أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الرفوف والقيود .














المزيد.....

مقامة الرفوف والقيود .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8147 - 2024 / 10 / 31 - 11:16
المحور: الادب والفن
    


‎مقامة الرفوف والقيود :

كتب الدكتور محمود الجاف نصا جميلا بعنوان رفوف القلب وقيود المشاعر , تحلى النص بالواقعية المبنية على الأدراك , ونصح بأعادة ترتيب اسبقيات القلوب وتقييد المشاعر الا لمن يستحقها , اذ ان الدُنيا كُل يوم هي في شأن .

من قوانين الحياة , كل الذين يحبون المواسم تغدو قلوبهم فارغه عند تغير الفصول , وكل الذين يمنحون الثقة بسهولة يعانون من انكسارات الخيبة التي تصدم القلوب , وكل القلوب المكسورة التي تعبت من المسير , وذاب حنينها , أصبحت أرضا بورا بلا حياة , فكيف نعيد ترتيب الرفوف , وهناك مواجيد تخبو في قلوب عاشقة , لا تأبه لعساكر الخريف , وكلما توجهت رصاصة لما في الصدر بدقة تامة , تمر لحسن الحظ من ثقب قديم في القلب , و كيف لأشياء قد تبدو بسيطة وعابرة لمانحها , لكنها تظل كوشم محفور في قلب من تلقاها, صحيح إن العيون ترى كل يوم وجوهاً جميلة , ولكن القلب لا يفتح أبوابه إلا لوجه واحد , ولاسيما ان الحياة قد علمتنا درسها بأن النور له الكشف , البصيرة لها الحكم , والقلب له الإقبال والإدبار.

عندما درسونا فن الخلاصة وجهونا : ((كن مقتضباً قدر ما تستطيع , وكن مباشراً قدر ما يمكن, وكن بسيطاً مثلما يجب )) , ولهذا وجدنا انه من الصعب ان نتخلى عن التماهي مع حلم لمستقبل مائز ومتميز عن الحاضر رغم بلوغنا السبعين , طبعا هي مرحلة تندرج في باب المتغيرات العمرية , ولكن تبقى الثوابت التي تتأطر في المبادئ والقيم , والتي تزداد نضجا لتحمينا من الوقوع في وهْـم المغالطات والانفعالات المتطرفة , وقد أوصانا مولانا جلال الدين الرومي : (( لا تنطفئ , ربما كنت لأحدهم سراجاً وأنت لا تشعر)) .

يقول مكسيم غوركي : (( كل شيئ يحترق بالحرارة ويصبح رماداً, إلا المشاعر فإنها تحترق بالبرودة حتى تختفي نهائياً دون أثر)) , ولنتذكر دائما في الأختيار , أن القلب أبصر من العين , والعقل أبصر من كليهما , فيا قلب لا تقنع بشوك اليأس من بين الزهور , فوراء أوجاع الحياة عذوبة الأمل الجسور , لأن كل تعويذات النوم والدعاء والقرآن وورق الغار تحت الوسادة لم تجلب النوم , مادامت الطيوف تدور في ‏المخيلة , ولأنه مابين أشتياق وأشتياق أننا مشتاقون .

علمتنا الحياة : (( إياكم والمقاعد الأمامية في قلوب الآخرين , لأنها ستكون الأكثر تضررا بحوادث فقدان الثقة وسوء الظن , كونوا على الحياد, لاوصال دائم , ولا فراق موجع , وستنعموا بدفء القلوب )) , ترى كم أرطب القلب بحب فتي طردته وساوس الفكر السديد؟ آه ياهديل الحمام وقعك جميل وهمك ثقيل , يبعثُ الشوقَ بعد طول رُقاد , ما أنبلها قطعة السكر , أعطت الشاي ما لديها ثم إختفت , اليس الأحرى بنا ان نكون كقطعة السكر؟ حتى وإن إختفت تركت أثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى حتى وإن غاب صاحبها .

يقول الأبيوردي :
(( تَنَكَّرَ لِي دَهْرِي وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي ...صَبورٌ وَأَهْوالُ الزَّمانِ يَهُونُ
فَباتَ يُرِينِي الضَّيْرَ كَيْفَ اعْتَدَاؤُه... وَبِتُّ أُرِيْهِ الصَّبْرَ كَيْفَ يَكُون)) ,
هلْ تنْبتُ لِلْيقينِ جذورٌ ؟ ذاكَ مأْزقُ السّؤالِ , ولِأنَّ الْوجودَ والْغيابَ توْأمانِ فأنَا حينَ أجِدُنِي لَا أجِدُنِي , والتّفْكيرُ فخٌّ ينْصبُ شِباكَهُ لِيصْطادَ الْفرائسَ منْ غابةِ الذّاكرةِ , والذّاكِرةُ لَاتخونُ فمَنْ يُفكّكُ شفْرتَهَا ؟ هيَ تحْتفظُ بِالسّرِّ حتَّى تذوبَ خلايَاهَا وتُطْمرَ فِي التّرابِ , فهلْ نسْقِيهَا دمْعاً لِتُزْهرَ الحقيقةُ ؟ تلْكَ أسْئلةُ الْمجْهولِ , وذلك هو القهر, نفر من الألم , فتحتضننا الأشواك , وعثرات الطرق كثيرة .

كثيرون لا يستوعبون نصيحة الدكتور القيمة , فهذه ميسون أسعد قد كتبت : (( للّيل ما أعطى , و للنّهار ما أخذ ولي نزف الطريق و رشفة الحلم)) , وعندما كتب الأديب العقاد إلى مي زيادة , و لم ترد عليه , لم ييأس ولم يغير اسبقياته , فبعث إليها برسالة أخرى يقول فيها : (( أرجو أن يكونَ ذلك عن عمد, فالعقابُ عندي أهونُ من الإهمال )) , وبعد انفصال غادة السمان عن غسان كنفاني , و في تساؤلات ما بعد الفراق التي لم نجد لها جوابا لليوم , كتبت له :(( ‏كيف أتخلص من عادة انتظارك؟ كيف أقنع قلبي بأنك لم تعد تنتظرني ؟ و بأني آخر الأشياء بعد أن كنتُ أولها ؟)).

في هذا الصباح الخريفي البطيء ,يبدو أنه لاوقت للملام , اذ يخرج الحمام منتفضا من الشقوق , ليرسم أجمل الرقصات على الأسطح المقابلة , وعرائش الياسمين تمتد لتعانق أشجار الرمان , وتنسجم الحمرة بالبياض , وتبقى الشمس متكاسلة في النهوض , وكلما أفلتت الغيمات منها سحبتها إليها من جديد , وكلما مرت ريح , تقذفني بوردة تختفي هناك عند قرنفلة الفجر , وكأنني قلقا ومازلت , آخر قشة حرفٍ حاذق , ونثيث دمع , فماذا نفعل للشغف غير المعلن؟



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الجدل .
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .
- مقامة العقل .
- مقامة الشر .
- مقامة الشماتة .
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .
- مقامة الوعر .
- مقامة لن أنجو .
- مقامة النوى .
- مقامة لبنان .
- مقامة بيبي .
- مقامة الرقية .
- مقامة الشتيمة .
- مقامة الثلج .


المزيد.....




- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الرفوف والقيود .