أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - احتراقٌ لا يُرى














المزيد.....

احتراقٌ لا يُرى


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


أنا لا أُحبّها… أنا أعبدها بصمت، كما يعبد العطشُ المطرَ الذي لا يسقط، كما يعبد المسحورُ لعنتَه دون أن يسعى للفكاك منها، كما يعبد الغريبُ مدينته التي لم يطأها يومًا. أنا لا أُحدّق فيها… لكنها تسكنني كضوءٍ لا يُطفأ، كلمسةٍ لم تحدث لكنها محفورةٌ في جلدي، كظلٍّ لا أراه لكنه يسبقني حيثما ذهبت، كحضورٍ لا يختفي حتى في غيابها. أنا لا أقترب منها… لكنها تبتعد لتأخذني معها، ترحل لتتركني فيها، تختفي لتصبح أكثر حضورًا، أكثر جاذبيةً، أكثر إغواءً من أي شيءٍ حيّ، أكثر خطورةً من كل لعنةٍ قد أصابتني. أنا لا أقول لها شيئًا… لكن الهواء بيني وبينها يفضحني، والصمت الذي أعيشه يتحدث عنها، والنجوم التي لا تراها تراني وأنا أُعيد ترتيب قدَري حول فكرة أنني لا أملكها، لكنني أعيش فيها، وأتوه فيها، وأتلاشى فيها دون أن ألمسها. أنا لا ألمسها… لكنها تترك أثرها على يدي التي لم تمسك يدها، على شفتي التي لم تنطقها لكنها تعرف طعمها، على دقات قلبي التي لم تعد كما كانت منذ رأيتها لأول مرة. أنا لا أهرب منها… لكنها تلاحقني دون أن تتحرك، تطاردني دون أن تراني، تتغلغل في داخلي حتى لم أعد أعرف أين تنتهي هي وأين أبدأ أنا، حتى أصبحتُ أراها في أماكن لم تكن فيها، حتى صار الفراغ بيني وبينها أكثر امتلاءً منها نفسها. أنا لا أبحث عنها… لكنها دائمًا أمامي، حتى عندما أُغمض عيني، حتى عندما أقنع نفسي بأنها ليست هنا، ثم أفتح عيني… وأجدها تبتسم داخل رأسي، وأدرك أنني لم أكن أنكر وجودها، بل كنت أنكر وجودي بدونها. اعتقدتُ أنني نسيتها… ليومٍ واحد. كنتُ أقنع نفسي أنني تحررت، أنني أتنفس دون أن يختلط الهواء باسمها، أنني أعيش دون أن أجدها بين سطور الحياة. ثم استيقظتُ… وكان ظلّها في عيني، وكان اسمها في حلقي، وكان صوتها في كل شيء، حتى في صمتي. وإن انتهى كل شيء، سأظلّ أحبها. وإن احترق هذا العالم، ستظلّ تسكنني. وإن لم يبقَ أحدٌ ليقرأ هذا النص، فستظلّ الكلمات تناديها، ستظلّ الحروف تبحث عنها، ستظلّ الفتنةُ خالدةً حتى لو لم يعد هناك من يفتتن. وأنت… هل مررتَ بها يومًا؟ هل رأيتَ ظلّها يلتفّ حولك قبل أن تدرك أنك لم تعد حرًا؟ هل شعرتَ أنك تهوي في هاويةٍ لم يخرج منها أحد؟ لا تجبني الآن… ستعرف ذلك لاحقًا، حين تفتح عينيك غدًا، وتجد اسمها في فكرك، وظلّها في نظرتك، وصوتها في صمتك. والآن، لم يعد يهمّ إن كنتَ تعتقد أن هذا النصّ يتحدث عني… أم عنك. لأنك لن تستطيع نسيانه، لن تستطيع محوه، لن تستطيع التخلص من أثره حتى لو أردت. لقد أصبح في داخلك الآن، يدور مع أفكارك، يختبئ بين نبضاتك، يتنفس معك، يتحرك معك، يراك حتى لو لم تعد تراه. لم يعد هناك مخرج. لم يعد هناك هروب. لم يعد هناك “قبل” و”بعد”. لم يعد هناك “أنا” و”أنت”. هناك فقط… هذه الفتنة، وهذا النصّ، وهذه اللعنة التي لن تفلت منك. وستعرف ذلك قريبًا… حين تقرأ هذه الكلمات مرة أخرى، ليس لأنك أردت ذلك… بل لأنك لم تستطع التوقف.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغراب
- قصة حب في جزر البهاما
- تصوف
- صفراء هي الشمس، خضراء عند المغيب تكون
- المطر
- دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي
- ملحمة الأرواح العابرة
- الفجر المضيء
- دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي
- نداء النار
- ليليث
- صقيع الأبدية
- النهر
- دراسة نقدية حول نص “حديثٌ بيني وبيني” للشاعرة سكينة الرفوع/ ...
- دراسة نقدية / حول نص “سرير السراب”
- أنا لست شاعرا
- قراءة نقدية أسلوبية مختصرة في قصيدة /ديسمبر المضيء/ لفراس ال ...
- أنا لا اكتب قصيدة
- إضاءة أدبية في نص / متاهات الانتظار/ للشاعرة سمر الديك/ بقلم ...
- ضوء الأكوان


المزيد.....




- الملتقى الإذاعي والتلفزيوني في الاتحاد يحتفي بالفنان غالب جو ...
- “هتموت من الضحك ” سعرها 150 جنية في السينما .. فيلم سيكو عص ...
- جوائز الدورة الـ 11 من مهرجان -أفلام السعودية-.. القائمة الك ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
- فيلم Conclave يحقق فقزة هائلة بنسب المشاهدة بعد وفاة البابا ...
- -تسنيم-: السبت تنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء تليه ...
- مصر.. الحكم على نجل فنان شهير بالحبس في واقعة قتل ومخدرات
- -فخّ الهويّات-.. حسن أوريد يحذّر من تحول الهويات لسلاح إقصاء ...
- -هيئة الأدب- تدشن جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - احتراقٌ لا يُرى