أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - سان خون: نَفَسٌ لا يُنسى














المزيد.....

سان خون: نَفَسٌ لا يُنسى


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8302 - 2025 / 4 / 4 - 09:37
المحور: الادب والفن
    


كأنك لم تصل، بل انزاح الزمن عن كتفيك، ونزلت على اليابسة كضوء خرج للتوّ من حلم مالح. سان خون لا تستقبلك، بل تنبعث فيك، تنبض بك، وتدور حولك كما يدور النخل حول النسيم. لا تسأل من أين أتيت، بل تُريك وجهها كما لو كان يخصّك منذ البدء، وجه من ماء حيّ، من ياسمين ساحليّ، من ضحكة خبّأها البحر في صدفاته كي لا تموت. سان خون ليست جزيرة، بل رعشة حياة تمشي على سواحل من حرير. الشواطئ فيها لا تُداس، بل تُلمس كجفن يوشك أن يبكي من شدّة الفرح، والرمل لا يُذرّى، بل يُرتّل كصلاة نسيت اسمها وبقي إيقاعها. كل نخلة تنحني لا تواضعًا، بل دلالًا، وكل غصن يرقص لا من ريح، بل من غنج فطريّ يشبه الحلم حين يتدلّى من نافذة مفتوحة على الأبد. في سان خون، لا تمشي، بل تُحمَل كما يحمل الموج ظل الطيور، ويصعد بك الدرب كما يصعد النسيم على ظهر الشغف. الأزقة ليست حجرًا، بل ذاكرة تُروى بالعطر، والمباني لا تُسكن، بل تُقرأ، تُنادى، وتُشهق، تنحني جدرانها لتُمسّد على كتفك كأم قديمة تعرف كم تعبت من الغياب. الطيور فوق الشرفات لا تزقزق، بل تُنشدك، والغروب لا يهبط، بل يعتذر إليك، لأن الليل في هذه المدينة ليس عتمة، بل احتفال داخليّ بالأرواح التي أضاءت ثم ذهبت، وتركت في الضوء خيطًا من أثر، خيطًا من حنين. والمحيط لا يُحدّ، لا يُسمّى، بل يتنفس حولك ككائن أسطوريّ يعزف موسيقى لا تُسمع، بل تُسكب في العظم، صوته لا يُدوّي، بل يسري كحنين قديم نسيته في رحم الموج ثم عاد إليك، هنا، حين نسيت من أنت وتذكّرك البحر، لم يكن هديرًا، بل نداءً خفيًّا يشقك إلى نصفين، نصف يذوب في الماء، ونصف يتيه في الضوء. وفي اللحظة التي يغسل فيها جسدك أول موجة، تتيقّن أن سان خون لم تكن مكانًا، بل مرآة لأكثر نسختك حياة، النسخة التي كنت تخفيها عن العالم لأنك ظننت أن لا أحد يمكن أن يراها دون أن يحترق. وها أنت تُرى، بكلك، بلا أقنعة، بلا فواصل، بلا جغرافيا، وكل شيء فيك يعود إلى أصله، النخيل إلى خصره، الموج إلى ذاكرته، والشمس إلى بسمتها. سان خون لا تمنحك نفسها، بل تُعيدك، تُعيدك إلى ما قبل التكوين، حين كنت نَفَسًا فقط، تسبح في حلم بلا اسم، بلا خوف، بلا ماض، بلا حدود. سان خون لا تُزار، بل تُولد فيها من جديد، ثم تكتشف حين تنظر خلفك أنك لم تكن أنت من وصل إليها، بل كانت هي التي مشت إليك عبر المحيط، عبر الحلم، عبر الغياب، لتستردّك من العالم وتكتبك من جديد ككلمة نزلت من الضوء.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سان خوان: نَفَسٌ لا يُنسى
- فلوريدا
- أنتاركتيكا، الرماديون، وهالة الأورورا: هل هناك مشروع تهجين ك ...
- أنا لست حجرًا
- نقد النقد: قراءة تأويلية في دراسة فاطمة عبد الله “تفكيك الثن ...
- مرآة المجرة
- لاهوت العشق في قصيدة رشا السيّد أحمد: قراءة تفكيكية–صوفية/ ب ...
- العيد
- ليلة القدر
- رمضان
- دمعة لم تسقط بعد
- الكوميديا الشيطانية: ملهاة الجحيم وسخرية الأبد
- الروضة العلوية
- المدينة المنورة
- نيرڤانا
- قال الجلال
- الهور… أنفاسُ الماءِ وذاكرةُ الطين
- دموع النخيل
- حوار بين جنتين
- حب في شتاء الأكوان


المزيد.....




- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل ...
- صدور نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025 تجاري وصناعي وز ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - سان خون: نَفَسٌ لا يُنسى