أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الخيبة ونسيانها .














المزيد.....

مقامة الخيبة ونسيانها .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8153 - 2024 / 11 / 6 - 12:26
المحور: الادب والفن
    


مقامة الخيبة ونسيانها :

أعاد الدكتور ظاهر شوكت نشر عبارة تقول : (( تعلمت من الخيبات المستمرة كيف انسى ولكني لم اتعلم كيف امحو ) , ذكرني بخيبة عام 2003 بعد الأحتلال , اصبحت بحكم وظيفتي أقيم في المنفى , بدأت أدرك حجم الفاجعة , وقيمة اشياء وتفاصيل كنت أظنها جزءا مملا من الحياة , فأذا بي احسها انها حياتي كلها , سنوات صداقتي مع نخلات الدار , وفترات جني التمر , وضوء القمر على سطح الدار في صيف النفوف لنهر ديالى المجاور, وجلسات السهر في المقاهي مع الخلان , انهارت في لحظة واحدة , كم هي خائنة تلك الأشياء التي تيمتنا وكنا نظن اننا تيمناها بدورنا , فأكتشفنا ذات خديعة انها لم تكن سوى بائعة هوى تمضي مع من يدفع أكثر , ومع توالي الخيبات , الفصل من الوظيفة , والحرمان من موارد العيش , بدأت افكر ماذا ندفع الآن نحن الفقراء كما ينبغي , التعساء كما يستحق ؟ الذين لم يسيجوا اوطانهم , البؤساء كما يليق بالذين قاسموا خبزهم مع كل عابر دون ان يسألوه من اين اتيت والى اين تمضي , هناك وقبل ان اتخذ قرار الرجوع السريع اكتشفت كم نحن طاعنين في الهزيمة, واكتشفت ان المخلوع من وطنه يستحيل ان تستره كل خيام معسكرات اللجوء , واكتشفت انه يلزمني سنوات لأجيد الأستعطاء , وسنوات أخرى لأئلف الخيبة.

في تفسير الطبري سأل رجل عبدالله بن عمرو بن العاص : ألسنا من فقراء المهاجرين يا بن عمرو ؟ فقال له عبدالله : ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال : نعم , ثم سأله ألك مسكن تسكنه ؟ قال : نعم , فقال له ابن عمرو : فأنت من الأغنياء ؟ فقال الرجل : إن لي خادمًا , فقال له ابن عمرو : فأنت من الملوك , وعندما سئل أحد الحكماء : (( لماذا أحسنت إلى من أساء إليك ؟ فقال لأنني بالإحسان أجعل حياته أفضل , ويومي أجمل , ومبادئي أقوى , وروحي أنقى ونفسي أصفى )) , وهكذا فالضعفاء ينتقمون , والأقوياء يسامحون , والأذكياء يتجاهلون , وأننا تعودنا انه في المدرسة يعَّلِمونك الدَرس ثم يختَبِرونك, أمَا الحياة فتختَبرك ثم تُعَلِمك الدرس , والمتفائل هو من يصنع من صعوباته فرص , ليجد أنّ الحياة لا تزال جديرة بالاهتمام , وهكذا يظل الإنسان في هذه الحياة مثل قلم الرصاص تبريه العثرات ليكتب بخط أجمل , ويكون هكذا حتى يفنى القلم ,وﻻ يبقى له إلا جميل ما كتب.

يقول د . أدهم شرقاوي : ليس كل مافي خواطرنا يقال , وليس كل مايقال مقصود , وليس كل مايكتب واقع نعيشه , إبتسامة صادقة , و قلب نظيف , و تعامل جيد , و نفس مرحة , وكلمة طيبة هكذا تعيش جمال الحياة , ألا ان بعض الأخطاء لا تغتفر , وليس دائما عليك ان تصفع على خدك فتدير الآخر , ثمة ضربات يغفرها الرجال للرجال , فلا تخلو واقعة الا وذاق بعضهم بأس بعض , ولكن ثمة نذالة يجب ان يدفع ثمنها , (( إذا المرء لم يَمدحه حُسن فِعاله, فمادحه يَهذي وإن كان مُفصحا )) .

الناس كالفراشات , أحيانا لا يرون جمال الألوان على اجنحتهم , فلنمتدح مواطن الجمال في الناس فهذا فعل اصحاب القلوب السليمة , وليس كل شيء في القلب يقال , ‏لذلك خلقت ‏ التنهيدة , ‏والدموع , ‏والنوم الطويل , ‏والإبتسامة الباردة , ‏لذا فلنسقط كل هَمٍّ يتعبنا في قاع الحياة ولنقذفه بعيداً , والفراشة لا تعرف لون أجنحتها ولا مدى جمالها , لكن أنت تعرف كم هي جميلة , و الفراشة كانت دودة , و لكن تحولت شرنقة , ثم تحولت الى شيء جميل لكنها بعقلية دودة , ونحن لا تعرف مدى قدراتنا و تميزنا , حتى نجد من يقدرنا و يقدر تميزنا , فلا نكن كالمجهر الذي يضخم التفاصيل الصغيرة , ويكشف مواطن القبح , ولنكن كمرآة تعكس ما أمامها بحيادية .

تنفرجَ أسارير المرحوم فؤاد سالم وهو ويغنّي : (( يا بو بلم عشّاري , الشوق هزني بو بلم وهيّج عليّ أفكاري )) , وأبو البلم هو البلّام , أي حادي سفينة الماء , وتلك أغنيةٌ عذبةٌ عذوبة أهل البصرة , من أجمل ما كتب عليّ العضب ولحّن مجيد العلي , فكيف وصلت التسمية من أحفاد سومر إلى شواطئ الكون ؟ سنفهم خيبات المغنّي البصريّ ولوعته , حين يهمس : (( يا بو بَلَم بصرتنا ما عذبّت مُحبّ واحنا العشق عذّبنا , يا بو بلم شط العرب يعرفنا ويوالفنا )) , فمن يكن جميل الخلق تهواه القلوب .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة النقاء .
- مقامة الحضن الدافيء .
- مقامة التسامي .
- مقامة الردود المفحمة .
- مقامة الثرثرة .
- مقامة الرفوف والقيود .
- مقامة الجدل .
- مقامة الأنجذاب الروحي .
- مقامة الكذب .
- مقامة المطر .
- مقامة العقل .
- مقامة الشر .
- مقامة الشماتة .
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .
- مقامة الوعر .
- مقامة لن أنجو .


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الخيبة ونسيانها .