|
الهزية و عقدة البيرق !
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 8241 - 2025 / 2 / 2 - 16:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا نجازف بالكلام أن قوى عديدة في المعارضة السورية ضد نظام الحكم السابق ، لا تعتبر نفسها ممثلة في " هيئة تحرير الشام " التي استولت مؤخرا على السلطة في البلاد بأساليب ووسائل ليست مدار بحثنا هنا ،لا سيما أن هذه القوى لجأت بشكل رئيس لتحريض الجماهير الشعبية على التظاهر و العصيان السلمي حيث لم يتناه إلى علمنا انها دعت إلى عسكرة " الثورة " على عكس ما جرى في الواقع ، فمن نافلة القول أن النظام السابق انهار في نهاية المطاف ، أمام منظمات الإخوان المسلمين المسلحة ، و أن هذه الأخيرة لم تعلن حربها على النظام في سنة 2011 ، و انما أعلنتها في سنة 1963 كما هو معلوم ، اعتراضا على حكم حزب البعث ، كونه علمانيا ، من أجل إحلال "حكومة إسلامية شرعيه " محله . ينبني عليه أننا حيال سيرورة تنطبق عليها موصفات التضليل بمعنى أن إقامة الدولة الإسلامية في سورية لم تكن غاية "الثورة" التي انطلقت في سنة 2011 . و بالتالي فإن تقمص ثوبها هو كذب و خداع و انتحال صفة ! استنادا إليه يحق للمراقب أن يتساءل عما إذا كان المقصود تحت عنوان " اسقاط النظام " هو حقيقة " اسقاط الدولة السورية " ؟ أما إذا كانت الإجابة بنعم ، فذلك يعني أن ما يدور في سورية يتم تحت علم مزيف ، أو راية مزيفة ، و أن "النظام " ما هو سوى دريئة لاصطياد هذه الدولة . . يندرج في هذا الإطار ، تسريح الموظفين و عناصر الجيش و قوى الأمن بالجملة وإتلاف محفوظات الدوائر الرسمية و توغل القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد والقوات التركية في شمالها و قصف الطيران الاسرائيلي لثكنات الجيش و مؤسساته . وما يسترعى الانتباه بهذا الصدد ، خصوصا ، و يثير الشبهات و القلق ، هي التجاوزات الكثيرة التي تصل حد الجرائم ذات الصبغة الطائفية و التي تعزا إلى أفراد و جماعات غير منضبطة ، مخلفة شعورا بالفرقة و الكراهية بين مكونات المجتمع على أساس المعتقد . اللافت للنظر هنا هي الدعاية الواسعة التي تحظى بها هذه الاعمال السيئة ، كما لو أنها ليست عفوية و ان الغاية من ذلك التفكيك و التنفير و التقسيم . كيف نفسر تسريح الجنود في الجيش و ملاحقة ضباطه و إعدام بعضهم في الطرقات توازيا مع قيام إسرائيل بحرق مواقع هذا الجيش و مخازنه ؟ هل هي مصادفة أو مشاركة ، تحت علم " الثورة " ؟ في اعتقادنا أن سيرورة تفكيك سورية ليس سوى معاودة لما جرى في العراق في سياق سيرورة يختلط فيها على المعتدى عليهم ، الشكل و المحتوى . فما أفرزته حرب العراق حيث استبدل بالمناسبة علم البلاد إظهارا لشرعية دينية ، قد تفرزه من وجهة نظرنا الحروب في سورية و لبنان و فلسطين . حيث يمكننا وضعه تحت عنوان " تبديل علم البلاد " بعلم مزيف يكون بمثابة دريئة ، يُفرض فرضا من قبل جماعة من الناس أو بواسطتها ، خلافا لأي ميثاق و طني جامع . قاتل الإسرائيليون جميع الفلسطينيين في قطاع غزة إلى حد الإبادة و إجبار الذي بقوا أحياء على الرحيل ، فزعموا أنهم يقاتلون منظمة حماس . يا للأسف أن هذه تصدت لهم دفاعا عن جميع الفلسطينيين ، و لكن تحت رايتها ! يتكرر المشهد نفسه في لبنان ، حيث تعرض اللبنانيون جميعا في جنوب البلاد و شرقها ووسطها و شمألها للقصف الجوي الإسرائيلي ، القاتل و المدمر ، تحت ذريعة واهية هي القضاء على" ذراع إيران " في لبنان . مهما يكن فأن خطر إسرائيل و أذرعها في لبنان ، تلازم مع بداية حملات الاستعمار و الاستيطان في فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى . فكان طبيعيا و شرعيا ان تنشا في لبنان ،مقاومة وطنية . هذا ما حدث فعلا ،حيث انخرط اللبنانيون بكافة الوسائل ، السياسة و الديبلوماسية والمسلحة ضد المشروع الاستيطاني الذي انطلق كما هو معلوم في عهد الانتداب و ما يزال مستمرا ! و لكن على الأرجح ، أن المقاومة و قعت في نفس المأزق الذي و قعت فيه من قبل ، حركات التحرر في الأقطار العربية ، نتيجة العصبيات الحزبية و الفئوية و الطائفية ، و التي يمكننا أن نختصرها " بعقدة البيرق " . ففي لبنان أيضا قاتل المقاومون تحت بيرقهم !
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة المستحيلة
-
الوطن للمواطنين !
-
أنا شارلي ,, أنا ثوري
-
جيوش بلا دول تتصدى لدول بلا جيوش ! !
-
هويات موسمية و أوطان مؤقته !
-
حصان طروادة في سورية
-
أكثر من حرب طائفين و أقل من ثورة و طنية !
-
دولة الرئاسة و دولة الخلافة !!
-
داوها بالتي كانت هي الداء !!
-
الحل الأفغاني و الحل الغزاوي !
-
ثورة أو استثارة ؟
-
ثورات الجملة
-
أما و قد سقط الرئيس !
-
السياسة الدينية !
-
تأملات في متغيرات جبل الجليد !
-
شريط أخبار سورية !
-
الحرب و الحرث
-
هجمات شُرَطية !
-
القانون هو ما تقتضيه مصلحة الشعب الالماني !
-
النازية و الصهيونية !
المزيد.....
-
فلسطين.. ملثمون يعتدون بالضرب على رئيس بلدية الخليل أثناء خر
...
-
سوريا: وزيرا الداخلية والعدل يتعهدان بمحاسبة المتورطين في حا
...
-
وفاة شاب داخل المسجد الأموي بدمشق.. والداخلية السورية تعلّق
...
-
اعتقال حاخامات يهود خلال احتجاجات في واشنطن ونيويورك للمطالب
...
-
زياد الرحباني.. خاطب الوعي وانتقد الطائفية بأعماله الفنية
-
وزير التراث الإسرائيلي يدعو لاحتلال قطاع غزة كاملا والتخلي ع
...
-
خارج الحدود.. الإخوان يعيدون تشغيل -ماكينة التحريض- ضد مصر
-
قصة النفوذ اليهودي في بنما
-
موقع أميركي: الكنيسة العالمية فشلت بواجبها إزاء الإبادة في غ
...
-
منذ “الربيع العربي”.. هل تمكنت دول الخليج من تحييد الإسلام ا
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|