أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الجدل .














المزيد.....

مقامة الجدل .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8146 - 2024 / 10 / 30 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


مقامة الجدل :

نشر صديق جزء من دعاء طاغور الذي ينطوي على جدلية في محتواه ((يا رب اذا اعطيتني مالا , لاتاخذ سعادتي , اذا اعطيتني قوة لا تأخذ عقلي , اذا اعطيتني نجاحا لا تأخذ تواضعي , اذا اعطيتني تواضعا لا تاخذ اعتزازي بنفسي وكرامتي)) .

تبعث الكلمة الجميلة شعوراً بالغبطة , وفي سرد هذا الدعاء غذاء للروح قبل غذاء العقل , وأنا أحب التفاؤل والمتفائلين فلولاهم لجلس الناس تحت ركام يأسهم وخيباتهم , أليس من الإيجابية أن ترغب في فعل الخير؟ وأن تملك الرغبة في مساعدة الآخرين؟ فعندما يكون لديك نية لمساعدة الناس , وإضافة قيمة لهم , فإن ذلك يجعلك شخصاً أفضل , لكن إن كنت لا تقوم بذلك على نحوٍ متعمِّد , فإن الأمر لن يُحدِث فرقاً , وكما هو معلوم للجميع أن النية أمرها عظيم , وهي روح الأعمال , وبها صلاحها حيث (( لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)) , وقال ابن القيِّم : (( النية قصد فعل الشيء , فكلٌّ عازمٍ على فعل , فهو ناويه , لا يتصوّر انفكاك ذلك عن النية , فإنه حقيقتها , فلا يمكن عدمها في حال وجودها, ومن قعد ليتوضأ , فقد نوى الوضوء , ومن قام ليُصلِّي , فقد نوى الصلاة , ولا يكاد العاقل يفعل شيئًا من العبادات ولا غيرها بغير نية , فالنية أمرٌ لازم لأفعال الإنسان المقصودة )) .

الدعاء المنشور مقتطع من دعاء شهير لطاغور يتم تداوله بكثرة , ويحتوي على جدليات التناقضات , وفيه أيضا , (( اللهم لا تجعلني جزارا يذبح الخراف ولا شاة يذبحها الجزارون ,ساعدني أن أقول كلمة الحق في وجه الأقوياء ولا أقول الباطل في وجه الضعفاء , وأن أرى الناحية الأخرى من الصورة ولا تتركني أتهم خصومي بأنهم خونة لأنهم اختلفو معي في الرأي , علمني أن أحب الناس كما أحب نفسي , وأن أحاسب نفسي كما أحاسب الناس , علمني أن التسامح من أكبر مراتب القوة , وأن حب الانتقام أول مظاهر الضعف , لا تدعني أصاب بالغرور إذا نجحت , ولا باليأس إذا فشلت , بل ذكرني دائما أن النجاح يسبق الفشل , إذا جردتني من النجاح فاترك لي قوة أن أتغلب على الفشل , وإذا جردتني من الصحة فاترك لي نعمة الإيمان , وإذا أسأت إلى الناس فأعطني شجاعة الاعتذار, وإذا أسأت إلى الناس فأعطني مقدرة العفو ,وإذا نسيتك فلا تنسني من عفوك وعطفك ورحمتك )) .

هناك علاقة جدلية بين مواضيع او اشياء هذا الدعاء , وهي علاقة بين أمرين لا يجتمعان, حيث يترتب على وجود أحدهما ذهاب الآخر, وهذه العلاقة غير متحققة إلا بالحكم على الأمور , مثل قولنا : زيد موجود أو غير موجود , وقولنا : الحق أو الباطل , العدل أو الظّلم , الحُرِّيَّة أو الاستعباد , والجدل قديم جدا وليس وليد اليوم , وقد رأينا كيف تعتمد النزعة المادية الفلسفية الماركسية على المبدأ القائل بان المادة والطبيعة والكينونة هي وقائع مادية موجودة خارج الوعي ومستقلة عنه , وهي بذلك تعارض النزعة المثالية التي تؤكد بان الوعي وحده موجود حقا , وان العالم المادي والكينونة والطبيعة لا توجد الا في وعينا وفي احاسيسنا وتصوراتنا .

قديما قالوا : ما ابعد المنى وما اقرب التمني , و رغم ان طاغور نوع من أناس مصنوعين من فولاذ عقلاً وعضلاً , الا ان بعضهم يقول بالا نتداول اقواله كونه كافر , ونقول لهم : (( سلام على كفرٍ يوحّد بيننا – واهلا وسهلا بعده بجهنمِ )) , وللكاتب الفرنسي أندريه جيد قوله بهذا الصدد (( أن الناس مولعون بالصفات الحميدة كالشجاعة والكرم والنزاهة والصدق لعظمتها كمبادئ , ولكنهم يحبون ويمارسون في الواقع نقائضها كنتائج )) , وقد كنت أعلم , وبالطبع تعززت معرفتي , بأن قول الشيئ غير فعله , وحمل السلاح غير سحبه عند الضرورة , وأمتلاك المال لا يعني الكرم بالضرورة , والحديث عن النزاهة سهل ما لم يقترن بالواقع العملي , والتمثل بالمثل العليا غير ممارستها , وكم ترى من أشخاص يدعون الكثير لصفاتهم , ولكنهم من أخس وأرذل من اللصوص المحترمين , بل هم بمستوى أخلاق النشالة والسرسرية يستنكف المرء الجلوس معهم في مقهي حتى لخمس دقائق .

إذا أحببت أحدًا فادع له بمثل دعاء ( الجاحظ ) الذي يقول فيه: (( جنّبك الله الشّبهة , وعصمك من الحيرة , وجعل بينك وبين المعرفة نسبًا , وبين الصدق سببًا , وحبّب إليك التثبّت , وزيّن في عينك الإنصاف , وأذاقك حلاوة التقوى , وأشعر قلبك عزّ الحقّ , وأودع صدرك برد اليقين وطرد عنك ذلّ اليأس , وعرّفك ما في الباطل من الذلّة , وما في الجهل من القلّة )) .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .
- مقامة العقل .
- مقامة الشر .
- مقامة الشماتة .
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .
- مقامة الوعر .
- مقامة لن أنجو .
- مقامة النوى .
- مقامة لبنان .
- مقامة بيبي .
- مقامة الرقية .
- مقامة الشتيمة .
- مقامة الثلج .
- مقامة خريفية .


المزيد.....




- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الجدل .