إضاءة أدبية في نص / متاهات الانتظار/ للشاعرة سمر الديك/ بقلم فراس الوائلي

فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 10:17
المحور: الادب والفن
    

في عمق الليل الهادئ، حيث يتسلل الصمت كخيوط ضوء رقيقة، تبدأ رحلة النفس الإنسانية في "متاهات الانتظار". هنا، تتراقص الآمال المبتورة بين نجوم السماء، محملة بتناقضات الحزن والسعادة، في تماوج يعكس صراع الروح مع ذاتها. كل دمعة تُسقط على نافذة القدر تشكل قصائد من الصبر، تنساب كأنهار نحو بحر المصير، مُظهرةً أن كل خيبة أمل ليست سوى حبة رمل تتساقط في ساعة الزمن، مُكونةً جبلًا من الصبر الذي يعتلي قمة الوجود. في هذا الفضاء العميق، تتخبط الروح التائهة، تبحث عن المعنى في زحام الأفكار، حيث يتجلى الجوهر في لحظات التأمل، مُشيرًا إلى أن الانتظار، رغم ثقله، يحمل في طياته بذور الفهم والنمو الكوني.

النص: متاهات الانتظار/ سمر الديك/ فرنسا

في صمتِ الليلِ تَتراقصُ الآمالُ المبتورةُ بين نجومِ السّماء،يتماوجُ الحزنُ بالسعادة،كالنوروالظّلام .تتشكّلُ قصائدُ الصّبرِ بالدموع والرغبات،وتسقطُ دموعُ الرّغبة على نافذةِ القدر كأنهارٍ تَصبُّ في بحر المصير . كلُّ خيبةِأمل ٍهي حبّةُ رملٍ في ساعة الزّمان،تَتساقطُ ببطءٍ لتُشكلَ جبلَ الصّبر. تتخبطُ الرّوحُ التائهةُ في بحرِالوجودِ الأعمق،حيثُ يتجلّى المعنى في ضوء التأمل.

يُعتبر نص "متاهات الانتظار" تجسيدًا عميقًا للوجود الإنساني، حيث يستعرض مواضيع إنسانية أساسية تتراوح بين الأمل والحزن والصبر. تعكس العبارة "متاهات الانتظار" حالة الوجود المعلق بين رغبات تسعى لتحقيقها وواقع قد يسرق تلك الرغبات. من خلال تصوير تعقيدات المشاعر الإنسانية خلال فترات الانتظار، ترسم الشاعرة سمر الديك لوحة فنية تعبر عن التوتر الداخلي والمعاناة التي تلازم كل فرد في سعيه للعثور على المعنى.

إن اللغة والأسلوب المستخدمين في النص يندمجان في تمازج رائع بين الإبداع والغموض، حيث يُبرز التلاعب بالألفاظ كوسيلة للتعبير عن تناقضات المشاعر الإنسانية. اختيار الكلمات النابضة بالحياة مثل "تَتراقصُ الآمالُ المبتورةُ" و"يتماوجُ الحزنُ بالسعادة" يصور الحياة كفصول يتداخل فيها الفرح والألم. تعكس الشاعرة في النص حالاتها النفسية المعقدة، مُقدّمة مقاطع غنية تعبر عن اللحظات الفارغة التي تعيشها خلال فترات الانتظار.

تُسهم نهاية النص في فتح آفاق جديدة من التأمل حول معنى الوجود، حيث تستعرض الشاعرة الصراعات الداخلية للروح الإنسانية في بحثها المستمرعن المعنى. الرمزية المستخدمة، مثل "الرّوحُ التائهةُ"، تعبر عن الشغف الإنساني في مواجهة تحديات الحياة والبحث عن مغزى لتجاربه. من خلال هذا التأمل الغني، يشجع النص القارئ على التفكير في دور المعاناة والأمل، مقترحًا أن كليهما يشكلان خيوطًا أساسية في نسيج التجربة الإنسانية، التي لا تكتمل إلا بقبول تناقضاتها.

في صمت الليل، تُبرز الآمال المبتورة ككواكب تتراقص في فضاء الشك والشعور، مما يُعمّق الفهم للتناقض الجوهري بين الحزن والسعادة فتولد "قصائد الصبر" من دموع الرغبة التي تتساقط على نافذة القدر، كأنها أنهار تندفع نحو بحر المصير. يُظهر النص كيف أن الرغبة، رغم ألمها، تسهم في تشكيل الهوية الإنسانية، حيث تُثري المعاناة الروح وتعمقها.

تستحضر الشاعرة كل خيبة أمل فهي حبة رمل تسقط في ساعة الزمن، لتؤكد على أن كل لحظة من الانتظار، رغم ثقلها، تساهم في بناء "جبل الصبر". هذه الصورة تعكس الإحساس بالزمن كقوة متحركة، حيث يتحول الألم إلى عنصر من عناصر النمو الشخصي، مما يدل على أن المعاناة ليست مجرد عقبة، بل هي جزء أساسي من رحلة الفهم والتقبل والتكامل الوجودي.

وفي الأعماق، تتخبط الروح التائهة، باحثة عن معنى وجودها. وهنا يتجلى المعنى في لحظات التأمل، حيث يُسمح للروح بالتواصل مع أعماقها. التأمل نافذة الاستنارة، حيث يمكن للإنسان أن يجد السكون وسط الفوضى، مما يتيح له فهمًا أعمق لذاته والعالم من حوله.

يُعد نص "متاهات الانتظار" تأملاً فلسفياً ونفسياً عميقاً في طبيعة الحياة، حيث يتشابك الأمل واليأس، ويتداخل الألم بالفرح، مما يفتح آفاقًا جديدة للتفكير في المعنى والوجود، ويعبر عن تجربة إنسانية متكاملة، رغم تناقضاتها تنبض بالحياة.



امريكا

7/1/2025

#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات