من تحتِ الركامِ، الطفلُ الذي رأى شقيقه يُنتزعُ من حضنه بلا وداعٍ، والأبُ الذي وقف عاجزاً أمام طفله المحترقِ، كأنَّ الزمن كلَّه انهار في عينيه.
 
في خان يونس، لم تُدفن أجسادُ الأطفالِ فقط، بل دُفنت آخرُ قطراتِ الأملِ، ومعنى الطفولةِ، والأمانِ، وحقُّ الإنسانِ في الحياةِ.
 
ناموا... فاستراحوا من ضجيجِ الطائراتِ، ومن عيونِ أمهاتهم المذعورةِ، ومن عالمٍ لا يُشبههم ولا يستحقُّهم.
ناموا، وربما كان موتُهم أقلَّ قسوةً من هذا العيشِ المُعلَّقِ على أسلاكِ الاحتلالِ.
 
فيا زهور خان يونس، نمتم بسلامٍ لم تمنحكُم الحياةُ إيّاهُ، وتركتم في قلوبنا جُرحاً لا يندملُ، وسؤالاً لا جواب لهُ: كيف يهنأُ العالمُ بنومِه، وأنتم احترقتم نائمين؟
سلامٌ عليكم في قبورِكم الصغيرةِ... وغضبٌ من اللّه ومنَّا على هذا العالمِ الأَعمَى.
 
[محمود كلَّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنينِ السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماءِ والهُويَّةِ الفلسطينيَّةِ. يرى في الكلمةِ امتداداً للصَّوتِ الحُرِّ، وفي المقالِ ساحةً من ساحاتِ النِّضالِ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرةُ الدم: حينَ يكونُ الصمتُ شريكاً في القتل
- الأَسدُ لا يُفاوِضُ على قُوتهِ
- لا تَنسَ يا أَحمد... فذاكرتُكَ تفضحُهُم
- وداعاً أَبا أَحمد: حين تغادرُنا الطُّيُورُ الأَصيلةُ بلا ودا ...
- هذه ليلتُها... وغزَّة تَصحو على خُذلانٍ بلا فجرٍ
- حينَ تفرَّقَ الأَصحابُ وضاعَتِ الخُطى: حِكايةٌ من مُخيَّمٍ ف ...
- عيسى أَحوش ودار بيسان: صوتُ فلسطين الذي لا يمُوتُ
- من فِيتنام إلى غزّة: أَمريكا في مَسَارِ الهزائمِ والخيباتِ
- الاستسلامُ ليس خياراً: دُروسٌ من بيروت إلى غزَّة
- الدكتور صالح الشيباني... من تُرابِ فلسطين تَكَوَّنَت رُوحُهُ
- أَحمد الشُّقيري... رجُلٌ صَنَعَ الثَّورة فخذلتهُ!
- نوح الفلسطيني: بين طوفانِ الخذلانِ وسفينةِ الصُّمودِ
- فرحان السعدي: الشَّيخ الذي صامَ عن الحياةِ وارتوى بالمجدِ
- اليمن: أَصلُ العروبة وَشُمُوخُ الجبالِ
- نافع محمد: من القامشلي إِلى فلسطين.. حكايةُ عشقٍ لا تنتهِي!
- الشَّهِيدُ مرعي الحسين: نَسرٌ حَلَّقَ في سماءِ المجدِ ولم يه ...
- حينَ يغيبُ الكبارُ... وداعاً أَبا سعيد!
- إبراهيم أبو خليل: عاشقُ الوطنِ الذي رَوَى الأرضَ بِدَمِهِ
- فاطمة فاعور.. أُمُّ الشهداء التي ودَّعتهُم ثُمَّ لحِقَت بِهِ ...
- عمر المحمود (أبو مروان): طائرُ الحُزنِ والحنينِ للوطنِ


المزيد.....




- -قطة المخدرات-.. شاهد الشرطة تضبط -مهربًا فرويًا- بسجن في كو ...
- سوريا.. الأمن العام يضبط أسلحة وقذائف هاون في القرداحة بريف ...
- الكرملين: موسكو وواشنطن لديهما خط اتصال آمن للتفاوض حول أكثر ...
- الموساد يهرب وثائق الجاسوس إيلي كوهين من سوريا بمساعدة -دولة ...
- فضيحة بيع شهادات ماجستير تهز المغرب وتورط أستاذا جامعيا
- قتل حيوانات حديقة أبو سليم في طرابلس الليبية يثير جدلا
- رقصة تقلب حياة أشهر مشجعي نادي كرة قدم مصري
- هل أخفى البيت الأبيض حقيقة الحالة الصحية للرئيس بايدن خلال ت ...
- بسبب منشور يحمل -إشارات معادية للسامية-، مقدم البرامج الرياض ...
- خمسة قتلى جراء أمطار غزيرة في جنوب الصين وتحذيرات من كوارث ج ...


المزيد.....

- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - خان يونس: زُهورُ الطفولةِ التي احترقت نائمةً