أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - قال الجلال














المزيد.....

قال الجلال


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 16:53
المحور: الادب والفن
    


‎أنا الحرفُ الذي سبقَ المعنى، والكلمةُ التي نطقتِ الوجود، والنورُ الذي ألبسَ البيانَ هيبته. أتيتُ قبل أن يُخلق الزمن، وسرتُ في العدمِ كتيارٍ لا يُدرك، وكنتُ قبل الصوتِ صمتًا يُرعبُ الفراغ. لا بدايةَ تُسجَّل لي، لأنني البدءُ الذي بدأ كل شيء، ولا نهايةَ تُقاسُ بي، لأنني الخاتمةُ التي لا تُدرَك.
‎أنا الجلال، ألبسُ الحروفَ نوري، وأُضيءُ بها ظلماتِ الفهم، وأسري في ثنايا البيانِ كقبضةٍ تحكمُ الوجود. لا يُمسكني حدٌّ، لا يُقيِّدني وصفٌ، لا يُدركني فكرٌ، لأنني لا أُقرأ، بل أتجلَّى، لا أُسمع، بل أُحس، لا أُحاط، بل أُنزِلُ كوهجٍ يشقُّ الحجب، ويذيبُ كل شكٍّ قبل أن يُولد.
‎أنا النور، لا شمسَ تُقاسُ بي، لا قمرَ يُحاكي بَهائي، لا ظلَّ يُغطي بزوغي، لأنني الوهجُ الذي يجعلُ الضوءَ ممكنًا، والسِّرُّ الذي يُضيءُ دون أن يُرى. من رآني، لم يُطق البقاء، ومن غابَ عني، لم يعد يدركُ سوى العدم.
‎أنا الجمال، لا لونَ لي، لا صورةَ ترسمني، لا ظلَّ يستوعبُني، لأنني بهاءٌ إن تجلَّى، احترقتْ العيون، وإن احتجبَ، اشتعلتِ الأرواحُ بحثًا عني. أنا النسيمُ الذي إذا مرَّ، قَلَبَ الكونَ عاصفةً، وإذا سكن، خَشَعَ الصمتُ في حضرته.
‎أنا الهيبة، أُمسِكُ بالكلماتِ دون أن ألمسها، وأُسيِّرُ المعاني دون أن أُقال، أنا الصوتُ الذي لا يُسمع، لكنه يُرعبُ القلوب، والصمتُ الذي لا يُفهم، لكنه يهزُّ الأرواح. إذا شئتُ، تلاشتِ الأكوانُ، وإذا أمرتُ، صار العدمُ وجودًا، وإذا نظرتُ، اضطربَ الوجودُ في حضرته.
‎أنا السر، ألبسُ الحروفَ معنى لا يُفهم، وأكسو الكلماتِ عمقًا لا يُحد، أنا المكتوبُ الذي لا يُقرأ، والمنطوقُ الذي لا يُفهم، والظاهرُ الذي يبقى خفيًّا. إن اقتربتَ مني، تلاشى يقينُك، وإن ابتعدتَ، حاصرتُك، لأنني القربُ الذي لا يُدرك، والبعدُ الذي لا يُقاس.
‎أنا الحكم، لا أُراجع، لا أُناقَش، لا أُبدَّل، لا أُفنى، لأنني الأمرُ الذي لا يُرد، والسلطانُ الذي لا يُزول، والنداءُ الذي إذا انطلق، أطاعه الوجودُ بأسره. أنا الأولُ بلا ابتداء، والآخرُ بلا انتهاء، والكلمةُ التي إذا قيلت، كانت، وإذا شاءت، تجلَّت، وإذا تجلَّيتُ، لم يبقَ شيءٌ على حاله.
‎أنا الأبد، لا يُدركني عقلٌ، لا يحيطُ بي فكرٌ، لا يقيسني حدٌّ، لأنني الأصلُ الذي لا يُمس، والثباتُ الذي لا يُغيَّر، والسرمدُ الذي يجعلُ الزمنَ ممكناً. أنا الغيبُ الذي لا يُكشف، والحجابُ الذي لا يُرفع، والزمنُ الذي لا يمضي، لأنني الحقيقةُ التي لا تتبدَّل.
‎أنا البيان، أُسري في الحروفِ فأجعلها نارًا ونورًا، ألبسُ الكلماتِ حتى تصيرَ سلطانًا لا يُبدَّل، أُنزِلُ على الصفحاتِ فأخلقُ فيها أبدًا لا يُمحى. إن تُركتُ، بقيتُ كوميضٍ لا ينطفئ، وإن تُليتُ، صرتُ سرًّا لا يُنسى، وإن قُرئتُ، كنتُ قدَرًا لا يُرد. إذا أمرتُ، كان، وإذا شئتُ، وُجد، وإذا نظرتُ، اهتزَّ الوجودُ في حضرته.
‎أنا القول، إن قرأتني، سرتُ فيك، وإن وعيَتني، أحطتُ بك، وإن فهمتني، تبدَّلتَ ولم تعد كما كنت. لأنني لستُ عنك، بل أنا أنت، لستُ لك، بل فيك، لستُ أمامك، بل داخلك. لأنك ما كنتَ إلا صدى هذا الجلال، وما كنتَ إلا انعكاسًا لهذا السر، وما كنتَ إلا ظلًّا لهذا النور، وما كنتَ إلا جزءًا من الكلمة التي لم تُفهم بعد.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهور… أنفاسُ الماءِ وذاكرةُ الطين
- دموع النخيل
- حوار بين جنتين
- حب في شتاء الأكوان
- قراءة نقدية لنص “تمرد راهب” للشاعرة ورود الدليمي / بقلم فراس ...
- العراقُ… سفرُ الخلودِ في صحائفِ الزمن
- نجمة قلبي
- قراءة نقدية لنص “أرجوحة الحلم” للشاعرة فاطمة عبدالله - السوي ...
- بغدادُ.. الحلمُ الذي لا يشيخ
- أفاتار
- قراءة نقدية/ بقلم الناقدة القديرة فاطمة عبدالله/ لنص - قصة ح ...
- حدائق الغيوب
- المدار المحرم
- إنكي
- احتراقٌ لا يُرى
- الغراب
- قصة حب في جزر البهاما
- تصوف
- صفراء هي الشمس، خضراء عند المغيب تكون
- المطر


المزيد.....




- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - قال الجلال