أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الشتاء .














المزيد.....

مقامة الشتاء .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8164 - 2024 / 11 / 17 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


مقامة الشتاء :

يقول السياب : (( دِفءُ الشِّتَاءِ فِيـهِ وَارْتِعَاشَةُ الخَرِيف , وَالمَوْتُ , وَالميلادُ , والظلامُ , وَالضِّيَاء , فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي , رَعْشَةُ البُكَاء , كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر , كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ , وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر , وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم , وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر)) , يخافه الأهل , ويحبه الأبناء لأنه شهر الحكواتية والحكايات , يحتجز الكبار في المنازل ويطالبهم الصغار بحق التسلية , بما قد حفظوا عن آبائهم من قبل , اليوم حكاية الزير, وغداً واحدة من كليلة ودمنة, وعندما تفرغ الجعبة من قصص بنات آوى , يبدأ الحكواتيون بالتندّر بحكايات أهل المحلة , ولكل منهم لقب جديد , أو موروث , الواوي (لقب الجبان) , والسعلاة , وسبيع و الطنطل .

في ألأقوال الشعبية : (( الشتاء شم و غم , والربيع أشكر و لا تذم , والخريف اجري ولم , ومحلى الصيف لوكان يتم , قال الربيع أنا بزهوري , وقال الصيف انا ببحوري , وقال الخريف انا بتموري , و قال الشتاء انا بكانوني و بخوري , الشتاء شدة , والربيع منام , والصيف ضيف , والخريف بركة العام )) , لا طير على مدّ النظر , الدكان مغلق والساحة خالية تصغي في وجل إلى صفير الريح ولجاجة المطر, العتم يتكثف , مستعيراً من نفسه غابات من الظلام , الليالي تطول والفجر يتأخر , النجوم تتوارى وبريقها يغيب , الهطول مستمر وملح ولجوج , البرق يتكاثر إنه مثل المطر نازل من السماء طالع من الأرض , تتدفق متفجرة متدحرجة متواقعة من الأرجاء والنواحي والأقنية , تتجمع مثل بحر صغير فوق يابسة لا تتسع له.

تغني فيروز : (( قديش كان في ناس عالمفرق تنطر ناس , وتشتي الدنيا ويحملوا شمسية وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرني , قديش كان في ناس عالمفرق تنطر ناس , وتشتي الدنيا ويحملوا شمسية , وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرني )) , وفي كل عام يأتي الشتاء , ويلفظ الكون أنفاسه المتسربله بالأحلام , وتمسح الشمس بكل لطف على جبين الأرض , وتخفض اشتعالها , و تتناثر قطرات المطر بهدوء ورقة , وكأنها تهمس في آذاننا بصوت خافت , تفاءلوا , ما زالت الحياة مستمرة , ومازال الأمل موجوداً.

قال أمل دنقل : (( يا عصافير الشتاء لا تلوميني , إذا الطوفان جاء )) , وفصل الشتاء هو فصل القلوب الهادئة , والنّاس المبدعة , هو فصل الهدوء والموسيقى , فصل الشعر والكتابة , فصل الحب الذي يتم احترافه مع تلك الأيّام المميّزة , وأنا أحب الشتاء وأعشق المطر, أحب الرعد والبرق والرّياح القويّة , أحبّ أن أجلس مع بطانيّتي وكتابي , وبجانبي ضوءٌ خافتٌ , والجوّ يبعث على الرّاحة النّفسيّة المطلقة , فأستمتع بهذه اللّحظات الثّمينة الّتي لا تُقدّر بثمن , لو تعلمون كم يدفئني البرد , ويلهبني جمر الحب , وترويني قطرات الشتاء , وتنعشني أنسام الرياح , وتمتعني ألوان طيف قوس القزح .

قال فيودور دوستويفسكي : (( الشتاء بارد على من لا يملكون الذكريات الدافئة)) , برد وعتم وأمطار وطوفانات متمردة , صفِرة تجرف في طريقها الأمل بالحصار, وحسابات البيادر, تتجمّد المياه على أغصان الأشجار العارية مثل أضواء شفافة على ثريا , صقيع يلفّ الأودية والهضاب والأهالي والأعالي , العتم يقصّر النهارات , والشمس تأوي باكراً , مثل الرعيان المتخوفين من عاصفة , الطرق زلّاجة العشب اليابس , السواقي ترسل من بعيد أصوات تجمع الأمطار , الناس في البيوت تخشى أن تظل تهطل إلى أن تجرف ما بنوا من جدران وسدود , تدور الناس داخل البيوت حول نفسها , وحول المواقد وحول جيرار المؤن ,آه لو تترك مطرك عندنا وتمضي .

قال أنطون تشيخوف : (( إن الذي لا ينتبه إن كان الفصل صيفًا أو شتاء فهو شخص سعيد )) , يتسلون في ليالي شباط الكالحة , ومن عضبهم يسمي القرويون الشهر الثاني في الشتاء ( شباط اللباط ) , لكنهم إذ يخافون غضبه , يستدركون ويدللونه ( شباط لو شبط أو لبط ريحة الصيف فيه ) , إنه شباط في كل مكان , له اسم واحد وبرد وعتم , وقرى ترتعد حول المواقد التي ترمي نارها في الرماد , قال روبرت بيرتون : (( لا تقطع شجرة في الشتاء , لا تتخذ قرارًا سلبيًا في الأوقات الصعبة , لا تتخذ أهم قراراتك ومزاجك في أسوأ حالاتك , تريث واصبر , ستمر العاصفة , وسيأتي الربيع )) .

صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة ياحسافة .
- مقامة المكتوب والعنوان .
- مقامة واها .
- مقامة الحساد .
- مقامة رهان الواثقين .
- مقامة وجع بغداد .
- مقامة ذاكرة الخشب .
- مقامة امنيات مظفر الثلاث .
- المقامة المتشائمة .
- مقامة الخيبة ونسيانها .
- مقامة النقاء .
- مقامة الحضن الدافيء .
- مقامة التسامي .
- مقامة الردود المفحمة .
- مقامة الثرثرة .
- مقامة الرفوف والقيود .
- مقامة الجدل .
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الشتاء .